2024- 04 - 24   |   بحث في الموقع  
logo صواريخ تضرب تلال كفرشوبا.. من أطلقها؟ logo “حزب الله” شيّع شهيده حسين عزقول في قلاويه logo فضل الله: اسرائيل أعجز من ان تفتح حربا واسعة! logo إسرائيل ترسل تعزيزات بمواجهة حزب الله.. وغالانت يهدد بـ"الحسم" logo النائب العام الاستئنافي في الجنوب زار قائد الجيش logo "بسبب شائعة"... حرق منازل واعتداء على أقباط في مصر logo بتهمة "الدعاية ضد النظام"... حكمٌ بالإعدام لمغني راب إيراني logo بالأسلحة الصاروخية... "حزب الله" يستهدف موقع ‏رويسات العلم!
يا فخامة الرئيس العظيم أنقذ لبنان الكبير واقلب الطاولة على رؤوس الفاسدين (بقلم جورج عبيد)
2020-01-18 23:13:57



بقلم جورج عبيد


إرفعوا أياديكم أيها المتآمرون على لبنان واتركوا شعبه يعيش. إنّها صرخة نرفعها من القلب، من بعدما بلغ السيل الزبى، وأصبح لبنان في قاع الجحيم. منذ أكثر من عشرين سنة كتب كمال الصليبي مؤلّفه الشهير "بيت بمنازل كثيرة"، وصّف فيها حالة لبنان بواقعية تأبى الزيف وتلفظ التأويل وكان خليًا من أيّة زلفى. ذاق لبنان وشعبه مرارة حرب دامت ثلاثين سنةً، خسرنا فيها أحبّاء وهدمت حارات وبيوت وهجّر الناس من قراهم، ولم تبلغ حالتنا إلى ما بلغته في هذه الأيّام. اقتصاد شبه منعدم، دولار مرتفع السعر، فساد متشرّش، بنى متصدّعة، أخلاق منهارة، قيم تائهة بل ممحوقة، شعب ممزّق، نظام صدئ، مؤسسات بلا حكومة، وحكم مصاب، وعهد بات في قلب العاصفة... في السابق كانت الوصاية السوريّة تفعل فعلها، في الحاضر صراع روسيّ-أميركيّ، أميركيّ-إيرانيّ، خليجيّ-إيرانيّ، ترك البلد في الفراغ السحيق، واللبنانيون عاجزون على بناء وطن يعلو بالحقّ ولا يعلى عليه بالباطل.


سنة 1920، كوّن الفرنسيون لبنان الكبير. قبل لبنان الكبير كان لبنان الصغير، وهو بعثرة من البعثرات الطائفيّة، تتأزّم بسيلان الدماء حين كان يختلف العثمانيون مع الفرنسيين والإنكليز والروس، ويثبت نظام القائمقاميّتين وبعهد المتصرفية بفعل اتفاقياتهم. تبدو هذه الرقعة الجغرافيّة بجوهرها معدّة للاستهداف بالاستهلاك، منها تستولد الحروب ذاتها، ومنها تعمّ التسويات. ماذا تغيّر من لبنان الصغير إلى لبنان الكبير، هل تغيّر شيء أو أن المساوئ والأزمات ازدادت طوال مئة سنة؟ في العشرينيات من القرن المنصرم، حاولت مجموعة من المفكرين نحت صيغة توليفيّة بين المسيحيين والمسلمين، وهم ميشال شيحا، شبل دموس، يوسف السودا، وفي سنة 1926 كتب شيحا دستور لبنان وأقرّ، واستوينا في قلب الانتداب الفرنسيّ بقعل التقسيم الذي اتبع في مؤتمر فرساي، بين فرنسوا بيكو وهنري سايكس. وفئة أخرى اصرّت بالانضمام إلى سوريا، حتى جاء في مرحلة لاحقة رياض الصلح إلى جانب بشارة الخوري، وحاولوا ترسيخ الميثاق الوطنيّ، بتعريب المسيحيين ولبننة المسلمين، ليسقط توًّا مع انفجار فلسطين واحتلال إسرائيل لها. وبدأ لبنان في المرحلة الثانية من حياته المليئة السباق ما بين النهضة من ناحية ومحاولة إدخاله عصر الانقلابات والاحترابات الصغيرة إلى أن بلغنا الحرب الكبرى في المرحلة الثالثة التي دامت ثلاثين سنة، فاتسمت بالنار والاضطرابات المتنقّلة ولكن في المقابل تنعّم اللبنانيون باستقرار اقتصاديّ وماليّ إلى أن جاء عهد الرئيس أمين الجميل، فبدأ التدحرج الماليّ ليضاف إلى الواقع الأمنيّ المهترئ، ولم ينته كلّ ذلك حتى دخلنا حقبة الطائف بتسوية أميركيّة-سعوديّة- سوريّة، لتبدأ المرحلة الثالثة من حياته.


هذه المرحلة عنوانها هيمنة الفساد منذ سنة 1992، وقد سال حبر كثير وبذل فكر كثيف في توصيف هذه المرحلة. لقد أتى الاستقرار الماليّ كحالة تسوويّة بعيد مجيء حكومة الرئيس رفيق الحريري بين الاستقرار والفساد، قبل اللبنانيون بالحالتين، والمسيحيون استولدوا بدورهم في كنف الطوائف الأخرى.


بقيت التسوية صامدة حتى سنة 2019 ولم تمسّها الهزّات الكبرى في المنطقة بدءًا من دخول أميركا إلى العراق سنة 2003 واغتيال الرئيس رفيق الحريري سنة 2005 وتكرار سلسلة الاغتيالات على أرض لبنان، مرورًا بحرب إسرائيل على لبنان سنة 2006، إلى... أن انفجر الربيع العربيّ وكانت سوريا المسرح الأبرز للانفجار. في لبنان ارتجت الأرض سنة 2008 وجاء اتفاق الدوحة لينتخب على أساسه العماد ميشال سليمان رئيسًا للجمهوريّة، وبعد انتهاء ولايته، دخلنا الفراغ ودخل لبنان مرحلة متفلّة أمنيًّا بفعل انسياب القوى الإسلامويّة والتكفيريّة، ولم تهتزّ التسوية بين الفساد والاستقرار الماليّ، لقد شبّكت الحريريّة السياسيّة تلك التسوية بإحكام ورسّختها بقوّة، لا فراغ ولا شيء ولا تفلّت تمكّن من هزّها، فماذا حصل لكي تسقط تلك التسوية؟


في 31 تشرين الأوّل سنة 2016 انتخب المجلس النيابيّ العماد ميشال عون، عارض أهل التحالف انتخابه على الرغم من قبول الرئيس سعد الحريري بالتسوية آنذاك، إلى أن سمع قول من مسؤول كبير مفاده، "لقد وصل إلى سدّة الرئاسة لكنّنا لن ندعه يحكم". انطلقت التسوية الرئاسيّة في مراحلها الأولى، بتطويع واضح للتسوية ما بين الاستقرار والفساد، فلم يتعرض الاستقرار الماليّ والاقتصاديّ لانكسار ملحوظ، وبقي الوضع ثابتًا على الرغم ممّا تعرّض له الحريري في الرياض... حتّى وصلنا إلى 17 تشرين الأوّل سنة 2019 مع انفجار الحراك، لنبدو أمام مرحلة خطيرة للغاية من حياة لبنان عنوانها نهاية عصر التسويات وبداءة مرحلة الانقلابات.


السؤال المطروح بجديّة فائقة لماذا انفجر الوضع في هذه اللحظة بالذات ولم ينفجر من قبل؟
ثمّة مقدّمات ظهرت خلال الصيف الماضي لم ينتبه لها كثيرون ولم يحتسبوها على أنها التوطئة الفعليّة والخطيرة لإنهاء عصر التسويات وكسر كلّ استقرار والانطلاق في مرحلة الانقلابات بتدحرج خطير بغية نقل لبنان الكبير من حقبة إلى حقبة أخرى مختلفة. المقدّمات تلك كانت تشي بالفتنة (محطّة قبرشمون) وبالانفجار الاجتماعيّ والماليّ (انتفاضة الضباط السابقين، مسألة عمالة الفلسطينيين، قضيّة النازحين، سلسلة الرتب والرواتب، اهتراء النظام الاقتصاديّ)، وبالانفجار السياسيّ والدستوريّ (صراع الصلاحيات، تعاظم الخطاب الطائفيّ واحتقانه من جديد، زيارة رؤساء الحكومات الثلاث إلى الرياض ودفاعهم عن الطائف)، والانفجار السياسيّ، بالتالي، يقوده فاسدون مما يكشف نهاية التسوية بين الفساد والاستقرار، ونهاية التسوية الرئاسيّة بفعل نهاية التسوية الأولى.


ولمزيد من الدقّة في التوصيف، يسوغ القول، بأنّ أسباب إنهاء التسويتين يعود لرئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون. فالرجل المستوي على عرش الرئاسة، أعدّ العدّة الكاملة للانطلاقة بعمليّة مكافحة الفاسدين، فأطلق العنان لفتح ملفات الضمان وشركة الميدل إيست والخلويّ وما إلى ذلك، وطلب من القضاء التعامل مع تلك الملّفات بضمير حيّ ونقيّ. وقال غير مرّة أمام زواره بانّه إذا ما اكتشف يومًا بأنّ أحدًا من التيار الوطنيّ الحرّ متورّط بالفساد فلن يتوانى عن محاكمته مثله مثل سواه. والواضح بأنّ المسّ بتلك الملفات مسّ واضح برعاة يمسكون بهذه المؤسسات. وحين تعلن وزيرة النفط ندى البستاني على سبيل المثال لا الحصر استيراد الدولة للغاز والنفط، فهي كسرت احتكار أحد كبار السياسيين لاستيراد النفط.


على هذا قامت الدنيا ولم تقعد، خرج الصراخ عميمًا في الأروقة، ماذا يريد منّا ميشال عون؟ إنه يخرب بيوتنا فلنقضِ عليه قبل أن يكشفنا ويفضحنا بالكليّة. وهنا على وجه التحديد كان يجب على التيار الوطنيّ الحرّ مع اوّل تدفق للناس أن ينزل اهله إلى الشارع ويتضامنوا بوجه قرار محمد شقير ويمنعوا الأحزاب من استغلال الحراك وحرفه عن مقصده الشريف المعنون بمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة. لا يعفي هذا التصوّر التدخّل الأميركيّ بتلك الأدوات الفاسدة عينًا، فهم جعلوا لبنان نسخة طبق الأصل عن العراق، وأدخلوه في أتون الانقلابات المحتملة التي يشاؤونها من رؤيتهم له كجزء من شرق أوسط جديد. انطلقوا بتصورهم من حقد شخصيّ على ميشال عون، لكونه شرّع سلاح المقاومة بوجه إسرائيل وبارك قتالها في سوريا ووقف سدًّا منيعًا بوجه انسياب الحركة التكفيريّة إلى الداخل اللبنانيّ، وانطلق في أوّل عهده بمعركة فجر الجرود التي أنهت وجود القوى التكفيريّة في جرود عرسال وراس بعلبك والقاع على الرغم من ممانعتهم لقراره وتعاون الجيش بهذا القرار مع المقاومة والجيش السوريّ من الناحية السوريّة. فلا بدّ من إسقاطه والعمل على ذلك بشدّة وبلا هوادة، للانقضاض على حزب الله، إذ يفقد حينئذ الشرعيّة الرسميّة والمسيحيّة-المشرقيّة لموجوديّته ومقاومته.


وعلى الرغم من ذلك، فرئيس الجمهوريّة تعامل مع هذا المعطى العدائيّ بصبر ورويّة وحكمة. قرأ المراد، وهو العارف تاريخيًّا أنّ القضيّة أضحت وجوديّة بالكامل، فلبنان بالمعنى التاريخيّ لا يزال عند الدول الراعية أرض تسوية وأرض عبور ووطن لجوء ونزوح. وهو العارف أيضًا تاريخيًّا بأنّ التسوية الأميركيّة-السعوديّة-السوريّة هي التي رسخّت الفساد بأنطومتين واحدة أسماها الكاتب السياسيّ عماد جوديّة منظومة خدّام-الشهابيّ-كنعان، وأخرى عنوانها الحريريّة السياسيّة المتكئة على المنظومة الأولى وقوامها سياسيون كبار فاسدون. وعلى هذا كان يفترض بفخامته أن يضرب يده على الطاولة ويدافع عن العهد ويسمّي الفاسدين كلّهم ومن دون استثناءات تذكر بأسمائهم ليعرف اللبنانيون من يحكمهم بالسرقة والنهب.


ومع بلوغ الوضع نحو منزلق خطير للغاية ووصول سعر صرف الدولار 2500 ل.ل، وتحوّل الحراك إلى حالة مواجهة بين فئة تأتي بواسطة الحافلات من الشمال يشاركها بعض النازحين السوريين الذين استبقي عليهم بهذا الهدف، هدف الفوضى والقوى الأمنيّة في وسط بيروت وعدد من المناطق اللبنانيّة، فأمام الرئيس عون والرئيس المكلّف حسان دياب مواجهة تلك المرحلة بحكومة سميناها إنقاذية. فالوقت ليس للترف والدلع فيما الناس تقف على أبواب المصارف وأعتابها للتوسل والتسوّل من جنى تعبها ومن ودائعها. إنها لحظة نهاية مرحلة لبنان الكبير بكلّ المقاييس والمعايير، وأمام فخامة الرئيس أن يخرج بخطاب واضح إلى اللبنانيين يسمّي الأمور بأسمائها. إنها الحرب عليك يا فخامة الرئيس، إنها موجهة على عهدك وعلى من يحبونك حتى النهاية بل من أحبوا ويحبون لبنان من خلال بهائك ونصاعتك، فقف وانهض كما عهدناك وقل: يا شعب لبنان العظيم، هؤلاء هم الفاسدون، وهؤلاء هم من يقودون الحراك نحو الصدام مع القوى الأمنية وباتجاه خراب لبنان ونهايته العدميّة، ولكم وحدكم أن تقرروا بالرضى أو بالرفض. عشتم وعاش لبنان. عندئذ سترى كيف الناس ستفد إليك، وأوّل الوافدين كلّ من سيخشى العقاب لينقذ نفسه من الهلاك.


فخامة الرئيس إنها حرب وجوديّة وتكوينيّة لم نشهدها من قبل، قدرك مواجهتها ونحن إلى جانبك ليكون لنا ولولدي ولكلّ أولادنا وطنّ نراه كاملاً ومركزًا اكاديميًّا بل كونيًّا للحوار والإنسان. لبنان رسالة إنسانية ومشرقيّة وسيبقى بصرخة الحق والكرامة.



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top