2024- 03 - 29   |   بحث في الموقع  
logo "الحزب" يقاتل على جبهتي الداخل والحدود: نقطة ضعف خطيرة logo اشكال وإطلاق نار في طرابلس logo بينها لبنان.. هزات أرضية تضرب هذه الدول العربيّة logo مناورة إسرائيلية "مفاجئة" شمالاً.. وواشنطن تعتبر استعادة الهدوء أولوية logo حكومة فلسطينية جديدة تبصر النور..بلا سند سياسي logo نبيل فريد مكاري يستقبل المصري ويعلن دعمه للائحة “نقابتنا” logo بأكثر من 30 طنًا من المتفجرات... تدمير نفق لحماس (فيديو) logo اتهام روسي "خطير" لأوكرانيا
الاستشارات النيابيّة الملزمة ستسير وسط نيران الفوضى الخلاّقة (بقلم جورج عبيد)
2019-12-08 00:18:58



جورج عبيد -


ها نحن متحهون يوم الاثنين إلى الاستشارات النيابيّة الملزمة في القصر الجمهوريّ في بعبدا، والبلد لا يزال مغطى بضباب رماديّ كثيف يؤكّد أننا لا نزال في عين العاصفة الأميركيّة الهوجاء الهابّة على لبنان، تطاله بعهده وحضوره ودوره وكلّ هذا بسبب الطمع بالاستثمار بنفطه من ناحية والضغط من ناحية ثانية على العهد للانقلاب على المسلّمات الجوهريّة التي رضيها لنفسه بتبنّيه للمقاومة، ومن ناحية ثانيّة لاستعمال لبنان ورقة بوجه التسوية في سوريا عبر تشديدهم على دمج النازحين السوريين وتوطين اللاجئين الفلسطينيين، ومن ناحية ثالثة وأخيرة لتشويه الإنجاز الذي حقّقه لبنان مع رئيسه العماد ميشال عون، وهو أن يكون مركزًا أكّاديميًّا للإنسان والحوار، وقد حاربوا هذه الرؤية بكلّ ما ملكت أيديهم كرمى لإسرائيل، لأنّها تأبى أن يكون على حدودها مجتمع متجانس بتعدديته الدينيّة بل تشدّد على أن يكون لبنان محتمعًا فتنويَّا تمزّق أحشاءه الحروب سواء كانت طائفيّة أو مذهبيّة أو بينيويّة بين المسيحيين بنوع خاصّ.


وقبل الغوص في مآل اللحظات المتراكمة، أقتبس من المثلّث الرحمات البطريرك التاريخيّ المشرقيّ إغناطيوس الرابع هزيم ونحن في ذكرى غيابه السابعة، كلامًا قاله عن الحرب في سوريا، في لقاء طويل بيني وبينه، وقبل وفاته بأسبوعين: "ليس الهدف من هذه الحرب إسقاط بشار الأسد، بل الهدف إسقاط سوريا، المؤامرة كبيرة جدًّا، وهي تنتمي إلى سياق واحد، سياق كتبته إسرائيل بحقد كبير تساندها بعض الأنظمة العربية، وعلى النخب الفكريّة والسياسيّة الراقية التصدّي لها لأنها غير محصورة بسوريا بل في سوريا والعراق ولبنان ومتى تمّ تحطيم هذا المثلّث الحيويّ ستنسى الأمم فلسطين وتضيع بل تذوب ذوبانًا كاملاً ويكون الأردن في خطر شديد". واليوم، ونحن في عين العاصفة، من استعادة هذه القراءة الهادئة والغنيّة بقيمها وتبصّرها ومعاييرها، للإثبات الواقعيّ بأنّ الحرب الماليّة التي نعيشها بثقلها وتداعياتها بالإضافة إلى اقتناص الحراك وشدّه نحو الحرب بأهدافها المعلنة وغير المعلنة، هي حرب على لبنان استمدادًا للحرب التي شنّت على سوريا من الخارج والداخل، وعلى العراق منذ سنة 2003 وصولاً إلى 2011 وما تبعها من مآس، بلججها المختبطة. لا تزال عناصر "الفوضى الخلاّقة" تتحرّك في هذا المثلّث من البوابتين اللبنانيّة والعراقيّة لتأمين ظروف الاستثمار وتحسين شروط التفاوض بين أميركا وإيران، وإن على حساب الخصوصيات والفرادات، وعلى حساب حياة الناس ورزقهم وتعبهم.


في ظلّ تلك الحمأة الفظيعة، الأعين والأفكار مشدودة إلى لحظة الاستشارات، وفي ما يواكبها من مناورات واضحة يتمتمها الجمر الملتهب الملقى في بطن لبنان. يوم الأحد الفائت، حدث اتفاق في بيت الوسط بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل والخليلين بحضور المهندس سمير الخطيب بتسميته والمضيّ به نحو سدّة الرئاسة الثالثة وفهم الجميع بأنّ الحريري لن يعود عن اعتكافه. وبعد يومين أعلن جبران باسيل بعيد اجتماع تكتّل لبنان القويّ، بأنّ حضور التيار ثانويّ أمام النجاحات التي يفترض بالحكومة العتيدة أن تحقّقها من أمنية واقتصاديّة وماليّة واجتماعيّة... ظنّ الجميع بأنّ جبران قد أعلن انسحابه بدوره من الحكومة في حين أنّه لم ينفِ في متن البيان ولم يؤكّد، وقد كان البيان بفعل ذلك متوزانًا للغاية.


وعوض أنّ يتلو سعد الحريري بيانًا مشابهًا لبيان جبران باسيل، تشدّد في صمته وأمسى سمير الخطيب أسير المناورات كما حصل مع الوزير السابق محمد الصفدي. والتشدّد واضح بأنّ الرئيس الحريري متمسّك بالسلطة الآن أكثر من أيّ وقت مضى، لكونه يعي ويعرف بأن خروجه منها سيؤمّن انقضاض وليّ العهد السعوديّ عليه، وهو بلا غطاء رسميّ، بملفّات عديدة بلا رحمة ولا هوادة ولا مراعاة للعلاقات التاريخيّة بين المملكة والرئيس الراحل رفيق الحريري، وهي أي الملفّات التي يملكونها لا تزال سيفًا مسلطًا عليه. القضيّة الواضحة، بأنّ تسمية سمير الخطيب جاءت للتعمية، فالرجل لا يدّعي بل لم يدّعِ بأنّه يملك الأرض السنيّة، ولا هو يمثّل الوجدان السنيّ بأكثريته المطلقة، ولم يتسلّم إلى الآن من المراجع في طائفته تفويضًا يبيح ويتيح له بأن يقفز نحو الموقع الثالث في لبنان. ذلك أنّ الشارع أو الوجدان السنيّ يتحرّك بإرادة الرئيس سعد الحريري دون سواه، يواكبه في الحركة فرع المعلومات في قوى الأمن الداخليّ في الانسياب نحو قلب الوجدان أو الوقوف في وسط الشارع إلى جانب الناس وتأجيجهم، كما أن سعد الحريري يتحرّك بدوره وفقًا للمنهج الأميركيّ المرسوم للبنان والمغطّى من الرجل الأوّل المنتمي إلى هذا المنهج وهو الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة المؤيد مع الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام لعودة الرئيس الحريري إلى رئاسة الحكومة ضمن المسلّمات الأميركيّة المعطاة أو الموحى بها له.


وبرأي كثيرين، ومهما حاول بعضهم الإيحاء بأن ثمّة أسماء بإمكانها ان تظهر في سباق الربع الساعة الأخير قبل الاستشارات كفؤاد المخزومي أو سواه، من باب إيجاد المخارج الممكنة، فإن سعد الحريري على استعداد تام لاستكمال لعب المناورة، وحرق هذا الإسم أو ذاك، بنار الحراك بتنظيماته وفروعه أو بنار الشارع السنيّ، فيبدو أيّ طامح أو مرشّح لهذا الموقع كمن يسير حافيًا على الجمر، أو كمن يرمى الجمر بوجهه حتى يحترق ويترمّد. على هذا خرج الرئيس نبيه برّي وقال: "سأسمّي أنا وكتلتي المهندس سمير الخطيب على اساس أن الرئيس الحريري قد سمّاه". والوزير جبران باسيل خرج من الاتفاق ليؤكّد عودته إلى الحكومة بحال عاد الرئيس الحريري. كلام الرئيس برّي اللمّاع في ذكائه مناورة مقابل مناورة. فقد نمي وبوضوح بأنّ الرئيس الحريري الذي سيستقبله الرئيس ميشال عون مع كتلته في أولا لائحة النواب، قد ينقلب على التسوية ويسمّي نفسه، أو يترك لكتلته أن تسميه، وفي حال تفوّق على الخطيب بالأرقام فإنّه سيكمل مناورته بالإبطاء في التأليف بغية الردّ على المزج ما بين التأليف والتكليف كما جاء في بيان رؤساء الحكومات السابقين وهذا بمدلوله تعطيل للسلطة والحكومة في حمأة الحراك المتنامي والاستمرار في شلّ البلد بمؤسساته، واستكمال منظومة الفوضى الخلاّقة. وبحال نال المهندس سمير الخطيب الأكثريّة، فالمخاوف حتمًا ستتعاظم وبقوّة من تفاعل الشارع السنيّ سلبًا للتعبير على أنّ سمير الخطيب لا يحظى بالتأييد السنيّ له.


الاستشارات ستسير في وسط الفوضى الخلاّقة المعبّر عنها بنار الحراك من ناحية وبنار الشارع السنيّ من ناحية ثانية، وكلاهما نار واحدة، يشعلها مصدر واحد. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ بصيص نور قد يشرق في الحادي عشر من هذا الشهر، من خلال الاجتماع الذي دعا إليه الاتحاد الأوروبيّ بسعي من الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون لكي يتأمّن وعاء مالي صلب للبنان يرفعه من هذا الانهيار الذي وقع فيه. الأوروبيون والروس يسيرون باتجاه واحد، وهو منع رزوح لبنان لللآحاديّة الأميركيّة بإفرازاتها الفوضويّة وأبعادها الفتنويّة، من الاقتصاد إلى المال إلى الأمن. فهم يخشون من التسيّب الأمنيّ الخطير لكونه سيتعكس على المصالح الأوروبيّة سلبًا في لبنان والمشرق وفي الحاضرة الأوروبيّة عينها. وقد حذّر الفرنسيون الأميركيين من السير بلعبتهم. في مقابل ذلك جهد الروس في مباحثاتهم مع الإماراتيين بنجاح باهر لافتتاح عهد جديد بينهم وبين الرئيس السوريّ بشّار الأسد ترجم بكلمة واضحة للسفير الإماراتيّ في دمشق مدح بالقائد الرئيس بشّار الأسد بحسب قوله مشيدًا بحكمته وبعد نظره. هذا فتح جديد في العلاقات ما بين الخليج والمشرق سيمنع من تحويل لبنان إلى شوكة أميركيّة آحادية في خاصرة سوريا، بل سيفرض نظامًا جديدًَا من التحوّلات ستفرض نفسها رويدًا رويدًا على المدى اللبنانيّ، وعلى الرئيس الحريري بصورة خاصّة، ومن دون مكابرة أو مناورة.


إلى يوم الاثنين سنسير على رجاء بزوغ فجر جديد مع اقترابنا من ميلاد المخلّص.



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top