هل سنرى لبنان فعلا بلدا نفطيا؟ وهل سنستطيع الإستفادة من هذه الثروة وسط تباين الاراء حول هذا الملف الذي ما ان اعلن رئيس الجمهورية انضمام البلد رسميا الى نادي الدول النفطية حتى إشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات منها المؤيد ومنها المستهجن او المشكك ومنها المتهكم حول انجاز ليس وليد الساعة ولا يزال سمكا في بحر.
وفي الوقت الذي عبر فيه البعض عن فرحهم بهذا الاعلان وتمنوا ان يشكل بارقة امل لتخطي الظروف الصعبة التي نمر بها، سارع البعض الاخر الى تناقل صورة من الارشيف لصحيفة الجريدة عام 1953 وفيها عنوان عن تدشين رئيس الجمهورية يومها كميل شمعون لعمليات التنقيب عن البترول في البقاع وتأكيد من العلماء بوجود بترول في تربة لبنان، ورأوا ان الحديث عن انجاز اليوم سابق لاوانه.
يقول احد المتابعين لتاريخ التنقيب عن النفط في لبنان: “ان هذا الملف فتح خلال عهد الإنتداب الفرنسي عندما اصدر المفوض السامي هنري دوجوفنيل عام 1929 تشريعا للتنقيب عن مناجم النفط والمعادن، إلا أن عدم الإستقرار السياسي في البلاد، وصعوبة استخراجه في الماضي، كلها عوامل أخّرت عملية التنقيب والبحث”.
ويضيف المتابع: “ان العديد من الدراسات اجريت في هذا الاطار ابرزها دراسة لباحث فرنسي عام 1932 الى دراسة لجيولوجي اميركي عام 1955 فيما عمدت شركة نفط العراق عام 1946 الى الحفر في منطقة تربل الشمالية ليتم عام 1953 حفر بئر في البقاع الغربي من دون ان تستكمل هذه الاعمال”.
ويلفت الى انه “عام 1972 تبنى رئيس الجمهورية انذاك سليمان فرنجيه دراسة الدكتور في الجامعة الاميركية زياد بيضون، التي اعتبرت ان هناك احتمالا كبيرا لوجود اكثر من الفي متر من طبقات بحرية مناسبة لتكوّن النفط وتخزينه، وتمنى عليه وضع تصور كامل ومتكامل في هذا الاطار مع اصدار المرسوم الذي حمل الرقم 10095 بتاريخ 11 نيسان 1975 والذي اجاز لوزارة الصناعة والنفط اعادة النظر في امتيازات التنقيب عن النفط واستثمارها لمصلحة الدولة حيث تقدمت بعض الشركات الاجنبية بطلبات التنقيب، الا ان اندلاع الاحداث اللبنانية قضى على هذا الانجاز”.
ويكشف انه “لاحقا خضع هذا الملف الى المد والجزر حيث كانت هناك محاولات يتيمة لاستكمال العمل فيه الا انها كانت دائما تواجه بعراقيل رغم التأكيدات بان لبنان يمتلك مخزونا كبيرا”.
ويضيف: “لا شك في ان لبنان مع اعلان خطوة بدء التنقيب عن النفط دخل مرحلة مهمة قد تحوله الى دولة مصدرة للنفط ما قد يسمح بسداد الدين العام وتأمين الخدمات العامة واقامة المشاريع، انما يبقى السؤال حول كيفية التعامل مع هذه الثروة اذا وجدت في بلد يكتسحه الهدر وسوء التخطيط”، معتبرا ان “عمليات الحفر ستستغرق اكثر من شهرين لتبيان النتيجة فيما استخراج النفط قد يحتاج لسنوات”، متمنيا قبل “الاتكال على التنقيب على النفط لمعالجة ازمة البلد، المسارعة الى وضع خطة انقاذية قبل الانفجار الاجتماعي الذي قد لا يرحم احدا وقد يجرف في طريقه هذا الانجاز الذي ليس وليد الساعة والذي لطالما جرفته في وقت سابق التجاذبات السياسية والتطورات في لبنان والمنطقة.