2024- 04 - 25   |   بحث في الموقع  
logo عبّاس إبراهيم: لا مصلحة لأميركا في نشوب حرب logo بالصورة – وفد من حزب الله في كليمنصو.. من ضمّ وبماذا تمّ التباحث؟ logo إشكال بين شاب وعمّه يتطوّر إلى إطلاق نار من رشاشات حربيّة logo بيان من أمانات السجل العقاري في جبل لبنان.. ماذا جاء فيه؟ logo أحزمة نار وتدمير بلدات... تطور جهنمي في الجنوب اللبناني! logo الجيش الإسرائيلي "يزعم" استهداف مبنى عسكري لحزب الله (فيديو) logo ميقاتي بحث مع ماغرو في التحضيرات لزيارة وزير خارجية فرنسا الى لبنان.. واستقبل منصوري logo صور تغني عن ألف كلمة
بعد انسحاب الرئيس الحريري من السباق الحكومي .. "حسان دياب " باقٍ في السرايا ...(داني الاسمر)
2020-08-26 23:07:56

 الرئیس سعد الحریري یعلن إنسحابه من السباق الحكومي وعزوفه أو إعتذاره عن مھمة تشكیل حكومة جدیدة. ھذا الأمر یحصل للمرة الثانیة في غضون أشھر وفي ظروف مشابھة، وكان أسفر عن ھبوط مفاجئ لـ"حسان دیاب" في السراي الحكومي من خارج السیاق ومن خارج نادي رؤساء الحكومات، ومن دون تغطیة وموافقة أركان الطائفة السنیّة ، وأن تجربة حكومة تكنوقراط مموھة ومقنّعة لن تتكرر. ولكن ما یختلف ھذه المرة أن لا مكان لـ"حسان دیاب" آخر. للمرة الثانیة یعلن الحریري إنسحابه ویجد طریق عودته الى رئاسة الحكومة غیر سالكة. ھذا یعني أن الأسباب والظروف التي وضعته خارج الحكم ما زالت قائمة. وھذا یعكس المأزق السیاسي الذي یتواجد فیه الحریري غیر القادر على التقدم الى الصفوف الأمامیة، وغیر القادر على البقاء طویلا في الصفوف الخلفیة.

وفي الحالین یتكبّد خسائر ویواجه حال نزف في رصیده الشعبي إن عاد وفي رصیده السیاسي إن لم یعد. في بیان "الإنسحاب" الذي أراده مكتوبا ورسمیا لیؤكد على جدیة ونھائیة قراره، أوحى الحریري بأن مشكلته الرئیسیة تكمن مع الرئیس میشال عون ومع رئیس التیار الوطني الحر جبران باسیل. فھذا البیان تضمن رسائل عدة منھا ما یتعلق بالمشاركة والإستشارات النیابیة خلافا لما حصل في آخر إستشارات (أدت الى تسمیة دیاب)، ولكن الرسالة الواضحة والمباشرة كانت في اتجاه بعبدا بدعوة رئیس الجمھوریة الى إحترام الدستور والدعوة فورا لاستشارات نیابیة ملزمة والإقلاع عن بدعة التألیف قبل التكلیف. وكانت أیضا باتجاه باسیل الذي ما زال (حسب تعبیر الحریري) "في حال من الإنكار الشدید لواقع لبنان واللبنانیین، ویرى في تشكیل الحكومة مجرد فرصة جدیدة للإبتزاز من زاویة أن ھدفه الوحید التمسك بمكاسب سلطویة واھیة، ولاحقا تحقیق أحلام شخصیة مفترضة في سلطة لاحقة" (في إشارة یوحي الحریري من خلالھا أن باسیل یحاول مفاوضته على الحكومة مقابل رئاسة الجمھوریة، وأنھ یرفض ھذه "المقایضة المستقبلیة"). من الواضح أن مشكلة الحریري ھي أولا مع عون وباسیل، وھذا ما یوحیه عندما یقول إنه یرفض رئاسة الحكومة حتى لا یقع مجددا تحت الإبتزاز ومن خلال تفاھم مسبق على الحكومة وربط التكلیف بالتألیف... ولكن من الواضح أیضا أن مشكلة الحریري ھي أكبر وأوسع من مجرد خلاف مستحكم مع باسیل... وعودته الى رئاسة الحكومة غیر مرحّب بھا من الحلفاء والخصوم على حد سواء، الى درجة أن تسمیته في إستشارات التكلیف ستكون ضعیفة ولا یحرز فیھا رقما مرموقا.

 فالتأیید الصریح والقاطع یأتیه من الرئیس بري فقط. أما حزب الله فإنه غیر ممانع ولكنه غیر متحمس لعودة غیر مشروطة للحریري، وتأییده له ھو "تأیید مشروط" بتلبیة متطلبات الشراكة والمساكنة من جھة، ومراعاة موقف رئیس الجمھوریة من جھة ثانیة، وھو ما لا طاقة للحریري على فعله وتحمله في ظل وضع دولي جدید أكثر تطویقا لحزب الله، وفي ضوء وضع شعبي أكثر حساسیة ونفورا تجاه حزب الله بعد حكم المحكمة الدولیة الذي أربك الساحة السنیّة، وبعد إنفجار بیروت الذي َّھز الساحة المسیحیة. موقف الحلفاء لا یبدو أفضل، ولا یشجع الحریري على المضي قدما في "مغامرة العودة"، وإن جاء ھذا الموقف من منطلقات وخلفیات أخرى.

ولید جنبلاط ضد عودة الحریري في ھذا الظرف ونصحه بالإبتعاد حتى لا یعّرض نفسه لفشل جدید ویجد نفسه مجددا أمام حائط مسدود... سمیر جعجع ضد ھذه العودة أیضا ولأسباب سیاسیة أكثر منھا "شخصیة"، بمعنى أن تولي الحریري رئاسة الحكومة في ظل الأوضاع وموازین القوى القائمة لا یلحق الضرر بشخص الحریري ورصیده فقط، وإنما بمجمل الوضع لأنه یساھم في تغطیة وإنعاش السلطة القائمة على تحالف عون ـ حزب الله، من دون أي مقابل وتنازل، وفي تكریس الواقع القائم وحیث المشكلة لیست في الحكومة وإنما في الطبقة - 3 - الحاكمة، والحل لیس في حكومة جدیدة وإنما في مجلس نیابي جدید وانتخابات مبكرة.

 یواجه الحریري وضعا داخلیا یحاصره بالضغوط ویطوّقه من كل الجھات وعلى كل المستویات ویجعله متھیّبا للموقف، ولكن مشكلته الفعلیة لیست في الداخل وإنما مع الخارج. فباستثناء الموقف الفرنسي الذي یبدو الاكثر تقبّلا لخیار الحریري على المستوى الدولي، والموقف المصري المماثل على المستوى العربي، وكلاھما على قدر من التناغم مع موقف بري وخطتھ، ما زال الموقفان الأمیركي والسعودي رافضین لتولي الحریري رئاسة الحكومة في ھذه المرحلة، وھذا الرفض إنعكس على الفرنسیین الذین ما عادوا یركزون على شخص رئیس الحكومة وإنما یعطون أولویة لبرنامج ومھمة الحكومة بصفتھا "حكومة مھمة وإنقاذ.

السعودیون رافضون لعودة الحریري الى السراي بعدما فشل لسنوات في إحداث أي خرق أو تقدم على الساحة اللبنانیة وما نتج من إحباط سنّي ومن تقدم وسیطرة لحزب الله لمصلحة المشروع الإیراني في المنطقة. وھم لا یریدون للحریري أن یكون من جدید متراسا لإنقاذ العھد وتوسیع نفوذ حزب الله... والأمیركیون الذین یشجعون على ثبات الموقف السعودي، یعتبرون أن الحریري سیكون غطاء لحزب الله ولیس قادرا على إتخاذ خطوات على صعید مواجھته، وھو ما أثبته طوال فترة وجوده على رأس الحكومة. وبالتالي، لا ترید واشنطن خصوصا في ھذه الفترة الحساسة الفاصلة عن الانتخابات الرئاسیة حكومة في لبنان یشارك فیھا حزب الله ویكون مسیطرا ومھیمنا على قراره. ولما صار من المؤكد أن إنسحاب أو إعتذار الحریري الیوم لیس مناورة لتحسین شروط التفاوض بقدر ما ھو ھروب الى الأمام ورمي لكرة المسؤولیة (مسؤولیة التعطیل والتأخیر) في مرمى عون وحزب الله...

 

فإن السؤال یصبح: كیف سیتصرف "الثنائي الحاكم"، وما ھي الخیارات المتاحة والمطروحة؟! الخیار الأول: ھو إقناع الحریري بتسمیة مرشح آخر یحظى بالقبول من الجمیع، وخصوصا من عون والحزب، ولا یكون مرشح إستفزاز أو تحدي. الخیار الثاني: أن یُصار الى إستشارات نیابیة تفضي الى "حسان دیاب آخر"، بالإحتكام الى أكثریة الأصوات. الخیار الثالث: أن تظل الدعوة الى الإستشارات النیابیة مربوطة ومشروطة بتفاھم مسبق على رئیس الحكومة. وطالما ھذا الإتفاق غیر متوافر، فإن الإستشارات وعملیة التكلیف تظل معلقة لأسابیع ومفتوحة من دون سقف زمني محدد... إنسحاب الحریري یعید خلط الأوراق ویعید الملف الحكومي الى النقطة صفر، أي النقطة التي كان فیھا بین إستقالة الحریري وتكلیف دیاب...

والنتیجة الواضحة في كل ھذا الوضع الشائك والمعقد أن حكومة تصریف الأعمال مستمرة حتى إشعار آخر، وأن إقامة حسان دیاب في السرایا ستطول، وربما ھو الآن وبین قلائل من یضحك في سره، إذ بعدما  "أقيل " ھو من رئاسة الحكومة ُودفع الى الإستقالة یرى الآن أن الحریري لم یخرج بملء رغبته و إرادته....





ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top