2024- 04 - 25   |   بحث في الموقع  
logo "في حالة واحدة"... حماس تبدي استعدادها لإلقاء السلاح! logo الكشف عن تفاصيل "مكالمة الـ 5 دقائق" بين ترمب وبن سلمان! logo طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! logo بعد ظهور اعداد هائلة من الحشرات.. بيان هام من جمعية “درب عكار” logo باسيل: سبب التمديد للبلديات ليس فقط الحرب جنوبًا logo الجامعات الأميركية:الاحتجاجات الطالبية تتوسع..ونتنياهو يطالب بوقفها logo ادرعي يُعلن قتل عدد من عناصر حماس (فيديو) logo مرة جديدة... الجيش الإسرائيلي يستهدف بعلبك!
العقدة الشيعية مرتبطة بتراكم الصراعات فهل الفرنسيون قادرون على تذليلها؟ (جورج عبيد)
2020-09-26 09:33:48



ليس انسداد الآفاق في لبنان مصدره داخليّ فقط. آن الوقت ليفهم الجميع أننا في وسط مجموعة عواصف هوجاء تجتاحنا لتطيح بنا. لقد تحوّلت قضيّة تأليف الحكومة إلى لغم موصول بمجموعة ألغام قابلة للانفجار بمجرّد أن ينفجر هذا اللغم. ليتبيّن أننا أمام أزمة تفوق النظام لتطرح مسألة الكيان كلّه في مدار البحث والتدقيق.



في هذا السياق عينه، يخطئ من يظنّ، بأنّ قضيّة الكيانيّة مكوّنة فقط في الداخل اللبنانيّ. إنّها عميمة في مدى المشرق بأسره لكونها موصولة بلعبة قذرة تقودها الولايات الأميركيّة المتحدة، جعلت من صفقة العصر وعاءً لها. ومنها انطلق التطبيع الذي قاده جاريد كوشنير بين مجموعة من الدول الخليجيّة وإسرائيل حيث بتنا أمام إنهاء كامل لفلسطين، ببيعها وتهجير أهلها من الضفّة الشرقيّة نحو الأردن.



وعلى الرغم من ذلك، الساذج هو من ظنّ أو يظنّ بأنّ خيار التطبيع وإن سرى انتصر وأفرغ المدى العربيّ من مضمونه. فالخليج وإن اتخذ الصفة العربيّة، فهو في الجيو-بوليتيك خصوصيّة إيرانيّة. وإيران، وعلى الرغم من وضعها الاقتصاديّ المنهك، لا تزال في الموقع الأقوى، تملك أوراق القوّة، وهي في صدد استجماعها ضمن خطّة استراتيجيّة ستجهد من خلالها في قلب الطاولة على الأميركيين والإسرائيليين في الخليج وخارجه. إيران عارفة بأنّ الأميركيين، ولا سيّما قبل البلوغ نحو الانتخابات الرئاسيّة، يستخدمون العناوين ويسخّرونها لمنازلتها من الخليج إلى المشرق العربيّ. كما أنّ إيران بدورها مدركة بأنّ استهداف أميركا لحزب الله سياسيًّا في لبنان، تقويض لحركته ما بين لبنان وسوريا والعراق واليمن، وتطويق لدوره المتفاعل مع قضايا المنطقة من لبنان إلى فلسطين وسوريا، وعزل ثم فصل لها في دائرة المشرق بمجموعة حروب تهدف إلى إنهاء دور الحزب في لبنان بصورة دراماتيكيّة قاتلة.



السؤال المطروح بإلحاح تام: كيف ستتعامل إيران مع صفقة القرن ومسألة التطبيع في الخليج، والحرب الأميركية على لبنان سوريا والعراق، وأين هي من المبادرة الفرنسيّة الخاصّة بلبنان؟



لقد بات واضحًا، بأنّ إيران تحضّر نفسها لقفزة جذريّة قويّة، تمدّ من خلالها يدها على الخليج، معلنة بأنه في العمق فارسيّ وليس وليد النفط الخليجيّ. وعلى هذا لن تخطو إيران أية خطوة بلا خطّة توازي وتوازن فيها بين ما هو استراتيجيّ وتكتيّ، ثمّ تجسّدها بفعل جذريّ، يعيد خلط الأوراق من جديد من الخليج إلى المشرق. وعلى هذا يبدو الإيرانيون ماخوذين بالكليّة إلى الصفقات التطبيعيّة بالتقييم المنهجيّ والهادئ، وانعكاسها على طبيعة حراكهم وجوهره ما بين الخليج والمشرق. وبحسب مصدر عميق الثقافة وقريب من إيران، وضمن سياق تقييميّ، صرّح بإنّ إيران تقرأ، بأن الحركة التطبيعيّة بآفاقها السياسيّة والاقتصادية والأمنيّة أدنت إسرائيل من حدودها مخترقة خصوصيّتها، في لحظة الانكباب الهزليّ من الخليجيين نحوها. هذا المصدر المشار إليه اعتبر بأنّ هذا كان متوقّعًا من القادة الذين استلذّوا خيار التطبيع واستطابوه خلوًّا من كرامة وقيم وشرف. وفي إضاءته اعتبر بأنّ هذا الدنوّ يشكّل خطرًا استراتيجيًّا مع تشابك المصالح النفطيّة والاقتصادية والماليّة والسياحيّة لصالح إسرائيل أكثر مما هو لذالح العرب المطبِّعين. ذلك أنّ العقل الإسرائيليّ خطر بشكله ومضمونه، ويملك القدرة على الامتداد ويشاؤه توكيدًا وتوطيدًا لحلمه. ورأى المصدر المشار إليه، بأنّ انفجار مرفأ بيروت يسّر اللحظة التطبيعيّة وسهّلها. وقد شاءها الأميركيون والإسرائيليون اللحظة الممكنة والمصنوعة، لترسيخ التطبيع وتجسيده، ولتكون المرحلة الجديدة أو الفاصلة بين ضفّة وأخرى.



تطرّق المصدر إلى معاني الاشتباك الأميركيّ-الإيرانيّ، ورأى بأنّها استراتيجيّة في تشعباتها وتفاصيلها. فأميركا تخشى كثيرًا من تكتّلات كونيّة جديدة تفرض نفسها كقوى ضاغطة وآمنة ورابحة على الخريطة الكونيّة، فتزيل الآحاديّة القطبيّة. ويعطي مثلاً على ذلك، معتبرًا بأنّ الطراوة الظاهرة في العلاقة الفرنسيّة-الإيرانيّة تربك أميركا جدًّا على الرغم من أنّ فرنسا تحاول في جانب من العلاقة إرضاء أميركا لا سيّما فيما خصّ الصواريخ البالستيّة. كما أنّ التحالف الروسيّ-الإيرانيّ في سوريا استطاع التفوّق على أميركا ومنع تأثيرها الميدانيّ بواسطة القوى التكفيريّة، وساهم مساهمة فعّالة بنصر الرئيس بشار الأسد الميدانيّ في ثلاثة أرباع المناطق السوريّة بتحريرها من رجس القوى التكفيريّة، وفي العراق كشفت إيران فعاليتها في تأمين التوازن ولو بالحدّ الأدنى للتسوية فيه، فكيف إذا بلغ التحالف متانته بينها وبين روسيا والصين؟ من هنا، اعتبر المصدر، بأنّ أميركا تحاول الاختراق عن طريق تطبيع عدد من دول مع إسرائيل من ناحية، ومحاصرة لبنان وسوريا والعراق من ناحية اقتصاديًّا وماليًّا وأمنيًّا، ضمن عنوان واحد، وهو نزع سلاح حزب الله، وإيقاف نشاط الحشد الشعبيّ العراقيّ، ودفع الأتراك لمحاولة التموضع ما بين إدلب وطرابلس شمال لبنان وليبيا. فبمجرّد نزع حزب الله من سلاحه على سبيل المثال لا الحصر وتغيير الطبقة السياسيّة لصالحها في لبنان حينئذ يكون ممكنًا لها فرض التطبيع مع إسرائيل بسهولة ومن دون أيّ نقاش واعتراض من الداخل اللبنانيّ.



سئل المصدر الثقيف أمام هذا التراكم الخبيث بل الشديد الخبث ماذا يمكن لإيران أن تفعل؟ أجاب: من المبكر جدًّا التنبّؤ بالخطوات. غير أنّ طبيعة الخليجيين من زاوية تكوّنهم واصطفافهم غير موحدّة فيما خصّ تلك المفاهيم لا سيّما على المستوى الشعبيّ. ففي البحرين، الشعب البحرينيّ لن يترك التطبيع يمرّ مرور الكرام كما في الإمارات. لقد بدأنا نرى حركات اعتراضية تظهر تدريجيًّا، وصوتها يعلو من على المنابر وفي المحافل، وستتجسّد بقوّة على الأرض لتشكّل أداة رافضة. وقد لاحظنا بأنّ السعوديين إلى الآن لم يقولوا كلمة في هذا الأمر بسبب خشيتهم من انعكاس تلك المسألة على واقعهم المرير في اليمن، وقد غدا مخيفًا بالنسبة إليهم، فضلاً عن أنّ المنطقة الشرقيّة وبخاصّة منطقة القطيف لا يزال الشيخ النّمر الذي قتلوه في أذهان أهل المنطقة يتحرّك في وجدانهم يجلجل صوته من تحت التراب. ولهذا فإنّ السلطة السعوديّة تخشى من تداعيات التطبيع على تلك المنطقة بالذات، لا سيّما أنها نفطيّة وغازيّة.



نفهم من هذا المصدر بأن الإيرانيين لن يتركوا الخليجيين يتمتعون بالتطبيع إلى ما لا نهاية، وهم يملكون القدرة بالسير في الخطّ المعاكس، وصولاً إلى قطع طريق باب المندب ومضيق هرمز من الناحية اليمنيّة، وهو الطريق الملاحيّ الرابط بين البحر الأسود والمتوسط أمام البوارج الأميركيّة وملاحتهم، فيسهل عليهم خلط الأوراق وقلب الطاولة في شمال إفريقيا والوقوف على حدود إسرائيل. واعتبر المصدر بأنّ أيّ إنزال أميركيّ أو عمليّة عسكريّة لن يكتب لهما النجاح، والرأي العام في أميركا بدوره معارض ورافض لأيّ حرب تخاض، وبحال خيضت فستنعكس على دونالد ترامب أو خليفته سلبًا في المعركة الانتخابيّة المنتظرة.



هذا التحليل وحده كاف ليكشف معنى انسداد الآفاق في أزمة تأليف الحكومة في لبنان وأسبابها. لبنان في قلب مجموعة عواصف هوجاء تهبّ في لحظة واحدة ويتدفّق منها السيل الجارف. للمرّة الأولى في تاريخ لبنان المعاصر والحديث يعيش بلدنا تراكم العواصف وتلاصقها في آن، أهمّها الآن الصراع الإيرانيّ-الأميركيّ المفتوح على غاربه، ومن ثمّ الصراع الإيرانيّ-السعوديّ الإماراتيّ، والصراع التركيّ-الفرنسيّ كما الكباش الفرنسيّ-الأميركيّ حول طبيعة الحكومة بالشكل والمضمون. ويذهب الكباش بعيدًا نحو مخاوف الأميركيين من تفوّق الدور الفرنسيّ وجودًا ونفوذًا على حساب الدور الأميركيّ، وإمكانية تواصله في لبنان مع الروس والإيرانيين والصينيين فيستوي لبنان في وعاء متين ومكين بعيدًا عن الآحاديّة الأميركيّة المستمرّة في حربها على لبنان على الرغم من انبثاث المبادرة وتفاعلها مع أطراف الصراع في الداخل.



في وسط لجج الصراعات المتصاعدة، تسير المبادرة الفرنسيّة حائرة في لحظات الفوضى والصخب والجنون والرفض المتصلّب. الفرنسيون لجأوا وسط الأنواء إلى الغموض ليكتشفوا بأنّ الغموض "الجيزويتيّ" رحم للفتنة، ثمّ قفزوا نحو الوضوح، فنحتوا حلاًّ متوازنًا فيه الكثير من المعقوليّة والمقبوليّة، حتّى دخلوا على خطّ مصطفى أديب بقوّة وبصورة مباشرة، فطلبوا منه تسريع خطى التأليف، ليتصّلوا في الوقت عينه بسعد الحريري ويطلبوا منه إبداء المزيد من الطراوة والمرونة. خرج الرجل بمبادرة مبهمة وضبابيّة تجاه المكوّن الشيعيّ، مع أنها فتحت طاقة على إمكانيّة استيلاد حلّ يكون بمثابة مخرج لهذه الأزمة.



إلى أين تسير الأزمة؟
كحتام لتلك المطالعة، إن لم تتذلّل العقد حتى مطلع الأسبوع القادم أو في أبعد حدّ حتى منتصفه، فالعقد قد تتدحرج بنا نحو هاوية سحيقة. ما يجعل مخاوفنا تعلو، ذلك الخطاب المتطرّف في توجهه لديفيد هيل، وهو المعروف باتزانه وهدوئه، الذي لفظه أمام اللجنة الخارجيّة في الكونغرس الأميركيّ حول لبنان. لقد فاجأ أصدقاءه بتحوّله العجيب من الهدوئيّة في المخاطبة والاعتدال والاتزان في التوجّه إلى التطرّف الفوقيّ والمتعجرف في بثّ الرسائل وإبداء المواقف، وكأننا أمام تماه في الأدوار بينه وبين مايك بومبيو وديفيد شينكر فيما كان متمايزًا عنهم. فرفض أية حكومة في لبنان يتمثّل فيها حزب الله. وجيفري فيلتمان في كلمته في مؤسسة مي شدياق رمى تبعة الفشل على الأذرع الأميركيّة التي وعدت سيدتها بتأمين مصالحها فباءت بالفشل.



وفي النهاية، الأمال معقودة على رئيس وسيّد يملكان الفطنة بوجه الفتنة، وقادران بالفطنة على تجويف نادي رؤساء الحكومات السابقين من الأطروحة الأميركيّة الآيلة بنا نحو الهلاك. هذا التلاقي الكبير والعميق، وحده القادر على حماية لبنان الوطن والكيان، وتحديد وجوده في هذا المشرق، فيبقى شامخًا وصلبًا ومتينًا فلا تسقطه العواصف ولا تحرقه النيران وأبواب الجحيم لن تقوى عليه، طالما "من مثل الله" وهذا اسمه يرعاه ببذل وحب كبيرين على الرغم من تقدّم السنين وشدّة العواصف.


 


العقدة الشيعية مرتبطة بتراكم الصراعات فهل الفرنسيون قادرون على تذليلها؟ بقلم جورج عبيد
ليس انسداد الآفاق في لبنان مصدره داخليّ فقط. آن الوقت ليفهم الجميع أننا في وسط مجموعة عواصف هوجاء تجتاحنا لتطيح بنا. لقد تحوّلت قضيّة تأليف الحكومة إلى لغم موصول بمجموعة ألغام قابلة للانفجار بمجرّد أن ينفجر هذا اللغم. ليتبيّن أننا أمام أزمة تفوق النظام لتطرح مسألة الكيان كلّه في مدار البحث والتدقيق.في هذا السياق عينه، يخطئ من يظنّ، بأنّ قضيّة الكيانيّة مكوّنة فقط في الداخل اللبنانيّ. إنّها عميمة في مدى المشرق بأسره لكونها موصولة بلعبة قذرة تقودها الولايات الأميركيّة المتحدة، جعلت من صفقة العصر وعاءً لها. ومنها انطلق التطبيع الذي قاده جاريد كوشنير بين مجموعة من الدول الخليجيّة وإسرائيل حيث بتنا أمام إنهاء كامل لفلسطين، ببيعها وتهجير أهلها من الضفّة الشرقيّة نحو الأردن.وعلى الرغم من ذلك، الساذج هو من ظنّ أو يظنّ بأنّ خيار التطبيع وإن سرى انتصر وأفرغ المدى العربيّ من مضمونه. فالخليج وإن اتخذ الصفة العربيّة، فهو في الجيو-بوليتيك خصوصيّة إيرانيّة. وإيران، وعلى الرغم من وضعها الاقتصاديّ المنهك، لا تزال في الموقع الأقوى، تملك أوراق القوّة، وهي في صدد استجماعها ضمن خطّة استراتيجيّة ستجهد من خلالها في قلب الطاولة على الأميركيين والإسرائيليين في الخليج وخارجه. إيران عارفة بأنّ الأميركيين، ولا سيّما قبل البلوغ نحو الانتخابات الرئاسيّة، يستخدمون العناوين ويسخّرونها لمنازلتها من الخليج إلى المشرق العربيّ. كما أنّ إيران بدورها مدركة بأنّ استهداف أميركا لحزب الله سياسيًّا في لبنان، تقويض لحركته ما بين لبنان وسوريا والعراق واليمن، وتطويق لدوره المتفاعل مع قضايا المنطقة من لبنان إلى فلسطين وسوريا، وعزل ثم فصل لها في دائرة المشرق بمجموعة حروب تهدف إلى إنهاء دور الحزب في لبنان بصورة دراماتيكيّة قاتلة.السؤال المطروح بإلحاح تام: كيف ستتعامل إيران مع صفقة القرن ومسألة التطبيع في الخليج، والحرب الأميركية على لبنان سوريا والعراق، وأين هي من المبادرة الفرنسيّة الخاصّة بلبنان؟لقد بات واضحًا، بأنّ إيران تحضّر نفسها لقفزة جذريّة قويّة، تمدّ من خلالها يدها على الخليج، معلنة بأنه في العمق فارسيّ وليس وليد النفط الخليجيّ. وعلى هذا لن تخطو إيران أية خطوة بلا خطّة توازي وتوازن فيها بين ما هو استراتيجيّ وتكتيّ، ثمّ تجسّدها بفعل جذريّ، يعيد خلط الأوراق من جديد من الخليج إلى المشرق. وعلى هذا يبدو الإيرانيون ماخوذين بالكليّة إلى الصفقات التطبيعيّة بالتقييم المنهجيّ والهادئ، وانعكاسها على طبيعة حراكهم وجوهره ما بين الخليج والمشرق. وبحسب مصدر عميق الثقافة وقريب من إيران، وضمن سياق تقييميّ، صرّح بإنّ إيران تقرأ، بأن الحركة التطبيعيّة بآفاقها السياسيّة والاقتصادية والأمنيّة أدنت إسرائيل من حدودها مخترقة خصوصيّتها،  في لحظة الانكباب الهزليّ من الخليجيين نحوها. هذا المصدر المشار إليه اعتبر بأنّ هذا كان متوقّعًا من القادة الذين استلذّوا خيار التطبيع واستطابوه خلوًّا من كرامة وقيم وشرف. وفي إضاءته اعتبر بأنّ هذا الدنوّ يشكّل خطرًا استراتيجيًّا مع تشابك المصالح النفطيّة والاقتصادية والماليّة والسياحيّة لصالح إسرائيل أكثر مما هو لذالح العرب المطبِّعين. ذلك أنّ العقل الإسرائيليّ خطر بشكله ومضمونه، ويملك القدرة على الامتداد ويشاؤه توكيدًا وتوطيدًا لحلمه. ورأى  المصدر المشار إليه، بأنّ انفجار مرفأ بيروت يسّر اللحظة التطبيعيّة وسهّلها. وقد شاءها الأميركيون والإسرائيليون اللحظة الممكنة والمصنوعة، لترسيخ التطبيع وتجسيده، ولتكون المرحلة الجديدة أو الفاصلة بين ضفّة وأخرى.تطرّق المصدر إلى معاني الاشتباك الأميركيّ-الإيرانيّ، ورأى بأنّها استراتيجيّة في تشعباتها وتفاصيلها. فأميركا تخشى كثيرًا من تكتّلات كونيّة جديدة تفرض نفسها كقوى ضاغطة وآمنة ورابحة على الخريطة الكونيّة، فتزيل الآحاديّة القطبيّة. ويعطي مثلاً على ذلك، معتبرًا بأنّ الطراوة الظاهرة في العلاقة الفرنسيّة-الإيرانيّة تربك أميركا جدًّا على الرغم من أنّ فرنسا تحاول في جانب من العلاقة إرضاء أميركا لا سيّما فيما خصّ الصواريخ البالستيّة. كما أنّ التحالف الروسيّ-الإيرانيّ في سوريا استطاع التفوّق على أميركا ومنع تأثيرها الميدانيّ بواسطة القوى التكفيريّة، وساهم مساهمة فعّالة بنصر الرئيس بشار الأسد الميدانيّ في ثلاثة أرباع المناطق السوريّة بتحريرها من رجس القوى التكفيريّة، وفي العراق كشفت إيران فعاليتها في تأمين التوازن ولو بالحدّ الأدنى للتسوية فيه، فكيف إذا بلغ التحالف متانته بينها وبين روسيا والصين؟ من هنا، اعتبر المصدر، بأنّ أميركا تحاول الاختراق عن طريق تطبيع عدد من دول مع إسرائيل من ناحية، ومحاصرة لبنان وسوريا والعراق من ناحية اقتصاديًّا وماليًّا وأمنيًّا، ضمن عنوان واحد، وهو نزع سلاح حزب الله، وإيقاف نشاط الحشد الشعبيّ العراقيّ، ودفع الأتراك لمحاولة التموضع ما بين إدلب وطرابلس شمال لبنان وليبيا. فبمجرّد نزع حزب الله من سلاحه على سبيل المثال لا الحصر وتغيير الطبقة السياسيّة لصالحها في لبنان حينئذ يكون ممكنًا لها فرض التطبيع مع إسرائيل بسهولة ومن دون أيّ نقاش واعتراض من الداخل اللبنانيّ.سئل المصدر الثقيف أمام هذا التراكم الخبيث بل الشديد الخبث ماذا يمكن لإيران أن تفعل؟ أجاب: من المبكر جدًّا التنبّؤ بالخطوات. غير أنّ طبيعة الخليجيين من زاوية تكوّنهم واصطفافهم غير موحدّة فيما خصّ تلك المفاهيم لا سيّما على المستوى الشعبيّ. ففي البحرين، الشعب البحرينيّ لن يترك التطبيع يمرّ مرور الكرام كما في الإمارات. لقد بدأنا نرى حركات اعتراضية تظهر تدريجيًّا، وصوتها يعلو من على المنابر وفي المحافل، وستتجسّد بقوّة على الأرض لتشكّل أداة رافضة. وقد لاحظنا بأنّ السعوديين إلى الآن لم يقولوا كلمة في هذا الأمر بسبب خشيتهم من انعكاس تلك المسألة على واقعهم المرير في اليمن، وقد غدا مخيفًا بالنسبة إليهم، فضلاً عن أنّ المنطقة الشرقيّة وبخاصّة منطقة القطيف لا يزال الشيخ النّمر الذي قتلوه في أذهان أهل المنطقة يتحرّك في وجدانهم يجلجل صوته من تحت التراب. ولهذا فإنّ السلطة السعوديّة تخشى من تداعيات التطبيع على تلك المنطقة بالذات، لا سيّما أنها نفطيّة وغازيّة.نفهم من هذا المصدر بأن الإيرانيين لن يتركوا الخليجيين يتمتعون بالتطبيع إلى ما لا نهاية، وهم يملكون القدرة بالسير في الخطّ المعاكس، وصولاً إلى قطع طريق باب المندب ومضيق هرمز من الناحية اليمنيّة، وهو الطريق الملاحيّ الرابط بين البحر الأسود والمتوسط أمام البوارج الأميركيّة وملاحتهم، فيسهل عليهم خلط الأوراق وقلب الطاولة في شمال إفريقيا والوقوف على حدود إسرائيل. واعتبر المصدر بأنّ أيّ إنزال أميركيّ أو عمليّة عسكريّة لن يكتب لهما النجاح، والرأي العام في أميركا بدوره معارض ورافض لأيّ حرب تخاض، وبحال خيضت فستنعكس على دونالد ترامب أو خليفته سلبًا في المعركة الانتخابيّة المنتظرة.هذا التحليل وحده كاف ليكشف معنى انسداد الآفاق في أزمة تأليف الحكومة في لبنان وأسبابها. لبنان في قلب مجموعة عواصف هوجاء تهبّ في لحظة واحدة ويتدفّق منها السيل الجارف. للمرّة الأولى في تاريخ لبنان المعاصر والحديث يعيش بلدنا تراكم العواصف وتلاصقها في آن، أهمّها الآن الصراع الإيرانيّ-الأميركيّ المفتوح على غاربه، ومن ثمّ الصراع الإيرانيّ-السعوديّ الإماراتيّ، والصراع التركيّ-الفرنسيّ كما الكباش الفرنسيّ-الأميركيّ حول طبيعة الحكومة بالشكل والمضمون. ويذهب الكباش بعيدًا نحو مخاوف الأميركيين من تفوّق الدور الفرنسيّ وجودًا ونفوذًا على حساب الدور الأميركيّ، وإمكانية تواصله في لبنان مع الروس والإيرانيين والصينيين فيستوي لبنان في وعاء متين ومكين بعيدًا عن الآحاديّة الأميركيّة المستمرّة في حربها على لبنان على الرغم من انبثاث المبادرة وتفاعلها مع أطراف الصراع في الداخل. في وسط لجج الصراعات المتصاعدة، تسير المبادرة الفرنسيّة حائرة في لحظات الفوضى والصخب والجنون والرفض المتصلّب. الفرنسيون لجأوا وسط الأنواء إلى الغموض ليكتشفوا بأنّ الغموض "الجيزويتيّ" رحم للفتنة، ثمّ قفزوا نحو الوضوح، فنحتوا حلاًّ متوازنًا فيه الكثير من المعقوليّة والمقبوليّة، حتّى دخلوا على خطّ مصطفى أديب بقوّة وبصورة مباشرة، فطلبوا منه تسريع خطى التأليف، ليتصّلوا في الوقت عينه بسعد الحريري ويطلبوا منه إبداء المزيد من الطراوة والمرونة. خرج الرجل بمبادرة مبهمة وضبابيّة تجاه المكوّن الشيعيّ، مع أنها فتحت طاقة على إمكانيّة استيلاد حلّ يكون بمثابة مخرج لهذه الأزمة.إلى أين تسير الأزمة؟كحتام لتلك المطالعة، إن لم تتذلّل العقد حتى مطلع الأسبوع القادم أو في أبعد حدّ حتى منتصفه، فالعقد قد تتدحرج بنا نحو هاوية سحيقة. ما يجعل مخاوفنا تعلو، ذلك الخطاب المتطرّف في توجهه لديفيد هيل، وهو المعروف باتزانه وهدوئه، الذي لفظه أمام اللجنة الخارجيّة في الكونغرس الأميركيّ حول لبنان. لقد فاجأ أصدقاءه بتحوّله العجيب من الهدوئيّة في المخاطبة والاعتدال والاتزان في التوجّه إلى التطرّف الفوقيّ والمتعجرف في بثّ الرسائل وإبداء المواقف، وكأننا أمام تماه في الأدوار بينه وبين مايك بومبيو وديفيد شينكر فيما كان متمايزًا عنهم. فرفض أية حكومة في لبنان يتمثّل فيها حزب الله. وجيفري فيلتمان في كلمته في مؤسسة مي شدياق رمى تبعة الفشل على الأذرع الأميركيّة التي وعدت سيدتها بتأمين مصالحها فباءت بالفشل. وفي النهاية، الأمال معقودة على رئيس وسيّد يملكان الفطنة بوجه الفتنة، وقادران بالفطنة على تجويف نادي رؤساء الحكومات السابقين من الأطروحة الأميركيّة الآيلة بنا نحو الهلاك. هذا التلاقي الكبير والعميق، وحده القادر على حماية لبنان الوطن والكيان، وتحديد وجوده في هذا المشرق، فيبقى شامخًا وصلبًا ومتينًا فلا تسقطه العواصف ولا تحرقه النيران وأبواب الجحيم لن تقوى عليه، طالما "من مثل الله" وهذا اسمه يرعاه ببذل وحب كبيرين على الرغم من تقدّم السنين وشدّة العواصف. 



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top