2024- 04 - 19   |   بحث في الموقع  
logo مجلس بلدية هيتلا يستنكر الاعتداء على رئيس البلدية ويتهم القوى الأمنية بحماية الجاني logo "بحوافز مغرية"... بايدن يسعى لتطبيع العلاقات الإسرائيلية السعودية logo بالفيديو: إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في برج حمود logo "لا يمكن أن نقبل"... قاسم: سنواجه حتى لو أدى الأمر إلى أقصى ما يمكن logo الأمم المتحدة تستنكر “تعمد” تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمستشفيات غزة logo غوتيريش: حان الوقت لوقف دوامة الأعمال الانتقامية الخطيرة في الشرق الأوسط logo أسباب تلويح إيران بـ "تغيير العقيدة النووية" logo صور "تظهر" حجم الأضرار في القاعدة الإيرانية المستهدفة!
دعاء في زمن وباء متوحّش (جورج عبيد)
2020-03-18 18:09:27



في سفر الرؤيا ناداك يوحنّا الرؤيائيّ: "تعال ايها الرّب يسوع". متى تأتي يا سيّد لتحمل عبيدك بين يديك، لترفعهم إلى نصرك الكبير المحقّق بالأصل بقوّة القيامة وفعلها؟ كلّ مسيرتك ف كما رأيناها في الإنجيل، مواجهة المرض والموت في الجنس البشريّ، وزرع الصحّة والعافية في الأجساد المتحركة.



نحن نؤمن يا سيّد أنك مصدر للعافية والصحّة والشفاء، كما أنت مصدر للجمال والخير والحقّ. لست فقط المصدر، بل أنت هو الجمال والخير والحقّ المنكشف بارتفاعك الطوعيّ على الصليب، وأنت القيامة والحياة، وقد سطعت الحياة منك يا حياة الكلّ لمّا أقمت الموتى، وكان صديقك ألعازر قمّة الإقامات استباقًا لقيامات. ثمّ قمتّ انت من بعد موت، وأنت النور والمجد وقد سمحت لمن جاؤوا منك وولدوا من ضياء عينيك ليصيروا أنوارًا متلألئة تضيء الكون بالمحبّة والكلمة، وسمحت أن يكونوا الملح والخمير لعجين جديد، وأعطيتهم أن يندرجوا بظهورك في حياتهم، ليظهروا معك في المجد.
متى تأتي يا إلهنا الحبيب لتبيد فجور حكام يتحكّمون بالعالم ظلمًا واستبدادًا، ويواجهون الناس بطغيان الرؤى الشريرة اقتصاديًّا وماليًّا وغذائيًا ويحاربون بالأوبئة كما في الأسلحة بغية القتل وبطمع شرير مخيف؟ شعوب كثيرة سقطت في الفقر، أو هي في الأصل فقيرة، من أقاصي الأرض ومغاربها، لم يعمل الجبابرة الأقوياء على تنميتها ورفعها من سواد فقرها، وانتشالها من أنياب الجوع ومخالبه، وقيادتها نحو العلم والمعرفة لكي تنمو بجنى أياديها وإبداع المفكرين فيها، فكيف يا سيّد، وهي ترزح ودولها في قلب وباء مصطنع، لم يوفّر بين فقير وغنيّ، بين حاكم ومحكوم، بين سيّد ومسود، بين الأقوياء والضعفاء؟ هذا الكون أمسى حَجْرًا لكلّ شعوب الأرض من مختلف الجنسيات والثقافات والأديان والسياسات والحضارات فيما كان قرية مفتوحة سادتها العولمة بغثّها وسمينها، فكيف يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟ إنها قرية الفوضى الخلاّقة.



ما يعنيني يا ربّ في هذا الزمن الصعب والمخيف، أن أقول لك، بأننا أخطأنا وأثمنا وما وقفنا أمامك وما أطعنا أوامرك. لم نعرفك بالحبّ كما عرفتنا به، لم نفهم معنى الصليب وأنت بذلت نفسك حبًّا بشعبك. لم نقرأ أنك موجود في قلب التاريخ ولست محصورًا في الكتب، لم ندرك أنك حيّ في دنيانا ومطلّ بالوجوه وبكلّ حقّ ومواجه لكلّ ظلم. لم ندرس بأنّ كلّ ثورة حدثت وتحدث صرخة تمرّد وإباء من أجل الخير والبنيان ومن أجل سيادة العدالة، وأنت فيها صوت صارخ وهادر ضدّ الظلم والظالمين، ومواجه لهم كما واجهت بيلاطس وأمّة اليهود، بل العالم القديم كلّه. لقد وقعنا يا سيد في فخاخ أعداء منظورين وغير منظورين، كان الشيطان يحركهم والشرير لم يستكن بهم. ظنّنا بأنّ كل ما يلمع جميل، وكلّ ما يظهر من رؤى نافع، خدعتنا الليبراليات المشوّهة حتى شوّهتنا بهوياتنا وقيمنا وإيماننا، وصارت مدى لكلّ تفلّت مقيت ولوحة لفراغ وطيد. سكرنا بالحريّات الخالية من الأصالة والضوابط والأخلاق، وبتنا مترجحين بين تفلّت أعمى أو تعصّب أعمى بلغا كلاهما حدود الكفر والتكفير. تفلّتنا من تماسكنا الأسريّ، ونضبنا من ينابيع المحبّة، صار كلّ آخر جحيمًا لنا ولم يعد أيقونة لك أو مطلاًّ نلتمسك من خلالها. صارت حياتنا تشبه الأسطورة بنرجسيتها وسرياليتها في كثير من جوانبها، غرقنا في لجج الأمجاد الفارغة، سكرنا بها، بطرنا بأنظمتها وتقاليدها الجديدة، فرّطنا بمضمون وجودنا، بطل فينا التواضع، واختطفنا الكبرياء والجاه التافه. أين المتفاخرون بأعراس كلّفت ملايين الدولارات فيما الفقراء كانوا يأكلون بقولاً؟ أين أصحاب القصور الفخمة؟ أين المقتنون للسيارات الحديثة العظيمة؟ أين المزدرون بالضعفاء؟ أين المترفون بالرقيّ الماديّ والفارغون من رقيّ روحيّ وأخلاقيّ، أو المترفون بأزمنة يظنون يشترونها برأسمال متوحّش؟ لقد وحّدتهم تلك المضيبة الدهماء، بل وحّدتنا جميعًا في الخوف، في الألم، في الهلع. حبّذا لو وحّدتنا المحبّة، محبتنا لبعضنا البعض ومحبتنا لك يا رب كما المصيبة وحّدتنا. حبّذا لو وحّدتنا وحدتنا الأسريّة كما المصيبة وحّدتنا؟ حبّذا لو وحّدنا وطننا أو توحّدنا من أجل بنيانه كما المصيبة وحدتنا؟ حبذا لو الحريّة المسؤولة وحّدتنا كما المصيبة وحدتنا؟ لماذا ربي المصيبة توحد، والخير لا يوحّد، والحقّ لا يوحّد والجمال لا يوحّد؟ لماذا نكره وحدتنا في الخير والحقّ، ونستلذّها في الفساد ونرتضيها في المصائب والنوائب، ونستعذبها في منظومة المصالح حت لو حملت بالشكل عداءً وتنافرًا وكذبًا ودجلاً، وتدربنا بهذا الإطار على المحاباة وليس على المحبّة؟ أليس لأننا نحيا على هامش الوجود الكامل؟ أليس لأنّ كل واحد يرى نفسه ذئبًا للآخر، ويرى الآخر جحيمًا له؟ وبعد ألا يفترض هذا الشعور وبعد نائبة الكورونا أن نلجأ إلى عدلك يا رب ليكون فينا وبيننا سلام وسلامة وأمن وحقّ؟



نحن أخطأنا ربّي لأننا نكره أنفسنا ونكره بعضنا، وكلّ هذا، لأننا كرهناك ولم نحبّك كما أنت أحببتنا. ليس المهمّ أن نلجأ إلى الكنائس ونقول يا رب يا ربّ، بل الأهم أن نلجأ إلى الكنائس بقلوب نقيّة وخاشعة، ويقول كلّ منّا إرحمني يا رب أنا الخاطئ. ليس المهم أن نذهب لنلتقي ببعضنا والداخل قبر مملوء عظامًا، بل الأهم أن نذهب ونمتلئ بك ونحيا بقداستك ونصير قديسين كما أنت قدوس. ليس المهم أن أدخل إلى قدس الأقداس والداخل ليل، بل الأهمّ أن أدخل ليصير داخلي قدس الأقداس أي فردوسًا ونورًا.



هذا يا ربّ أوان توبة في هذا الزمن الرديء والصعب فامنحنا إياه لنغليه. هذا الوباء أنت طارده بحبّك لنا ولنا الثقة بذلك، لأنك تأبى موت الجبلة البشريّة، أنا على ثقة أنك ستحررنا منه وتقتله بأياد علماء يملكون الضمير الحيّ وبرحمة منك، لنحيا بك ولك وليتمجد اسمك القدوس. أنا واثق أنك ستعيدنا إلى الكنائس لنستقبلك من البشارة إلى الشعانين وننطلق معك في الرحلة إلى الجلجلة والقيامة، ونحن فيها الآن فعليًّا، ونحيا في هياكلك إلى الأبد. لقد سمحت بأن نعيش في ظل هذا الوباء لنتذكّر جلجلتك ونفهم ينابيع المحبة الفائضة من آلامك العظيمة والرهيبة، لقد سمحت بأن نعيش جلجلة الوباء حتى في الكنيسة ليفهم أمراؤها الكاثوليك والأرثوذكس أنهم على ضلال في استبقاء الانشقاقات قائمة، وأنك تريد وحدة كاملة لها ضمن مبدأ التنوّع الطقوسيّ، لقد سمحت بأن نعيشها لنتذكّر بأن جسدك المتألّم والنورانيّ بقوة القيامة غير مديد للتمزّق بل للتكامل، لقد سمحت بأن نعيشها لنفهم قيمة الصليب ومعناه في حياتنا... لكنّك ستسمح بأن نعود إليك في لحظة من رضاك بعد طول انتظار وانقطاع عن ينابيعك العذبة والمنسابة إلى القلوب والعقول، ستسمح بأن تمتلئ كنائسك بشعبك المؤمن ليفهم أنك أنت الخلاص ومن بعدك ليس من خلاص. لقد سمحت بتلك التجربة لتمتحن إخلاصنا، وتكشف ما في قلوبنا، وتبيّن وفاءنا وأنت في هذه اللحظة من يحتاج إلينا وليس فقط نحن لتعيد إليها الصفاء بالشفاء، والبهاء بالضياء.



ستسمح بأن نعود إليك لأنك تحبّنا... فقط لأنك تحبّنا وتعلم يا ربّ أني أحبّك وكثيرون مثلي يحبونك، لأنك المحبة والسعة الكبرى والجود الكامل والرحمة الواسعة والسلام للجميع، وقد ترجمت كلّ ذلك لحظة تألمت عنّا مرّة، ولا تزال تتألّم عنّا بأوجاعنا بأمراضنا بعاهاتنا بحروبنا بنكراننا لحقيقتنا بازدرائنا بقيمنا بجحودنا لإنجيلنا وبظلمنا لكلّ آخر. أنا وكثيرون نحبّك ربّي لأنك تحمل لنا كلّ السموّ والرفعة والرضى بأقصى المعاني، ولأنك لا تزال حيًّا بنا تخاطبنا وتنقذنا من الوهدات مع كل السجدات، لا نأتي إليك سجّدًا من خوف، بل نأتي إليك سجّدًا بتسليم لحبّ كبير ترجمته دمًا على خشبة، لا يزال يسري في عروقنا ويطهرنا من آثامنا ويشفينا من أمراضنا.



هبنا ربي توبة حقيقيّة، واشف من أصيب بهذا الوباء، وكن عزاء ذويّ وعائلات من رقدوا بسببه. هؤلاء جمعيهم شهداء الشرّ، شهداء الأشرار في هذا العالم. هبنا في صيامنا أن تكون خبزنا النازل من السماء فلا نجزع من أن نتناولك من الكأس الريان شفاء لأوجاع نفوسنا وأجسادنا، هبنا أن نتحضّر لعيد البشارة بك، فيحمل إلينا بشرى نهاية الوباء، ونتوثّب من خلاله إلى الشعانين والأسبوع العظيم المقدّس ليكون فينا سلام بدخولك من جديد إلى أوطاننا وعيشك معنا وبخاصّة في هذا المشرق الذي رضيته جسدًا ومدى لك. أعطنا أن نشفى بآلامك، إذ بآلامك نلنا كلّ شفاء ونجونا من الفساد، لنستحقّ قيامتك حياة لنا بعد طول مكوث لهذا الوباء فينا. ليكن هذا الموسم موسم توبة وخلاص وتجديد للإيمان الحقّ بك.
أيها الرب يسوع تعال، واسمح لنا بأن نراك.
آمين.



التيار الوطني الحر



كلمات دلالية:  يا بأن هذا كما رب وح لقد الوباء
ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top