2024- 03 - 29   |   بحث في الموقع  
logo بالفيديو: حزب الله يستهدف "كريات شمونة" و"حرش راميم" logo البيت الأبيض: استعادة الهدوء على الحدود تظل أولوية بايدن القصوى logo غزة:المفاوضات في طريق مسدود لكنها لم تنته..ونتنياهو يمنع التسوية logo رمضان الميناء.. حيث تعمرُ القلوب بالبشرى والفرح!.. د. جان توما  logo أزمة إتحاد بلديّات الفيحاء: إقتراب الحلّ أم إستمرارها؟!.. عبدالكافي الصمد logo هل إنتهت لقاءات بكركي.. وضاعت الوثيقة؟!.. غسان ريفي logo "أكثر من 30 قتيلاً أغلبهم عسكريين"... انفجارات "عنيفة" قرب مطار حلب! (فيديو) logo مقرب من السنوار... من هو رائد ثابت الذي اغتاله الجيش الإسرائيلي؟
رسالة رئيس الجمهوريّة إمّا يتلقفها المجلس بخطرها الوجوديّ.. وإمّا فهو فاقد لمعناه ودوره التمثيليّ الصادق (بقلم جورج عبيد)
2020-11-26 23:28:11



مجلس النواب غدًا سيناقش رسالة فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون وقد وجهها إليه في مطلع هذا الأسبوع.


ليس الشكل الدستوريّ للرسالة لافتًا فقط على الرغم من ضرورته وأهميّته فيما يرتبط بصلاحية الرئيس لكونه وكما جاء في المادة 49 من الدستور "رئيس الدولة ويسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدة وسلامة أراضيه وفقًا لما نصّ عليها الدستور"، وفي المادة 53 الفقرة العاشرة منها، "يوجّه عندما تقتضي الضرورة رسائل إلى مجلس النواب".


ما هو لافت بجوهره، مضمون الرسالة المتعلّقة بقضية التحقيق الجنائيّ، بفعل انسحاب شركة Alvarez & Marshal منه. ما تبيّن إلى الآن، (وهذا ما يعرفه كبار المسؤولين في لبنان)، بأن انسحاب الشركة المذكورة تمّ بناءً على ضغط أميركيّ قام به مايك بومبيو بصورة مباشرة خلال وجوده في باريس. ويشبه ضغطه ذلك الضغط الذي مورس على شركة توتال الفرسيّة لكي لا تعلن نتيجة التنقيب الحقيقيّة في البلوك رقم 4، وبناء عليه كتبت توتال في ذلك الحين تقريرًا نفت وجود الغاز في هذا البلوك، علمًا أن العالم الكبير الدكتور غسان قانصو رحمه الله، أعلن في أبحاثه بأن لبنان وسوريا يرسوان على صفائح نفطية وغازية من البحر إلى البرّ.


السيناريو الأميركيّ الضاغط الذي مورس على شركة توتال الفرنسيّة مورس بدوره على شركة ألفاريز& مارسال. إنسحبت الشركة، وتركت التحقيق بلا نتائج ملموسة وواضحة، ومن المعروف بأنّ الأميركيين خشوا من سقوط عرش رياض سلامة إلى جانب شركائه من الطبقة السياسيّة الفاسدة. لقد بات واضحًا بأنّهم يريدون الاستمرار بها واستهلاكها واستعمالها واستغلالها ‘لى أن يحين أوان القطاف من بعد نضوج الثمار بحسب قراءتهم وتوقعاتهم. 


لم يكن العامل الأميركيّ وحده الضاغط، ما يبدو بأنّ الفرنسيين بدورهم قد أدغنوا، وأهملوا ورقتهم الإصلاحيّة وقد وضعوها جانبًا. والمستشار الرئاسيّ الفرنسيّ باتريك دوريل في زيارته الأخيرة لبيروت ظهر بوقًا أميركيًّا، ولم يقم على الإطلاق بتعويم الورقة الماكرونيّة، بل على العكس أجرى من بعد زيارته الأخيرة لسعد الحريري عمليّة تجويفيّة لها، منتزعًا من جوفها المضمون المتفق عليه، ومبطلاً مفاعيله لتبدو مجرّد ورقة. ولم يكن الشرط الجوهريّ في الورقة الماكرونيّة الوقوف عند تأليف الحكومة برئاسة الحريري في المطلق، بل إجراء تحقيق جنائيّ شفّاف ونهائيّ مع تلك الشركة، وإيمانويل ماكرون لم يكن على تماس أو تفاهم مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولم يقم بقراءته على الإطلاق، وقد اقترح أمام عدد من المعنيين المدير العام لمصرف الHSBC في فرنسا وأوروبا سمير عسّاف لتسلّم حاكمية مصرف لبنان، وعساف يعتبر مقرّبًا من ماكرون مثلما هو في الوقت عينه صديق مقرّب من الرئيس ميشال عون ويمتاز، وكما يبدو، بصيت رائع وجليل وجميل.


ليس عنوان البحث محصورًا بإمكانية تعويم المباردة الفرنسيّة، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الرئيس الفرنسيّ ماكرون بحال قرّر الاستمرار في زيارة لبنان في الخامس عشر من كانون الأوّل المقبل، فلن تكون مجرّد نزهة، بل للضغط المباشر لترسيخ مبدأ التحقيق الجنائيّ وتأليف الحكومة. وهو رؤيته متماهية مع رؤية فخامة الرئيس العماد ميشال عون الذي اعتبر بأنّ المساعدات الموعود بها لبنان ستحجب عنه إن لم نبدأ بالتحقيق الجنائيّ كما جاء في كلمته يوم عيد الاستقلال. إنّه الشرط الجوهريّ الذي لا حياد عنه في فكر الرئيس.


يبقى سؤال أساسيّ آخر، لماذا الرئيس الفرنسيّ مصرّ بدوره على أن يكون الرئيس سعد الحريري هو المؤلِّف للحكومة؟ هل من صفقة جمعتهما من جديد حول مؤتمر سيدر، مثلما جمعت باريس واحد واثنين الرئيس جاك شيراك مع الرئيس الراحل رفيق الحريري؟ تشير معلومات بضرورة الانتباه إلى هذه النقطة الأساسيّة والقيام بفحصها وتقييمها وتشخيصها، لأنها قد تعيد لبنان إلى محطات سوداء كانت هي السبب في وصوله إلى ما هو عليه الآن من تدحرج وانهيار فظيعين ورهيبين.


نعود إلى رسالة فخامة رئيس الجمهوريّة إلى المجلس النيابيّ، من بعد هذا الاستطراد الضروريّ. إنها تنطلق من فهم فخامته لدور المجلس بإطاريه التشريعيّ والتمثيليّ في ترسيم حقّ المحاسبة وتزخيمها وترسيخها  والتأكيد عليها. 


في البعدين النظريّ والتطبيقيّ على السواء للدستور، استند الرئيس إلى الفقرة د من مقدمة الدستور القائلة بأنّ الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة ويمارسها عبر المؤسسات الدستوريّة"، والمجلس النيابيّ منتخب مباشرة من الشعب اللبنانيّ، ويحقّ للبنانيين بحال الإغفال والخلل المحاسبة. ثمّ إنّ المادة 24 من الدستور واضحة في لتأكيد على جوهر الوكالة المعطاة من الناخبين إلى المنتخبين منهم عدا عن كونها مادة ميثاقيّة بامتياز. 


هذا الاستناد أهّل الرئيس ليس لتوجيه الرسالة فحسب على طريقة كتابة الرسائل من باب رفع العتب وإبداء الواجب. ذلك أنّ من ذاق فكر ميشال عون وتعمّق به، فهم أنّ عزيمته مأخوذة إلى فكره، وهي كم قواه لا ولن تخور مع انسحاب شركة التدقيق الجنائيّ.


لقد غدت المسألة عنده جوهريّة واستراتيجيّة، وهو عاكف على المضيّ بها نحو الأخير لمعرفة كيف سرقت أموال الدولة ومن الذي سرقها، وعلى معرفة كيف هرّبت ودائع اللبنانيين وظروفها بمعانيها وأبعادها. 


قد يبدو عند بعض المتابعين بأنّ المجلس النيابيّ على الرغم من إلزاميّة تطبيقه الدستور والعمل على تفعيله، غير أنّه مجلس سياسيّ بامتياز، ومن تديره كما أدارت السلطة التنفيذيّة الأحزاب الأساسيّة اللاعبة على الأرض والمستهلكة للقرار وعلى رأسها الرئيس نبيه برّي ومعه شركاؤه. تلك معضلة حقيقيّة تعيق عمل المجلس، ففيه، كما في دائرة السلطة التنفيذيّة اختلطت السلطات وترابطت من خلال اللاعبين ولم يلتزم عمليًّا بالفصل فيما بينها بلفظ الكتل عينها مبدأ الفصل بين الوزارة والنيابة.


على الرغم من تلك العقبة المتوسّعة والمتشرّشة، قرّر فخامة الرئيس العماد ميشال عون وضع الأمور في نصابها والحروف في نطاقها. السؤال المطروح في العمق وبشفافية، هل الكتل النيابيّة صادقة في الحقيقة بمسألة المضيّ في التحقيق الجنائيّ نحو نهاياته المضيئة والمطلوبة من الجميع؟ لمعلومات السادة النواب لم يعد التحقيق الجنائيّ متسربلاً الوشاح القانونيّ والحقوقيّ، فالوشاح مدخل إلى ما هو أعمق، والأعمق هو النظام السياسيّ المهترئ والمنخور، والوعاء الاقتصاديّ المفخوت، والبلد المنهوب والمسلوب من هويته الماليّة والاقتصادية والسياسيّة. بمعنى أنّ المسألة باتت وجوديّة بالكامل، لكون الأزمة أزمة وطن بوجوده وحضوره ودوره. 


ما يرومه الرئيس من خلال رسالته إلى المجلس النيابيّ أن يتعاطى هذا الأخير مع تلك الرسالة بمضمونها الجليّ والواضح على أنه يشي بالخطورة الفائقة بوجوديّتها، لا أكثر ولا أقلّ. عدم الكشف عن الحقائق المطلوبة في مسألة سرقة الأموال ليس خطيئة عظمى بفهم الرئيس وقراءته، بل هو الخطيئة العظمى (مع ألّ التعريف) حيث البعاد عنها أو الالتفاف عليها أو احتوائها بالطرائق الكلاسيكة زنى سياسيّ بحقّ اللبنانيين وبحقّ لبنان الوطن والكيان.


المجلس النيابيّ غدًا أمام امتحان خطير وخطير جدًّا في تاريخه. الكتل النيابية سيواجهون التاريخ إذا ما تلكأوا وأهدروا الفرصة المطلوبة. على المجلس النيابيّ أن يثبت التلاصق بين حضوره التمثيليّ ودوره التشريعيّ... وفي كلّ الأحوال إنسحاب شركة ألفاريز & مارسال، كشف الخطايا الماليّة المميتة بالسرقات والتغطيات. كشف دور رياض سلامة في تأمين الحماية والشراكة وكشف مخاوف الطبقة السياسيّة العفنة والمارقة المدّعية حرصها على الولوج في التحقيق الجنائيّ نحو النهاية في حين أن ما تضمره تلك الطبقة في القلب صامتة غير ما تكشفه على اللسان معلنًا.


إن لم يستجب المجلس النيابيّ مع رؤية الرئيس ويتحمّل مسؤولياته، حينئذ حقّ للناس أن تعلو أصواتهم بالحقّ وتجاهر به أمام الفاسدين والمفسدين. فليتذكّر رئيس المجلس النيابيّ نبيه برّي وشريكه الرئيس المكلّف بأنّ رياض سلامة وحرصهما على استمراره كاشف أنهما مع شركائهما وجه الفساد وقلبه.


وعلى ضوء ما سيخرج غدًا من المجلس سيكون للرئيس الدور الجوهريّ في تحديد المسار مع المخلصين والشرفاء.                                                     



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top