2024- 04 - 19   |   بحث في الموقع  
logo واشنطن تنفي:لا ضوء أخضر لإسرائيل لاجتياح رفح logo "اتفاق هوكشتاين" المؤجل: من انتظار غزة إلى انتظار إيران logo بصواريخ فلق.. المقاومة الإسلامية تقصف قاعدة للعدو logo مقدمات نشرات الاخبار logo "اتفقنا مع الخماسيّة"... دعوة من عطية للنواب! logo "الحزب" يكثف ضرباته للثكنات.. وإسرائيل تنشر أسماء قادة اغتالتهم logo هل اقترب هجوم إسرائيل على رفح؟ logo "المعابر معلوم من يسيطر عليها"... يزبك: جريمة مقتل باسكال سليمان سياسية
عباس النوري لـ «الأنباء» أنا لست سياسياً ولن أكون!
2019-06-20 13:01:45

دمشق - هدى العبود

هادئ كبحر، واسع كحقل قمح، لا تستطيع ان تنكر عليه فنه، أعطاه الله قوة ونشاطا وعلما وأدبا، ميزه بين زملائه بطلّة تختلف عن أقرانه، صاحب الخال العربي المزين الوجه، حمل أفكارا وآراء وآمالا لوطنه، دافع عنها بإيمان متطلعا إلى وطن عربي - سوري آمن، فنان استطاع ان يكون نجما منذ الخطوة الأولى في عالم الفن المتعب، فكان بطل أيام شامية، وعاشقا من خلال لست سرابا، ووطنيا من خلال باب الحارة، انتظره العرب على مدى تسع سنوات بعد يوم إيماني متعب طويل، ليقفوا على أوضاع أبو عصام وما آل به الزمن، حزن على وطنه فكان جبلا، من خلال مسلسل درامي ناقد في عمق الحرب فكان «ترجمانا للأشواق» عباس النوري الفنان النجم الدمشقي استضافته «الأنباء» فكان هذا الحوار:

برأيك هل ترجمان الأشواق هو غلطة الشاطر للإعلام السوري في إنتاجه؟

٭ أتمنى ألا يكون غلطة، ومجرد التفكير بتناول مواضيع سياسية مخالفة للسائد «الخشبي» على الشاشة الوطنية يستوجب رفع القبعة احتراما للشفافية، ولا بد من احترام شجاعة الشجاعة الوطنية في عرضه، وإن لم يظهر بالشكل الأمثل.

برأيكم لماذا؟

٭ لأن المسلسل دخل في كواليس رقابات عرفناها، ورقابات لم نعرفها؟ والذي يجب ان نقف عنده ان كل من شاهده من رقباء مختلفين كان يحرجهم «ترجمان الأشواق» بمستواه الفني المختلف ولتناوله لموضوع سياسي في قلب الضوء الأحمر المشتعل، وأفكر بيني وبين نفسي وأتساءل كيف لكل هؤلاء الموظفين ان يقبلوا بظلم المسلسل ولو عرفتهم لكنت وجهت إليهم هذا السؤال؟

لكن بيان الرقابة والوزارة أشاد بالعمل في رمضان 2018 وأعلن أنه عمل مهم ونوه بمستواه؟

٭ هذا صحيح، وقد تلقيت اتصالا من قبل وزير الإعلام السوري وقتها مشكورا، وقرأ لي البيان على الهاتف قبل إعلانه وفهمت من سياق حديثه مدى الحرص على العمل، ومن خلال «الأنباء» أقول ان «ترجمان الأشواق» بالنهاية هو عمل درامي من إنتاج الدولة السورية، وهذا بحد ذاته باعتقادي سبب كبير للإحراج، لأنه لو كان من إنتاج مؤسسة خاصة، لما استطعنا الاعتراض كما يجب، لا على رقابته، ولا حتى على منعه وإخفائه، «وكان من الممكن لمنتج المسلسل ان يقول لنا أنا أنتجت وأنا بطلت»، ولكن لأنه من إنتاج الدولة السورية استطعنا الاعتراض بل ودخلنا في حملات إلكترونية في فضاءات التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا ضد الرقابة، وللأمانة «كان صدر الإعلام واسعا وحمل اعتراضنا بشفافية على محمل الجد»، وهكذا بدا لي الموقف، وأذكر انني قلت للوزير «الرقابة عمل وظيفي، ولن يفيد العمل الوظيفي في طبخ أي قرار والرقابة عبارة عن كتلة من الموظفين سيكون لهم رأي مكتوب على ورق المكاتب لتقرأوه، وبذات الوقت سيكون لهم رأي آخر في البيوت».

قلت في المؤتمر الصحافي الذي عقدته مؤسسة الانتاج عام 2018 من أجل مسلسل «ترجمان الأشواق» بأنك تعتبر «ترجمان الأشواق» مشروعا يقارب مشروعك الشخصي، وقرأنا في تترات المسلسل انك ساهمت في المعالجة الدرامية ككاتب.. هل هذا يعني أنك صاحب هذا المشروع من بدايته؟ أم أنك تبنيته كمشروع فقط؟

٭ «ترجمان الأشواق» من الأصل عبارة عن فيلم سينمائي مكتوب بخط يد صاحب المشروع الأصلي، وهو المخرج محمد عبدالعزيز، لكنه أبدى رغبة كبيرة في تحويله إلى عمل تلفزيوني، وطلب رأيي، وهو يخاف من انعدام الشعبية، لكنني شجعته على ذلك فاتصل بالكاتب بشار عباس وانعقدت ورشة الكتابة، وبدأت بالمشروع، أنا لست صاحب المشروع، لكنني شريكا فيه، وقد كلفني ذلك الكثير من الوقت تقريبا ضعف المدة التي تستوجب التصوير، إلى جانب أنني تقاضيت عن أكثر من نصف أجري لصالحه، ولست نادما مع اني «لسه الي مصاري عند الدولة» (يضحك).

«هل هذا يعني أن المشروع لم يكن جاهزا على الورق عندما وافقت مؤسسة الإنتاج عليه؟

٭ غير صحيح على الإطلاق، كان في المؤسسة إدارة ديناميكية تحترم رؤى الجميع وتناقش وتحاور باحترام، بل وتدخل في كل التفاصيل بإحساس شديد في المسؤولية، وهذا يستوجب فعلا رفع القبعة احتراما لتلك الإدارة السابقة على قرارها الجريء بإنتاج هذه النوعية من الأعمال، والدراما يجب ألا تقارب الشأن العام على طريقة الكليب، وأزمة بلدي أكبر أن يتناولها مسلسل يقول حدثا هنا، وآخر هناك بشكل اعتباطي ومرتجل، بعيدا عن الرؤية والفكر والثقافة، في أزمة وطني ليس هناك سلاح للمواجهة أمضى من سلاح الثقافة، ولو كنت مسؤولا لجعلت من وزارة الثقافة السورية وزارة حربية.

في «ترجمان الأشواق» كنت سجينا سياسيا هاربا؟ ماذا عنت لك تجربة السجين السياسي عندما قرأتها أو ساهمت في كتابتها؟

٭ أنا لست سياسيا ولن أكون، وليس كل سجين بالضرورة ان يكون سجينا سياسيا، في «مشروع ترجمان الأشواق» التي تدور احداثه في تسعينيات القرن الماضي حول ثلاثة أصدقاء يساريين خاضوا تجربة السجن والتحولات ومر بهم الزمن وافترقوا لتجمعهم الأزمة بعد اثني وعشرين عاما أحدهم ذهب إلى حلول صوفية مع فكره وروحه، والآخر بقي محنطا في الشعارات والأفكار وكتب الدياليتك والمادية التاريخية، والثالث «نجيب» الذي جسدت انا دوره ذهب إلى مشروعه البحثي في الفكر والترجمة والتحليل، لكنه غادر البلد بشكل غير قانوني وهرب ليقيم خارج البلاد تاركا ابنته الوحيدة في حضن أمه، بعد ان طلقته زوجته وانقلبت بطلاقها منه على اليسار وعلى أهله لكنه يعود مرغما ليضع نفسه من جديد أمام امتحان ثقافته وانتمائه في دمشق ويبدأ في رحلة البحث عن ابنته المخطوفة، ليكتشف بأنه في رحلة البحث عن وطن كامل، وليس فقط عن ابنته، والسجين السياسي هنا كمفهوم يناقشه المسلسل من زاوية اعتبار ان السجن الأكبر هو سجن الأسئلة التي لم تستطع الثقافة ان تجيب عليها كالسؤال عن الوطن وتاريخه ومعناه.

ألم تبرم المؤسسة عقودا لبيع المسلسل لمحطات تلفزيونية عام 2018؟

٭ صحيح هذا ما عرفته؟ لكنهم قبل أربعة وعشرين ساعة فقط أوقفوا العقود وجمدوا كل ذلك؟ وكانوا قد اتفقوا مع قنوات عديدة عراقية ولبنانية وعربية مشفرة وغيرها، إلى جانب القنوات السورية المختلفة، وكل هذه القنوات أعلنت عن عرض مسلسل ترجمان الأشواق خلال رمضان 2018، ثم أوقفت إعلاناتها الدرويشية له، وأنا حالي وقتها كحال الجمهور «لم أفهم» كيف ولماذا «صار لي صار».

لاحظنا صور دمار مخيفة بل ومرعبة أثناء التصوير، حدثنا عن الأماكن؟

٭ صور العمل بمناطق «حقيقية شهدت اشتباكات مخيفة فعلا، وكان حجم الدمار مذهلا، والتصوير كان بمدينة داريا القريبة جدا من حي المزة الدمشقي، كما صورنا بمعمل الاسمنت بتدمر، وكان التصوير سينمائيا أعطى جمالية للأحداث ومتعة بصرية رائعة».

وكيف وجدت مدينة داريا؟

٭ قبل التصوير دخلت لعمق مدينة داريا المدمرة مرات عديدة، وكان يحزنني أنها أصبحت عنوان لمدن الموت ينعق فيها الغراب وينطبق ذلك على أية مدينة أو قرية ببلدي عانت من الإرهاب، لا أحد فيها سوى ذكريات من رحل، شهادات معلقة على الجدران وصور رفضت ان تترك أماكنها، وشهادات عليا زينت البيوت وأسرة حرقت وسجادات صلاة ومسابح، هذه المدينة كان يسكنها أكثر من مليونين من مواطني الجمهورية السورية ومن كافة المحافظات، وقفت على أحوالهم من داخل منازلهم ودفن ذكرياتهم، وكانت هناك نسختان من القرآن الكريم كان التراب يعلو النسختين ترك الدمار أثاره حتى على الكتب السماوية المقدسة، نسخة أهديتها لوالدتي قبل وفاتها، والنسخة الأخرى أهديتها لابنتي «كما حملت معي شهادة في الهندسة لإحدى السيدات السوريات احترق جزء من شهادتها، لكن الاسم والدرجة العلمية كانت واضحة بكالوريوس بالهندسة» وعن طريق الفيسبوك وبعد شهر كامل حصل ان شاهدت رقم التلفون واتصلت بمنزلي، وهي لا تعلم أنني من أحضر لها حلمها العلمي الذي تركته وراءها هاربة من الموت و«سلمتها شهادتها» هذا الحدث كان له وقع كبير في نفسي! والسؤال الذي كان لا يفارقني ترى ما هو مصير هذه السيدة بعد ان فقدت مستقبلها العلمي بعد فقدان منزلها وأمنها وفرت هاربة من الموت!

«ترجمان الأشواق» كأنه قطعة من روح وضمير النوري هذا ما شاهدناه بماذا تعلق؟

٭ أنا لا أبخس أحد حقه، من خلال «الأنباء» أقول الشاشة الوطنية السورية شكرا، لأنها أبدت شجاعة في عرض هذا العمل، الذي جسد حجم وعمق المعاناة بالنسبة للسوريين وهذا باعتقادي يستوجب الشكر

وأنا حاليا أمام مشروع درامي يحاكي فترة زمنية كانت من الخطر ان تقتربها في وقتها، وهي الفتنة الكبرى أو المقتلة الكبرى أو «الطوشة» كما درج اسمها في صفحات التاريخ المختلفة لعام 1860 وهو من تأليف الكاتبة عنود الخالي وعباس النوري، ومسلسل آخر من تأليف النوري يحمل اسم «عودة صفوح».





ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top