خاص tayyar.org -

كان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قد حسم قراره في اتخاذ خطوة وُصفت بالدراماتيكية مطلع هذا الأسبوع، عبارة عن اعتكاف غير معلن، بدأ التمهيد له من خلال إلغاء جلسة الحكومة بذريعة عدم إضفاء مزيد من التوتّر الذي نتج أصلا من قراره العشوائي إرجاء التوقيت الصيفي.

سرى الإعتكاف المفترض في محيط ميقاتي سريان النار في الهشيم، وأرخى مسحة من الإحباط في محيطه العائلي والقريب، حتى أن بعضا من فريقه بدأ يعدّ العدّة للخروج من السرايا الحكومية.

وصل الخبر الصاعق من طريق أحد أنسباء ميقاتي الى الرئيس فؤاد السنيورة، العضو الوحيد الباقي فاعلا في نادي رؤساء الحكومات السابقين فاستعجل اجتماعا يضم إليه وميقاتي، الرئيس تمام سلام المعتزل العمل السياسي منذ ما قبل الإنتخابات الفائتة.

أراد السنيورة استدراك اعتكاف ميقاتي، وهو ما رأى فيه تسرعا ينطوي على خطورة بالغة. إذ تنبّه أن الاعتكاف يعني حكما خروج السنّة من الحكم، والتسليم تلقائيا بتفرّد رئيس مجلس النواب نبيه بري، واستطرادا حزب الله، في السلطة، بما يعني دكّ آخر حصن يعتبر السنيورة أنه لا يزال يحول دون إجتياح الثنائي بما يمثّل من وحدانية شيعية، كامل المواقع الدستورية، بعد الخروج المسيحي الدراماتيكي من رئاسة الجمهورية.

ولا يُخفى أن مشهد التبعية التي ظهر عليه ميقاتي في الاجتماع الشهير مع بري، منفّذا للقرار لا صانعا له أو حتى مشاركا في صنعه، هو الآخر استنفر السنيورة الذي كلّف نفسه -ذاتيا- حامياً لموقع رئاسة الحكومة. فكان لا بد من اعادة شد أزر ميقاتي والضغط عليه للامتناع عن الإعتكاف واسترجاع ما فقد موقع رئاسة الحكومة من هيبة جراء كل ما حصل من إهانة وانتقاص ثبّتها الشريط التلفزيوني المسرّب قصدا من عين التينة. وأقنعه بأن يعود ممسكا بالقرار التنفيذي بما يؤكد مبدأ فصل السلطات، عبر عقد اجتماع للحكومة يخصّص لحسم مسألة التوقيت. فيكون ميقاتي بذلك قد استعاد بعضا مما فقد أمام بري، وأضفى طابعا شرعيا للقرار المتّخذ بطريقة عشوائية وغير دستورية خلافا لمبدأ توازي الصيغ الذي يحتّم أن الجهة التي إتّخذت قرارا ما هي الوحيدة القادرة على نقضه أو تغييره أو إلغائه.

وفق هذا الأساس، دعا ميقاتي قرابة منتصف الليل الى إجتماع لحكومة تصريف الأعمال ظهر اليوم. إذ وجهت الامانة العامة لمجلس الوزراء الدعوة الاتية الى الوزراء: "بعد أن قرر السيد رئيس مجلس الوزراء الموافقة استثنائياً على تأجيل تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم ٥ تاريخ ١٩٩٨/٨/٢٠ المتعلق بتعديل التوقيت، وعلى أن يُعرض الموضوع لاحقاً على أول جلسة لمجلس الوزراء، وفي ضوء المستجدات الأخيرة الحاصلة في البلاد وتبعاتها على الصُعد كافة، قرر السيد رئيس مجلس الوزراء دعوة مجلس الوزراء الى جلسة تُعقد في السراي الكبير عند الساعة الثانية عشرة من ظهر يوم غد (اليوم) الاثنين الواقع فيه ٢٠٢٣/٣/٢٧ وعلى جدول أعماله بندٌ وحيد يتعلق بموضوع التوقيت الشتوي والصيفي. للتفضل بأخذ العلم".

هذا الإستعجال أوقع ميقاتي في مخالفة جديدة تتمثّل في تخطيه مهلة الـ٤٨ الساعة لابلاغ الوزراء، وهي الفاصلة عن دعوة الحكومة الى الإجتماع.