تنصرف حكومة حسان دياب الى إستخدام كل ما لديها من مساحيق التجميل، لكي يبلعها اللبنانيون الذين يبدو أنهم ″رضوا بـ الهم والهم لم يرض بهم″، حتى وصل الأمر الى التلاعب بصور الوزراء عبر ″الفوتوشوب″ لاظهار حالة الانهاك والتعب المسيطرة عليهم، والتي إن كانت صحيحة فهي أقل الواجب ممن يحملون مسؤولية شعب كامل يواجه شتى أنواع الأزمات في بلد مفلس تقوده حكومة تفتش عن الشكل قبل المضمون، وتهتم بالصورة قبل مطالب المواطنين، وتمارس القول بدل الفعل..
بات اللبنانيون على قناعة بأن حكومتهم تستعين بـ″خبير تسويق″ يحضّر لها ″البروباغندا″ المطلوبة لكل عمل تقوم به، ويقترح على رئيسها ووزرائها القيام بالخطوات أو الزيارات أو التصرفات التي من شأنها تحسين صورتهم أمام المواطنين، لكن بما أن ″فاقد الشيء لا يعطيه″، فإن غالبا ما ″ينقلب السحر على الساحر″، ويظهر العجز الذي يرخي بثقله على الحكومة في أكثرية الملفات، بالرغم من كل المحاولات التي تهدف الى “ذر الرماد في عيون اللبنانيين″.
لعل الملف الأبرز والأكثر إلحاحا لدى الحكومة، هو المساعدات المالية التي أقرتها قبل 11 يوما ولم تقدم حتى الآن أية آلية تنفيذية حقيقية لتوزيعها على العائلات المحتاجة التي بدأت بعد 20 يوما من التعبئة العامة ومنع التجول ليلا وقرار ″المفرد مجوز″ لسير المركبات تئن من الجوع الى حدود الخروج عن طورها وكسر كل القرارات لتأمين لقمة العيش.
أمس الأول أطل وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة رمزي المشرفيه على اللبنانيين ليبلغهم بعد 9 أيام من صدور قرار المساعدات المالية عن كيفية الحصول عليها، ويطلب منهم إعتماد آلية غير مفهومة تحدث عنها بكلام نصفه عربي ونصفه الآخر إنكليزي، في حين سارع المخاتير الى نفض أيديهم مؤكدين في بيانات بعض الروابط بأنهم لم يتبلغوا رسميا بتسجيل أسماء العائلات الفقيرة، وكذلك فإن كثيرا من البلديات أغلقت أبوابها في وجه الفقراء رافضة تسجيل أسمائهم الى ما بعد الفصح، ما يعني أن عملية التوزيع ستشمل المسجلين في برامج مكافحة الفقر لدى الوزارة وهذه اللوائح تضم أسماء محاسيب وأزلام أكثر بكثير من الفقراء المستحقين والمحتاجين لهذه المساعدات.
وبالتزامن مع المؤتمر الصحافي الغامض لوزير الشؤون الاجتماعية الذي أشاد بنفسه وبوزارته واضعا ما يلزم من مساحيق التجميل، كان رئيس الحكومة برفقة وزير الداخلية ووزير الاقتصاد يجولون في “سبينيس الجناح” موئل أغنياء البلد للاطلاع على الأسعار، وذلك في إستعراض إعلامي غير مبرر، خصوصا أن الرئيس حسان دياب رفض زيادة الأسعار بنسبة 70 بالمئة، ما يشكل إعترافا واضحا وصريحا منه بأن أسعار السلع تتفلت من عقالها وترخي بثقلها على الفقراء الذين كانوا ينتظرون منه قرارا حاسما يحميهم ويحافظ على لقمة عيشهم المهددة بأسعار الخضار عشية شهر رمضان المبارك والتي وصلت الى إرتفاع غير مسبوق، وبإتخاذ التدابير من خلال وزارة الاقتصاد لتخفيض أسعار كل المواد الغذائية وتفعيل الرقابة وملاحقة محتكري البضائع، وليس الاهتمام بـ “بالكبسة” الحكومية التي نفذها وكانت لزوم ما لا يلزم، طالما أن الأسعار بقيت على حالها.
أما الطامة الكبرى فكانت في صورة وزير الصحة حمد حسن المشغولة على ″الفوتوشوب″ لاظهار حالة التعب والاعياء المسيطرة عليه من كثرة العمل، في حين أن حسن يقود وزارة صحية وخدماتية في زمن الكورونا، وما يقوم به هو أبسط الواجبات، علما أن إعطاءه بعض الزيارات نكهة سياسية أدت الى تشويه ما يقوم به، فوزارة الصحة لكل اللبنانيين ومن المفترض أن تتم معاملتهم كـ″أسنان المشط″ خصوصا في ظل الوباء الذي لا يفرق بين طائفة أو مذهب أو إنتماء سياسي أو حزبي.
يمكن القول إن حكومة حسان دياب تتجمل أمام اللبنانيين للحصول على ثقتهم التي ما تزال مفقودة، لكن ما تخشاه المصادر هو أن يتحول التجمّل الى كذب، وعندها تكون الطامة الكبرى.