2024- 04 - 25   |   بحث في الموقع  
logo في يارون..من استهدف العدو الإسرائيليّ؟ logo تكتّل “التوافق الوطنيّ” إلتقى فرونتسكا في دارة كرامي logo “اللقاء الديموقراطي” تقدّم باقترح قانون معجّل مكرّر للتمديد للبلديّات حتى هذا التاريخ logo الدول الأكثر تلوثا في العالم.. في اي مرتبة حل لبنان؟ logo أسئلةٌ من أبو زيد الى "من يتذاكى ويتباكى على موقف التيار"! logo 200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب ويكشف حقيقة جبران! logo "لم نقم بحملة جدية على الأرض"... نقدٌ ذاتي من عبد المسيح! logo غارات جوية "تستهدف" اطراف بلدتي حلتا وكفرشوبا (صورة)
لسنا بحاجة لعطايا مارقة وملغومة بل لحقّ عادل (بقلم جورج عبيد)
2020-03-26 10:11:24



قدّمت جمعيّة المصارف في لبنان برئاسة الدكتور سليم صفير إلى رئيس الحكومة الدكتور حسّان دياب مبلغًا قدره خمسة ملايين دولارًا اميركيًّا لمساعدة المنكوبين من وباء الكورونا. لقد جاءت التقدمة كمكرمة طيبة ومباركة تعبّر عن تضامن القطاع المصرفيّ مع اللبنانيين في هذا الزمن العصيب، وعن واجب يفترض أن يستكمله جميع الأثرياء والمقتدرين في احتضان من سرّحوا من مؤسساتهم وأعمالهم وأمسوا أسرى الحجر والفاقة في آن.
 
وعلى الرغم من القفزة الإنسانيّة التي ارتضتها جمعيّة المصارف مشكورة، إلاّ أنّ هذا لا يعفينا، وفي الزمن الصعب، من مساءلتها عن أموال المودعين، وأسباب انحجابها، ولا يعفينا أيضًا، وفي الزمن الصعب، من مساءلتها عن سبب إقفال أبواب المصارف وفي وقت اللبنانيون هم أحوج ما يكونون فيه إلى أموالهم ليكملوا حياتهم. كما لا تعفينا تلك المكرمة من توجيه سؤال واضح لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لماذا لم يلتزم الصرّافون بما أنت بالذات ألزمتهم به في تعميمك الأخير بأن يكون سعر صرف الدولار ثابتًا على ال1950 ل.ل، ليبلغ نحو 2750 ل.ل؟ أليس لسعادتك من تفسير وتبرير أو تعليل لهذا "العصيان" في أصعب لحظة يعيشها اللبنانيون؟، ولا نعرف ما إذا كان هؤلاء عاصين عليك، أو أنت غاضّ النظر عنهم؟
 
في ذروة الكوارث والمآسي، تكون الوحدة المجتمعيّة والمؤسسيّة والوطنيّة رحمًا لاتّلاد قوّة المواجهة وتثبيتها وترسيخها على كلّ المستويات. إلاّ المجتمع اللبنانيّ حيث بعضهم يصرّ على الاستمرار في المواجهات الخفيّة للعهد والحكومة من ضمن منظومة أوصلت لبنان إلى تلك الكارثة وهي تحاول أن تتموضع من جديد في هذا السياق خفية لكي لا ترمقها العين الساهرة، وتضيء عليها المصابيح المنتظرة فوق منارات الحقيقة. لا تزال المواجهة مع منظومة تتلطّى خلف المصارف والقوى الماليّة المهيمنة، علّها بميكانيزم الضغط الذي تمارسه، وبشدّة الآن، وباستغلال لسلطنة الكوفيد 19 على حياتنا، تعيد خلط الأوراق، متناسية بأنّ الهيكل الكونيّ كلّه قد آل إلى السقوط بعد تبيان هشاشته ومعطوبيّته أمام فيروس غير منظور.
ليس معظم اللبنانيين متحسسون لما يحدث بخلفياته وتداعياته حتى يبنوا على الشيء المقتضى. وليس كلّ عطاء يعبّر عن سخاء القلب وطراوة الروح وكبر نفس وبهاء حضور بقدر ما يكشف عن محاولات الاحتجاب الموبوءة حتى الهروب من كلّ حساب. كثيرون ارتقبوا أن يلتفّ اصحاب المصارف والصرافون ورجال الأعمال والأثرياء المحيطون بالدولة والمؤثّرون بالقرار على تلك المأساة العاصفة بلبنان والمهيمنة على العالم بحلّ جذريّ لا يسعون إليه، لأن السعي لم يعد مطلوبًا بل ينحتونه نحتًا. اللبنانيون المكتوون بأزمة الكورونا والمحجور عليهم في بيوتهم والمصروفون من أعمالهم والمحرومون من أموالهم والذين لم يقبضوا رواتبهم لا يحتاجون إلى صدقة ترمى لهم بشفقة. فكل شفقة استعلاء، كما كتب المطران جورج خضر، بل يحتاجون إلى الحقّ العادل، والحقّ العادل يترجم ويتجسّد، بأن يتفضلّ كلّ من أثرى على حساب اللبنانيين بإعادة الأموال التي جناها على حساب الدولة. لا يحتاج أحد إلى صدقة يتبرّع بها زعيم من الزعماء كمثل 500 ألف دولار أميركيّ فيما هو يملك المليارات، في طرابلس العاصمة الثانية للبنان أثرياء كثر يعتبرون من الكبار الكبار، فلماذا لا يساهمون ببناء مستشفى أو إعلاء شأن الأحياء الفقيرة كباب التبانة أو جبل محسن، لماذا الأثرياء يستطيبون وجود فقراء في الأحياء المجاورة لقصورهم ودورهم، وبعضهم نعلم كيف جنى الثروات؟ كيف يحدث أن نبقى صامتين عن السرقات المجانيّة، ووباء الكورونا يمنع الناس من العمل والحركة والتفاعل في الحياة وبعثها على كلّ المستويات؟
 
كيف يمكن أن نقبل بفوضى سعر صرف الدولار عند السواد الأعظم من الصرّافين، وبأيّ حقّ وعدل يسعّرون، ما هي مقاييس التسعير ومعاييرها عندهم؟ لماذا لا يؤتى بنقيب الصرافين ورئيس جمعية المصارف في لبنان وحاكم مصرف لبنان والمسؤولين عن سائر القطاعات، ويطلب إليهم في هذا الزمن:
 
1-أعادة الأموال التي هرّبوها، في ليلة غير مقمرة، إلى اللبنانيين لكونها ملكهم ومن تعبهم، ولأنهم سيحتاجون إليها في هذا الزمن حتى لا تفترسهم الفاقة وينفيهم الجوع إلى عالم الشهادة. إعادة الأموال الآن مطلب ملحّ وضروريّ ولا يمكن لأحد أن يهرب منه. في هذا الإطار يجب وضع المصارف تحت طائلة المحاسبة القانونيّة ومن يخالف فليحاكم بغرامة هائلة وسجن تحدده المحكمة.
2-معرفة الأسباب التي حدت بالمصارف ببيع السندات إلى الخارج وتحديدًا إلى صندوق معروف بأنّه يحوي كلّ وساخات العالم الماليّة، وهو صندوق أشمور، وهويته إلى الآن مجهولة وإن تبيّن بأن نشأته سعوديّة؟ أليس من حقّ الناس ان تعلم اسباب اتخاذ المصارف هذه التدابير. نذكّر بأنّ الخمسة ملايين دولار هبة من جمعية المصارف لا يفترض أن تثني المعنيين عن البحث. والطلب بفتح المصارف وعدم إغلاقها من اجل تسهيل أمور اللبنانيين، فالإغلاق يخشى أن يكون مشبوهًا.
 
3-إيقاف اللعب بسعر صرف الدولار، وإصدار أوامر صارمة من قبل الدولة اللبنانية عبر حاكم مصرف لبنان بتفعيل التعميم الذي اصدره تحت طائلة المسؤولية القانونيّة، وإذا أمكن تثبيت سعر صرف الدولار على 1800 ليرة لينانيّة أو إعادته إلى ما كان عليه 1500 ل.ل. يخشى اللبنانيون عدا عن رعبهم من الكورونا من بلوغ الدولار ال3000 ليرة لبنانيّة. لا يسوغ إبقاء الوضع على ما هو عليه، لأنه سيدني الجميع نحو كارثة اجتماعية وسياسيّة تضاف إلى كارثة الكورونا الكونيّة والتي تجتاحنا في لبنان. المعلومات تقول بأن الصرّافين يتصرّفون بلا روادع قانونية، وعدم التزامهم بتعميم حاكم مصرف لبنان يقابل برخاء من الحاكم نفسه ومن وزارة الاقتصاد التي يفترض بوزيرها الذي نحترم أن يظهر قوّة وحزمًا وحسمًا في مواجهة هذا التفلّت غير المبرّر على الإطلاق من قبل الصرّافين وفي لحظات قاسية وقاتلة في آن.
 
4-ضبط أسعار السلع الاستهلاكيّة وبالتحديد أسعار المواد الغذائيّة، فضلاً عن ضبط أسعار الأدوية في لبنان. اللبنانيون بمعظمهم يكتوون من وحش الغلاء الفاحش، وبعض المحلاّت وبحسب معلومات واردة تعمد على خزن المواد في المخازن وعدم طرحها للبيع. القضيّة، وبعبئها، ملقاة على الحكومة، وبخاصّة، على وزيريّ الاقتصاد والصحة فيما خصّ الأدوية. لقد تبيّن في هذه اللحظات الصعبة التي نمرّ فيها خلوّ عدد من التجار من الضمير والأخلاق، وهؤلاء يفتترض ان يحاسبوا وبقسوة فيما جهات عديدة تعمد على مساعدة الناس غذائيًّا في لحظات الحجر في المنازل.
 
5-الفرض على الأثرياء، لا سيّما اولئك الذين اثروا على حساب الناس والخزينة، إعادة الأموال أو بعضها إلى خزينة الدولة، ليس بشكل عطايا ملغومة بل باعتراف بأنها حقّ الناس وحبًّا بالله الفاحص القلوب والكلى. في هذا الجوّ ليس من احد يتظلّل الخيام ولا الخيام قادرة على حمايته أو وقايته. الجميع معرّضون لهذا الوباء الخطير. إعادة الأموال أو جزئها يقينا من التسوّل من الخارج، وهذه المرّة، وبالحقّ العادل، تحت طائلة المسؤوليّة القانونيّة. هل يعقل أن نقبل بأن تهرّب الضرائب العائدة لحصر الإرث عن ورثة الرئيس رفيق الحريري عن خزينة الدولة فيما في مفروضة على سائر الناس؟ هذا سؤال مطروح بجديّة على المسؤولين كلّهم، فيما هم لم يقدّموا شيئًا للبنانيين في ظلّ تلك الأزمة الخطيرة الجاثمة على صدورنا أجمعين.
 
لا يحتاج اللبنانيون إلى عطايا أو هبات يخفي أصحابها نياتهم وأفعالهم، بل يحتاجون إلى ضمير نقيّ يعيد إليهم حقوقهم. 
 
وفي هذا المجال، لا بدّ من الإضاءة على إطلالة فخامة الرئيس العماد ميشال عون الأخيرة على الجسم الطبيّ في مستشفى بيروت الجامعي أو رفيق الحريري الجامعي، وعلى الصليب الأحمر اللبنانيّ. يثبت فخامته دومًا أنّه موجود في ذروة اللحظات قسوة لينديّ القلوب ويشددها بكلمات تعبّر عن المحبة المجانيّة الحقيقيّة كما وصفها الأب ألكسندر شميمن. إنّ الجسم الطبيّ في لبنان وبخاصة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي ورئيسه الدكتور فراس الأبيض، مع جسم الممرضين والممرّضات أثبتوا أننا لا نزال في لبنان أبناء المحبّة، والمحبة أقوى من كلّ داء بل هي الدواء (بأل التعريف) قبل أي دواء آخر لأنها تشفي النفس قبل الجسد. لقد كلّفت مواجهة الكورونا فيروس منهم الكثير، وبعضهم قد أصيب به بسبب انتقال العدوى إليه، وهم من تركوا أهاليهم وعائلاتهم ليكونوا إلى جانب كل مريض بهذا الفيروس.
 
وختامًا وبعيدًا عن أي تسييس. نشكر الله دائمًا على أننا عدنا إلى مبدأ العونة التي هي من تراثنا الأصيل في لبنان. ثمّة رعايا وفي عدد من الأبرشيات المسيحيّة المارونيّة والأرثوذكسيّة والكاثوليكيّة والأرمنيّة والسريانيّة، فضلاً عن جهات ووسائل إعلاميّة بدأت تتطوّع للمواجهة بالتعاطف مع المحجورين في البيوت. كل مال يبذل وفي هذه اللحظات وبعيدًا عن الاستعراضات والدعايات، وبصمت هادئ، يبذل القلب النابض معه أمام وجه الله المكنون في كلّ محجور أو مريض أو فقير. الله يرى الجميع بحبّه وعطفه وكرمه، وسنثبت أننا أمّة المحبّة وأمة الله الواحد الذي لا يتمزّق بصراع جهالاتنا. إنّ مشروع "لبنان مركز أكاديميّ دوليّ للحوار والإنسان" ليس فكرة تحققت بفضل فخامة الرئيس، بل حقيقة ستتجسّد وستثمر بمحبتنا لبعضنا متجاوزين كلّ خلاف، وسيتعلّم العالم بأنّ القيم اللبنانيّة والمشرقيّة تبقى جوهر الوجود وأعمدة التكوين الجديد، لعالم يرنو نحو العدل والخير والسلام.
 


التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top