2024- 03 - 29   |   بحث في الموقع  
logo "الحزب" يقاتل على جبهتي الداخل والحدود: نقطة ضعف خطيرة logo اشكال وإطلاق نار في طرابلس logo بينها لبنان.. هزات أرضية تضرب هذه الدول العربيّة logo مناورة إسرائيلية "مفاجئة" شمالاً.. وواشنطن تعتبر استعادة الهدوء أولوية logo حكومة فلسطينية جديدة تبصر النور..بلا سند سياسي logo نبيل فريد مكاري يستقبل المصري ويعلن دعمه للائحة “نقابتنا” logo بأكثر من 30 طنًا من المتفجرات... تدمير نفق لحماس (فيديو) logo اتهام روسي "خطير" لأوكرانيا
لا تسمحوا للبنان بأن يتفشّى فيه الوباء من جديد بعدما انتصرنا عليه (بقلم جورج عبيد)
2020-05-08 20:11:45



بقلم جورج عبيد -


 


 صديق كبير لي يقطن في دمشق وهو يرأس منظمة عربيّة، أسرّ لي كيف أنّ الدولة السوريّة دائبة بتشدّد كبيرعلى إبعاد شبح الكوفيد-19 عن الأراضي السوريّة، فأغلقت الحدود البريّة والبريّة والبحريّة من جهة طرطوس واللاذقيّة. واستطاعت بهذا الإغلاق تجنّب انتشار الوباء على أراضيها، وحافظت على سلامة مواطنيها، ولم ترتفع نسبة الإصابات كما ارتفعت في بلدان أخرى، بل في ما أعلنته وزارة الصحّة فنسبة الإصابات ضئيلة جدًّا وقد تكون ضحلة.



لم تغلق سوريا حدودها، كما أسرّ لي صديقي، على اللبنانيين أو سائر العرب والأجانب فقط، بل حتى على السوريين الراغبين بالعودة إلى وطنهم من بلدان الانتشار، هذا يبرّر عينًا رفض سوريا عودة نازحيها من لبنان، كما توقّع عدد من السياسيين، فهي لم تحصر المنع من لبنان بل من العالم كلّه بدليل إغلاق مطار دمشق الدوليّ. لا يعني هذا على الإطلاق بأنّ الدولة السوريّة ليست لديها نظرة إنسانيّة ووجدانيّة تجاه رعاياها في الخارج، بل هي تعمل على تجنّب امتداد الكوفيد-19 إلى الداخل السوريّ حتى لا يتفشّى في القرى والبيئات المغلقة وفي المدن. وبحسب صديقي فإنّ الدولة السوريّة ممدودة عبر سفاراتها إلى رعاياها وتقف عند حاجاتهم، وقلبها مفتوح لكلّ سوريّ راغب بالعودة حين يتنهي الوباء أو تخفّ وطأته من العالم كلّه، أو من بعض منه بحسب التدرّج الذي سيتبّع طبيًّا وعلميًّا عبر المنظمات المعنيّة.



أخذت الأنموذج السوريّ مثالاً يحتذى، وهي، أي سوريا، الجارة والشقيقة اللصيقة بلبنان، من بعدما تبلغنا وصول طائرة من نيجيريا عليها لبنانيون مصابون بالكورونا فيروس أو كوفيد-19 عددهم 34 إصابة. وصول تلك الطائرة وسواها من طائرات طرح عندي إشكالية جديّة حول علاقة المغتربين بلبنان في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها العالم، علمًا أن الوجدان المستقيم موقن بأنّ للمنتشرين الحقّ عينه الذي لنا بلبنان. جميعنا يعلم، بأنّ دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسّان دياب، كان لديه توجّه اتصف بالمخاوف الجديّة قبل أن يأخذ مجلس الوزراء قراره بعودة المنتشرين إلى لبنان، وبعيدًا عن أي التباس أخلاقيّ. ذلك أن المبادئ الأخلاقيّة تحكمت بنا وهي دومًا متحكمة ولا يمكن للدولة اللبنانيّة أن تترك أبناءها تحت خطر الإصابة في الخارج.



لكن ماذا عن المصابين الذين دخلوا لبنان منذ من جنوب إفريقيا، وقد تتكرّر المسألة من أمكنة أخرى محتملة؟ لقد تبيّن في واقع الأمور بأنّ من دخل لبنان في المراحل السابقة جاء دخولهم مدروسًا بالعمق، من البلدان التي أتوا منها وصولاً إلى مطار بيروت الدوليّ والفندق الذي أقاموا به. وقد برز وزير الصحّة الدكتور حمد حسن على رقيّ كبير قلّ نظيره، وهو رقيّ تنظيميّ وآخر علميّ.



حين اعلن معاليه عن الإصابات الأخيرة، كان وجهه مضطربًا للغاية، لم يكن حمد حسن صاحب البسمة الراجية والمليئة بالآمال الرائعة والساطعة. لقد أيقن الرجل مدى إمكانيّة خطورة تفشّي الكوفيد-19 في أعداد كبيرة، بسبب هؤلاء، على الرغم من حجرهم في مستشفى بيروت الجامعي البدء الفوريّ بالمعالجة. فلبنان أثبت مع حكومة الرئيس حسّان دياب ومنها وزير الصحة حمد حسن، قدرته الفائقة بالتصدّي للفيروس، وبلغنا مرحلة متقدّمة جدًّا في القضاء عليه، حتّى ترجّحت الإصابات بين الصفر والإصابة الواحدة في اليوم، والحمد لله أنه لم يعد توجد وفيّة واحدة بنعمة الله تعالى ومشيئته.



السؤال المطروح على وزير الصحّة، ومن بعد نجاحه في اجتباز المخاطر بنجاح أبهر العالم كلّه وبخاصًة الدول الأكثر قدرة بالمعنى العلميّ، هل ثمّة دراسة واضحة بالعمق الاستراتيجيّ قادرة على تطويق الكوفيد-19 من جديد بحال تفشّى من جرّاء مجيء اللبنانيين المنتشرين في الخارج إلى لبنان وهم مصابون؟ هذا سؤال جوهريّ. ذلك أن معظم الدول أغلقت حدودها حتى على رعاياها خشية من نقل الوباء إليها. وقد استشهدت في مطلع تلك العجالة بسوريا كشقيقة وجارة لنا قامت بإجراءات قاسية حتى على أبنائها.



ويتبيّن بفعل ذلك، بأنّ مخاوف رئيس الحكومة الدكتور دياب كانت صائبة وصحيحة، وتقول بعض الأوساط في هذا المجال، بأنّ الدولة اللبنانيّة كان بإمكانها أن تتابع واقع اللبنانيين المنتشرين في بلاد الانتشار من حيث المراقبة الصحيّة الكاملة قبل أن يأتوا إلى لبنان. المصابون بالكوفيد-19 حتمًا أحباؤنا ونحن ضنينون بهم، لكن في المقابل كان الأجدر بهم وهم العارفون بأوضاعهم أن يتابعوا العلاج حيث هم، ومن ثمّ يعودون إلى الداخل. ماذا لو حصل خلل معيّن وعاد الوباء وانتشر كما حدث في يوان في الصين من بعدما برئت المدينة منه، كل من دخلها من الخارج مصابًا اعاد إليها الفيروس مجدّدًا. ألا يفكر من عاد بدوره بأحبائه، وأهله واصدقائه في الداخل؟ وكل ذلك يتمّ إرضاء لإرادة سياسيّة تفرض نفسها على هذا الملفّ من دون الانتباه والارتكاز إلى عواقبه وتداعياته، فيبدو وكأن الطموحات والإرادات أهم من صحة اللبنانيين في الخارج والداخل. المسلّمة الأخلاقيّة الكبرى، الاعتناء بإخوتك وأهلك في الخارج، لا ريب في ذلك، ولكن أيضًا المسلّمة عند من في الخارج أن يعتنوا بأهاليهم في الداخل ووطنهم ولا يسمحوا بانتشار الوباء بسبب منهم. المسلمات الأخلاقية مشتركة ولا حياد عنها.



لقد عانى اللبنانيون حوالي مئة وخمسين يومًا في البيوت، وتباعد الأهل والأقرباء والأصدقاء عن بعضهم، توفي أشخاص لم يستطع أحباؤهم الاجتماع لوداعهم، مصانع ومعامل ومؤسسات توقفت عن العمل، مطاعم مقاه سرّحت عمالها بسبب الكوفيد-19، حتى نحصل على نتائج أفضل، حتى لا نخسر حياتنا وأحباءنا. منعنا من الاحتفال في الأسبوع العظيم المقدّس والفصح، ومن المشاركة في إفطارات رمضان، حتى لا يداهمنا الوباء وارتضينا ذلك بين الرضى والإكراه، بين التسليم الإراديّ والغضب الذاتي من البقاء في الحجر، ليس حتى نبلغ نتائج حميدة ومباركة في لبنان، فكيف نسمح بدخول طائرات تحمل إلى لبنان هذا الوباء وبتلك الكثافة؟



وهل نشير إلى المعضلة الاجتماعية والاقتصادية والماليّة المعيشة منّا جميعًا؟ هل نشير إلى الغلاء الفاحش والوحشيّ، وإلى بلوغ سعر صرف الدولار 4500ل.ل والأعمال بمجملها واقفة، والناس تحاول البحث عت إعادة فتح مؤسساتها من جديد حتى تعود شيئًا فشيئًا إلى الاستقرار، فما ان بدانا نتنفّس الصعداء حتى أتت طائرة حملت تلك الإصابات ونحن موعودون بأخرى فهل نعود إلى المربّع الأول ونخسر ما ظفرنا به كرمى لهذا السياسيّ أو ذاك؟



لا يفهم من تلك العجالة بأن كاتبها أنانيّ النظرة وآحاديّ الرؤية. نؤكّد بأنّ الواجب الأخلاقيّ والروحيّ التزام كلّ أخ لنا وافد إلى لبنان بمحبّة فائقة، والواجب عند الأخ الوافد أن يدرك إمكانية انعكاس إصابته على اللبنانيين، والواجب على الدولة أن تمنع دخول تلك الأعداد غلى لبنان بحال اكتشفت بأنها ستنعكس على النتائج سلبًا.



مع التنويه في حتام تلك العجالة، بالإصرار الكبير عند فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، ودولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب ووزيرة العدل ماري كلود نجم بدفع السلطة القضائيّة لضرب مكامن الفساد المتوحّش والغلاء الفاحش بقوّة الحقّ ومنطق القانون، هذه حكومة ملتزمة بجديّة بجدّة لبنان والتماعه نوراميًا بين الأمم.



ولنا في هذه المسألة إضاءة وتحيّة للعهد والحكومة فترقبوها في المقال المقبل.



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top