2024- 04 - 20   |   بحث في الموقع  
logo "كألعاب الأطفال"... رد إيران التالي سيكون فوريا وعلى أقصى مستوى logo طلب "عاجل" من زيلينسكي لحلف شمال الأطلسي logo "يشبه رقصة"... مراوغةٌ في اتخاذ قرار ضربة إسرائيل logo بعد ضربة إيران... اتصالٌ بين وزيري دفاع أميركا وإسرائيل! logo "مزيد من التوتر"... ما جديد الاشتباك بين إسرائيل وحزب الله؟ logo اليكم احصاءات غرفة التحكم! logo بالأسلحة المناسبة... استهداف "صباحي" لـ حزب الله logo عناوين الصحف
أميركا في لبنان من الصلافة إلى الطراوة ومن الخشونة إلى المرونة (بقلم جورج عبيد)
2020-07-10 23:14:53



ليست الطراوة الأميركيّة الظاهرة خلال هذين اليومين بريئة من الآثام المتراكمة منذ السابع عشر من تشرين الأول الماضي سنة 2019. لبنان عندهم ليس مشتهى بل هدف استراتيجيّ يحاربون بصورة وجوديّة لكي يظلّ بالنسبة إليهم وطن عبور. مذ أن خرج "السيد الأمين العام"، وخطب بلغة صارمة داعيًا للاتجاه شرقًا، ومذ خرجت أصوات قبله وبعده تحاكي الاتجاه نحو الشرق محاكاة إنقاذيّة استراتيجيّة، ومذ بدأنا نركّز في مقابل ذلك بحركة إنتاجيّة جديدة تنطبّ على الزراعة والصناعة ضمن منظومة الاقتصاد المنتج حتّى أحسّ الأميركيون بأن اللبنانيّ غير قابل للتطويق ولا يأبه للتهديد ولا يخشى من تجويف، فهو قادر على التكيّف مع ظروفه ضمن وجود قيادات حاسمة على رأسهم فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون ودولة الرئيس الدكتور حسان دياب ومعهما السيد المهيب.


الماريشال ماكينزي زار أمس رئيس الجمهوريّة برفقة سفيرة ساهمت وبقوّة في توتير الخطاب بين أميركا ولبنان، وبدا خطابها على نمط تحريضيّ ضمن سياق فتنويّ، من دون احتسابها الخلل في موازين القوى بين مواليها أي أذرعتها والفريق الآخر أي حزب الله. واليوم حلّت السفيرة ضيفة على رئيس الحكومة الذي رفض منطقها في الشكل والمضمون، ومبيّنًا سفور عدائيّتها، ولم يأبه لحظة واحدة لتهديداتها، بل على العكس وهو الفهيم العميق في طرائق ردود الفعل الأميركيّة بحكم تاريخه الأكاديميّ العريق في الجامعة الأميركيّة في بيروت، توغّل في سلوك طريق معاكس مليء بالتحدي الصلب، فاستقبل السفير الصينيّ وبدأ التداول في تعاون استثماريّ، وزار لبنان وفد عراقيّ بغية التعاون والتبادل بين البلدين. وقد أعدّ العدّة للانفتاح على إيران والتواصل معها، من دون إغفال إمكانية "الاقتحام الفرنسيّ"، ورئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، الذي تربطه أطيب العلاقات الشخصيّة بالرئيس إيمانويل ماكرون كان المحفّز للفرنسيين باتجاه "الاقتحام" الذي ترفضه أميركا شكلاً ومضمونًا، ورئيس الحكومة حسان دياب أيّدتلك النظرية وسلك دربها بفكر وثيق وصدر عارم.


لم تكن روسيا بدورها بعيدة عن هذا التوجّه بل شجعته خلف الستائر. غير أن السفير الروسيّ الصديق العزيز ألكسندر زاسيبكين كان الوحيد القارئ والمستقرئ بصفته سفير دولة عظمى في بيروت. لقد اقتحم الأسوار منذ ما قبل تشرين الأول الماضي، وحذّر وحيدًا من انبثاث الفوضى الخلاّقة في لبنان باستهداف أميركيّ مباشر، وفي إطلالة له حذّر زاسيبكين من تحوّل الفوضى الخلاّقة إلى خالة فتنويّة تتّشح بوشاحين طائفيّ ومذهبيّ في لبنان، ثمّ أكّد من تواصل معه مؤخّرًا موافقته على ما طرحه السيد أخيرًا من مقاومة زراعية وصناعية، مثبّتًا بأن روسيا لن تتخلّى عن حلفائها ولا سيّما المقاومة، وهي إلى جانبها وإلى جانب لبنان في المواجهة.


أحد الذين تواصلوا مؤخّرًا مع السفير زاسيبكين ضمن قراءة استراتيجيّة، سمع من سعادته، بأنّأميركا خاشية من التحرّك الفرنسيّ تجاه لبنان والمنطقة، وهي تخشى بدورها من نشوء حلف متين يجمع روسيا إلى الصين وإيران، مؤكّدًا بأن كل ما يقال عن توتّر في العلاقة الروسيّة-الإيرانيّة لا معنى له ولا أساس له من الصحّة. فالعلاقة راسخة وثابتة وطيبة في شكلها ومضمونها، وطيب العلاقة هو الذي ساهم في وصول سوريا نحو نتائج مباركة على المستوى الميدانيّ إلى الآن، كما أدّى مع الأتراك للوصول إلى الأستانة. وأكّد تعاطفه مع لبنان الدولة والمقاومة في لبنان وهذا موقف روسيّ نهائيّ. وعند سؤال محدّثه هل بالإمكان أن نشهد ولادة هذا الحلف قريبًا، بعد مطالعة أكّد فيها نحدّثه عن أهمية كسر الآحاديّة القطبيّة الأميركيّة التي أخذت العالم نحو الانشطار والفراغ والخراب، مبرهنًا ومبيّنًا بأنّ الأميركيين لم يخوضوا معركة إلاّ وخسروها، ولذلك أوغلوا في استبدال المعارك العسكريّة والأمنيّة بحرب مالية واقتصادية شرسة قادرة على شلّ البلد المستهدَف كلبنان. فجاء جواب السفير مؤكّدًا بأنّ الأميركيين يتعاطون عبر فائض القوّة والسفارة الأميركية في عوكر تترجم ذلك، غير انهم يتوكأون ويتكّلون ويعتمدون على المال الخليجيّ في قوّة الدفع والضغط، فسيطروا على الوسائل الإعلاميّة وبسطوا هيمنتهم على القطاعات في لبنان، مؤكّدًا بأنّه يعمل بدوره على إنتاج حالة توازن مماثلة، وبالعودة إلى التحالف مع الصين وإيران فهو من أنصار هذه الرؤية بالضرورة وقد رأى بأنّ ذلك المثلّث يعيش حالة التعاطف، وقد يرتفع المنسوب نحو التحالف للحفاظ على التوازن في العالم، ولبنان كجزء أساسيّ من هذا العالم نظرًا لموقعه الاستراتيجيّ يستفيد منه.


تعتقد مصادر مواكبة، بأنّ السفيرة الأميركيّة وبعيد حديث وزير الخارجية الأميركيّة مايك بومبيو الذي حذّر اللبنانيين من سراء النفط الإيرانيّ والتعاطي مع السوريين، استشعرت عناد رئيسيّ الجمهوريّة والحكومة، وفي زيارتها أيضًا للرئيس نبيه برّي طلب إيجاد هوامش خاصّة بلبنان، ولم يغفل بدوره مسالة التنقيب على البلوكات 8، 9، 10، منطلقًا من ضرورة المحافظة على حقّ لبنان، ومركّزًا على ضرورة البدء بالتفاوض.


يسوغ لنا أمام هذا المشهد بالذات، أن نقيّم اللقاء والغداء بين رئيس الحكومة الدكتور دياب وبين شيا، بأنّه بدء مرحلة جديدة ستميل نحو الطراوة والمرونة من دون أن تفرّط أميركا بثوابتها أقلّه في الشكل تجاه حزب الله. وعلى الرغم من صلابة الجوهر، فإنّ الأميركيين أدركوا بأنّ الخيارات المتاحة عند اللبنانيين وعلى الرغم من استهلاكهم للدولار وتحويله شبحًا باتت أفعل وأفتك حتّى من حربهم على لبنان من خلال العودة إلى الاقتصاد المنتج، والانفتاح التجاريّ والاستثماريّ على الشرق والذي لن يكون بمقدور أميركا مقاومته، فالقسر والزجر والحزم والحسم أساليب باتت جوفاء أمام حقّ اللبنانيين في التفاعل مع العالم من ضمن مبدئيّ تكوين الذات والحفاظ على المكتسبات. وقد استشعرت أميركا بأنها غير قادرة على الاتكال على حلفائها التقليديين في لبنان، الذين لم يعودوا يملكون أوراق القوّة لمواجهة حزب الله، فضلاً عن فقدانهم الجهوزية الكاملة، فأية مواجهة من هذا القبيل ستثبت غلبة الحزب ومعه حلفاؤه، وحين البلوغ بعدها نحو التسوية سيفرض الحزب التيار الوطنيّ الحرّ وحزب الله شروطهما في لبنان وسينطلق النظام السياسيّ من رحم تلك الشروط.  


من هنا، وبتقدير المراقبين، فإنّ دوروثي شيا، التي تلقت تأنيبًا كما روي من وزير خارجيتها بومبيو بسبب تلبيتها استدعاء وزير الخارجية اللبنانيّ ناصيف حتّي، بدأت تتخلّى عن الخشونة والجلافة والوقاحة والصفاقة والصلافة في توجهاتها في لبنان، واتجهت نحو احتواء وصّف بالإيجابيّ انطلاقًا من الاتجاه إلى نحت نوعيّة مرنة من العلاقات بينها وبين المسؤولين اللبنانيين، وتقول المعلومات بأن الرئيس دونالد ترامب المعروف بمزاجيّته وجّهها نحو المرونة لكونه يبحث عن إيجاد صيغ للتفاوض مع إيران، وهو العارف بأنّ نمطية الصراع معها لم تعد فعّالة، والحوار هو الأكثر فعاليّة، فأطلق سراح تاج الدين كبداية وإيران أطلقت قبل ذلك ضابطًا أميركيًّا محتجزًا لديها، من دون نسيان إطلاق العميل عامر الفاخوري بمفاعيله الإيجابيّة. 


وتقول معلومات أخرى بأن زيارة الماريشال ماكينزي المعروف بتشدده المفرط تجاه إيران ودعمه المطلق لإسرائيل، أظهر دعمه للجيش اللبنانيّ، وكشف عن استعداد بلاده لاستكمال مشروع المساعدات، وسمع ممن التقاهم ولا سيّما فخامة رئيس الجمهوريّة ما يؤكّد بأن لبنان مصرّ للانفتاح على الغرب، والانفتاح نابع من جوهر التاريخ، لكنّه لن يتغرّب عن تراثه، ولن ينجرف نحو فتنة مذهبيّة أو طائفيّة وهي ليست من مصلحة أحد... والحزب لم يتعدَّ على أحد بل واجه إسرائيل والقوى التكفيريّة إلى جانب الجيش اللبنانيّ مساهمًا بحماية لبنان. وأظهر وبحسب المصادر بأنّ صدق التوجّه والنيّة يكون بالعمل على إعادة النازحين السوريين إلى سوريا وعدم استهلاكهم كأوراق ضغط على سوريا وفي لبنان. وأكّد رفض لبنان توطين الفلسطينيين ودمج النازحين، وطلب منه عدم إسقاط قانون قيصر في المدى اللبنانيّ، لأن للبنان ثلاثة أرباع الحدود مع سوريا وليس على استعداد لأن يختنق بسبب إملاءات تحذّره من التعاطي معها، وتحضّ على دمج القرارين 1559 و1701 بغية وضع قوات دولية على الحدود، وهذا سيلهب الحساسيات ويقلب موازين القوى في لبنان بل في المشرق قاطبة. الجغرافيا قياسًا للتاريخ أكبر ديكتاتور. والرسالة اللبنانية بالنسبة للرئيس الاتجاه إلى إيقاف الحرب والبدء بالتفاوض وإيجاد التسويات والبلوغ نحو مصالحات عربيّة-عربيّة تضمّد هذا الجرح النازف بصورة جذريّة ونهائيّة. فمتى تمّت المصالحات والتسويات بالمعنى الإيجابيّ ارتاح لبنان.


ختامًا يبدو أنّ الأميركيين فهموا الرسائل، وبدأوا يتعاطون معها بمرونة ستقود نحو مخارج اقتصاديّة وماليّة إيجابيّة، وقد أكّد ماكينزي، بأنّ سقوط لبنان في الفراغ غير وارد وممنوع. وإذا شئنا التقييم النهائيّ، فمن نوافل الأمور أن نفهم بأن الحراك الصينيّ في لبنان والدعم الروسيّ له والخوف من جواب إيرانيّ عنيف على الاعتداء الإسرائيليّ الأخير دعّم التوجّه الأميركيّ نحو المرونة. فأية حرب نتيجة لهذا الاحتقان أو أي توجّه مختلف ستكون أميركا أولى الدول الخاسرة تليها إسرائيل ومن ثمّ تركيا التي لا تزال تضع رجلاً في البور وأخرى في الفلاحة وقد أخذ أردوغان قرارًا يحوّل أعظم كاتدرائيّة في العالم آية صوفيا إلى مسجد، باعتداء واضح، وهذا سيستدعي حتمًا ردّة فعل روسيّة حاسمة تفتح مجالاً لروسيا لكي تحسم في سوريا وتحذّر تركيا من هذا القرار وإلا فروسيا على استعداد للمواجهة مهما كلّف الأمر.


في النهاية نحن أمام مرحلة جديدة. صفحة الخشونة الأميركية ستطوى وصفحة المرونة ستفتح، والرجاء أن تقود الصفحة الجديدة إلى الهدوء على مختلف الأصعدة.


 



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top