2024- 04 - 26   |   بحث في الموقع  
logo لبنان حائر بملف اللجوء السوري: العودة لخطة شرف الدين! logo لغة حماس "تتغيّر": وقف الحرب بـ1701 واتفاقية الهدنة للبنان logo الجيش يوقف 3 أشخاص لارتكابهم جرائم مختلفة logo بن غفير يرفض السماح بزيارات للمعتقلين الفلسطينيين:يضرّ بالمفاوضات logo "الجيش الوطني"يطلق سراح قائد"فرقة المعتصم"..ويلاحق من عزله logo فوز الرياضي على غوركان الايراني في سلة “وصل” logo مشروعان لتنظيم البث التلفزيوني المدفوع بلبنان:ما الفارق بينIPTV وOTT؟ logo بعد مرور 6 أشهر... تقريرٌ فرنسي يظهر انقسام الرأي العام الإسرائيلي بشأن حرب غزة
أوقفوا ثورة الجياع قبل أن يبتلعنا الغامض... (بقلم جورج عبيد)
2020-05-07 20:09:23



بقلم جورج عبيد -


بعيدًا عن الاصطفافات السياسيّة والحزبيّة والطائفيّة، لبنان يحترق، واللبنانيون من كلّ الطوائف والأحزاب والتوجهات، قد غدوا في قلب اللهيب كما الفتية الثلاثة في سفر دانيال في العهد القديم، ينتظرون ملاكًا ينحدر في وسط اللهيب ليطفأه وينقذهم من الوعيد الملتهب والمحتدم.



ليس الحريق محصورًا بناحية واحدة، بل في كلّ النواحي. لم تعد الحاجة بعد الآن إلى البحث في خطط، البحث بها شرعيٌّ في لحظات التكوين الهادئ، بل الحاجة ماسّة وضروريّة لاجتراح حلول جذريّة لا تحتاج للتأويل والمماطلة والتسويف. نحن أمام مريض مرضه موصوف ولا يحتاج لمزيد من التوصيف، والمرض يتفاعل في الجسد ويفتك به فيما الأطبّاء يبحثون في وضع وكأنّ المرض لا يزال في بداءته، والوقت متاح من جديد لتوصيفه من جديد ليصار إلى تكوين هادئ ومغاير لما هو المريض عليه.



الحريق يلتهم كلّ شيء والمرض يفتك بالجسد، وبرأي المتابعين الحاجة إلى أمر واحد وفقط، إعلان قرارات نهائيّ وحاسمة، تلجم سعر صرف الدولار، وقد وصل إلى حالة جنونيّة، فماذا لو قفز من الجنون إلى التخريب حين يبلغ ال10000 ل.ل من يتحمّل حينئذ المسؤوليّة؟ فهل نبقى نواجه بالقول بأننا نبحث عن السبل أو عن الخطط ونضع المدد الزمنيّة؟ وتلجم وحش الغلاء الذي يستبدّ باللبنانيين عبر المتاجر والمحلاّت بلا رحمة ولا أخلاق، والليرة اللبنانيّة بدأت تفقد قوّة شرائها وقدرة تواجدها، لأنّ "الشبح" آخذ بابتلاعنا جميعنا؟ كيف للمريض في تلك الحالة أن يتناول دواءه بحال استمرار الغلاء على تصاعده، وكيف يأكل الناس، وقد بدأنا نرى مشاهد تأباها أخلاقنا وأدياننا؟



هذا الكلام بجوهره لا يوجّه إلى عهد رئيسه جبل يجاهد بقوّة الحقّ والإيمان في سبيل صمودنا وبقائنا، ولا إلى حكومة، رئيسها يمتلك القدرات الباهرة التي تؤهّله دومًا ليكون ضامنًا لسلامنا وأماننا. ولكنّه موجّه بصورة عامّة إلى من أدرك وفهم، ثمّ باح وصرّح بأنّ ما يحدث حرب شريرة على لبنان تخوضها الولايات الأميركيّة، وقد استجمعت القوى بمعظمها في سبيل ليّ ذراع الحكم بأسره. وكان لكاتب تلك السطور ان يضيء على تلك الناحية غير مرّة، مظهرًا كيف أنّ الإدارة الأميركيّة على وجه التحديد في الآونة الأخيرة أعادت القراءة بتوجهاتها لنتطلق من كسر الاستقرار الاقتصاديّ والاجتماعيّ بمنهجيّة الفوضى الخلاّقة، إلى حرق لبنان بثورة جياع تأخذه فيما بعد إلى مجموعة تغييرات جذريّة في جوهر نظامه وطبيعة وظيفته ونمط وجوده، وقد أشرنا غير مرّة بأنّها مسلّمة جوهريّة في الاستراتيجيّة الأميركيّة تجاه لبنان والمنطقة، وستكون مادّة مقايضة وتفاوض بين الأميركيين والإيرانيين والروس والصين. وهذا لن يكون ظاهرًا قبل الانتهاء من الانتخابات الأميركيّة. وتوجيه الكلام إلى تلك المجموعة العارفة، ينطلق من تحريض أكيد من أجل التحوّل من الصمود إلى الهجوم العادل، المنقضّ على من يسعى ويعمل لضرب الاستقرار الماليّ والمعيشيّ وقد غدونا في قعر الهاوية.



لسنا بعد نرقص على حافّة الهاوية بل تدحرجنا نحوها، لقد بلغنا جحيم دانتي ونحن نعلق السموم على مختلف أنواعها وبعضنا إلى الآن غير مصدّق، لقد دخلنا النفق وثمّة من يتطلّع إلى الأمور بطريقة مختلفة، والتحذيرات تنطلق محكمة التوتير بأنّ هذا الأمر ليس الأعظم بل ثمّة الأعظم، ترى ما هو الأعظم من الدفع باتجاه ثورة الجياع وأخذ البلد من خلالها إلى بركان متفجّر؟



لا شكّ بأنّ العالم كلّه يعيش ارتجاجًا اقتصاديًّا كبيرًا ضمن حرب كونيّة كبرى بين أميركا والصين وروسيا، بثلاثة أبعاد، جرثوميّة، ماليّة أي اقتصاديّة-صناعيّة، ونفطيّة. وما من شكّ بأنّ البلدان الصغيرة تمتصّ وتتأثّر بالمحيط الأوسع ففي ذلك إسقاط كبير وخطير. ولعلّ الارتجاج الخطير والتدحرج الرهيب لوضعنا في لبنان مندمج بالواقع الأوسع. غير أن في لبنان مافيات خطيرة متحكّمة بالدولة والبلد كلّه تتعمّد القبض على حياة اللبنانيين بوحشيّة قلّ نظيرها في المأكل والملبس والمشرب، وتبدو الدولة أمام هذا المشهد الأضعف كيانًا ووجودًا، وتنكشف هزيلة ومكتفية بمجموعة خطط يتمّ وضعها للبحث، علمًا بأنّ الخطة الاقتصادية التي نوقشت البارحة في القصر الجمهوريّة حركيّة بتوجّهاتها ونافعة في منطلقاتها، على الرغم من بعض الملاحظات حول كيفيّة التعاطي مع صندوق النقد الدوليّ، لأنّه أداة في القبضة الأميركيّة الساعية على الطريقة البيركنزيّة (جون بيركنز) لإفلاس لبنان كما تمّ إفلاس دول أخرى ووضعها بممتلكاتها تحت هيمنة البنك الدوليّ؟ ترى هل بلدنا مفلس بطبيعته، أو منهوب ومسلوب بماليّته من التواطؤ ما بين المافيات كلّها والطبقة السياسيّة الفاسدة.



المناخ الذي أضفته زيارة وليد جنبلاط إلى رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، وحضور الدكتور سمير جعجع إيجابيّ، وإن لم يحسم الخلاف عميقًا بأبعاده الاستراتيجيّة، وخرج جعجع ممن الجلسة معترضًا على الخطّة الإقتصاديّة. لكن هل الإيجابيّة بشكلها البرّاق والتهدويّ، وهي مطلوبة، كافية لإبطال وحش الغلاء على كافّة الأصعدة، بدليل أن الواقع لم يتغيّر البتّة والوضع بهذا الاتجاه يزداد تأزّمًا واللبنانيون حائرون وخاشون ومرتعبون ومرتعدون من البطالة المتراكمة من جراء أزمة الكورونا، من التعاطي الوحشيّ من قبل المصارف، وقد ظهرت أوراق تفرض على المودعين التوقيع عليها تعفي المصارف من أي مسؤوليّة وتبرّئ ذمّتها، من بعد قبوله بعمليات سحب الوديعة المودعة أصلاً بالدولار الأميركيّ بالليرة اللبنانيّة وفقًا لسعر السوق، وهذا أخطر تعهّد يفرض على المودعين، من غلاء سعر صرف الدولار الفاحش والداعر، من الغلاء الوحشيّ للمواد الاستهلاكيّة، وليس في لبنان من يراقب بقسوة ويضرب بيد من حديد.



لا تؤمّن الخطط الخلاص للبنان في المدى القريب، إنها تساهم حتمًا بتطوير النظام وتنويره وإغنائه في لحظات مختلفة. ثمّة ما هو ملحّ بالضرورة، والملحّ أن يتحرّك القضاء بقوّة الحقّ، وقوّة الحقّ في هذا الواقع الشاذ المعيش تبيح حقّ القوّة واستخدامها للردع. أما آن الوقت للردع؟ مَن مِن اللبنانيين غير مكتو ومألوم ومذبوح؟ هل الرغيف مكتوب عليه لأية طائفة هو كما قال المثلّث الرحمات البطريرك غريغوريوس الرابع حين قال له حاجبه بأنّ الجائعين المحتشدين في رواق البطريركيّة المريميّة في دمشق مسلمون. فكما وحّدنا الحوف من الكورونا، الجوع يهددنا، ولكنّه لم يوحدنا، فماذا ننتظر؟



قتام المشهد، لا ينفي بعض الأنوار المضيئة مع مجموعة قرارات بدأ القضاء يأخذها مع قضاء أقحاح تحرّروا من المغاور السياسيّة. إنكشاف بعض الأسماء والكلام على فرارهم إظهار لحقائق تلوّثت بها الطبقة السياسيّة الفاسدة أو هي لوثت لبنان بها. هناك من تمّ تهريبه كعلاء الخواجا، الذي قام سعد الحريريّ باصطحابه إلى فرنسا على متن طائرته، والأخوان رحمة مع وشربل حليس وقد كشفت ملفاتهم ترابط عدد من السياسيين بصفقات تمّت على حساب الخزينة في لبنان، والحسم القضائيّ كما هو مأمول لن يتوقّف هنا، بل سيطال ملفّات أخرى، وقد بدأها مع مصرفين. بالإزاء مع ذلك، لماذا الدولة اللبنانيّة لا تحرّك القضاء باتجاه مافيا الدولار وتفضح من هو خلف رفع سعره؟ لماذا الدولة اللبنانيّة لا تحرّك القضاء باتجاه المتاجر والسوبرماركت التي تتعمّد رفع الأسعار بوحشيّة قلّ نظيرها وتحت حمايات سياسيّة معروفة؟ لماذا الدولة اللبنانيّة لا تفضح السياسيين الساعين إلى ثورة الجياع من أجل تطويق العهد، وتغيير وجه لبنان؟ ماذا تنتظرون للمواجهة النهائيّة ولبنان دخل منتصف الطريق نحو الوفاة؟ لماذا الدولة لا تلزم المصارف عن طريق القضاء أيضًا بإعادة الأموال المهربة إلى الخارج لا سيّما بعد السابع عشر من تشرين الأول 2019؟ هل صحيح أنّ الدولة استدانت من المصارف ودائع اللبنانيين؟ لماذا لا يتمّ إيضاح ذلك من الأطراف المعنيّة، وكيف تسمح المصارف لنفسها بأن تقرض الدولة مال الناس المودّعة عندهم؟ لماذا الدولة لا تلزم من نهب الخزينة اللبنانيّة وأثرى على حساب اللبنانيين، واغتذى من الصفقات على حسابهم بإعادة الأموال إلى الخزينة تحت طائلة الملاحقة القانونيّة مع وضع إشارات على كلّ الممتلكات للأصول والفروع؟ ألا تقود قضيّة الفيول المغشوش إلى كشف ما هو أخطر وإلى من يحتكر النفط والغاز، أو أننا نخاف "ومنضبّ الملفّ بالجارور متل العادة".



آن الوقت لعمليّة جراحيّة تضع حدًّا لهذا النزيف الصاعق، وقتل هذا الوحش الذي يمعن في افتراسنا، واقتلاع الأدران من أجسادنا. إن لم يتمّ ذلك الآن، فالتحذير من الأعظم لن يكون وهمًا ودجلاً، الدجل بأن نرى الحقيقة ثم نخفيها أو لا نواجهها أو نحيد عنها. الأخطر أن يقاد لبنان إلى نهاية وجهه الميثاقيّ، وإبطال التوق العلمانيّ بثورة جياع تعلنه نسيًا منسيًّا ليصار بعد ذلك ومن خلال البنك الدوليّ إلى جرّه... نحو تسويات يخشى من أن يذهب إليها صاغرًا.



إنتبهوا واستيقظوا قبل الأعظم، قبل الغامض، "فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب" في لبنان. ولعلّ البلاغة تظهر في شعر للأخوين عاصي ومنصور الرحباني أنشده الراحل والموسيقار الكبير ملحم بركات:
"قولك صحيح كلّ شي تهدّم
واعي أنا أو عم بحلم
فجأة السعادة وقعت بالبير
فرقنا الغامض متل العصافير
وأنا كنت مفكر بعد بكير
تاري للي بيصير عغفلة بيصير"
إنتبهوا يا سادة إلى الغامض ومنه، لأنو للي بيصير عغفلة بيصير.



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top