توقف المتابعون باهتمام عند العبارة التي وردت على لسان البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في عظته يوم الأحد الفائت حيث شدد على المسؤولين ضرورة مخاطبة ضمائرهم والاصغاء الى مطالب ″انتفاضة الشباب اللبناني″ قبل أن ″تتحوّل انتفاضتهم الى ثورة هدّامة″!
فهل فعلاً وصلت (الثورة او الحراك او الانتفاضة) الى حدود الهدم بدل إصلاح ما زرعته السلطة في لبنان من فساد خلال الثلاثين سنة المنصرمة؟
يُجمع المراقبون على ان الايجابية الاساسية وغير المسبوقة التي تحققت عند بداية الحراك والتي تجسدت بالتفاف معظم اللبنانيين حوله ومن جميع مكونات الشعب دون استثناء، قد تبددت بعد فترة وجيزة حين عمدت جهات محددة الى خطف ذاك الحراك الى مواقع في غير صالحه أو ما يتمناه. فعندما ذهب الحراك باتجاه قطع الطرقات واقفال المدارس والمؤسسات العامة وسواها، وتخريب متعمد في دوائر مالية واقتصادية، أعتمد السلبية نهجاً وقدم خدمة لا تعوض لمن يرغب باستغلاله، من دون أن يستنبط فكرة مفيدة تؤدي للخروج من نفق الفساد والمفسدين. بل كانت الفكرة الوحيدة المعلنة “إسقاط النظام” بالمطلق، وكأن لبنان في نظام رئاسي متى سقط الرأس انقلبت الامور رأساً على عقب. الأمر الذي دفع الجيش اللبناني الى تصويب الأمور وفق مفهوم عدم الانزلاق الى الفوضى الهدّامة.
فما هي العوامل التي أدت الى تفاقم الأمور من دون تلمس أي بابٍ للفرج في المدى المنظور؟ العديد من المراقبين وصفّوا الحال على الشكل التالي:
اولاً: استلشاق المسؤولين بما هو حاصل وادارة الظهر الى كل المطالب المحقة المطروحة، والتصرف وكأن شيئاً لم يحصل!
ثانياً: استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري وتحولها الى حكومة تصريف اعمال وغيابها الكلي عن الساحة الغارقة في الهموم والمشاكل، ثم إدارة الظهر لتصريف الاعمال وكأن اعضاءها لا يمتون الى هذا الوطن بصلة، ولا هم معنيون بما يُلقى على كاهل الشعب من أحمال ثقيلة جداً!.
ثالثاً: تكليف المهندس حسان دياب بتشكيل حكومة تهتم باخراج الوضع في عنق الزجاجة فغرق في دوامة شكل الحكومة ومهمتها ناهيك عن المطالب التي تدور في حلقة الشخصانية!.
رابعاً: فوضى مؤلمة في أسعار صرف الدولار مما ترك الاسواق في عملية تجاذب وتكاذب واستغلال لا سقوف لها!.
كل هذه المؤشرات دفعت سيد بكركي الى التحذير من الاسوأ، ولاقاه العديد من السياسيين بالعزف على الوتر نفسه، فرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الوزير السابق وليد جنبلاط الذي وجه سهاماً مبطنة الى الحريري رأى أن الفراغ يزداد من دون حل لأن الحراك لم يقدم اي بديل او كيفية للوصول الى الحكم. وها هو وزير الداخلية السابق مروان شربل ينصح باستعجال الحل وإلا فالغضب الساطع آت…!