2024- 04 - 26   |   بحث في الموقع  
logo بصواريخ الكاتيوشا.. “حزب الله” يستهدف موقعا للعدو logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الجمعة logo بعد هجومها "الفاشل"... أوستن يسخر من أسلحة إيران! logo "حول تأجيل زيارة أردوغان"... تعليقٌ من البيت الأبيض logo جثةُ شاب داخل "شاليه" في الكسليك! logo أسلحة ومخدرات.. الجيش يوقف 4 أشخاص logo تدخلات الشرطة تشعل الجامعات الاميركية..وبلينكن يعتبرها من سمات الديموقراطية logo غزة:زخم جديد في المفاوضات..هل يحبطه نتنياهو؟
لا تقفوا عند حدود قانون قيصر.. فهو هشّ وأجوف (بقلم جورج عبيد)
2020-06-02 23:21:45

كثيرون ينظرون إلى قانون قيصر سيفًا مسلطًا على لبنان وسوريا معًا. لقد أشهره دونالد ترامب مع إدارته من غمده ليضعه على رأس سوريا ثمّ يرتدّ به على لبنان. لماذا وفجأة قرّر هذا الرجل إشهار سيف قيصر في هذا الظرف بالذات ولم يشهره من قبل؟

لا يسوغ بتقدير واضح التفريق بين اللحظة وهي عند ترامب "كمال الأزمنة"، وبين حركته الانتخابية الموصولة في أمعاء اللحظة وجوفها. يقول بولس الرسول: "إن الأطعمة للجوف والجوف للأطعمة"، لقد أوجد ترامب هذا القانون الموضوع على عهد سلفه باراك أوباما بذكاء خبيث وحاقد، لينقل معركته الانتخابيّة من الداخل الأميركيّ المتعثّر بل المتفجّر بالتظاهرات وأعمال الشغب بعد قتل الشرطة لجورج فلويد "اللصّ الأسود" عمدًا، إلى المدى المشرقيّ الذي يعيش قلق الوجود نتيجة الحرب الأميركيّة الماليّة والعبثيّة على لبنان وسوريا معًا.


ما يريده ترامب من نقل تلك "المعركة الانتخابيّة" إلى الدائرة المشرقيّة رضى المنظمات اليهوديّة عليه بتكثيف أصواتها لصالحه. ويحاول، بالتالي، إشاحة النظر عن واقع التمزّق العميم الذي تشهده الولايات الأميركيّة المتحدة، بعد حادثة قتل الشرطيّ الأبيض لجورج فلويد اللصّ الزنجيّ الأسود بطريقة عنصريّة حاقدة وحقيرة. ما يفعله ترامب من إشهار "سيف قيصر"، أنه يحاول الربط بين تطويق سوريا من أربع حدود لبنانيّة-سوريّة، أردنيّة-سوريّة، عراقيّة سوريّة ناهيك عن الحدود التركيّة-السوريّة المغلقة في الأساس بفعل الحرب، وصفقة القرن المجوّفة والتي يحاول تعويمها، وبين القرارين 1559 و1701 في لبنان مع تشديد الأميركيين وعلى لسان ديفيد شينكر بوضع قوات دوليّة على كلّ الحدود اللبنانيّة-السوريّة، وإغلاق المعابر غير الشرعيّة مع سوريا، وهو بهذا يشدّد الخناق على حزب الله.  


لقد انتدبوا لهذه الغاية السفيرة الأميركيّة في بيروت دوروثي شيا لتتصرّف مع اللبنانيين بصيغة الآمر الناهي، وتفرض عليهم بعدم توجيه المساعدات إلى سوريا والاستمرار بمحاصرة حزب الله، لكن لم يخرج أحد من اللبنانيين ركبه مشدّدة وهامته مرفوعة إلى فوق ومكلّلة بالنور والحقّ ليقول للسيدة شيا، إهتمي بشؤونك الداخليّة، أنظري إلى حال بلادك كيف امست بعد تحوّل الفوضى الخلاّقة إليها وغزوها الولايات كلّها، وكنتم تخطّطون لكي تغزو مشرقنا كمطلق لتقسيمه، لم يعدلك شأن على الإطلاق بمسائلنا وإرادتنا وعلاقاتنا مع الجوار... هل يجرؤ أحد قد شرب حليب السباع من ثديي أمّه ليخرج ويقول علنُا لها هذا القول، كما فعل المغفور له الرئيس سليمان فرنجيّة حين طرد دين براون من منزله لأنه جاء ببدعة نقل المسيحيين من لبنان إلى كندا...


ممّا لا شكّ فيه أنّ القضيّة وجوديّة لأنّ الحرب الماليّة على لبنان أمضى وأعتى من الحرب العسكريّة عليه. فقد شلّت هذه الحرب البلد، بممارستها إجرام سرقة أموال المودعين وتهريبها إلى الخارج بأدوات لبنانيّة والتلاعب بسعر صرف الدولار الأميركيّ. وهي تطال بجوهرها النظام السياسيّ اللبنانيّ بمحاولة فرض تغييره عن طريق تلك الحرب وبوسائلها وطرائقها. الحرب عينها تشنّ على سوريا بتطويقها ماليًّا واقتصاديًّا وخنقها بغية إجراء تعديلات واضحة على مستوى التسوية الداخليّة فيها، وقد بيّنا وحذّرنا في هذا الموقع وسواه غير مرّة، بأنّ الأميركيين يستهلكون الأرض اللبنانيّة كما الأرض العراقية كما صفقة القرن بغية تطويق التسوية السوريّة المتصاعدة من النتائج المحقّقة ميدانيًّا، لا سيّما بعد معركة حلب التي عدّت طريقًا للنصر والتغيير في المعادلات، وقد فهمها الأميركيون كبداءة لتراجعهم من المنطقة.


لقد فات دونالد ترامب، بأنّ قانون قيصر الصادر سنة 2016 انطلق من بيئة مختلفة عن البيئة التي يتآكلها الاضطراب في الداخل الأميركيّ. فأيّ طرح يبديه الأميركيون تجاه المنطقة يختلجه التجويه ويصاحبه التفريغ، بمعنى أنّه لن يكون ماكنًا وراسخًا وثابتًا. ذلك أنّ أميركا ما قبل كورونا شيء وما بعدها شيء آخر. فقد انكشفت عورتها بعد حادثة جورج فلويد، وهي محكومة بوضع اقتصاديّ مرير وضاغط للغاية، واجتماعيّ متفجّر بقوّة، وأمنيّ متفلّت بشدّة إلى أن انفجر ترامب بحكام الولايات ساخطًا وقائلاً لهم إقمعوهم، أي إقمعوا المشاغبين والمتظاهرين، وهذا خطاب لم يكن سائدًا قبلاً في تاريخ الرؤساء الأميركيين. لقد بلغ العجر الماليّ الأميركيّ 3000 مليار دولا أميركيّ، وثمّة عاطلون عن العمل مشلوحون في الأزقة وقد تحوّلوا إلى قنابل موقوتة بالإضافة إلى عمليات التسلّح من العيار المتوسّط والثقيل الجارية على قدم وساق، بالإضافة إلى الخسائر البشريّة الناتجة من كورونا وهي هائلة للغاية، لم تشهدها أميركا من قبل لا من قريب ولا من بعيد.


هذا الاستطراد الأميركيّ الداخليّ هدفه الإشارة الواضحة بأنّ أميركا قد فقدت القدرة على السيطرة على العالم وفرض العقوبات عليه. فمهما حاولت أميركا في الداخل اللبنانيّ تأليب بعض التبّع لها للتظاهر وإشاعة الفوضى الخلاّقة "بعصيان" من هنا وشغب من هناك، فهذا سيسقط أمام صخرة الأمن الممسوك بقوّة بعهد أمين على دوره في المحافظة على سيادة لبنان وسلامة أراضيه. هذه الزاوية التي تقف دوروثي شيا وديفيد شينكر على عتباتها، لن تكون مفتوحة لشهواتهما المتورّمة، بل مغلقة أمامهما. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأذرع الأميركيّة ليست مفتولة العضلات بل هي من حليب سائل، لا تملك القدرة على خلط الأوراق وقلب الطاولة لصالح المجتمع الدوليّ. لقد استبدل الأميركيون الضغط بتلك الأذرع بالضغط الماليّ والاقتصادي واستعمالهم لصندوق النقد الدوليّ لاستجلاب المزيد من الضغوطات، وهذا بتقدير كثيرين لن يؤديّ مؤدّاه.


من الطبيعيّ إذًا، ومن هذه الزاوية بالذات، أن تفهم الحكومة اللبنانيّة بأنّ الإدارة الأميركيّة لم تعد تملك القدرة بفرض أيّ شيء على الإطلاق. أربعة عوامل تؤكّد هشاشتها وفقدانها القدرة لا سيّما بفرض قانون قيصر وهي:


1-مرور البارجة الإيرانيّة باتجاه فنزويللا ولم يلق مرورها أيّة مقاومة واضحة.


2-عامل كورونا وقد هزم دول العالم كلّه بما فيها أميركا ماليًّا واقتصاديًّا وبشريًّا.


3-الصراع المفتوح في الداخل الأميركيّ وقد اتخذ صفة العنصريّة، وهو يتمّ على عتبة الانتخابات الأميركيّة.


4-تصاعد الدور الصينيّ وتحوّل العالم من الآحاديّة القطبيّة إلى التعدديّة في إدارته.


هذه العوامل كافية لتجويف قانون قيصر، بالإضافة إلى ذلك فهي منطلق، بالتالي، لكي تحفّز الدولة اللبنانيّة للتفكير جديًّا ومليًّا للاتجاه نحو الشرق بلوغًا نحو الصين. هذا التفكير يفترض به أن يتّجه بداءة نحو سوريا، سيّما بأنّ الحرب الأميركيّة الماليّة ليست موجّهة على سوريا بمنأى عن لبنان وليست على لبنان بمنأى عن سوريا، سيّما أيضًا بأنّ بعض الشروط التي تلوح آفاقها انكشف بالانصباب المعاكس والسلبيّ في جوف خصوصيّة العلاقة اللبنانيّة-السوريّة، واستهلاك مسألة الحدود لتشديد التطويق على سوريا ولبنان، وجذب لبنان نحو فتنة يعرف الأميركيون بأنّها لن تكون ناجحة. ماذا لو قرّر حزب الله السيطرة المطلقة (كمجرد سيناريو) على المناطق الحدوديّة وفصلها عن الداخل اللبنانيّ، ماذا سيجني الأميركيون من ذلك حتى لو اضطر الإسرائيليون تفجير منطقة الجنوب فهل نسوا تقرير فينوغراد، ونتنياهو بدوره غارق في بحران كبير ولجج خطاياه الكثيرة؟


ليس من حلّ سوى أن تتوجّه الحكومة اللبنانيّة نحو سوريا والتباحث مع الحكومة السوريّة بفتح الحدود وعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، والعمل على نحت السوق المشرقيّة، وهذا وحده كاف لخلاصنا أجمعين. 



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top