2024- 03 - 29   |   بحث في الموقع  
logo "الحزب" يقاتل على جبهتي الداخل والحدود: نقطة ضعف خطيرة logo اشكال وإطلاق نار في طرابلس logo بينها لبنان.. هزات أرضية تضرب هذه الدول العربيّة logo مناورة إسرائيلية "مفاجئة" شمالاً.. وواشنطن تعتبر استعادة الهدوء أولوية logo حكومة فلسطينية جديدة تبصر النور..بلا سند سياسي logo نبيل فريد مكاري يستقبل المصري ويعلن دعمه للائحة “نقابتنا” logo بأكثر من 30 طنًا من المتفجرات... تدمير نفق لحماس (فيديو) logo اتهام روسي "خطير" لأوكرانيا
فرنسنة لبنان على الطريقة الماكرونية (بقلم د. جيرار ديب)
2020-08-11 19:13:56



قال رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون خلال دردشة مع الصحافيين في قصر بعبدا الجمعة ٧-٨-٢٠٢٠، "إن حادث مرفأ بيروت تقريبًا فكّ الحصار عن لبنان، لأن جميع رؤساء الدول الفاعلة بادروا للإتصال بي والمساعدة وإرسال الأدوية".


الكارثة وقعت في المرفأ، والضحايا سقطت، وأطلقت التحليلات والاستنتاجات على الفور، وسيقت الإتهامات في كل الإتجاهات. وقعت الكارثة، وذلك قبل أيام من الإحتفال بالمئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير، في قصر الصنوبر عام 1920، بقيادة فرنسا. على وقع الكارثة، أتى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على وجه السرعة إلى لبنان، حاملًا في جعبته هدفين.


الهدف الأول، إنساني بحت. إذ لم تزل فرنسا ترتبط مع شعب لبنان تحديدًا، بنوع من مشاعر الحنين إلى ذلك البلد، الذي يشكّل جزءًا أساسيًا من ذاكرة التاريخ الفرنسي الإنتدابي. فالرئيس ماكرون، أخذ على عاتقه تأمين الدعم من الدول المانحة إلى بيروت المنكوبة، حيث استطاع الحصول على تعهدات بقيمة 252.7 مليون يورو، لتقديم المساعدة في القريب العاجل إلى لبنان. 


إذًا، على صعيد الدعم المادي، استطاع ماكرون جمع التبرعات لإعادة إعمار لبنان، وحثّ الدول على المساعدة. وبالتزامن مع الدعم المادي، برز الدعم المعنوي للبنان، وهذا هو المطلوب. إذ نجح الرئيس ماكرون، من كسر طوق الضغوطات الأميركية والعربية المفروضة على لبنان. فمشاركة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في المؤتمر الداعم للبنان، الذي تمّ عبر الأونلاين، وتقديمه الدعم، وقد سبق هذا اتصال مع الرئيس عون والتأكيد على الوقوف إلى جانب لبنان في محنته، دلالة واضحة لإخراج لبنان من عزلته، ولكن بشروط طبعًا.


الهدف الثاني، سياسي-إقتصادي بامتياز. سياسي، من خلال سحب لبنان من سياسات التدويل التي وضعت البلد في المحور الإيراني، وعدم تركه ينغمس شرقًا نحو المشروع الصيني. فإنّ إجتماع الرئيس ماكرون، مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمد رعد، إشارة واضحة لاعتراف فرنسا بدور الحزب في الحلّ الداخلي، وعدم استبعاده عن اللعبة السياسية، كما كان المطلب الأميركي.


رافق هذا، اجتماع موسّع في قصر الصنوبر مع كافة مكونات السلطة. حيث كشف الرئيس ماكرون، في هذا الإجتماع، النيّة من إعادة هيكلة النظام السياسي للبنان. هذا النظام، الذي تعتبره فرنسا أصبح مهترئًا، ويجب تطويره، على قاعدة بناء المجتمع المدني، وليس الطائفي. 


أمام هذان الهدفان، نطرح السؤال التالي: هل سلّم الأميركي، لبنان إلى اللاعب الفرنسي، تمامًا كما حصل بعد الطائف عام ١٩٩٠، عندما سلّمه إلى سوريا؟ ولكن، ما هو الثمن المطلوب من فرنسا، للسماح لها بلعب هذا الدور؟ لأنّ تسليمه إلى سوريا وقتها، كان بسبب مشاركة سوريا عسكريًا في الحرب على العراق.


الأكيد، أنّ الأميركي، راض على الدور الفرنسي، والدليل، الاتصال الذي حصل بين الرئيسين اللبناني والأميركي، الذي استمرّ لأكثر من عشرين دقيقة لدعم جهود الدور الفرنسي. ما يؤكّد أنّ هناك تعديلًا واضحًا في القرار الأميركي السابق، بمعاقبة لبنان، لإضعاف حزب الله. على ما يبدو، استطاع الفرنسي إقناع الأميركي، بأنّ ازدياد الضغط على لبنان، قد يرميه في أحضان الإيراني، وهنا تكمن الخطورة. كما وإنّ الأميركي، قد لمس جديّة السعي الإيراني للدخول إلى الساحة اللبنانية، عبر السرعة في دعم لبنان لإخراجه من محنته. ولكن هل هذا سبب كافٍ لتعديل الدور الأميركي تجاه لبنان؟ أم المطلوب من فرنسا مواقف دولية أخرى تصبّ في دعم بعض القرارات الأميركية المزعمة اتخاذها من إدارة ترامب لتعويم حملته الإنتخابية، كتوجيه ضربة لإيران، على سبيل التحليل؟


ترى الإدارة الأميركية، أنّ الدور الفرنسي في لبنان، سيقطع الطريق أمام المدّ الصيني-الروسي-الإيراني-التركي، إلى الساحة اللبنانية. ما سيقوّض خططهم في لبنان من جهة،  ويضع بالمقابل بعض الضمانات للأمن الإسرائيلي من جهة ثانية، على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة. إذ إنّ السرعة التي أتى بها الفرنسي، كان الهدف منها عودة لبنان إلى أحضان الأم الحنونة، وتفعيل دورها في لبنان بالتنسيق التام مع المطالب الأميركية.


صحيح أنّ الفرنسي، ينظر بدبلوماسية عالية لمصالحه في الشرق من البوابة اللبنانية، إلّا أنّ الأكيد، هو حرصه كل الحرص على مصالحه الإقتصادية. تأتي زيارة الرئيس الفرنسي، لدعم جهود شركة توتال النفطية، تلك التي تحتاج إلى الاستثمارات في البلوكات النفطية لا سيما رقم ٤. هذا البلوك التي قدّرت دراسات أجرتها شركة توتال، عن إحتوائه لأضخم كميات غاز في المنطقة. هذا، ما قد يهدد السيل الروسي للغاز نحو أوروبا، من خلال استجرار الغاز من لبنان إلى العمق الأوروبي. الأمر الذي يضع المصالح الروسية في مأزق، قد يدفع بها للسير مكرهةً إلى التفاوض مع الأوروبي، حيث الصراع لم يزل يشتدّ بينمها لا سيما في أوكرانيا.


إضافة إلى ذلك، فإنّ التدخل الفرنسي، يسعى لعرقلة طموح الرئيس التركي، رجب الطيب أردوغان، في الوصول إلى المياه الدافئة في المتوسط عبر البوابة الطرابلسية، وتوسيع النفوذ شمالًا، للوصول إلى الحدود السورية، فيتمّ تطويق النظام السوري هناك. فالصراع الذي بدا واضحًا في ليبيا، بين التركي والفرنسي، بالطبع سينفس الضغط فيه، في الساحة اللبنانية.


أخيرًا، مهما كانت التحليلات، استطاع الفرنسي  فرض واقع جديد في لبنان، حيث قلب المعادلة، وأعاد لبنان إلى الخارطة الدولية. وإنّ لبنان رغم مصابه الأليم، بحاجة إلى كسر تلك العزلة الدولية، ليعيد إحياء شعاره المطروح منذ عام ١٩٤٣، لا شرق ولا غرب، بل مع الأثنين لمصلحة لبنان. ورغم أنه مستبعد قيام ماكرون  بقلب النظام المهترئ الطائفي، إلّا أنه قد يستطيع وضع لبنان على السكة الصحيحة لقيام الدولة المدنية.



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top