2024- 03 - 29   |   بحث في الموقع  
logo "الحزب" يقاتل على جبهتي الداخل والحدود: نقطة ضعف خطيرة logo اشكال وإطلاق نار في طرابلس logo بينها لبنان.. هزات أرضية تضرب هذه الدول العربيّة logo مناورة إسرائيلية "مفاجئة" شمالاً.. وواشنطن تعتبر استعادة الهدوء أولوية logo حكومة فلسطينية جديدة تبصر النور..بلا سند سياسي logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الخميس logo نبيل فريد مكاري يستقبل المصري ويعلن دعمه للائحة “نقابتنا” logo بأكثر من 30 طنًا من المتفجرات... تدمير نفق لحماس (فيديو)
الـ”سوشي” أرخص من الفلافل
2020-02-17 12:01:15

كتبت زيزي إسطفان في “نداء الوطن”:

“تحبَل في الصين فتخلّف عندنا”، مثل سمعناه كثيراً في كل أزماتنا لكنه هذه المرة يتخذ معنى حرفياً، فالصين الحبلى بفيروس كورونا القاتل صدّرت إلينا الخشية من هذا الفيروس رغم طيب العلاقات بين البلدين. والخوف ليس من انتشار الفيروس بالهواء بل هو خوف على مولود آسيوي لنا تبنيناه منذ عقدين وتعلقنا به هو الـ”سوشي”، الذي عاد الى أصوله وصار في موقع اتهام مضطراً الى الدفاع عن نفسه بسلاح الليرة.

يحكى أن شاباً كان مغرما بصبية لكن الحال ضيقة والماديات “على القدّ”، فكان كلما أراد دعوة محبوبته إلى الغداء يعزمها على أكلة فلافل، على أساس المثل القائل “إذا كان ما باليد حيلة فالفلافل بتنقضى بفلوس قليلة” إلى أن أُتخمت الصبية وطلبت فسخ الخطوبة لأن “الفلافل عال بس مش عال عطول…”

اليوم الفلافل عال… تشهد أيام عزها وتتدلع وتتكبر بعد أن بات الـ”سوشي” منافساً لها يزاحمها على معدة الفقير وجيب الغني. الـ”سوشي” برستيج اللبنانيين الذي حل عندهم كصرعة في بداية الألفية الثالثة وصار وجوده كوجود القوات السورية سابقاً، “ضروري، شرعي و( غير) موقت “يعيش اليوم أزمة وجودية فرضها عليه ضيف ثقيل آت من الصين وشائعات كثيرة آتية من حيث لا نعلم. أزمة أنزلت الـ”سوشي” عن الرف، أنهت أيام عزه، كسرت هالته وجعلته يقارع الأكلات الشعبية. هو الكورونا فتك بالصين وأهلها وجاء شبحه ليفتك عندنا، بغير وجه حق، بما تبقى لنا من اقتصاد ومطاعم تعمل.

لم يدخل الكورونا الى لبنان، فوزير الصحة يترصده على المطار باجتهاد قلّ نظيره، ولم تسجل حالات مشبوهة بالفيروس القاتل، فلا قادمون عندنا من الصين، لكن الـ”سوشي” كان أول ضحايا الكورونا في لبنان والمطاعم وأصحابها أول المصابين.

الـ”سوشي” الذي بات من أكلاتنا التراثية المفضلة، ورمز الارتقاء على سلم ريختر الاجتماعي هو اليوم في خطر. اللبنانيون خائفون من تناوله، يخشون أن يخفي في ثناياه شيئاً من ذلك الفيروس، يتعاطون معه بحذر. فهل يستطيع اللبناني أن يحيا بلا “سوشي”؟ هل يمكن ان يعود الى زمن الكبة النية وسندويش الفلافل؟ وهل ما زال قادراً على تناول الفلافل بعد أن كاد سعر الدزينة يوازي سعر دزينة الـ”سوشي”؟ إذا احتسبنا الارتفاع الجنوني في سعر الحمص والفول والفاصوليا البلدية وهي مكونات الفلافل التي كادت تتفوق على سعر السمك والقريدس وتوابعهما!

نقابة أصحاب المطاعم والملاهي والباتيسري استدركت الأمر وطمأنت اللبنانيين الخائفين ان الفيروس لا ينتقل من حيوان ميت الى إنسان حي، بل ينتقل فقط من جهاز تنفسي الى جهاز تنفسي آخر وكل مكونات الأكلة المتهمة الآتية الى لبنان تخضع لرقابة قوية. لكن اللبناني الذي لم يعد يثق كثيراً بكلام المسؤولين لأي جهة انتموا ومن اي فئة مسؤولة كانوا، ما زال حائراً بين التصديق والعودة سعيداً الى أحضان الـ”سوشي”، وبين التأني والتأكد من سلامة أكلته المفضلة وخلوها من أي أثر للفيروس. لكن ما لا يعرفه اللبناني ان أكلة الـ”سوشي” اختفت من الصين مع اختفاء سلالة أباطرة منغ حوالى العام 1644، وأن المسافة التي تفصل الصين البلد المنكوب بالفيروس عن اليابان منشأ الـ”سوشي” وبلده هي أكثر من 3000 كلم، وأنه في المبدأ ليس هناك ما يخشاه من سمكة عبرت مئات آلاف الأميال لتصل إلينا وقضت هي وصحبها من قريدس وحنكليس وأخطبوط أياماً وأياماً في الثلاجات قبل أن تحط على موائدنا. وما لا يعرفه اللبناني ربما، او يغض النظر عنه، أن التلوث الذي يعيش فيه براً وبحراً و جوّاً يحمل أمراضاً وجراثيم وأوبئة قد تكون أشد فتكاً من الكورونا وامثاله.

وكأن ما فينا لا يكفينا حتى جاءت أخبار الكورونا لتضرب قطاعاً لبنانياً كان حتى الأمس القريب لا يزال يتحدى الأزمة الاقتصادية وشح السيولة ويقف في وجههما مترنحاً إنما صامداً. دق أصحاب مطاعم الـ”سوشي” ناقوس الخطر وأعلنوا حالة طوارئ تسويقية.

صاروا كالباعة المتجولين ينادون على اطباقهم بأعلى صوت: القطعة بألف، القطعة بألف والمية بخمسة وسبعين… العروضات مذهلة والأسعار بالأرض، زورونا تجدوا ما يسركم… فالأعمال شهدت تراجعاً ملحوظاً بفعل الخوف والحذر فكان لا بد من التحرك لتحريك سوق الـ”سوشي” من جديد. وعلى قاعدة “ما أطيب من البقلاوة إلا الخل ببلاش”، انهمرت العروض وعمل أصحاب المطاعم على تكسير الأسعار بشكل غير مسبوق حتى كاد الـ”سوشي” يصبح بالفعل أكلة الفقير وبالليرة كمان.



وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top