عبثاً يحاول رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، منذ تاريخ خروجه من السجن بعفو خاص وحتى اليوم، تزعّم جبهة المعارضة، او الاصحّ توحيدها تحت جناح حزبه. وهو الذي لا يفوّت مناسبة من دون الادلاء بما يدلّ على انّمختلف قوى الرابع عشر من آذار “سابقاً” قد عيّنته ناطقاً بإسمها.

مما لا شك فيه ان الرجل لا يزال يعيش على بعض امجاد الماضي، يوم كان مسؤول “القوات”، الجناح العسكري لحزب الكتائب آنذاك. وما الحادث الذي افتعله جعجع وكاد يودي بالبلاد الى حرب أهلية في الطيونة في تشرين الأول من العام 2021، الا دليل على ذلك. يومها ظن رئيس حزب القوات انه بعنتريته هذه، سيجتذب مختلف القوى المسيحية الى صفّه فيشكّل معارضة مسيحية بوجه الفريق الآخر، كما حاول بشير الجميل مع داني شمعون في العام 1975. غير ان وعي القوى السياسية على اختلافها، وحرص الجيش على السلم الأهلي جنّبا البلاد كارثة جديدة في وقتها.

خسر جعجع معركة الطيونة، فراح يهادن بالسياسة، وحاول كل ما بوسعه في انتخابات أيار 2022 منع وصول عدد كبير من المرشحين التغييريين الذين رفضوا الانضمام الى لوائح القوات الانتخابية في مختلف الدوائر. وشكّل وصول 13 نائباً تغييرياً الى الندوة البرلمانية امراً صعب التقبل لديه، فبدأ يحاول معهم بالقطعة ليلفّهم بعباءته.

اول الواقعين في شرك جعجع، كان النائب ميشال معوض، الذي رشّحته القوات اللبنانية الى رئاسة الجمهورية، وراحت تتنصّل منه كلّما وجدت الفرصة مناسبة لذلك، وتدل على ذلك تصريحات نواب كتلة “الجمهورية القوية” ورئيس حزبهم حول امكانية السير بمرشح توافقي وحتى طرحهم لاسم قائد الجيش جوزيف عون كمرشح الى الرئاسة في بعض الأحيان. حتماً لقد اخطأ معوض بالسيربركب القوات، لا سيما وانه ابن رئيس جمهورية “شهيد” قضى لأجل الوطن، فكان الاجدى به رفض ان يكون مرشح تحدٍّ من فريق لآخر، سيمّا وانه دوماً ينادي بأهمية العيش المشترك في دولة القانون.

وفي سياق متصل، كرّس السباق الرئاسي الى بعبدا الفجوة بين رئيس القوات ومختلف النواب التغييريين. وفي اجدد مشاهد هذا الخلاف جاء الهجوم العنيف من جعجع على النائبين حليمة قعقور وإبراهيم منيمنة لاعتبارهما بأن “جعجع يصرّ على تقديم نفسه “مرشداً سياسياً” على المعارضة”، مشددين على انه “جزء من النظام الطائفي ورهن إشارة أنظمة خارجية“.

ومن النواب التغييريين الى كتلة “الاعتدال الوطني” ونواب صيدا – جزين، يستمر إخفاق رئيس حزب القوات في تزعم المعارضة او الوصابة عليها، خاصة وان اياً من النواب السنة لا يمكن ان يغفر لجعجع “الخطيئة” التي ارتكبها بحق رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ناهيك عن “الحساسية السنية” تجاهه وهو المحكوم عليه بقتل رئيس الحكومة السابق رشيد كرامي، ومحاولته الهيمنة على الرأي السني.

هي خسارة تلو الاخرى يتلقاها سمير جعجع داخلياً، وتترافق مع فجيعة خارجية بإتمام الاتفاق الإيراني – السعودي، وهو كان مصرّاً بحسب بعض زواره على انه لا اتفاق قريب بين الرياض وطهران، لكن الاتفاق حصل وبدأت تداعياته الايجابية تظهر، حيث تشير المعلومات الى أن لقاء جعجع بالسفير السعودي وليد البخاري لم يكن بمضمون إيجابي بعدما سمع جعجع من ضيفه كلاما عن تغييرات جذرية قد تحصل.