2024- 03 - 29   |   بحث في الموقع  
logo "الحزب" ينعى أربعة شهداء.. وسكان المستوطنات ينتقدون حكومتهم logo الحرارة ستنخفض.. إليكم تفاصيل الطقس logo ليست المرة الأولى... فرار 12 من سجناء داعش في سوريا! logo حزب الله ينعى "أبو حسن جاد" logo حزب الله ينعى "أبو حيدر" logo فضل الله يفصح عن السبيل "الوحيد" لمعالجة الإشكالات وإزالة الهواجس! logo "أجواء سديمية"... اليكم حال طقس عيد الفصح! logo 3 شهداء لـ”حزب الله” اليوم
إشارة الرئيس الأسد حول الودائع دعوة للتكامل بوجه الحصار الأميركيّ (بقلم جورج عبيد)
2020-11-06 22:28:01



إشارة السيد الرئيس السوريّ بشّار الأسد إلى فقدان ما بين 20 مليار دولار و42 مليار دولار من المصارف اللبنانيّة، سبق أن أضأنا عليها في هذا الموقع وأحاديث عديدة، والحقيقة بأنّ ما فقد سوريًّا قدره 40 مليار دولار وعراقيًّا 60 مليار دولار بالإضافة إلى ودائع اللبنانيين، وجميعها قد تم تهريبها إلى الخارج توًّا بعد انفجار ثورة 17 تشرين الأول سنة 2019.


غير أن إشارة سيادته وفي هذه اللحظة بالذات تحوي مدلولات عديدة في الشكل والمضمون، وهي تضيء على أسباب الأزمة التي يعيشها المثلّث اللبنانيّ-السوريّ-العراقيّ، منذ سنة 2011. أسباب الأزمة تنطلق من أنّ هذا المثلّث رفض التسليم بالمشيئة الأميركية وشروطها، وانبرى بمحاربة كلّ انبثاث تكفيريّ في بنيتها، وقبل بالإزائيّة الروسيّة-الإيرانيّة في المواجهة مع الثلاثيّة الأميركيّة-الخليجيّة-الإسرائيليّة، فيما رفض القطريون مرور أنبوب الغاز القطريّ في الداخل السوريّ. 


قيمة هذا المثلّث أنه واجه بشراسة وكسب بجدارة، وأظهر رسوخًا وثباتًا في المواجهات الضارية التي خاضها وواجهها، ومفاعيلها الإيجابيّة انعكست على لبنان والعراق بتغييرات جذريّة لا يمكن إشاحة النظر عنها بتاثيراتها ومؤثراتها المباشرة وغير المباشرة.


 ففي سوريا كان انتصار الرئيس بشار الأسد في المعركة جليًّا وقويًّا بتحريره إلى جانب حلفائه إيران وروسيا وحزب الله، ثلاثة أرباع الأراضي السوريّة وبقي الربع. وهو قيد التحرّر. وفي لبنان شكّل انتخاب العماد ميشال عون سنة 2016 رئيسًا للجمهوريّة انتصارًا قويًّا على تلك القوى التي ربطت لبنان بسوريا، سواءً بالرؤى السياسيّة أو الأعمال العدائيّة-الإرهابيّة، وقد حاولت وعملت على تحويله إلى منصّة واسعة الأطراف لإسقاط سوريا فما قدرت. ليأتي انتصار العماد عون بثقله السياسيّ المشبع بالأدبيات المشرقيّة ويعمل للقضاء على المنصّة الفاسدة والفاجرة بما شكّلته من معانٍ ومضامين. وفي العراق كان دور الجيش العراقيّ إلى جانب الحشد الشعبيّ في إنهاء تنظيمات داعش فعّالاً ممّا أنهى فعاليتها وأبطل قدرتها على قلب الطاولة، والتفاوض بين مكوناته وفئاته على قدم وساق من أجل تجسيد الحلّ السياسيّ المنطلق من إمكانيّة نجاح أو ضمان نجاح تسوية ملحوظة وممكنة بين إيران وأميركا، لإنهاء الانقسام السياسيّ العموديّ داخل المجتمع العراقيّ. وقد دخلت على الخطّ! شخصية محايدة حائزة على رضى الأطراف كلّها لتجسيد تسوية راقية تنقل العراق من منظومة الانقسامات إلى منظومة التكامل بين الجميع والشراكة في الحكم. 


الإضاءة على ما تحقّق يؤكّد معنى الحرب الأميركيّة الاقتصاديّة والماليّة على المثلّث المذكور. السؤال المطروح لماذا قرّر الأميركيّون التشدّد في الحرب ومحاصرة لبنان وسوريا على الأقل وسحب الودائع العائدة للبنانيين والسوريين والعراقيين؟ 


ميزة الأميركيين هنا انهم براغماتيون، بل صلفون ومغالون في البرغماتيّة. هيلاري كلينتون الوزيرة السابقة للخارجيّة الأميركيّة كشفت في مذكراتها بأنّ التيارات التكفيريّة والسلفيّة بدءًا من القاعدة صنيعتهم. وأنهم، تاليًا، من كوّنوها وأوجدوها وأطلقوها بحوافز يدينيّة وأيديولوجيّة وسياسيّة، ورموها في المشرق وأوروبا في البدء بهدف مواجهة الاتحاد السوفياتي، ومع سقوطه استعملوها كأوراق لها دينامياتها النارية والدموية باتجاه قلب الأنظمة وإصعافها والتغطية على الشهوات النفطية، ثمّ تحقيقها في لحظات الكمال الأميركيّ. 


بهذا المعنى الربيع العربيّ سنة 2011 صنيعتهم، كما ثورة 17 تشرين 2019 في لبنان صنيعتهم. أنشودة الشعب يريد إسقاط النظام من كلماتهم وألحانهم، أسقطوها في خلايا الأدمغة، هنا وثمّة، وحركوا الناس بها كعنوان للثورة، وخلف حجابها كانت التنظيمات التكفيريّة والسلفية من إخوانية وداعشية ونصروية، تتحرّك وتحارب وتقتل وتدمّر. وكان بعض الخليج متحفّزًا للاندراج بالتمويل والتحويل، إلى أن انفجر الصراع على رعاية الأمة الإسلاميّة أو الإسلام السياسيّ بين السعوديّة والإمارات من جهة وتركية وقطر من جهة ثانية.


ظهر هذا الصراع في أوجه بعيد انتصار الرئيس بشار الأسد، فحرك الأميركيون تركيا للإمساك بإدلب، ومن الخطأ الاعتقاد بأن الإمساك بها ناتج من تسوية بين تركيا وروسيا وإيران. بدليل أن تركيا بين الفينة والفينة تستهدف حميميم ومواقع أخرى لروسيا بهدف الضغط، ويتمّ ذلك برضى أميركيّ. كما حركوها بعد الثورة في لبنان للانسياب في طرابلس والضنية وعكار بهدف خلق بؤر إرهابيّة في سبيل إشعال فتن وفوضى داخل المدى اللبنانيّ، وكمحاولة لربط هذه البقعة الشمالية بإدلب وما إليها.


مقابل ذلك، عمل الأميركيون في لبنان، ومنذ حادثة قبرشمون الشهيرة، وربما قبلها بقليل، إلى استجماع القوى للانقضاض على العهد بمضامينه السياسيّة-السياديّة، ومنطقاته الرؤيويّة. استجمع الأميركيون أذرعتهم في لبنان، وابتدأوا يغرسون في جسده مخالبهم ليبدأ النزيف. كلّ ذلك تمّ لأنّ فريقًا ذاق النصر على قوى أوجدوها، وردع إسرائيل منذ سنة 2006 حتى لا تستطيع التفلّت بآلات الموت. ملائكتهم وأذرعتهم وأشباحهم وشياطينهم حاضرون للحظات الانقلاب. تسلّلوا على مالية لبنان المصرفيّة فخطّطوا بإمعان وقوّة للقيام بعمليات السلب. بدلّوا الخطّة من العسكرية المحطمة في سوريا والعراق، إلى الماليّة والاجتماعيّة الحارقة من لبنان له ولسوريا والعراق، على الرغم من الإقبال العراقيّ على إمكانيّة تسوية. أوراق القوّة بالمعنى الأمنيّ والعسكريّ لم تعد في حوزتهم فحولوها إلى حصار ماليّ مجرم.


المصارف على المستوى الأميركيّ مكشوفة بحكم نظام العقوبات الذي أوجدوه على سوريا وحزب الله وحلفائه. هم يعرفون المحتوى، ولهذا سلبوه من اللبنانيين والسوريين والعراقيين. ما قاله الرئيس بشار الأسد ليس اختراعًا ولا افتراءًا بل هو حقيقة وواقع حدثا بتخطيط وفي غفلة من الزمن. ما قصده الرجل بأنّنا معًا نعيش حربًا واحدة وهمًّا واحدة، ويفترض ببوح وتمتمة هامستين أنّ الوقت آن لتكثيف التعاون والتلاقي بين لبنان وسوريا للبحث في طرائق المواجهة وقضية النازحين السوريين حيث يعقد مؤتمر حولهم في غضون أيام في دمشق.


الباحث العميق والمفكر العريق الدكتور طلال أبو غزالة، في حديثه الأخير إلى برنامج بدبلوماسية مع الزميلة روزانا رمّال قال: "أميركا ليس لها قلب... أميركا لا تتكئ على منظومة القيم، أميركا ليس لها أصدقاء، أميركا تتعاطى مع العالم وفقًا لمصالحها، فقط مصالحها. وأردف قائلاً، لا تتكلوا على أيّ مرشّح يفوز فالسياسة لا تتغيّر على الإطلاق بعمقها الاستراتيجيّ، أميركا في كل الشرق مهتمة بإسرائيل واستثماراتها هي".


المطران الياس عودة وخلال استقباله للسفيرة الأميركية السابقة في بيروت أليزابيت ريتشارد قال لها: أنا أعلم بأنكم مهما حصل لن تحبوا لبنان ولن تدعموه على حساب إسرائيل، فأجابته بصراحة واقعيّة أنت صياد جيد You are a good shooter. سفير أميركا في دمشق روبرت فورد قال في حديث له: "الإدارة الأميركية تتعاطى مع قضايا الشعوب بقلّة اخلاق، ليس عندها مبادئ، عندها فقط حسابات..." وتوجّه إلى الأكراد قائلاً: لا تصدقوا هذه الإدارة الخالية من الأخلاق، إنها تطيع بالجيع وتبيعهم من أجل مصالحها..."


أميركا لا يهمها الشعب اللبنانيّ. ولا تهمها كرامة لبنان. أميركا لمّا احسّت بخسارتها في المشرق بواسطة أدرعتها الأمنية والعسكريّة، توحّشت وبدأت تواجه بلقمة الناس ومعيشتهم، وقد جندت في لبنان المصارف والقطاعات ترسيخ تلك المواجهة بآلياتها الفاجرة والمجرمة. ذراعها الأكبر ماليًّا رياض سلامة (إشارة الأسد موجهة إليه وإلى سليم صفير). إنه وكيل حربها ومن يديرها ويرفض بالتالي التعاون مع مسالة التحقيق الجنائي الذي تقوم به شركة Alvarez & Marshal تحت ستار السريّة المصرفيّة. السؤال الموجّه إلى سلامة وببساطة كاملة، كيف يمكن الدمج بين السريّة المصرفيّة في الداخل وانكشافها أمام وزارة الخزانة الأميركيّة، وخلفها على وجه التحديد الإدارة الأميركية التي طالت عقوباتها رئيس التيار الوطنيّ الحرّ جبران باسيل زورًا وظلمًا وجورًا؟


وكخلاصة نهائيّة، نلج نحو التالي:


1-  كلام الرئيس بشار الأسد دعوة للتكامل في المواجهة بين لبنان وسوريا. فالمصيبة واحدة والعنوان واحد، والخطّ المشرقيّ هو ما ينقذ لبنان ويمنحه قوّة ومناعة.


2-  لا يسوغ التلكؤ بتأليف الحكومة، وأي تلكّؤ يتحمّل مسؤوليته الرئيس المكلّف سعد الحريري الذي لا يزال يناور على حساب المسيحيين.


3-  وضع مهلة نهائيّة من قبل رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، أو تعويم حكومة الرئيس حسان دياب.


4-  يفترض بلبنان الاتجاه نحو سوريا للمشاركة في مؤتمر النازحين الذي دعت إليه موسكو وأن يكون مستوى الحضور رفيعًا لتسهيل طبيعة العودة.


5-  وضع مهلة لحاكم مصرف لبنان للتعاون مع الدولة والشركة المدققة، وإن لم يستجب فالإدّعاء عليه بات ضروريًّا ومسألة لا تحتاج للتأويل والتسويف.


6-  إصدار موقف رسمي من لبنان يدين العقوبات على جبران باسيل لكونه وزير خارجية لبنان سابقًا كما يدين أية عقوبات تفرضها أميركا على جميع المسؤولين في لبنان خلافًا للقوانين الدوليّة المرعيّة الإجراء في علاقة الدولة على الأقل من باب الاحتفاظ بحقّ لبنان في المقاضاة. هذا تعدّ سافر على سيادة لبنان المالية والقانونيّة وعلى حقوق الإنسان من باب حقّ التملّك والحياة الكريمة.


في النهاية يعتبر الخبراء بانّ بإمكانية لبنان اقتناص فرصة التهاء اميركا في انتخاباتها وخوفها من ولوج فوضى خلاّقة فيها، للقيام بخطوات جريئة تفكّ عنه الطوق وتبعث الحياة في شرايينه. هل يقدر؟ نعم يقدر. ما يحتاجه هو خيار ثابت وقرار راسخ.  


 



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top