دمشق - هدى العبود

لم تكن الأعمال السورية أعمالا عادية، نظرا لما تقدمه من معلومات ثرية ترسخ في أذهان كل من شاهدها، وها نحن اليوم نشاهد الفضائيات السورية والعربية تعيد عرض مسلسل «الزير سالم» لأكثر من مرة، وذلك لاكتنازه معلومات تاريخية رسمت تاريخا لقبيلتين عربيتين من نسب واحد.

مسلسل «الزير سالم» عبارة عن رواية تاريخية جسدت شخصية «عدي بن ربيعة»، وهو شاعر عربي ينتمي الى حقبة الجاهلية قبل الإسلام وأطلقت تسمية «حرب البسوس»، على المسلسل نسبة لخالته التي تسببت في هذه الحرب.

العمل عرض لأول مرة في رمضان لعام 2000 على قناة «ام بي سي» من إخراج الراحل حاتم علي، تأليف الراحل ممدوح عدوان، وقام بدور «الزير سالم» الفنان سلوم حداد، مع نخبة من الفنانين السوريين، من أبرزهم: خالد تاجا، عابد فهد، سمر سامي، جهاد سعد، زهير عبدالكريم، رياض وردياني، رفيق علي أحمد، فرح بسيسو، هيما إسماعيل، سامر مصري، ووصل عدد حلقات المسلسل الى أربعين حلقة، وصور عند بحيرة زرزر وقرية رخلة في جبال لبنان الشرقية ضمن ريف دمشق.

تبدأ قصة المسلسل حينما طلب الملك التبع اليماني الزواج من الجليلة ابنة مرة، وان لم يزوجوها إياه فانه سيقوم بمحاربتهم ويأخذها عنوة، لكن الجليلة وابن عمها كليب كان يحبان بعضهما، فقام كليب بخداع التبع اليماني بان يذهب كليب مع الزير سالم وجساس وبعض الفرسان وامرئ القيس بن ابان، بصناديق اعدت لجهاز الجليلة، وعندما دخلوا القصر ليلا ذهب كليب الى التبع وقتله في قصره دفاعا عن ابنة عمه الجليلة، ثم تزوج منها وأصبح كليب ملكا على قبيلته مما اغضب البسوس فعملت على الانتقام، وأحكمت خطة حينما علمت لاحقا أن كليبا يكره ان يرى إبل غيره ترعى مع إبله، وانه منع ناقتها «سراب» من الرعي بمضاربه المخصصة للرعي، وانه هدد بقتل ناقتها سراب، وعندما رأى كليب ناقة البسوس ترعى قتلها، فغضب جساس وقتل كليبا برمح في ظهره انتقاما لسراب ناقة البسوس، وقبل أن يلفظ كليب أنفاسه الأخيرة كتب بدمه على صخرة مناشدا شقيقه الزير سالم بقصيدة شهيرة بدأها بكلمة «لا تصالح» واستمرت الحرب أربعين عاما، ولم يستطع شيوخ القبائل إرضاء الزير سالم وإيقاف هذه الحرب التي أدت لإبادة البكريين وهم أبناء العمومة فتشتت شملهم وسميت بـ «حرب البسوس»، وانتهت تلك الحرب بمقتل جساس على يد ابن أخيه وزوج ابنته الجرو ابن كليب انتقاما لمقتل أبيه.

ولا تعد قصة الزير سالم من الأساطير الخيالية التي ابتكرتها العقول، ولا تم تأليفها للتسلية، انها قصة حقيقية تداولها الكثير من المؤرخين، واعتمدت الأشعار الخاصة بتلك الملحمة العربية والعالمية ودرست، وكذلك قام النحاة في العصر العباسي بالاعتماد عليها في شواهدهم النحوية، ونظرا لأهميتها قام المعنيون بتجسيد الرواية التاريخية من خلال الأعمال الدرامية والسينمائية، وسبقهم لروايتها الحكواتية بالمقاهي الشعبية العربية بتناول الرواية تحت مسمى «قصة الزير سالم المهلهل»، من هنا حازت قصة الزير سالم أهمية كبيرة وكانت من أبرز الروايات والقصص التاريخية عربيا.