2024- 04 - 19   |   بحث في الموقع  
logo الخطيب: للتوقف عن المناكفات السياسية وتضييع الفرص logo غروسي يدعو إلى الامتناع عن ضرب المنشآت النووية بالشرق الأوسط logo شركة طيران الشرق الاوسط عدلت مواعيد رحلات الى دبي logo بالصور: ميناسيان في البلمند logo هجوم أصفهان... رسالة إلى طهران بِقدرة تل أبيب! logo الياس بو صعب قيمة مضافة logo الهجوم لم ينطلق من إسرائيل... 3 أسباب تسقط فرضية الرد على إيران! logo خلاف وإحراق منزل... ماذا يحصل في التبانة؟
عقوبات أميركية بطعم سياسي (د.جيرار ديب)
2020-11-07 16:28:29



فرضت وزارتا الخزانة والخارجية الأميركيتان، الجمعة، عقوبات على وزير الخارجية اللبنانية، جبران باسيل. وذكرت وزارة الخزانة في بيان منشور على صفحتها، إنّ العقوبات فُرضت على باسيل بسبب دوره في انتشار الفساد في البلاد بموجب القرار التنفيذي رقم ١٣٨١٨، والذي يستهدف مكافحة الفساد ومنع انتهاكات حقوق الإنسان حول العالم.


 


لكن مهلًا، هل صحيح ما قرأناه في قرار الوزارتين؟ هل بسبب دوره في انتشار الفساد في لبنان، وانتهاك حقوق الإنسان أيضًا؟ فعلًا، إنّ شرّ البليّة ما يضحك. عن أي مكافحة فساد تتحدث تلك الخزانة ولبنان غارق بدين عام من عام ١٩٩٠ إلى عام ٢٠٠٥؟ وذلك من خلال سياسات ممنهجة، أطلق عليها الكثيرون اسم السياسة الحريرية، عمدت لنهب المال العام، ورفع نسبة المديونية إلى ما وصلت إليه. وأين كان دور الوزير باسيل يومها؟ كان لم يزل مناضلًا في صفوف العونيين لإخراج السوري، وتحرير البلاد من الوصاية ومن أزلام الوصاية السورية، وهنا كان بيت القصيد.



أزلام الوصاية، الذين لم يزالوا إلى اليوم متحكمين بمفاصل الحياة السياسية، المالية، الإقتصادية، والقضائية في البلاد. كلّ هذا وهم إلى اليوم محصنون من عقوباتكم أيها الأميركان. كلّ هذا، ولم تكن لا الخزانة ولا وزارة الخارجية الأميركيتان، تريان ما يحصل من قمع لطلاب جامعيين رفعوا شعار السيادة والحرية والإستقلال، وكان باسيل على رأسهم. هل نذكركم ب ٧ آب المشؤوم من العام ٢٠٠٠، وكيف كان القمع يومها متجليًا بأبهى صوره، بينما خزانتكم ووزير خارجيتكم، كانا مشغولين بغزو العراق؟



عن أي قمع تتحدثون، ومساعد وزير الخارجية الأميركي، ديفيد شينكر، ذكر أنّ إدراته دفعت الأموال لدعم جمعيات مدنية، جلّ ما فعتله خلال عام، أنها مارست العنف الكلامي على الوزير باسيل ووالدته. فهل هذا يندرج عندكم تحت عنوان حرية التعبير؟ وهل انتبهت ادارتكم للطريقة التي تعاطى بها الوزير باسيل مع هذه التظاهرات، بصدر رحب وانفتاح وتسامح؟



لقد أخطأتم العنوان في فرض عقوباتكم. الوزير باسيل، رئيس أكبر حزب مسيحي في لبنان، وفرملة جهوده الرامية لحثّ المسيحي على البقاء في بلاده، خطأ تاريخي، لا بل خطئية لا تغتفر في عقوباتكم. فهو استطاع فرض التوازن الطائفي في التوظيف الحكومي، وفرض الميثاقية في التعيين الوزراي. والأهم من هذا كلّه، وضع قانون إنتخابي- تمثيلي- نسبيّ، استطاع لأول مرة إعادة التمثيل المسيحي بحدّه الأقصى إلى أروقة مجلس النواب. فهل كلّ هذا، لأنّ مساعيه التي تهدف لتثبيت مسيحيي لبنان، عرقلت مشروع كسينجر التقسيمي للبنان وتغيير ديمغرافيته؟ طبعًا، فهذا سيسجل خطأً في عقوباتكم، لأنّ الوجود المسيحي في لبنان والشرق ليس عرضيًا، بل أساسي ورئيسي.



الملفت في فرض العقوبات، أنّها أتت على خلاف قانون قيصر الذي عوقب به الوزيران، علي حسن خليل ويوسف فنيانوس. ولكنه اندرج تحت قانون ماغنيتسكي، وهو مشروع قانون قُدّم من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس الأميركي، وصادق عليه الرئيس باراك أوباما في عام ٢٠١٢. هذا ما يسمح باستمرار العقوبات، مع الإدارة الأميركية الجديدة المنتظرة. وهذا ما يبرز المنحى السياسي لهذا القانون، إذ إنّ واضعيه، لا سيما وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ومن خلفه شينكر، يسعون لفرض شروطهم في مواضيع كثيرة على الوزير باسيل. هذه الشروط التي على ما يبدو لم يستطيعوا الحصول عليها من الوزير، لا عن طريق التفاوض والإملاءات، ولا حتى الإغراءات. كيف لا، والوزير باسيل ذو شخصية واضحة، لا تقبل المساومة ولا تخضع للإبتزاز، ولا تنحني للرشاوى مهما كانت، ومصلحة لبنان تبقى عنده فوق كل اعتبار.



لذلك، مهما حاول الأميركي تأطير عقوباته، بتسميات ومفاهيم، إلّا أنّها تبقى خارج المصداقية، طالما لا أدلّة تثّبت ما تدعيه هذه الإدارة. لذا، لا نرى في القرار إلّا جانبه السياسي، المتعلّق أولّا بحلفه مع حزب الله. إذ لم تستطع الإدارة الأميركية، فكّ ارتباطه بما يعتبره الوزير باسيل، حلفًا أساسيًا مع الحزب، يجب تعميمه على كافة مكونات البلد؛ لأنّ الحلف برأيه، هو ضمانة لبقاء لبنان، وقوته في وجه العدو الإرهابي والإسرائيلي.



لذا، نرى بأنّ العقوبات كشفت مدى صدقية الوزير باسيل في بناء صداقات وتحالفات صادقة، لا يخضعها للمساومة ولا للتفاوض، هذا ما دفع به لتلقي العقوبات، بدل التهرّب بحجة الخوف منها. كما يتوجب هنا، على حزب الله إعادة قراءة تحالفاته مع من ساوم لدفع العقوبات عنه، حتى لو كان ذلك على حساب حلفه مع الحزب، والتمييز بين الحليف الفعلي والمزيف.



أخيرًا، لا يجب أن ننظر إلى مفاعيل تلك العقوبات باستخفاف، لا سيما وأنّ أكثر من مصدر، كالنائب إيلي الفرزلي، صرّح بأنّ هذه العقوبات لن تؤثر على المسار السياسي للوزير باسيل. لذا، فالوزير باسيل يدرك أنّ اللاعب الأميركي، لم يزل يبسط سيطرته على سياسات المنطقة الداخلية، لا سيما الساحة اللبنانية. فهو رئيس الدبلوماسية اللبنانية لسنوات، وسيعمل بطريقته لفكّ العقوبات عنه، وذلك بعد وضوح الصورة لمن ستكون القيادة في الولايات المتحدة الأميركية.



د.جيرار ديب


 



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top