2024- 04 - 26   |   بحث في الموقع  
logo لبنان حائر بملف اللجوء السوري: العودة لخطة شرف الدين! logo لغة حماس "تتغيّر": وقف الحرب بـ1701 واتفاقية الهدنة للبنان logo الجيش يوقف 3 أشخاص لارتكابهم جرائم مختلفة logo بن غفير يرفض السماح بزيارات للمعتقلين الفلسطينيين:يضرّ بالمفاوضات logo "الجيش الوطني"يطلق سراح قائد"فرقة المعتصم"..ويلاحق من عزله logo فوز الرياضي على غوركان الايراني في سلة “وصل” logo مشروعان لتنظيم البث التلفزيوني المدفوع بلبنان:ما الفارق بينIPTV وOTT؟ logo بعد مرور 6 أشهر... تقريرٌ فرنسي يظهر انقسام الرأي العام الإسرائيلي بشأن حرب غزة
لبنان أمام تدقيق مالي جنائي أم تدقيق جنائزي؟ (د.جيرار ديب)
2020-11-05 17:58:17



وقّعت الحكومة اللبنانية في الصيف الماضي عقدًا مع شركة "ألفاريز أند مارسال"، يقضي بتدقيق الشركة في حسابات المصرف المركزي وأنشطته. هي شركة للتدقيق المالي مقرّها في نيويورك، وقد تمّ تأسيسها عام ١٩٨٣. تقوم هذه الشركة باستشارات عالمية حيث تعمل على مساعدة مؤسسات وكيانات على معالجة قضايا الأعمال المعقدة، وعلى تعزيز أدائها التشغيلي.


صحيح أنّ التدقيق الجنائي مطلب الرئيس ميشال عون، يدعمه رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب، بهدف إعادة هيكلة المالية العامة للبلاد عبر استعادة الأموال المنهوبة، إلّا أنه أيضًا، يبقى مطلبًا خارجيًا، مرتبطًا بالمبادرة الفرنسية الإنقاذية، التي ستقدّمه كورقة إصلاحية لصندوق النقد الدولي والدول المانحة، لاسيما تلك الداعمة لمؤتمر "سيدر".



التدقيق المالي الجنائي، إن سلك مساره الطبيعي، يكون لبنان قد وضع على طريق الإصلاح. ولكنّ الإشكالية المطروحة: هل سيقبل المسؤولون اللبنانيون السير قدمًا في تسهيل عمل شركة التدقيق المالي الجنائي؟ لا سيما وإنّ العرقلة بدت واضحة، من قبل الوزير المعني وحاكم مصرف لبنان. هو الحاكم الذي لم يسلّم الشركة سوى ٤٢ في المائة من الملفات، متذرّعًا بقانون "السرية المصرفية" على الحسابات. قانون السرية المصرفية هذا، سيكون بمثابة قميص عثمان، يتلطّى خلفه كبار المودعين والناهبين، وسيستخدم ك "حجة" لإخفاء عمليات التحويل المالية التي تمّت إلى الخارج.



أطلق الرئيس حسان دياب، تحذيرًا من محاولة الإطاحة بالتدقيق الجنائي، لمنع اللبنانيين من معرفة حقيقة خلفيات إختفاء ودائعهم، وأسباب الإنهيار المالي والتلاعب المدروس بسعر العملة الوطنية. لذا، لم يعد مستغربًا تخوّفه من إفشال مهمة الشركة، هو الذي إختبر هذه الطبقة الحاكمة، التي أقصت حكومته ودفعت به لتقديم الإستقالة، قبل موعد إسقاطها في مجلس النواب. كما وأنّ الجميع بات يعلم، تمسّك البعض بحاكم مصرف لبنان وحمايته، لا بل وضع الخط الأحمر الطائفي حتى على خضوعه للمساءلة.



تحذير الرئيس دياب أتى، بالتزامن مع وصول فريق مدققي ألفاريز أند مارسال إلى بيروت، الذي سيعقد اجتماعًا مع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال، غازي وزني، للبحث في مضمون العقد الموقّع بين الشركة والدولة. وذلك بعدما اعتبرت الشركة، أنّ المستندات التي استلمتها من مصرف لبنان، غير كافية للاستمرار في مهامها في التدقيق الجنائي.



لم يعد خفيًا أنّ العهد يُعرقَل، وأنّ خصوم العهد يقتنصون الفرص لفرملة التدقيق الجنائي، وحتى ضربه بالضربة القاضية. كيف لا، وسياساتهم التي مارسوها منذ الطائف قد أوصلت البلاد إلى أكثر من مئة مليار دولار دينًا. فكيف سيقبلون بتدقيق مالي، يكشف حساباتهم ويفضح المستور؟ لا سيما وإنّ الهندسات المالية التي وضعت كانت بمباركتهم، لا بل بإشرافهم المباشر؟!



إنّ النكبات التي تتوالى على لبنان، باستثناء وباء كورونا، يضعها مقرّبون من العهد والتيار الوطني الحرّ في خانة التهويل والتعطيل. فمن التماطل في تشكيل حكومات سعد الحريري، إلى حراك ١٧ تشرين الأول، وصولًا إلى كارثة المرفأ، حتى إلى ممارسة العنتريات والمحسوبيات وحماية المسؤولين، كموضوع الفيول المغشوش على سبيل المثال، كلّها مفتعلة لضرب هذا العهد. بحسب المقرّبين أنفسهم، فإنّ التعطيل يهدف لردع رئيس البلاد عن مشروعه، ألا وهو المحاسبة واستعادة الأموال المنهوبة. فكلما رفع الرئيس الصوت عاليًا، كلما تولّدت أزمة جديدة، أو عرقلة بمكان ما. وكأنهم يريدون من الرئيس دفع التدقيق المالي الجنائي، وتحديد موعد جنازته.



فدَفن التدقيق الجنائي، وحثّ الشركة المدقّقة على عدم الإستمرار بمهامها، هو ما لا يقبل به رئيس البلاد. بل على العكس، سيظلّ متمسّكًا به، لأنه الأمل الوحيد لإنقاذ ما تبقى من عهده من جهة، كما وأنّه يرى فيه المفتاح الرئيسي لفتح باب مغارة علي بابا من جهةٍ أخرى، والذي بدوره قد يفتح ويفضح أبوابًا أخرى مرتبطة بهذه المغارة، كالكشف عن ملف كارثة المرفأ التي حصدت أرواحًا بريئةً، ولم يُكشف لأهاليهم حتى الآن عن مسبّبي ومرتكبي هذه المأساة.



المشكلة في لبنان، تكمن في السياسات التي حكمت واستحكمت في البلاد لأكثر من ٣٠ عامًا، أي بعد إتفاق الطائف. هذه السياسات المالية والإقتصادية، دفعت بالوصول إلى حالة الإهتراء في مؤسسات الدولة، حيث زادت المديونية وانخفضت الإنتاجية. هذا، وكانت الدول المانحة تدعم الحكومات المتوالية على السلطة بقروض رغم معرفتها بمزاريب الهدر الموجودة في مفاصل الدولة.



أمام هذا الواقع المتراكم، وفي ظلّ مطالبة صندوق النقد الدولي المفاجئة بتقديم ورقة إصلاحية تبدأ من التدقيق الجنائي، ومع غياب الدول المانحة ووقف قروضها ومساعدتها إلى لبنان، ومقاطعة عربية شاملة، في ضوء ما يحدث من تطبيع عربي، وصفقة قرن يعمل الأميركي على تحقيقها بشتى الوسائل، وترسيم حدود بين لبنان والكيان الإسرائيلي، والفروقات الحدودية التي ظهرت من قيادة الجيش والتي رفض العدو الإعتراف بها؛ كلّ هذه الأمور، يرى فيها مقرّبو العهد، إستغلالًا من قبل مناهضي التدقيق، للضغط على العهد وإثنائه عن السير بهذا الملف إلى خواتيمه.



أخيرًا، يقف التدقيق المالي الجنائي أمام مفصل هام في تاريخ لبنان الجديد، فإمّا السير به ما سيزيد من حدّة التشنجات الداخلية، ورفع الضغوطات الخارجية، مع تسجيل إنجاز في سجل الرئيس، ووضع لبنان في السكة الصحيحة، وإمّا عرقلته ودفنه، فيكون بالتالي قد قضي على عهد أراده عماده أن يكون قويًا.



د.جيرار ديب



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top