2024- 03 - 29   |   بحث في الموقع  
logo 3 شهداء لـ”حزب الله” اليوم logo الرفاعي: المقاومة قادرة على مواصلة المعركة لأكثر من سنة logo إضرابات الفلسطينيين مستمرة ضد سياسة الأونروا: عودة إلى الأصول logo شادي السيد: طرابلس بلا دفاع مدني وجهاز إطفاء فمن المسؤول في حال وقوع كارثة؟ logo "تهديد جاد للسلام"... إيران تدين الهجوم الإسرائيلي على حلب! logo بمزيد من الفخر والإعتزاز... حزب الله "يزفّ" 3 شهداء logo هاشمية يقطع الطريق على مخزومي وشقير logo "فصول من يوميات الأزمنة الراهنة" لـنديم كرم...عنف التاريخ وثقله
اتحادان فاسدان يطوقان العهد والحكومة (بقلم جورج عبيد)
2020-04-02 14:09:22



تحت ستار الفيروس التاجيّ ووشاحه تتحرّك قوى سياسيّة باتساع كبير، بالترابط مع المصارف والتحالف الجذريّ معها، من أجل اكتمال عناصر تطويق العهد برئاسة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون بمحاولة شلّ أعمال الحكومة برئاسة رئيسها الدكتور حسّان دياب. ينطلق حراك هؤلاء بتوزيع أدوار محكَم وواضح، منها ما هو بنيويّ ومنها ما هو متبادل، بين اتحاد رباعيّ عاد واكتمل "بدره" بظنّ واضح أنهم يملكون القدرة لخوض معركة الرئاسة، ودعم أحد أركانه ، واتحاد ثلاثيّ مكتمل "بدره" في الأصل بظنّ آخر بأنّه يملك القدرة على دعم أحد أركانه. الاتحادان يفترقان بالطموح كما هو ظاهر في الشكل، ويتوحدان في المضمون، أي شلّ العهد، ومحاولة قطع الطريق على ترشيح جبران باسيل لرئاسة الجمهوريّة اللبنانيّة.
يتألّف الاتحاد الرباعيّ من رئيس المجلس النيابيّ نبيه برّي والرئيس السابق سعد الحريري والنائبين السابقين وليد جنبلاط وسليمان فرنجيّة وهو مرشّحه، ويتألّف الاتحاد الثلاثيّ كما هو معروف من رئيس جمعية المصارف سليم صفير والسيد ميشال مكتّف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وهو مرشّحه. تقول المعلومات، بأنّ اللقاء بين الاتحادين، لم يتوقّف يومًا، والتلاقح الفكريّ-السياسيّ ضمن هذا المعطى وارد. الجدير ذكره، وضمن حراك الاتحاد الرباعيّ، بأنّ الرئيس نبيه برّي يودّ كثيرًا سليمان فرنجيّة، حتمًا أكثر من ودّه لسمير جعجع، كما يجمع الرئيس برّي بالرئيس الحريري تاريخ موروث منذ أيام أبي بهاء، رسّخته الثلاثيّة المهيمنة آنذاك على لبنان المؤلّفة من عبد الحليم خدّام الذي توفي أمس الأوّل، وحكمت الشهابيّ وغازي كنعان، ويجمع نبيه برّي بوليد جنبلاط تاريخ مشترك بني في البدء على الصراع ثمّ ترسّخت الصداقة بينهما وبقوّة. وقد جمعنهم فيما بعد الحريريّة السياسيّة المقتسمة لخيرات لبنان، فأثروا على حساب اللبنانيين، وأمسوا من أصحاب المليارات بالاحتكارات والصفقات والسمسرات، وقد نما التحالف مع أشدّه مع صفوة خاصّة من رجال الأعمال والمصارف كانوا الواعاء الحاضن للحريريّة السياسيّة بجميع أركانها، من دون أن ننسى بأن رياض سلامة صنيعتهم.
ما الذي في الجوهر يجمع الاتحاد الرباعي، والاتحاد الثلاثيّ في الزمن الراهن أيضًا كإضافة لما ذكرناه؟
1-سوء العلاقة بسوريا أو فتوره. هنا لا بدّ من التبيان بأنّ الرئيس نبيه برّي لم تكن علاقته مع سوريا على الإطلاق كيانيّة ووجوديّة كما هي علاقة حزب الله بها. بل كانت علاقة نفعيّة وتكسبيّة سطّرتها وكثّفتها مصالحهمستفيدًا من الغطاء المؤمّن له إلى جانب رفيق الحريري ووليد جنبلاط. استغلّ هذا الثلاثيّ التغطية فتحوّل إلى مثلّث متكلّم وموجّه باسمها، وغالبًا ما كان يمارس لغة الابتزاز باسم سوريا، لا سيّما مع الرئيس السابق العماد إميل لحود مذ كان قائدًا للجيش، وكان لحود بدوره ينتفض بقوّة على ضغوطهم وباتزازهم باحترام كامل لنفسه ولعلاقته الراقية بسوريا وحفاظًا على كرامة عهده ووطنه. بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وما رافق ذلك من أحداث حتى سنة 2011، كان الرئيس برّي يجاهر بأنّ الحلّ اللبنانيّ يؤمنّه التوافق السوريّ-السعوديّ، والتوافق السعوديّ-الإيرانيّ، الذي لم يحدث ولم يتأمّن لكون التوافق تحوّل إلى افتراق واحتراب. وما أن اندلعت الحرب في سوريا وعليها وبلغت ذروتها، حتى انكفأ برّي عنها من دون إصدار مواقف لا سلبيّة ولا إيجابيّة. لم ينسَ السوريون ولم يغفروا له هذا الترك بوصوله إلى هذا الدرك. وكانت مسالة هنيبعل القذّافي ذروة هذا الدرك. كذلك فإنّ وليد جنبلاط نال الدعم من السوريين وهم مصدر زعامته وقوّته حتى انقلب عليهم، وسعد الحريري سنة 2010 برّأ الرئيس بشار الأسد من دم أبيه ليتوغّل حتى العظم بالحرب على سوريا فيما بعد، وسليمان فرنجيّة، الذي جاهر أكثر من مرّة بعلاقته مع سوريا، وبصداقته المتينة مع الرئيس بشار الأسد حتى ظهرت علاقته بسوريا رجراجة، وابتلع الفتور والصمت العلاقة الشخصيّة مع الرئيس بشار الأسد. نستخلص هنا أنّ البعاد والعداء لسوريا يجمع هؤلاء ببعضهم ضمن حسابات مشتركة من دون إلغاء للحسابات الخاصة بهم.
2-عداؤهم المشترك للعماد ميشال عون قبل الرئاسة وديمومته في لحظات الرئاسة على الرغم من بعض التفاهمات التي حدثت في عدد من المحطات. سبب العداء الجوهريّ معه معرفته العميقة بأدوارهم ووظائفهم وممارساتهم، ونضاله في مراحل ما قبل الرئاسة لاستعادة للدور المسيحيّ السليب منهم، وإعادة انتظام الحياة السياسيّة بالشراكة الميثاقيّة المتوازنة، أو ما سمي بالديمقراطيّة التشاركيّة، وتطهير الدولة بمؤسّساتها من ثقافة الصفقات والسمسرات التي رسّخوها والعمل على استعادة الأموال المنهوبة. فلم يعد القرار المسيحيّ مطواعًا لهم ولتحالفاتهم ومصالحهم، سيّما مع الثلاثيّ الحريري برّي جنبلاط. هنا نلحظ بأنّ تردّي العلاقة بين الرئيس عون وسليمان فرنجيّة مردّه إلى أنّ الأخير كشف نفسه بالشكل ودودًا له قريبًا منه. وللأمانة، فإنّ العماد ميشال عون، وقف معه وقفة الرجال، سنة 2005 حينما كانت السهام مصوّبة عليه بعيد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وفور عودته عمل على مصالحته مع الرئيس عمر كرامي، وتعاطى معه كوالد محبّ على غرار التعاطي مع الرئيس سعد الحريري خلال الرئاسة لحظة استدعي إلى السعوديّة. ما جمع هؤلاء بوجه عون قبل الرئاسة رفضهم له قبل الرئاسة ولمّا يزل مفعوله سائدًا وسائرًا. تاق هؤلاء لرئيس مشابه للرئيس السابق ميشال سليمان، ليكون شريكًا لهم ومعهم بمنظومة المصالح النتنة. وهم عارفون بل العارفون (مع الّ التعريف)، بأنّ ميشال عون كاشف أو الكاشف (مع أل التعريف أيضًا) للأعماق. ولا ينسى من تابع الانتخابات الرئاسية في 31 تشرين الأوّل سنة 2016، كيف حاول الرئيس برّي التصدّي لها بمحاولة إفقاده النصاب. وتروي شخصيّة عارفة، بأن برّي أعطى لجماعته كلمة السرّ، مفادها أنه مع إغلاق الأبواب يخرجون توًّا، بهدف عرقلة الانتخاب. اكتشف النائب محمد رعد المثلبة، فصعد إلى المنصة على مرأى من الجميع وقال له بالحرف الواحد: "دولة الرئيس لهون وبس". فما كان من برّي سوى أن فهم الرسالة... حصلت الانتخابات، وقال كلمته الشهيرة، لقد وصل ولكنّنا لن ندعه يحكم. كان همّ برّي ان يبقى على سدّة رئاسة المجلس، وألاّ يفقد حدود تمثيله للوجدان الشيعيّ، مثلما كان همّ الحريري أن يصل إلى سدّة رئاسة الحكومة، وهمّ جنبلاط أن يبقى زعيمًا على دروز لبنان. تلك الهموم هي الجامعة وهي التي جعلتهم يرضخون تدريجيًّا للنتائج، ولكنّها لم تلغ عندهم العداوة المطلقة مع ميشال عون. 
هاكم مثال على ذلك، وهو انعقاد القمّة العربيّة الاقتصاديّة في بيروت، عمل الرئيس برّي على تطويق رئيس الجمهوريّة ميشال عون تحت ستار دعوة ليبيا، ثمّ حاول في لحظة من اللحظات مداهنة سوريا ليس حبًّا بها، بل لتحريضها على الرئيس العماد تحت ستار عدم دعوتها إلى القمّة في لبنان، مهدّدًا بابتزاز باسم سوريا ليظهر بعد حين وعلى هذا الموقع بالذات موقف واضح للرئيس بشّار الأسدن نقله زوّار له،  أعلن فيه بأنّه والرئيس عون واحد ولا مشكلة، معربًا عن تقديره للعماد عون في وقفته إلى جانب سوريا خلال الحرب عليها، متسائلاً أين كان بعض من كانوا حلفاء لنا حين وقف الرئيس عون إلى جانبنا؟ لقد وقف نبيه برّي إلى جانب جنبلاط في مسألة قبرشمون كما الحريري، وقد حاول أكثر من مرّة التمسّك بالحريري للوصول إلى رئاسة الحكومة، كانت قمّتها بعيد تقديم استقالته، (لم ينسَ أحد لبن العصفور) على إثر حراك 17 تشرين الأوّل من سنة 2019. وعلى عكس ما ظنّ بعضهم، فهو لم يستمرئ على الإطلاق الدكتور حسّان دياب، الآتي من عالم الأكاديميا، والناصع بتوجهاته وأخلاقه، والواضح بتوجهاته. ويجاري سعد الحريري في عدم استمرائه. وفي معركة تعيينات نواب الحاكم يظهر بقوّة داعمًا لسليمان فرنجيّة في مطالبته بأن يكون له ممثلان، ويمارس إطلاق السهام على الحكومة في ملفين، مهدّدًا بخروجه إلى جانب وزيريّ تيار المردة منها. لم يمارس نبيه برّي أسلوبًا مماثلاً لهذا منذ ثلاثة وثلاثين عامًا، لم يهدّد مرّة واحدة بالاستقالة من الحكومات السابقة في أكثر الملفّات حماوة وسخونة، إلاّ في تلك الحكومة، فهل هذا من قبيل الصدفة أو التدبير؟
3-العداوة المبطّنة والمستترة مع حزب الله أو الخشية منه، أو ربما "الوفاء المزيّف"، صفات جمعت ما بين أعضاء الاتحاد الرباعيّ، ومحفّزة من جهة للمهادنة حينًا ولإطلاق النار بالمعنى السياسيّ حينًا آخر وحيث تدعو الحاجة. على العموم أعضاء هذا الاتحاد يمارسون "التقيّة" معه بنسب مختلفة. حتى لا ينفجر الوضع بنيويًّا أو مناطقيَّا أو مذهبيًّا. من أسباب العداوة والخشية، أن الحزب يملك مشروعًا لا يستطيع هؤلاء احتمال ثقله عليهم. فهو أكبر من أحجامهم، ويبطل أدوارهم، لا سيّما في ظلّ التحديّات التي يفرضها عالم ما بعد الكورونا فيروس، ومع التداعيات التي ستتأتّى من جرّاء التبدّلات في مكوّنات النظام العالميّ تكوينه. لقد بات واضحًا أن الرئيسين برّي والحريريّ، والنائبين السابقين جنبلاط وفرنجيّة، أمسوا قياسًا للخيارات المتوقّعة من الماضي، وإذرع الآحادية القطبيّة ستلوى بميكانيزم تلك التحوّلات. المثلّث الثابت والواضح خلف الآفاق في المدى المشرقيّ، هو: الرئيس بشار الأسد، الرئيس ميشال عون، السيد حسن نصرالله. هذا المثلّث هو المعطى الاستراتيجيّ، وفيه تكمن كلّ الرؤى. الاتحاد الرباعيّ، متهّيب لتلاحم ذلك المثلّث الكبير، الممدود من لبنان إلى سوريا إلى العراق وفلسطين والأردن، ومتيقّن بأنّ العمارة المشرقيّة ستبنى على العقد اللبنانيّ-السوريّ، المتجسد بوحدة هذا المثلّث وطبيعة انوجاده في معظم القضايا، والمطلّ على فلسطين بجدتها وبهائها.
على هذا فإن الاتحاد الرباعيّ يخوض معركته الأخيرة في هذا الزمن ضدّ العهد، ويحاول أن يصيب بها سوريا وحزب الله. ويتكّل على الثلاثيّ الماليّ وعلى معظم القطاعات، وعلى بعض من أفرزتهم الولايات الأميركيّة المتحدة لاستمرار تطويق العهد ماليًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا، مستغلّين مسألة التعيينات بها حتى تيتم التداخل من جديد مع بنية الدولة الماليّة واستهلاكها في سبيل استمرارهم واستمرار مصالحهم.
من هنا تنصح جهات عديدة رئيس الحكومة الدكتور حسّان دياب بعدم الاستجابة لهم. فمن شاء أن يستقيل فليستقل. فماذا ستقدّم الاستقالة من قيم، هل سيتجاسرون من جديد على الشغب؟ هذان سؤالان مطروحان للقراءة والفهم. هذه الحكومة ستعلو أكثر فأكثر كلّما بعدت عن هذا الاتحاد الرباعيّ المحرّك للاتحاد الثلاثيّ الماليّ، وسيصبح إنتاجها متطورًا خاليًا من المحاباة والمراعاة، وستتمكّن من الاتحاد الثلاثيّ الماليّ، كلّما أبعدت فساد هؤلاء عن طبيعة عملها وجوهرها. كلّما ابتعدت عنهم كلما تميّزت وعلت، وكلّما راعت كلّما سقطت، فحاذروا السقوط وارتفعوا إلى كليّة الصلاح والإصلاح.    


التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top