أعلن كتّاب السينما والتلفزيون الأميركيون، تنظيم إضراب عام على مستوى الصناعة، للمرة الأولى منذ 15 عاماً، فيما تستعد هوليوود للتعافي من التداعيات المحتملة واسعة النطاق لمعركة الأجور العادلة في عصر البث الرقمي.
وقالت "نقابة الكتّاب الأميركيين" أن 11500 كاتب سيناريو سيشاركون في الاعتصام، الثلاثاء، بعدما فشلت المفاوضات التي بدأت في آذار/مارس بين الاستديوهات والكتّاب في الوصول إلى تعاقدات جديدة قبل انتهاء التعاقدات الحالية للكتاب بعد منتصف ليل الثلاثاء. وأبلغت النقابة أعضاءها بضرورة التوقف عن كتابة السيناريو على الفور.وصوت مجلس إدارة النقابة بالإجماع على الدعوة إلى الإضراب، الذي سيبدأ في منتصف الليل. وقالوا إن الكتاب يواجهون "أزمة وجودية".من جهته، أشار "تحالف منتجي الصور المتحركة والتلفزيون"، وهو الاتحاد التجاري الذي يتفاوض نيابة عن الاستوديوهات وشركات الإنتاج، في وقت متأخر، الاثنين، إلى أن المفاوضات لم تصل إلى اتفاق قبل انتهاء صلاحية العقد الحالي.وسيشمل الإضراب الانقطاع الفوري للعروض الناجحة، مثل "العروض الليلية" كبرنامج الكوميدي الشهير "جايمي فالون" وتأخير المسلسلات التلفزيونية والأفلام المقرر عرضها هذا العام، فيما حصل آخر تحرّك مطلبي كبير في هوليوود العام 2007-2008 حين نفّذ كتاب السيناريو إضراباً أدى إلى شلّ المجال السمعي البصري في الولايات المتحدة لمئة يوم وتكبّد القطاع بسببه خسائر قدّرت بملياري دولار، بحسب وكالة "فرانس برس".ويطالب كتّاب السيناريو برفع أجورهم والحصول على حصة أكبر من الأرباح المتأتية من طفرة خدمات البث التدفقي، إضافة إلى ضمانات بالحد الأدنى بشأن الإفادة من وظائف ثابتة. أما شركات الإنتاج فتؤكد من ناحيتها أنها مضطرة لخفض تكاليفها بسبب الاوضاع الاقتصادية. وتتهم نقابة كتاب السيناريو الأميركيين الاستوديوهات بالسعي إلى إقامة اقتصاد قائم على الوظائف المؤقتة "غيغ إيكونومي"، تكون فيه وظيفة كتابة السيناريو "عملاً حرّاً بالكامل".لكن الاستوديوهات رفضت مجموعة من المطالب من بينها التعهد بحظر استخدام الذكاء الاصطناعي لكتابة مشاريع درامية وسينمائية مستقبلية وغيرها، كما يوجد تباين في الآراء بين الكتاب والاستوديوهات، بشأن طريقة احتساب عائدات كتّاب السيناريو للمسلسلات التي تُبث على خدمات البث التدفقي والتي تبثها المنصات مثل "نتفليكس" لسنوات بعد كتابتها.وتقاضى كتاب السيناريو لعقود ما يُعرف بـ"الحقوق المتبقية" عن كل إعادة استخدام لأعمالهم، على سبيل المثال عند إعادة عرض مسلسلاتهم أو أفلامهم عبر قنوات التلفزيون أو مبيعات أقراص الـ"دي في دي". وتتمثل هذه الحقوق في تقاضي نسبة مئوية من الإيرادات التي تحققها الاستوديوهات عن فيلم أو برنامج، أو الحصول على مبلغ ثابت عند كل إعادة بث لحلقة.لكن مع منصات البث التدفقي، بات الكتاب يتلقّون سنوياً مبالغ ثابتة، حتى لو حقق العمل نجاحاً عالمياً على غرار مسلسلي "بريدجرتن" و"سترينجر ثينغز" اللذين حصدا مئات ملايين المشاهدات في أنحاء العالم. وتدعو نقابة الكتّاب الأميركيين إلى إعادة النظر في هذه المبالغ التي تُعدّ "منخفضة جداً بالنسبة إلى إعادة استخدام الأعمال عالمياً". وترغب كذلك في التطرق إلى التأثير المستقبلي لتقنية الذكاء الاصطناعي على مهنة كتابة السيناريو.أما الاستوديوهات فتشير إلى أنّ المبالغ التي دُفعت لكتاب السيناريو عن إعادة استخدام الأعمال وصلت العام 2021 إلى مستوى قياسي بلغ 494 مليون دولار، مقابل 333 مليون دولار كانت تُدفَع قبل عشر سنوات. ويعود أحد الأسباب البارزة في ارتفاع هذه الأرقام إلى الزيادة الكبيرة في وظائف كتابة السيناريو المرتبطة بارتفاع الطلب على منصات البث التدفقي.وبعد إنفاق هذه المنصات مبالغ كبيرة خلال السنوات الأخيرة سعياً إلى رفع أعداد المشتركين فيها، يؤكد مديروها أنهم يواجهون راهناً ضغوطا كبيرة من المستثمرين لخفض الإنفاق وتحقيق أرباح. وينفون أنهم يتذرعون بالصعوبات الاقتصادية لتعزيز موقفهم في المفاوضات مع كتاب السيناريو الذين يقولون بدورهم أن النموذج الاقتصادي الحالي يزيد فقط من أرباح الرؤساء لتلك المنصات على حساب العاملين في المجالات الإبداعية.وعلق أليكس أوكيف، كاتب السيناريو في سلسلة "ذا بير" الكوميدية أنه لا يملك سوى 6 دولارات في حسابه المصرفي. ورغم أن الطلب على أعمال الكتابة الإبداعية زادت بسبب طفرة البث التدفقي إلا أن العائد المادي للكتاب بات أقل من أي وقت مضى، حسب تعبيره. ولا يعني ذلك أن الكتاب مفلسون بل توجد عدم عدالة وعدم مساواة أيضاً، حسبما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".