2024- 03 - 29   |   بحث في الموقع  
logo فضل الله: للإسراع بالاستحقاقات فلا يمكن ان يبقى البلد رهينة الفراغ logo الخطيب: نشفق على الذين يتشاطرون اليوم بالتحريض الطائفي والمذهبي logo قبلان: لن نخذل لبنان ولا القرار الوطني logo صحة غزة تعلن حصيلة جديدة للشهداء logo "أشقر وشعره كيرلي وحليوة"...مسلسل مصري يستهزئ بمأساة طفل فلسطيني؟ logo مسؤول في "جامعة الدول العربية" تشغله المسلسلات الرمضانية...والمعلّقون غاضبون! logo ميزانيّة المركزي: قيمة الذهب تقفز إلى 20 مليار دولار logo ملابس داخلية ودمى عرض أزياء...جنود إسرائيليين "يلهون" في غزة
في لجّة الاضطرابات يفترض بالحكومة أن تكون الدرع الحامي للعهد ولبنان - بقلم جورج عبيد
2020-02-04 22:09:33



في سياق التحضيرات لمناقشة البيان الحكوميّ، المليء ببلاغة تشوبها بعض المعميّات الخالية من توضيح أو صفاء، وتحديد أو معنى، ظهرت رؤى كثيفة مستنبطة لدورها ووظيفتها ليس في إطار ما يجري في لبنان، وما يتمّ التداول به من معلومات كشفت تحضيرًا لحراك أمنيّ محتمل مصاحب للفوضى الماليّة الموجعة، بل في إطار ربط التفاصيل اللبنانيّة بجملها ومفرداتها، بحروفها ومعانيها، بصفقة أو صفعة القرن، المبطلة لمشروع السلام العادل والشامل الراسي على القرارين 242 و338، والمبيدة بالكامل لدولة فلسطينيّة لها وجودها وحضورها، في مقابل اكتمال عناصر النصر في سوريا، والتحوّل التركيّ من الدور المساهم في التسوية، إلى الهاتك لها بقوّة وشدّة من أوكرانيا فتغيّر المشهد وبدونا أمام خلاف جوهريّ بين تركيا وروسيا.


لبنان، وبهذا المعنى، ضمن دائرة مشحونة بالاضطرابات، والمشوبة بالثغرات، والمأخوذة نحو مجموعة متغيّرات، والمتأثرة بخلط أوراق، بدأت تباعًا تظهر ما بين فلسطين المحتلّة وسوريا والعراق، وجوهر الأمر، أنّ حلم أردوغان وقد حاول التسلّق على محراب الجرح الفلسطينيّ بالنيو-عثمانيّة "كان قصرًا من خيال فهوى"، واتضح أنّه استهلك معنى صفقة القرن ليوجّه مجموعة رسائل إلى السعوديين ويبدو عروبيًّا أكثر من أصحاب القضيّة، وهو في أوكرانيا يجالس من أعداء بوتين، ويحاول عرقلة مسيرة الجيش السوريّ نحو إدلب، ويستهدف القاعدة الروسية في حميميم. والجوهر الآخر المتصل بالرؤية عينها بأن بنيامين نتنياهو، سيجد نفسه في واد سحيق لا قاع له، ولا منفذ منه. سيتدحرج الرجلان، لتجد أميركا نفسها غريبة في جسد لا يمكن لها الاستكانة في جوفه طويلاً، وليجد ترامب نفسه أمام مأزق انتخابيّ جزؤه الكبير موصول بالنتائج التي ستدخلها منطقة الشرق الأوسط برمتها.


لماذا الإشارة إلى الحكومة برئاسة الدكتور دياب بالذات في ظلّ تلك اللجج وفي وسط هذه الحمأة؟


أشارت مراجع سياسيّة، وهذا ما بيّناه البارحة في مقالنا، بأنّ لبنان مقبل خلال هذين الشهرين على مجموعة تطوّرات تستهلكه وتستهدفه في آن. ولعلّ الأشدّ فتكًا ذلك الاستهداف الأمنيّ المتوقّع من مصادر دبلوماسيّة عالية المستوى، أبرزها ما أتى على لسان السفير الروسيّ في لبنان ألكسندر زاسبيكين، حينما توقّع أمس الأوّل على شاشة الNBN بأن يبدو لبنان تحت خطر أمنيّ شديد للغاية، وكان له قبل انفجار الحراك في السابع عشر من تشرين الأول الفائت أن يتوقّع دخول لبنان تحت منظومة الفوضى الأميركيّة الخلاّقة وحذّر من تداعياتها. وتشير معلومات مشتل الفوضى الأمنيّة طرابلس وعكار وبعض مناطق بقاعيّة، حيث تتكدّس الأدوات التخريبيّة، وتلتحف بالحراك الشعبيّ كما حصل غير مرّة في بيروت، إنما لن يكون السيناريو عينه. ذلك أنّ الخلاف التركيّ-الروسيّ المستجد، سينساب بالضرورة إلى تلك الأماكن بتحريك ممنهج لبعض الشخصيات الممسكة بتلك الأدوات نحو أهجاف قد تكون محسوبة على السعوديين سابقًا أو لاحقًا، أو تسير في فلك المقاومة أو دول الممانعة على غرار سيناريو سنة 2005 بغموضه الأمنيّ وضبابيّته المتشدّدة، وهذا من شأنه أن يقود إلى مجموعة فتن فاتكة بلبنان، بهدف التأثير على وقع النتائج في سوريا، أو على بدايات تواصل خليجيّ-سوريّ.


وترى معلومات، بأنّ هذا التحفيز الأمنيّ متماه مع الرؤية الأميركيّة التخريبيّة أو بالأحرى المخرّبة للتوازن في لبنان، والمبعثرة له مع كسر الاستقرار الماليّ، لينكسر الاستقرار الأمنيّ من جديد، ويتمّ فرض ما يشتهيه الأميركيّون للعهد على وجه التحديد من شروط قاسية ستنعكس على حضوره ومعاني الحضور بالتحديد، المتأسّس على كينونة الفلسفة الميثاقيّة.


من هنا، فإنّ الحكومة بمكوناتها ومكنوناتها، وأمام ما هو منظور وغير منظور، مدعوّة لتكون واجهة العهد وواجهة لبنان، بتحديد خطّة عمل تتوزّع بنودها بين ما هو سياسيّ وأمني واقتصاديّ وماليّ. لقد شاء جميع الأفرقاء بنعت الحكومة إنقاذيّة، أي أنّ مهمتّها انتشال لبنان من غرقه ماليًّا حتّى لا يكون تحت أيدي أوصياء ووكلاء عليه، أي بالتحديد تحت وصاية البنك الدوليّ، وهو جزء من ما يسمى بال American establishment أي أنه يسير ضمن الإدارة الأميركيّة الغميقة. وتكشف معلومات أخرى، بأنّ ما يسوّقه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منتم إلى تلك المفاهيم المتعاملة مع لبنان كأنه بلد مفلس، يعيش في خواء وشحّ. في حين أنّ المصارف والصرّافين مأخوذون إلى الرؤية الأميركيّة العامدة والعاملة على معاقبة لبنان ماليًّا بإصرار وتشدّد، وهم، وبأمر أميركيّ موجّه من ديفيد شينكر، من أغلقوا أبوابهم أمام المودعين في اللحظات الأولى للحراك لمدّة خمس عشرة يومًا بلا تبرير واضح، إلى أن تبيّن أنهم هرّبوا أموال المودعين إلى الخارج، وتحديدًا إلى البنك الفدراليّ الأميركيّ، وجعلوها رهينة بيد الأميركيين وورقة ضغط في سبيل اتساع الحراك، ليصل بلبنان إلى حدود الانفجار.


لقد لاحظ المراقبون، بأن قرار جمعيّة المصارف برئاسة سليم صفير، بتخفيض نسبة السحوبات بشكل قاس وفاضح وفجّ، وإن كان يستفيد صفير منه لأسباب تخصّه، إلاّ أنّه ليس وليد ذاته، بل هو ناتج من ضغط أميركيّ مستبق لزيارة ديفيد شينكر للبنان. ويذكّر المراقبون، بأنّ هذا السيناريو كان قد ظهر مع اللحظة التي فتحت فيها المصارف أبوابها، ليظهر الآن قاسيًا في حدّته، خاليًا من الإنسانيّة، ورافسًا لحقّ المودع بأن يسحب ما يريد من جنى عمره وتعب يديه وعمل فكره. لقد حذّر المراقبون من أن تنساق الحكومة إلى تلك الإجراءات أو تقبل بها، معيدة إنتاج تحالف بغيض مع المصارف كما فعلت حكومتا الحريري الأولى والثانية، ومنطلقة أيضًا باتجاه إحياء مألفة الاقتصاد الريعيّ، وهو علّة العلل البغيضة المتحرّكة من قلب الحريريّة السياسيّة، والتي رمت بلبنان على قارعات الطرقات وصوّرته كأنّه بلد متسوّل، وأظهرته كثير المديونيّة بثقل فظيع. تلك سياسية معمول بها على مستويات كبرى وهادفة لتمزيق لبنان واستبقائه تحت قيد الرهن.


لذلك، إنّ الحكومة برئاسة الدكتور دياب، مدعوّة لطيّ الصفحات السوداء التي أوصلت لبنان إلى هذا الدرك السحيق. أي طيّ هذه الفلسفة التي أبقته دومًا قيد الرهن، وكانت الطريق نحو مزيد من العثرات. كما أنّها، وفي الوقت عينه، مدعوّة لكي تتخذ الإجراءات الردعيّة لكبح سلوكيات المصارف المذلّة للناس بضغط خارجيّ واضح بغية الضغط على العهد، وبهدف إسقاط لبنان.


لبنان الآن في وسط دائرة مشحونة وملتهبة، وما هو قائم في الخارج حتمًا سيسري على الداخل بمؤثراته وتأثيراته. لن يكون لبنان بمنأى عن الاستهدافات المرئيّة أو المبيّتة، هنا وثمّة، نتيجة التغييرات والتقلبات في هذا الإقليم المشرقيّ. والمصارف في اصطفافها الحاليّ أدوات للدمج ما بين الداخل والخارج بمفهوم الفوضى الخلاّقة. فهي وسيلة لإحداث شغبّ ماليّ واقتصاديّ واجتماعيّ، انطلاقًا من أنّ المال عصب وشبح في آن. كما أنّ الواقع الأمنيّ إن تفلّت فهو وسيلة أخرى لاستهلاك لبنان ومحاولة فرض شروط قاسية كنّا البارحة في مقالنا قد أظهرناها بوضوح تام.


الحكومة واجهة العهد ودرعه، والآمال معقودة على التعاون الوثيق بين رئيسيّ الجمهوريّة والحكومة، لإخراج لبنان من أزمته، وحمايته من ديمومة الضغط الأميركيّ-الدوليّ عليه. والبيان لا يفترض أن يبقى بحلّته الإنشائيّة بل يفترض أن يحمل إلى الناس خطّة إنقاذيّة تحميهم من الانهيار وتقيهم من التفلّت والانفلاش وتمنع من الانفجار وتدنيهم نحو الانفراج، وتفتح الآفاق نحو نور كبير.



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top