2024- 04 - 24   |   بحث في الموقع  
logo كتاب من مطر الى وزارة التربية..اليكم ما جاء فيه logo نائب رئيس الأركان البريطاني: مستمرّون في دعم الجيش اللبناني logo واشنطن تؤجل العقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"..نتيجة الغضب الإسرائيلي logo نداءٌ “هام” من نقابة عمال ومستخدمي المعاينة الميكانيكية logo سرقة مبلغ كبير من المال من داخل سيارة logo "كلهم قاصرون"... توقيف 7 على صلة بطاعن الكاهن في سيدني logo "حالة إستثنائية"... جلسة حاسمة غدًا! logo لقاء معراب "المُلتبس"... جعجع يسعى إلى زعامة المعارضة؟!
ما يعيشه لبنان اعتداء واضح عليه، وخطاب البارحة أكمل رسم خريطة المواجهة (بقلم جورج عبيد)
2020-07-09 09:17:58



لفت النظر منذ مدّة كلام خطير قاله النائب الصديق جورج عطالله مفاده بأنّ مجموعة من الوزراء السابقين يتواصلون مع رئيس حكومة عراقيّ سابق يظنّ بعضهم بأنّه آياد العلاّوي الأميركيّ الوهج والنهج بغية تعطيل التواصل اللبنانيّ-العراقيّ، وتعطيل التبادل المنتظر بين لبنان والعراق. ليس غريبًا صدور تصرّف كهذا، فجزء من هؤلاء تمرّسوا على التوسّل والضغوط على مواقع القرار الدوليّ بهدف تعطيل أي استثمار أو فعل تستفيد منهما الدولة اللبنانيّة أو الحكومة اللبنانيّة. 
 
إن صدق ما قاله جورج عطالله، فإنّ هؤلاء يفترض أن ينكشفوا أمام الرأي العام بالوقائع والتفاصيل ويساقوا إلى المحاكمة بتهمة الخيانة. تلك خيانة ليس بعدها خيانة حين يقف مسؤولون سابقون ضدّ وطن كانوا قد سرقوه ونهبوه، أكلوا لحمه ورموه مجموعة عظام مبعثرة، والسؤال الذي يلاحق أحدهم أين هي 11 مليار دولار أميركيّ منهوبة من الدولة اللبنانيّة؟ إنهم يقفزون من النهب والسلب إلى التحريض الكريه. تلك هي الخيانة، حين يتوغّل هؤلاء ويسرفون بتعطيل نوعيّة التبادل المطروح ما بين لبنان والعراق. وعلى هذا، فإنّ الميابة العمّة مدعوّة لتعتبر كلام عطالله بمثابة إخبار فتتحرّك وتجري التحقيقات بناء عليه. وعلى الدولة اللبنانيّة أن تتحرّك بصورة مباشرة وتصدر بيانًا تكشف فيه حراك هؤلاء متبرّئة منه ومصرّة على التواصل مع العراق وسواها من دول شقيقة وصديقة بهدف إعادة الحياة للبنان.
 
لبنان بهذا المشهد أمام سابقة خطيرة من نوعها شكلاً ومضمونًا لم تحدث من قبل، ودولة الرئيس نبيه برّي، الذي اظهر حرصه على التكامل مع التيار الوطنيّ الحرّ ومع الجميع، يرجى منه أن يحرّك المجلس النيابيّ لمساءلة رئيسين سابقين من هؤلاء كنائبين حاليين والتفضل بالتحقيق معهما من خلال اللجنة النيابيّة المختصّة بهذا الشأن، فإذا ما ثبت ذلك التواصل الخبيث فهذا يؤول إلى خيانة عظمى بحقّ لبنان واللبنانيين الذين يعيشون حصارًا قويًّا وحربًا شرسة، ألا يكفي أنّ أموالهم هرّبت وسعر صرف الدولار بلغ مبلغًا لا يطاق والأسعار قد ارتفعت كلهيب نار، فيأتي هؤلاء وبكلّ وقاحة وصفاقة بمحاولات لعينة وحقيرة لا هدف منها سوى إسقاط عهد الجبل والنيل من حكومة يرأسها رجل شديد بصلابته قويّ بإيمانه وعنيد بوطنيّته.
سنترك هذا الأمر للتأمّل المليّ والتحقّق منه بسبب من خطورته الشديدة، بطبيعته المهترئة وجوهره النتن، لنضيء على كلام وزير الخارجيّة الأميركيّة مايك بومبيو، منطلقين من خطاب السيد البارحة. 
 
من سمع الخطاب البارحة لاحظ كم هو مفصليّ للغاية، ويسوغ لنا بهذا المعنى القول الصريح بأنّ ما قبله غير ما بعده. تنطلق مفصليّة الخطاب من الشفافيّة المعلنة بشكله ومضمونه لاسيّما في الإصرار على إظهار معاني المواجهة بمعاييرها وأساليبها وأسانيدها ومعالمها بلوغًا نحو سموّ معانيها. فقد بات واضحًا بأنّ الأميركيين دخلوا في حرب شرسة ومباشرة مع لبنان، يعتدون عليه وعلى اللبنانيين بشلّ الحياة الاقتصاديّة والسيرورة الماليّة، محوّلين الدولار عملتهم، والاقتصاد المدولر إلى شبح مخيف ومرعب، يقتحم بوحشيّة فائقة البيوت والجيوب والأنظمة والبلدان والمؤسسات والكيان، ثمّ يعلو ثمّ يختفي، فيما نحن فاقدون وربمّا عن عمد إمكانية احتوائه والسيطرة عليه، فيعمد على تجويع الناس بشلّ العمود الفقريّ للنظام السياسيّ والاقتصاديّ في لبنان، وهو الآن في ذروة الهيمنة على نظامنا والسيطرة على حياتنا. 
 
الأميركيون يعلمون بوضوح تام بأنّ الحرب الماليّة والاقتصاديّة قد تكون مضمونة النتائج وذات فعالية فتّاكة أكثر من الحرب الأمنيّة والعسكريّة. قبل البلوغ إلى هذا المشهد الصاخب والخانق لا بدّ من الإشارة بأنّ الإدارة الأميركيّة قد انطلقت في العلاقة مع لبنان ومشت وفقًا لمنهجيّة التوازن ما بين السياسيّ والماليّ والأمنيّ، وحافظوا بتلك المنهجيّة على الاستقرار بمعاييره كافّة. أمّا الآن فإنّ كسر التوازن المتعمّد في التوجّه الأميركيّ نحو لبنان أشّر ويؤشّر إلى التدحرج العميم غير المسبوق في تاريخ العلاقة اللبنانيّة-الأميركيّة حتى في ظلّ تحوّل حزب الله إلى الحركة السياسيّة اللبنانيّة بالتوازي والتوازن مع دوره الإقليميّ. لقد ساد الاستقرار حقبة طويلة تمت المحافظة من خلاله على لبنان، بتوازنه الداخليّ والميثاقيّ الفريد.
 
حتمًا ليس اللبنانيون مسؤولين عن نوعية هذا التدحرج. فالأدبيات اللبنانية واضحة بطراوتها، بدليل أن رئيس الجمهوريّة استقبل المارشال ماكينزي ومعه السفيرة دوروثي شيا. القضيّة أنّ الأميركيين، ومنذ الصيف الماضي، وبالتحديد منذ ما قبل 17 تشرين الأول 2019، قد بدأوا يتعاطون مع لبنان كمستعمرة من مستعمراتهم أو ككيان مبعثر غير قابل للحياة بعدما نخره الفساد بمجموعة فاسدين قد اقتسموا ثيابه فيما بينهم وعلى لباسه اقترعوا. على هذا يسوغ الاستنتاج، بأنّ الأميركيين استهلكوا واستعملوا اتفاق الطائف بصيغة خفيّة ليلاشوا ويدمّروا منظومة الدولة العادلة لصالح دولة يحكمها فاسدون ومستثمرون، كتوطئة لتدميره بصورة مباشرة من جانبها، وبناء دولة أخرى تعزّز على مدى الأيام مفهوم وطن العبور، واستبقائه وطن لجوء ونزوح، ليست فيه دولة مركزية ناهدة وناهضة في آن. قضيتهم مع الرئيس ميشال عون تتمحور هنا بالذات، لكون فخامته ران لبناء دولة ذات سيادة فيما هم عامدون على أن تبقى للبنان شبه دولة ليظلّ على تلك الصفة التي شاؤوها له، ولتنفيذ تلك الخطّة بشكل مباشر، إستندوا على القطاعات كافّة، من مصرفيّة إلى نفطيّة إلى غذائيّة إلى اقتصاديّة إلى الأفران إلى الكنيسة والجامع، حشدوها في قالب واحد ونظّموا اتجاهاتها
 
نحو قصف العهد والتحفيز للانقلاب عليه وتطويق حزب الله والتحفيز بالتالي على عصيانه بدءًا من بيئته.
عنوان معركتهم الحاليّة والمباشرة، التجويع بغية التركيع. وبحال لم يركع اللبنانيون فالتكسير. إنه أسلوب عدائيّ انكشف بالأدبيات الصادرة عن صقور الإدارة العميقة في أميركا، والذي استكمله اليوم مايك بومبيو وزير الخارجيّة الأميركيّة في حديثه الفتنويّ بقوله نحن على استعداد لمساعدة لبنان والوقوف إلى جانبه شريطة أن لا تكون الحكومة تابعة  لحزب الله. وقبل كلام بومبيو كان كلام البطريرك بشارة الراعي غاية في السوء حين طلب من رئيس الجمهوريّة تحرير الشرعيّة، ممنّ؟؟!! فيأتي كلامه من هذه الزاوية بدوره متماهيًا بالإدارة الأميركيّة وإرادتها، متفاعلاً برؤيتها وجوهرها، مترافقًا بتصوّرها ومنطلقاتها. كل ذلك يؤشّر بأنّ الصراع مع العهد والمقاومة قد بلغ ذروته بمجموعة لجج يسكبونها على أرضه لتحترق وتترمّد.
 
نعود إلى كلام السيّد لنشير بأنّه استكمل بعد كلامه السابق يرسم الخريطة السياسيّة الجديدة في معاني المواجهة. ليست المواجهة بهذا المعنى سهلة لأن الحرب ليست عسكرية كما هي مع إسرائيل والقوى التكفيريّة. بل هي حرب ماليّة واقتصاديّة ونفسيّة وإعلاميّة. دخل الرجل عمق المواجهة متسلّحًا باستراتيجيّة فعّالة لطالما نادى بها فخامة رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة العماد ميشال عون وتمسّك بها كإطار لتحرير لبنان من أزمته وإعادة تكوينه من جديد. تنطلق الاستراتيجيّة من طوي صفحة الاقتصاد الريعي الذي قاد لبنان عمدًا وقسرًا نحو إفراغ خزينته من المحتوى الماليّ.
 
ميزة ما قاله السيد، العودة إلى الأرض أي إلى الزراعة، ومن ثمّ العودة إلى الصناعة. ما أظهره طبيعيّ للغاية بل هو مسار لا يُحتاج للنقاش فيه والتباسط به بل للتسليم بمنهج إحيائه، لكون الدول والأمم والشعوب تحيا وتعيش من الصناعة والزراعة ومن إنتاجاتها وإبداعاتها. من غير الطبيعيّ الارتكاز على الاستيراد فقط من دون التصدير. لقد كان جبران خليل خبران على حق حين قال: "ويل لأمّة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تنسج". منذ سنة 1992 ولبنان يأكل من صحون قدّمت له، أغوته بالنكهات الطيبة ولم يتعوّد أن يطهو الطعام لنفسه وشعبه. لم ينطلق الاقتصاد الريعيّ من أريحيّة رفيق الحريري رحمه الله، بل من المطبخ الأميركيّ، ومن قاتل اقتصادي، كان رفيق ورياض سلامة وفؤاد السنيورة... شركاء معه، مستخدمين الإغواء للإنهاء.
 
النائبة السوريّة السابقة المهندسة ماريا سعادة قالت لصديق كبير لها، لبنان وسوريا يجب أن يعودا إلى الأرض بالفلاحة والزراعة والانتاج. روت ماريا بأنّها بدورها عادت إلى الأرض في جهاد زراعيّ كبير، بحيث تأكل هي وعائلتها مما يزرعون، وتدعو أصدقاءها الخلّص إلى مشاركتها الطعام من إنتاج الأرض. قوّة سوريا على سبيل المثال لا الحصر باكتفائيّتها الصناعيّة، لا سيّما الغذائيّة والنسيجيّة والزراعيّة. لبنان توقّف عن التصنيع لأن الصناعيين والزراعيين أُغووا بفوائد عالية جدًّا وبسندات خزينة رسّخت الكسل وعبّدت الطريق نحو المديونيّة الفائقة التصوّر. ما قاله السيد تأكيد وتأييد لوجهة العهد بالاتجاه نحو الانتاج. معظم الحكومات المتعاقبة لم تلتفت إلى الانتاج الزراعيّ والحيوانيّ بل أهملته حتى القحط، وحتى السكر والبطر، ونسينا دور الأرض بالزراعة والانتاج في حياتنا في تغذيتنا في مقاومتنا. 
 
ما قاله السيد وضع السكّة على الطريق في الاتجاه نحو المقاومة الحقيقيّة، التي أدمن عليها غاندي بدوره حين طلب من شعبه بعدم استيراد بضاعة إنكليزيّة فأطاعه شعبه وقاطع البضائع الإنكليزيّة حتى تحررت الهند من الاستعمار الإتكليزيّ عليه، وغد غاندي عنوانًا للمقاومة اللاعنفية القائدة نحو التحرّر والحريّة. العودة إلى الأرض منطلق للتحرر من حرب التجويع، شريطة أن تسمع الدولة بدورها صوت الناس، فتكبح الحكومة وحش الغلاء بالفعل اليسير وتلجم ارتفاع سعر صرف الدولار بقرارات جريئة  وحاسمة وحازمة تقود المتورطين حتى السجن.
 
الاعتداء الأميركيّ على لبنان بات واضحًا في مسراه. المهمّ أن نوقفه بإرادة احدة تعلّي مصلحة لبنان وطننا وتجعلها فوق كلّ اعتبار.    


التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top