2024- 04 - 18   |   بحث في الموقع  
logo عن الوضع في جنوب لبنان.. هذا ما أعلنه غوتيريش أمام مجلس الأمن logo المرتضى بحث مع رئيسة المركز الدولي لعلوم الانسان SICH تفعيل التعاون الثقافي logo هجوم القنصلية:إسرائيل أخطأت التقدير..وردّ إيران كشف نقاط ضعف logo نقابة عمال كهرباء لبنان تُعلن الإضراب اعتباراً من الغد وحتى هذا التاريخ logo شو الوضع؟ الخماسية تواصل لقاءاتها ودلالات عميقة لمشهد البياضة.. باسيل يؤكد ثوابت "التيار" ومواصفات الإصلاح وبناء الدولة! logo طعن طفلتين أمام مدرسة في فرنسا! logo "من أهم القواعد"... الحوثي: الرد الإيراني كان قويا! logo "يعمل على كشف المقذوفات"... حزب الله يستهدف راداراً متطوراً في "ميرون" (فيديو)
فوضى خلاقة لبناء أي لبنان؟ (بقلم د. جيرار ديب)
2020-10-28 17:28:20



طرح زبغنيو بريجينسكي، مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأسبق رونالد ريغان، نظرية "الفوضى الخلاقة" لتقسيم الشرق الأوسط في بداية ثمانينات هذا القرن. طرحه هذا، أتى منسجمًا مع النظرية السابقة تحت عنوان "الشرق الأوسط الجديد"، التي طرحها في سبعينيات القرن نفسه، ثعلب الدبلوماسية الأميركية، هنري كسينجر، منذ توليه وزارة الخارجية في الإدارة الأميركية عام ١٩٧٣. ومع بداية ما يعرف بالربيع العربي، أو الثورات العربية، ربط المحلّلون ما يحصل بنظرية بريجينسكي، وبدأت الأنظار تنتظر تفتّت الكيانات العربية لإعادة بنائها مجدّدًا، بما يتناسب مع السياسة الأميركية في المنطقة. 


لم يكن متوقعًا، أن تُطبّق هذه النظرية في لبنان، وعلى يد اللبنانيين، إنّما الحاصل في الشارع قد يكون مؤشرًا. عمدت السياسات الدولية على حماية لبنان عبر وضع مظلّة فوقه، ليس حبًا في هذا البلد، الذي تحبك فيه عقد تكوينه، وموروثات سياسات الإنتداب، وخلفيات التدخلات العربية، والإقليمية، لا بل الدولية أيضًا؛ بل لأجل الحدّ من حركة الهجرة، لا سيما السورية، إلى أراضي أوروبا، تلك القارة التي عانت من ابتزازات أردوغان الحدودية.


تشبه الفوضى الخلاقة حالة العلاج النفسي إذ يؤكد، مارتن كروزرز، وهو مؤسس مذهب جديد في علم العلاج النفسي، أنّ الفوضى إحدى العوامل المهمة في التدريب والعلاج النفسيَّيْن، فعند الوصول بالنفس إلى حالة الفوضى يفقد الإنسان جميع ضوابطه وقوانينه، وعندها من الممكن أن تحدث المعجزات... فيصبح قادرًا على خلق هوية جديدة، بقيم مبتكرة ومفاهيم حديثة، تساعده على تطوير البيئة المحيطة به.


وسط تسارع الأحداث والضغوطات، وفي ظلّ تضارب الأهداف، وأمام مشروع ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، يبقى السؤال: كيف ستطبّق نظرية الفوضى الخلاقة على لبنان؟ ولصالح أي من المشاريع المتصارعة في هذه المنطقة؟ 


يطرح حزب الله، وفي أكثر من مناسبة، سياسية التوجّه شرقًا، عبر الطلب بربط لبنان بمحور يمرّ بسورية، وصولًا إلى الحلف الصيني – الروسي. فقد دعا، السيد حسن نصر الله، في أكثر من مناسبة الحكومة في لبنان لاعتماد خيار التوجه شرقًا، أي فتح الأسواق على الإستثمار الصيني. هذه الدعوة تتطلّب التغيير في النظام الإقتصادي للبلد، لا سيما وأنّ الصين عبر مشروعها، الطريق والحزام، تعمل على تأسيس نظام عالمي جديد، يمكنه الوقوف في مواجهة النظام الليبرالي، لاسيما في فكّ الإرتباط في التعامل بالدولار كعملة احتياط دولية. 


إذًا، التوجه شرقًا يعني الدخول في لعبة المحاور، ضمن الاصطفافات الدولية، وهذا يتطلّب تغييرًا في هوية لبنان. وللوصول إلى هذاالسيناريو، علينا إحداث الفوضى الخلاقة، تلك التي تدفع بلبنان وإقتصاده إلى حافة الإنهيار لإعادة بنائه. فهل رفض الحزب التعامل مع صندوق النقد الدولي، الهدف منه تشديد الحصار الإقتصادي للوصول إلى الفوضى، فيعيد بعدها تكوين الإقتصاد اللبناني انطلاقًا من هوية جديدة تشبه حلفه الإقليمي؟


إنّ التوجه شرقًا، يتطلّب التغيير في الهوية اللبنانية، وإعادة بنائها، بما ينسجم مع النظام المطلوب. فإحداث الفوضى في الشارع، وانهيار البلد إقتصاديًا، وربما أمنيًا، قد يساعد في تبدّل الهوية، وسلخها من واقعها المفروض عليها، منذ التأسيس. فلبنان المقاوم، هي الهوية المطلوب تأسيسها، لتثبيت محور ممانع يكون لبنان فيه، عبر حزب الله، قلبه النابض.


الهوية المحورية هذه، تتعارض كليًا، مع هوية مشروع كسينجر، تلك التي تريد من لبنان ضعيفًا، مشرذماً، غارقًا في دَينه كي يسهل الإيقاع به. لذا، استغلّت الإدارة الأميركية كافة الوسائل لوضع لبنان على طاولة التطبيع، كي تستطيع تحقيق صفقة قرنها. 


كشف وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل، في إحدى جلسات الإستماع أمام الكونغرس بأنّ الإدارة الأميركية أنفقت أكثر من ١٠ مليارات على القوى الأمنية من جهة، وعلى منظمات المجتمع المدني من جهة أخرى، لإحداث ما بات يُعرف بحراك ١٧ تشرين الأول؛ هذا الحراك الذي يحمل في طيّاته، أبعادًا استراتيجيةً تهدف إلى ضرب العهد، وزعزعة حلفه مع حزب الله، لتطويقه. تنظر الإدارة الأميركية إلى لبنان بعين الإهتمام، فسياساته الخارجية، تشكل عقبةً رئيسيةً في تنفيذ "مشروع صفقة القرن"؛ هذه الصفقة التي بدأت بوادر تطبيقها، مع مروحة التطبيعات لبعض الدول العربية.


يشهد الشرق الأوسط، صراعات من محيطه إلى خليجه، زعزعت أركان الحلم العربي بالوحدة، لا بل زرعت النزاعات بين الإخوة، من جراء التدخّلات الإقليمية والدولية. الكلّ يفتّش عن مصالحه في هذا الشرق، لاسيما بعد أن كشفت الدراسات الجيولوجية، أنّ بحارنا تحوي أعماقها كميات ضخمة من الغاز والنفط. 


يعيش لبنان اليوم، مشاريع تتعارض أهداف طارحيها على أرضه. فالأميركي يضغط على السلطة اللبنانية، لحثّها على ترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي. كما وكشفت بعض المصادر، أنّ الفريق الأمني – الأميركي، يسعى لإعادة التموضع، لقطع امتدادات طريق الحرير الصيني، علمًا بأنّ واشنطن لا تبدي أي اهتمام في موضوع تشكيل الحكومة، مؤكدة رفضها مشاركة حزب الله فيها. وفي حال مشاركته، تتصرف مع الحكومة الجديدة كتصرفها مع حكومة حسان دياب.


أمام الضغوطات الأميركية على لبنان، هناك المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون. تلك المبادرة التي اصطدمت بعرقلات داخلية، وخارجية، الأمر الذي دفع بطريق الإصلاح نحو المجهول. ففي حين يعتبر الرئيس سعد الحريري، أنّه المرشح الفرنسي لإنقاذ المبادرة، يجد نفسه أمام مشكلة الميثاقية في التشكيل، حيث الرفض الثنائي المسيحي، التيار والقوات. يعمل الرئيس الفرنسي على إنجاح مبادرته، فمصالح الشركات الفرنسية في التنقيب عن الغاز على المحكّ، لذلك يريد تحقيق الإنجازات كي يكسب الورقة اللبنانية، ويسحبها لصالحه من أيدي التركي والإيراني وحتى الأميركي.


إذًا، على ما يبدو، فإنّ فلسفة الفوضى الخلاقة هي واحدة عند فريقيّ النزاع على لبنان، ولكن بوجهين. لهذا، ليس من باب الصدفة أن يكون لهما امتداد إقليمي طبيعي، لا بل، عالمي يتخبّط في إعادة رسم العالم الجديد بعد جائحة كورونا التي أسقطت المنظومة الطبية لكثير من الدول، ويتّجه على ما يبدو لتفكيك علاقات دولية، لينتج غيرها. 


أخيرًا، إنّ خطورة إعادة بناء هوية لبنان، دفعت بالرئيس ميشال عون لدقّ جرس الإنذار، في كلمته الأخيرة من قصر بعبدا، كما وأنه وضع المجلس النيابي أمام مسؤولياته من تشكيل حكومة على قدر التحديات. فإنّ الفساد المستشري لم يكن وليد الصدفة، بل هو مدفوع به نحو إفقار البلد وتسليمه للمحور الذي سينتصر في النهاية.


 



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top