2024- 04 - 19   |   بحث في الموقع  
logo الاليزيه: ماكرون يواصل التحرك من أجل استقرار لبنان logo الهجوم الإسرائيلي على إيران "بلا أضرار"..ومفاعيله انتهت! logo نتنياهو فوّت فرصتين لصفقة تبادل..السنوار عاد إلى مطالبه logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الجمعة logo ليبرمان يتحدث عن "خطة" نتنياهو للتهرب من تحمل مسؤولية "طوفان الأقصى"! logo بعد هجوم أصفهان.. هل نجت إيران من كارثة؟ logo مارون مُعلّقاً على كلام جعجع: "الأولى بالحكيم تنظيف بيته الداخلي" logo عملية جديدة لحزب الله
منطق الفوضى لن يطول ومنطق الدولة سينتصر (بقلم جورج عبيد)
2020-04-28 23:10:18



نسيب لي يملك مؤسسة لبيع الأدوات الكهربائيّة واليدويّة، زارني معلنًا قراره بإغلاق مؤسسته. لم يعد ممكنًا العمل في ظلّ ارتفاع سعر صرف الدولار، وبلوغه حدود ال4500 ل.ل. بالغرض الذي كان يبيعه بخمسة آلاف بات سعره بالجملة عشرين ألفًا ليرة لبنانيّة. لن يكون قرار النسيب وحيدًا، بل هنالك كثيرون سيحذون حذوه، فكيف ستتحرّك عجلة الحياة الاقتصاديّة باتجاه نهضتها ووثبتها بعد انتهائنا من كورونا إذا لم يتمّ قمع من يتلاعب بسعر صرف الدولار قمعًا جذريًّا وزجريًّا، وإذا لم يتمّ اصطياد ذئب الغلاء وقتله، وهو الوحش الذي ينهش لحوم الفقراء؟


كلّ هذا المشهد الظاهر أمامنا يشي بأنّ من يحرك الساحات من طرابلس إلى بيروت وبعض من الجنوب للالتهاب، هو عينه من يمسك بقرار رفع سعر صرف الدولار إلى تلك الحدود الفاجرة والفاحشة. لقد تبيّن ذلك في محطات عديدة من تاريخ لبنان المعاصر، مرّة مع الرئيس أمين الجميل المصاحِب لمجموعة أحداث أخذت لبنان إلى تراكم الحروب على أرضه، واستفاد عدد من اللصوص الذين ضحكوا على اللبنانيين بمسألة الفائدة، فسلبوا أموالهم وهربوا إلى البرازيل. وفي عهد الرئيس الياس الهراوي، استعمل الدولار وقد بلغ سعر صرفه ال3000 ليرة لبنانيّة، كورقة سياسيّة وأمنيّة ضاغطة باتجاه الانقلاب في الشارع على الرئيس عمر كرامي رحمه الله يوم السادس من أيار من سنة 1992 فكان إحراق الدواليب الإطار لتقديم الرجل استقالته. فكان الهدف أن يصل الرئيس رفيق الحريري تحت مظلّة التسوية الأميركيّة-السعوديّة-السوريّة فوصل وإلى جانبه رياض سلامة، وفي ليلة ليلاء أنزلا سعر صرف الدولار إلى ال1500 ليرة لبنانيّة.


روى الرئيس إميل لحود، أمام مجموعة أصدقاء، بأنّه مع وصوله إلى الحكم وإلى جانبه الرئيس الدكتور سليم الحصّ، حاول رياض سلامة اللعب بسعر صرف الدولار ودفعه نحو الغلاء. أحسّ الرئيس لحود بأنّ ثمّة من وراء الأكمة، وقد اكتشف بأنّ الرئيس رفيق الحريري هو خلف عمل رياض سلامة ردًّا على عدم تسميته رئيسًا للحكومة الأولى في عهده بسبب هجومه عليه من على شاشة الCNN متّهمًا إياه آنذاك بخرق الدستور بسبب أنّ النواب فوضوه خلال الاستشارات الملزمة بالتسمية وق رفضها الحريري في المبدأ. ما إن اكتشف الرئيس لحود ذلك، حتى أرسل بطلب رياض سلامة ولم تكن بينهما علاقة أو معرفة شخصيّة، فأنذره وأعطاه مهلة 24 ساعة حتى يعيد إلى سعر صرف الدولار استقراره وإلاّ فإنه سيتخذ الإجراءات القانونية المناسبة. خرج الرجل من عنده وعاد سعر صرف الدولار إلى استقراره.


أمّا في الزمن الحاضر، المشهد عينه يتكرّر. اللعب بالاستقرار الماليّ، والإخلال به قرار أميركيّ بامتياز يتجسّد على الأرض بأذرع لبنانيّة سياسيّة ومصرفيّة. هذه أذرع ملتوية وأصحابها مصّاصو دماء. لقد تمّ تجميعهم وتحفيزهم وتجنيدهم، بهدف تطويق العهد ضمن استيلاد مفهوم الخلاّقة بزاويتين قادرتين على شلّ البلد بحسب ظنّ بعضهم، ماليًّا وأمنيًّا. إغلاق عدد من المتاجر والمؤسسات جرح اقتصاديّ كبير يتمتم الفوضى الخلاقة بمنسوب يزداد ارتفاعًا يومًا فيومًا، ويقذف بالموظفين والعمّال الذين خرجوا من وظائفهم بفعل كوفيد-19 طويلاً، أو إلى أجل غير مسمّى. ثورة الجياع ليست بنت ساعتها بل هي مطلوبة من الخارج كأداة للتغيير ضمن المفهوم المرسوم الذي يطلبه الخارج ويتصارع عليه مع العهد والحكومة. 


ما حدث ويحدث في طرابلس والشمال منذ يومين له جذوره وليس وليد ساعته، ليس على الإطلاق وليد الجوع، بل وليد إرادة خارجيّة في التخريب العشوائيّ بغية الضغط أكثر من الداخل إلى الخارج، وهو بجوهره المتحرّك والمتدحرج ينتمي إلى مفهوم الفوضى الخلاّقة. لقد بات لزامًا القول جهارًا بأنّ أثرياء المدينة جزء من خريطة سياسيّة باتت مكشوفة بأهدافها الظاهرة وغير الظاهرة. إستغلال الفقراء والعاطلين عن العمل ليس أسلوبًا حديثًا بل اسلوب قديم معمول به. لقد دخل الأتراك أو "العثمانيون الجدد" إلى المدينة بتجنيس أكثر من خمسة آلاف شخص زعمت تركيا بأن جذور عائلاتهم تركية، ثمّ راحوا يقدّمون المساعدات الماليّة ويساهمون ببناء مؤسسات خيريّة إسلاميّة، وفي مقابل ذلك تعاونوا مع الأتراك على تقديم الأسلحة إلى الجماعات التي تلوذ بهم وأغلبيتهم تابعون للواء أشرف ريفي، وأخيرًا دخلت السعوديّة على الخطّ الطرابلسيّ من جديد، بواسطة بهاء الحريري، فتلاقت المصلحة التركيّة بالمصلحة السعوديّة ضمن السياق الأميركيّ، في التأليب على العهد والحكومة بسبب دعمهما لحزب الله، وجذب التأليب نحو العاصمة بيروت،  وفي الوقت عينه للضغط من طرابلس باتجاه سوريا كمحاولة يائسة للانقلاب على ما تمّ إنجازه ميدانيًّا في الداخل السوريّ. 


تشير المعلومات، وفي السياق عينه، بأنّ السعوديّة دخلت وبتكليف أميركيّ المدى اللبنانيّ من جديد، وقد أعادت استجماع القوى على قاعدتين:


1-قاعدة سنيّة، تتمثّل باستنهاض دار الفتوى من جديد وبخاصّة المفتي عبد اللطيف دريان تحت ستار حقوق أهل السنّة في لبنان. وتصريح نهاد المشنوق لم يكن تلميحًا بل هو بداءة الاستنهاض والتحفيز، والجميع يعلمون ضلوع المشنوق في قضية البارك ميتر ولوحات السيارات والهويات... وتتمثّل بإعادة الاعتبار للقاء رؤساء الحكومات السابقين سعد الحريري، نجيب ميقاتي، تمام سلام، وفؤاد السنيورة، بهدف إثارة صلاحيّة رئاسة الحكومة، وميقاتي تتقاطع فيه المصالح التركية-السعوديّة، وقد افتتح سعد الحريري أعمال هذا النادي بعقوق وجحود لمن أنقذه من أنياب محمد بن سلمان وبراثنه واعتبره كأحد أولاده ودمّع لحظة ملاقاته حرًّا، مظهرًا القيم الأخلاقيّة والعائليّة السامية تجاهه. متّهمًا الرئيس النبيل بتصريح سفيه بأنّه ينقلب على الطائف بوجود شخصيّة سنيّة ضعيفة كحسان دياب إلى جانبه، فيما حسّان دياب تخطّى المصنّفات الطائفيّة الضيّقة وقد غدا رجل دولة أو دولة في رجل، دخل كلّ بيت وقلب وعقل فامتلكه بسموّ أخلاقه ونبل تصرفاته ولمعان نصره على وباء حطّم العالم، فوقف لبنان واللبنانيون ظافرين بوجهه بفضل حسان دياب وحمد حسن وهما برعاية الرئيس الجبل العماد ميشال عون. لسان حال من سمع التصريح، إرعوِ يا سعد، فشتان ما بين الثريا والثرى، وما بين النور والظلام. وتذكّر بانّ من معك في هذا النادي قد ساهم بعضهم بنهب الدولة وخزينتها ووصولنا إلى هذا الدرك، والعالم باتت تعرفهم جيّدًا.


2-قاعدة شاملة، مسيحيّة-إسلاميّة، تجمع نادي رؤساء الحكومات السابقين إلى نبيه برّي كورقة مستترة، ووليد جنبلاط، وسميرجعجع، وأفرقاء آخرين. هذه القاعدة جعلت تلفزيون العربيّة السعوديّ، منبرًا لإطلالات يطلقون منها رصاص كلماتهم يمنة ويسرة كما فعل وليد جنبلاط وسمير جعجع في هجوميهما الصاعقين على العهد والحكومة وحزب الله. وليد جنبلاط قال بأن حسان دياب لا شيء، وتهكّم على رئيس الجمهوريّة (هل البطريرك الراعي انتبه إلى تهكّم البيك على الرئيس ونعته بالسيد ميشال عون، أو لا تزال قضيّة رياض سلامة تشغل باله؟) في اليوم الأوّل كان جنبلاط الصوت، وفي اليوم الثاني كان جعجع الصدى في ترداد الهجوم عينه. هذا التجميع يؤكّد ومن دون التباس نيّة أميركيّة وبذراع عربيّة سعوديّة وإقليميّة تركيّة، لأخذ لبنان نحو محاولة فوضى أمنية تحت ستار ثورة الجائعين. فيعمدون على إنزال شعوبهم إلى الأرض من الشمال إلى الجنوب ومن البقاع إلى بيروت مرورًا بالجبل، كما حدث في طرابلس عينًا، فضلاً عن استهلاك النازحين السوريين والفلسطينيين في نار تلك الفوضى باتجاه تغيير الهيكل اللبنانيّ مع إسقاط العهد والحكومة معًا.


أمام هذا المشهد لا بدّ من القول، بأنّ رياض سلامة، ليس غريبًا عن هذا الفريق. ويعرف سلامة بأن هؤلاء المتحكمين بالسوق الماليّة وبالتحالف مع المصارف، هم من يضغطون باتجاه رفع سعر صرف الدولار الأميركيّ وبنفذّون بالضغط قرارًا أميركيًّا بهدف البلوغ نحو ثورة الجياع يتبنّاه هذا الفريق، فيستعملون شعوبهم في هذه الثورة متاريس لهم. الصرّافون وأصحاب المصارف جزء من هذه المنظومة المتصاعدة وهم في حمى الأقطاب المتداخلين بسعر صرف الدولار وبامتياز تام.


هذا حدث كما ذكرنا في تاريخنا المعاصر ويحدث الآن. إنها المعركة الوجوديّة بأمضى خطوطها. لكنّ المصادر تذكّر بأن ما من خفيّ إلاّ ويظهر، لقد انكشف هؤلاء على حقائقهم السوداء والخفيّات ظهرت، والرعب يدبّ في فرائصهم خوفًا من غلبة دولة القانون على الكيان-المزرعة. وتذكّر المصادر وليد جنبلاط بخديعة الأميركيين له في الحرب على سوريا، وبالتحديد خديعة صديقه العزيز جيف، فهل يتحمّل هو وحلفاؤه خديعة مماثلة؟ لقد أنذره النائب الدكتور إبراهيم الموسويّ بأنّه إذا استمرّ في غيّه أيّ إسقاط الحكومة، فسنسقطه في الشارع. من دون أن ننسى هجوم أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله على الأثرياء والمصارف الذين لم يقدّموا الخير للناس في زمن الكورونا.


حركتان كافيتان ستؤتيان ثمارهما. زيارة رئيس الحكومة إلى قائد الجيش البطل العماد جوراف عون، وحديث السيد نصرالله المنتظر يوم الجمعة، وما بينهما اعتراف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. 


وتطمئن المصادر العارفة في الختام، بأنّ الفوضى لن تطول، والدولار سيهبط ويثبت على سعره القديم ربما. فمتى قمعت الفوضى استقرّ الأمن الاقتصاديّ، ومن يجرؤ على التطاول فالجيش والقوى الأمنيّة له بالمرصاد، وخير ختام ختام مقدّمة نشرة الأخبار أمس على شاشة الOTV  مع الصديق جورج ياسمين: وفي العجلة السلامة.      



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top