2024- 04 - 27   |   بحث في الموقع  
logo البعريني: ليس غريبًا عن عكار ولا عن ببنين تقديم التضحيات logo "الحزب" يستعد لما بعد انتصاره: فكفكة الألغام وتشكيل السلطة logo العثور على جثة شاب في أحد المجمعات السياحية logo استقالة متحدثة باسم الخارجية الاميركية..احتجاجاً على حرب غزة logo بصواريخ الكاتيوشا.. “حزب الله” يستهدف موقعا للعدو logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الجمعة logo بعد هجومها "الفاشل"... أوستن يسخر من أسلحة إيران! logo "حول تأجيل زيارة أردوغان"... تعليقٌ من البيت الأبيض
الدولار الشحيح في سوريا..للإقراض!
2023-04-16 10:56:40


قبل بضعة أشهر فقط، ودّع السوريون العام 2022 بأسوأ أزمة محروقات في تاريخهم، بحيث كادت المناطق الخاضعة لسيطرة النظام أن تدخل في حالة عطالة كاملة، نتيجة عجز الحكومة عن توفير الوقود. حينها، اعترف وزير التجارة الداخلية السابق، عمرو سالم، أن المشكلة ليست في استيراد الوقود، بل في توفير القطع الأجنبي لشرائه. وبعد أقل من أربعة أشهر على هذا التاريخ، أصدر مجلس النقد والتسليف بدمشق، قراره المثير للجدل، بالسماح للمصارف، بمنح قروض بالقطع الأجنبي. الأمر الذي دفع عامة السوريين، وخاصتهم من المتخصصين، إلى التساؤل: هل يوجد "دولار" لدينا، للإقراض؟
ورغم مضي أكثر من عشرة أيام، على صدور القرار، إلا أن الجدل ما يزال دائراً حول جدواه وغاياته، وآثاره المرتقبة على سعر الصرف من جهة، وعلى مجمل الاقتصاد السوري، من جهة أخرى. هذا الجدل، الذي غلب عليه، التشكيك والتخوّف -في أوساط خبراء اقتصاديين موالين- دفع المصرف المركزي إلى إصدار توضيح، قبل يومين. وهو توضيح ينطبق عليه المثل القائل، "فسّر الماء بعد الجهد بالماء". إذ لم يُجب على أيٍّ من التساؤلات المطروحة.
وبطبيعة الحال، يمكن فهم هذا الحجم من التشكيك والتخوّف حيال أي قرار يخص القطاع المصرفي، الذي يفتقد ثقة السوريين، بعد أن أصبح سحب ودائعهم معضلة، جعلت غالبيتهم العظمى تُدبر عن الإيداع، إلا للضرورات القصوى. وهي ضرورات حرص المركزي السوري، على الإكثار من أسبابها، على مدار السنوات السابقة، لإجبار السوريين على جلب مدخراتهم إلى القنوات المصرفية.
فمن هذا الذي يُودع "دولاراً" في مصرفٍ، في ظل وجود "سقوف للسحب" تقيّد قدرته على استرداده! وحتى مع الإحالة إلى تعميم المركزي الصادر قبل نحو شهر، الذي يقول إن "سقوف السحب" لا تشمل "الودائع لأجل"، فإن ذلك ينقلنا لمعضلة أخرى، تتعلّق بكيفية تمويل المصارف للقروض بالقطع الأجنبي، اعتماداً على ودائع لآجال قصيرة.
ما سبق دفع المتخصصين للتساؤل: من أي مصدر ستجلب المصارف، القطع الأجنبي، الذي ستُقرضه؟ إن كان ذلك متعذراً من جانب الودائع قصيرة الأجل، خشية أن يطلب أصحابها سحبها، فإن الإجابة المتاحة، والأكثر منطقية، هي تلك النسبة من حوالات السوريين التي تمر عبر القنوات المصرفية. خاصة بعد أن رفع المركزي سعر صرف "دولار المصارف"، ليصبح قريباً من سعر السوق السوداء، قبل يومين فقط، من إصدار قراره بمنح قروض بالعملة الصعبة. يُضاف لذلك، ما يُعرف بـ "قطع التصدير"، المُعاد من جانب المُصدّرين إلى المصارف، بنسبة 50% من عمليات التصدير المُنفَّذَة.
وهكذا، يرفض المركزي تمويل جانبٍ كبير من المستوردات، بذريعة الحفاظ على القطع الأجنبي، بصورة أدت إلى شح مزمن للسلع في الأسواق، ودفعت الأسعار إلى قفزات متتالية، أرهقت جيوب السوريين، في الوقت ذاته، الذي يقرر فيه المركزي إقراض مستثمرين -وبالقطع الأجنبي الشحيح ذاته- قروضاً لتنفيذ مشاريع قد لا تكون إنتاجية بالضرورة.
النقطة الأخيرة كانت محط استياء واضح من جانب أكاديميين موالين. إذ في الحالة الراهنة بسوريا، حيث الاستيراد يستنزف الاقتصاد بصورة مرهقة للغاية، من العبث تمويل مشاريع غير إنتاجية. ورغم أن قرار المركزي لم يستثنِ المشاريع الإنتاجية من عملية الإقراض بالقطع الأجنبي، إلا أن عبارته الفضفاضة "مشاريع استثمارية تنموية"، وحصرها بتلك التي تحقق غايات تصديرية أو خدمية "تؤدي إلى تحصيل تدفقات نقدية بالقطع الأجنبي"، دفعت إلى الرهان على أن معظم المشاريع التي ستحصل على القروض، ستكون سياحية أو خدمية، بصورة لا تلبي الحاجة الملحة لتعزيز الإنتاج، في بلدٍ بات يستورد كل شيء تقريباً. إذ أن تأسيس مشروع يصنع مُنتجاً تحتاجه السوق المحلية، لا يستطيع الحصول على قرض بالعملة الصعبة، وفق منطوق القرار.
ومع تاريخ قريب، مثقل بملف القروض المتعثرة، التي كابد القطاع المصرفي السوري سنوات لتحصيل نحو نصفها، وبقيمة عملة منهارة، تزداد التخوفات من كيفية تقييم ملاءة المُقترِض وضماناته وقدرة مشروعه على تسديد القروض الممنوحة.
وحتى أولئك المرحبين، بتحفّظ، بالقرار، والذين ربطوا بينه وبين "انفتاح عربي" يتم الرهان على الاستثمارات الآتية بعده، مما يتطلب تحضير بيئة استثمارية ملائمة، حتى هؤلاء، أقرّوا أن جذب استثمارات خارجية يحتاج إلى تسهيلات وشفافية أكبر حول القيود التي تحكم عملية إدخال وإخراج أموال المستثمرين من القطع الأجنبي، في سوريا.
أما من حيث نتائج القرار المرتقبة، فهي تطاول سعر صرف الليرة، بصورة سلبية. إذ من المتوقع أن تسديد أقساط القروض، بالقطع الأجنبي، سيكون من داخل السوق السوداء، السورية. إذ سيلجأ المستثمر المُقترض لتحويل أرباحه بالليرة، إلى "دولار"، عبر تلك السوق، لا عبر حساباته المصرفية الخارجية بالقطع الأجنبي، كما نصَّ القرار. وهو ما حدث تماماً بعيد قرار تمويل المستوردين بالقطع الأجنبي، من حساباتهم الخارجية. إذ لجأ المستوردون إلى السوق السوداء لتمويل المستوردات، لا إلى "دولاراتهم" في الخارج.
أما حول غاية القرار. فالأمر لا يحتاج لخبراء اقتصاديين، لاكتشافه. بل يكفي قراءة التعليقات على القرار ذاته، في صفحة المركزي على "فيسبوك"، والتي يقول معظمها، إن القرار جاء "تفصيلاً" على مقاس أشخاص محددين، من المتنفذين. ويتساءل بعض هؤلاء المعلّقين: هل استرددتم القروض المتعثرة منذ ما قبل العام 2011، قبل أن تباشروا في منح أخرى؟! هكذا تعليقات تختصر مقدار "ثقة" السوريّ بقطاعه المصرفي، وبقرارات السلطات التي تديره.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top