2024- 04 - 18   |   بحث في الموقع  
logo عبدالله التقى فريق البنك الدولي في واشنطن.. هذا ما جرى بحثه logo “لبحث وسائل دعم المؤسسة العسكرية”.. العماد عون الى فرنسا logo "معادلة جديدة"... اليكم النتائج التي فرضها الرد الإيراني إقليمياً! logo في اليمن... سيول وفيضانات وانهيارات أرضية logo "للمرة الثانية"... إسرائيل قررت تأجيل ردها! logo على طريق القدس... حزب الله يزفّ "أبو زهراء" logo سيبقى حاضرا في لبنان... الحريري يستذكر فليحان logo "الرجل الطيب الودود"... الحريري ينعى زوج عمته
الأميركيون اشتروا وباعوا... وبأرخص الأثمان (جورج عبيد)
2020-04-30 09:10:36



من سمع حديث حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مسجّلاً، تأكّد له، ومن دون التباس، وبالشكل أيضًا، بأن الرجل تعمّد أن يكون في مكتبه وحيدًا لا صحافة مكتوبة ولا إعلامًا مرئيًّا أو مسموعًا، ليقذف خطابًا بلا أسئلة مليئًا بالغموض المغلق على الحقيقة أو على الحقّ.


 


صاحب قصيدة الأطلال الشاعر المصريّ العريق إبراهيم ناجي، والتي تنشدها مطربة الشرق أمّ كلثوم، له بيت في القصيدة عينها قال فيه:


"واثق الخطوة يمشي ملكًا             ظالم الحسن شهيّ الكبرياء


عبق السحر كأنفاس الربى           ساهم الطرف كأحلام المساء" 


لقد خلا رياض سلامة من المكاشفة على تلك القاعدة في قصيدة إبراهيم ناجي. ذلك أنّ المليء بالحق "يمشي ملكًا" (صاحب الحقّ سلطان)، لا يخشى شيئًا، يأبى الكذب وينفر من التسويف، ويظهر الحقائق كما هي بلا تأويل ولا تحريف، ولا يبني غموضًا قاتلاً من أجل التجويف. المكاشفة التي حرم الحاكم الإعلام منها أثبتت بأنّ الرجل مدمن الغموض ومريده ومؤكّد عليه على قاعدة "أنّ فاقد الشيء لا يعطيه".


لقد فقد رياض سلامة الحقيقة بالحقائق المفترض أن يظهرها ولا يخفيها. وقد تعمّد إخفاء نقاط عديدة ووقائع كثيرة إمّا إلهامًا أو إيحاء، وإمّا خوفًا. كان يجدر به في مطلع حديثه وبكلّ تأكيد تظهير حواره مع دولة رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب، والذي اجمع الإعلام بالوقائع على أنّ الحاكم كان متلكّأً بل مراوغًا لدرجة أن الرئيس دياب حينما فاتحه بمسألة تحريك مبلغ قدره خمسون مليون دولار من أجل تخفيض سعر صرف الدولار في الأسواق، جاء جوابه كما تناقلته وسائل الإعلام لا أملك فلسًا واحدًا. ثمّ يأتي في مؤتمره الصحافيّ ليؤكّد بأنّ المصرف لديه 20 مليارًا و890 مليون دولار أميركيّ أي 21 مليارًا. لماذا لم يضحّ من هذا الاحتياطيّ خمسين مليون دولار كما طلب رئيس الحكومة للجم سعر ارتفاع صرف الدولار؟


 


ثمّ يعترف بقوله: لقد أنفقنا 863 مليون دولار أميركيّ لاستيراد المواد الأوليّة، وللقطاع الخاص لإراحة اللبنانيين، وأنفقنا 843 للفيول وقطاعات الدولة و8 ميليارات للمصارف. فلماذا إذًا وقف صامتًا أمام بلوغ لبنان الانفجار الماليّ بهذا الشكل الخطير والخطير جدًّا عازيًا بأنّ ارتفاع سعر صرف دولار عائد إل التأثر بالعرض والطلب، ألم يتأثر بأنّ محتكري القطاعات في لبنان وهم الأقطاب السياسيون قد مارسوا هذا البغاء بالشراكة المطلقة مع الصرافين والمصارف وحاكم مصرف لبنان بغية دفع الناس للثورة والتحريض على الحكم والحكومة كما تفعل قناة العربيّة السعوديّة؟ وإلا فما معنى أن يقول أمام رئيس الحكومة سأقف متفرّجًا على انهيار الليرة ولا ينفي في حديثه شيئًا من هذا القبيل؟


 


المريب في هذا السياق، أن يستبق مساعد وزير الخارجية الأميركيّ ديفيد شينكر حديث رياض سلامة بقول دلّ على خبث تجاه سلامة عينه لهذا القول: "عملنا بشكل جيّد مع حاكم مصرف لبنان في قضايا العقوبات على المصارف وهو تعاون معنا في إغلاق حسابات لحزب الله الذي لم يتوقف عن إرسال الطائرات إلى إيران وجلب كورونا إلى لبنان". هذا الاستباق قرأته مصادر متابعة وعارفة بأنّه ليس مجرّد إشارة عابرة، بل هو كشف متعمّد أغرق رياض سلامة من جديد. وتعرب المصادر بأن تصريح شينكر إيذان بانتهاء صلاحية وجود حاكم مصرف لبنان على رأس الحاكميّة من جهة الأميركيين. وتربط المصادر كلام شينكر بما صدر أيضًا عن السفيرة الأميركيّة دوروثي شيا، فتظهر بأنّ ثمّة ما يهيّأ للبنان إنطلاقًا من المضمون الأميركيّ وهو التالي:


 


1-لم يعد رياض سلامة يملك القدرة على ترسيخ استقرار ماليّ جديد، على قاعدة أن الدولة العميقة اللبنانيّة المحشوّة بالفساد لا تزال تهيمن مع سليم صفير على القطاع المصرفيّ وقطاع الصرّافين، الذين تجنّدوا في الأصل أميركيًّا باتجاه الدفع نحو الفوضى منذ 17 تشرين الأول 2019. ولذلك فإنّ الغموض في حديثه يؤكّد التلاشي وعدم القدرة.


 


2-الأميركيون تعاونوا مع رياض سلامة بحسب كلام شينكر ولكنّهم يخشون من أن يأتي يوم ويكشف آفاق هذا التعاون ومضمونه الذي هيمن بالتفاصيل الدقيقة على لبنان منذ سنة 1992 وكان البترو-دولار بينه وبين رفيق الحريري وبين الأميركيين والسعوديين والسوريين في مرحلة معيّنة عنوان التعاون.


 


3-لم تعد الدولة اللبنانية العميقة حاجة أميركيّة بالمطلق. ذلك أنّ الأميركيين أدركوا تمام الإدراك بأن تلك الدولة أمست درنًا سرطانيًّا في الداخل اللبنانيّ، ومنذ سنة 2007 وهم عاكفون ضمن رؤية استراتيجيّة على تحضير لبنان لنظام سياسيّ جديد خال من الفساد الطائفيّ والدينيّ، بحسب قراءة أوردوها آنذاك للوزير السابق المغفور له فؤاد بطرس. فحين قال وليد جنبلاط في الحرب على سوريا بأنّ أميركا خدعته، كان على حقّ ويفترض به أن يتلقّى خديعة جديدة لأنه وسعد الحريري وسمير جعجع غير مقيمين في الرؤية الأميركيّة الجديدة للبنان والمنطقة.


 


4-زيارة السفيرة الأميركية شيا إلى رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب، حوت مضمونًا جديدًا تبلّغه الأخير وفيه أنّ الإدارة الأميركيّة لا تدعم التخريب الذي يمارَس في طرابلس ومناطق عديدة، واعتبر المراقبون بأنّها رفعت الغطاء عن الأذرع الداخليّة وبالتحديد سعد الحريري.


 


5-الأميركيون لا يريدون أيّة مواجهة مع حزب الله تجعلهم في المدى المنظور يغرقون في لجج تداعياتها في الشرق الأوسط برمتّه، وفي مسألة الحرب غير المباشرة مع الحزب، فهم عارفون بانّ تلك الأذرع لا بل لم تعد تملك القدرة بدورها على التوجّه نحو المواجهة حتى النهاية، فالنهاية لن تكون سعيدة أمام حزب يملك الإمكانيات الهائلة، وقد ثبت ذلك تاريخيًّا غير مرّة لا سيّما في مواجهات 4 و5 و6 و7 أيار والتي أفضت إلى اتفاقية الدوحة.


 


6-السعوديون كلّفوا لتجميع تلك القوى تحت ستار المواجهة. غير أنّ الأميركيين يعلمون أن مواجهة من هذا النوع لن تفضي إلى نتيجة فعّالة، بل سيقوى العنصر الإيرانيّ أكثر بالنتيجة، والصينيون والروس في تحالفهم سيملكون قدرة التقرير إنطلاقًا من النتائج اللبنانيّة معطوفة على النتائج في سوريا ومن ثمّ العراق.


 


7-الأميركيون من جديد متجهون إلى الداخل، اي إلى معالجة أزمة الكورونا وأزمة الانتخابات عندهم ولذلك فهم يفضّلون عدم التوغّل كثيرًا في هذا الظرف بالذات في الوحول الشرق-أوسطيّة.


 


8-الأميركيون، وبحسب ما رشح عن زيارة السفيرة شيا متجهون لصفقة نفطيّة محدّدة مع الحكومة اللبنانيّة، وقد تردد في بعض الأروقة بأنّ الأميركيين قاموا بالاتصال مع شركة توتال الفرنسيّة في شأن البلوك رقم 4 من أجل الوصول إلى تسوية. ممّا يدلّ على نيّة أميركيّة بالدخول في توقيع عقد تنقيب بواسطة شركاتهم مع الحكومة البنانيّة، وبيدو بأنّ الحكومة اللبنانيّة لم تكن سلبيّة في الجواب المعطى من قبلها للأميركيين والفرنسيين.


 


9-ثّمّة مساع بدأت تقوم بها جهات دوليّة وعربية نافذة في سبيل إعادة تفعيل الحوار بين الأميركيين والإيرانيين، وتقول المعلومات بأنّ الروس قد بدأوا بها تدريجيًّا تساندهم مسقط، التي لم تتوان عن استمرار مبادرتها بين أميركا وإيران. وقد نصح الروس الأميركيين بعدم جرّ الإقليم الملتهب إلى المزيد من التصعيد، الذي من شأنه ان يرمّد العالم، وثمّة أفكار أرسلت للأميركيين وهم يتابعونها. ولذلك قاموا في لبنان برفع الغطاء، إنطلاقًا من هدنة نوعيّة قد تكون طويلة الأمد.


 


10-لقد أبلغ الأميركيون معظم الأطراف اللبنانيّة دعمهم الجيش اللبنانيّ في قمع أي عمليّة تخريب تحدث في المناطق اللبنانيّة، وطبيعة الرفض تنساب على إمكانيّة قيام مواجهات أو إغلاق طرقات. ولذلك لاحظ المراقبون صمتًا رهيبًا عند الأفرقاء الآخرين، وبعد زيارتيّ السفيرين الأميركيّ والفرنسيّ لرئيس الحكومة الدكتور دياب، وبعد اتصال رئيس الحكومة الفرنسيّة بنظيره اللبنانيّ ووزير المال أيضًا بنظيره. لقد أفرغ هؤلاء من المحتوى الخارجيّ الداعم والسؤال المطروح إلى أين؟


 


لبنان يسير نحو الحلقة الأخيرة من أزمته، وبناء الدولة اللبنانيّة بجديّة فائقة وشيكة. مع عهد راني ومصمّم وحكومة مبدعة وخلاّقة. حديث رياض سلامة لم يقنع الدولة ولا الناس، وستنطلق الحكومة نحو إجراءات قاسية، على الرغم من محاولة رئيس المجلس النيابيّ نبيه برّي إفشال إصدار قانون رفع السريّة المصرفيّة ومحاولة التعمية بالقول بأنّهم سيرسلون لائحة بالأرقام بلا اسماء، إلاّ أنّ هذا الأمر تمّ رفضه جملة وتفصيلاً وسيصار من جديد إلى العمل خلال الجلسة العامّة المقبلة إلى إصدار قانون يجيز للحكومة اللبنانيّة رفع السريّة المصرفيّة.  


 


ختامًا بحال صحّ ما أوردناه عن الرؤية الأميركيّة بحسب ما رشح من مصادر مراقبة، فإنّ أبلغ رسالة توجّه إلى من غدوا أذرعًا لها، من اشتراكم باعكم، ومن باعكم باعكم إلى النهاية العبثيّة... وبأرخص الأثمان.



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top