اذا كانت المعلومات المسرّبة من مسار التأليف عن حسم شبه نهائي للوزارات السيادية (المالية للشيعة، الخارجية للسنّة، الداخلية والدفاع لرئيس الجمهورية والتيار)، فإنّ النقاش حول سائر الحقائب، وخصوصاً تلك التي تٌعتبر اساسية، لم يصل بعد الى خواتيم حاسمة. فحصة تيار المرده، لم تُحسم بعد ما اذا كانت وزيراً واحداً او اثنين. اضافة الى حقيبة الاشغال التي يتولاها حالياً، والتي لا يمانع المرده في مبادلتها بما يعادلها. كما لم تُحسم بعد هويّة الحقيبة التي ستُسند الى وزير يسمّيه جنبلاط، بين أن تكون وزارة الصحة التي يريدها، او وزارة التربية، وكذلك الامر بالنسبة الى وزارة الصحة التي يبدو انّ هناك توجّهاً لانتزاعها من «حزب الله». لكن لدى الحزب تساؤلات: هل نحن فشلنا في وزارة الصحة لتُنتزع منا؟ ثم أي وزارة بديلة لها وتوازيها ستُعرض علينا؟ هنا تكشف مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، بأنّ وزارة الاشغال قد عُرضت من قِبل الرئيس المكلّف على «حزب الله» بأن يسمّي وزيرها، ولكن الحزب، وعلى أهميّة وزارة الاشغال، لم يبدِ حماسة لهذه الفكرة.
اللافت هنا، ما كشفه مواكبون لمسار التأليف لـ«الجمهورية»، بأنّ عرض الأشغال على «حزب الله» فيه شيء من المجازفة، فهذه الوزارة على صلة بالمرافئ وتحديداً مرفأ بيروت الذي يتطلّب إعادة اعمار، وأيضاً بمطار بيروت، وكذلك بأعمال البنى والإنشاء على المستوى العام، وبالتالي اسنادها الى وزير يسمّيه «حزب الله» قد لا يكون فقط محل تحفّظ داخلي، بل محل اعتراض خارجي، وخصوصاً من قِبل الدول الكبرى، التي إن كانت في وارد تقديم اي مساعدة وخصوصاً لإعادة اعمار المرفأ، فستحجم عن ذلك. والمثال وزارة الصحة التي يتولاها وزير سمّاه «حزب الله»، حيث تقاطعها الولايات المتحدة الاميركية بشكل كامل، اضافة الى أنّ المجتمع الدولي بشكل عام يتعاطى معها بما يشبه المقاطعة ايضاً.
على أنّ الحسم النهائي لتأليف الحكومة، وكما تؤكّد مصادر مواكبة له لـ«الجمهورية»، يفترض جولة مشاورات سياسية مكثفة وسريعة، يجريها الرئيس المكلّف بالتوازي مع مشاوراته مع رئيس الجمهورية، على أن تشمل رئيس مجلس النواب نبيه بري و«حزب الله» وتيار المرده والحزب التقدمي الاشتراكي، وذلك بهدف حسم توزيع الحقائب الوزارية، بما قد يمهّد للحسم النهائي لهذا التوزيع بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف. على أن يصار بعدها الى اعلان ولادة الحكومة ضمن مهلة لا تتجاوز مطلع الاسبوع المقبل.
على أنّ مشاورات حسم توزيع الحقائب هذه، تتزامن مع نصائح تبديها مراجع سياسية للرئيس المكلّف، بقطف الحكومة قبل يوم الثلثاء 3 تشرين الثاني، الذي يصادف يوم اجراء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الاميركية.
وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ هذه النصائح يؤكّد عليها رئيس سابق للحكومة، وتنطلق من خلفيّة انّ كل الاحتمالات واردة بعد الانتخابات الاميركية، حيث يُخشى إن لم تتشكّل الحكومة قبل 3 تشرين الثاني من ظهور مستجدات قد تُدخل ملف التأليف مجدّداً في متاهة الانتظار الى امد غير محدّد، كما قد تتحرّك شهوات ورغبات لدى بعض الاطراف، تعيد خلط اوراق التأليف وبالتالي تؤخّر ولادة الحكومة.