شكّلت مواقف رئيس التيار الوطني الحر منصةً لإعادة رسم حدود اللعبة الرئاسية وتأكيد المؤكد لجهة الطموحات اللبنانية و"التيارية" من مواصفات الرئيس.

فما كان مثارَ جلبةٍ لغاية في نفس "يعقوب" المؤيد لبروفايل معين من مرشحي إحياء المنظومة، أزاحه مرة جديدة الوزير جبران باسيل، وللمفارقة للمرة الثانية من باريس. فأي مرشح للمنظومة القائمة منذ التسعينات لن يتم القبول به. انتهى.
ولا شك بأن الحدود الرئاسية تشمل ضمناً الإتفاق على مرشح يمكن التفاهم عليه بين قوى مسيحية أولاً ولاحقاً وطنية، وبالتالي أن يكون غير منتمٍ حزبياً، طالما أن المرحلة وتوازناتها لا تسمح بذلك راهناً.
بالتالي ليس من داع بعد الآن للإنزلاق لجدالات عبثية معروفة المصدر الإعلامي والسياسي، ومنها الإتهامات لتيارٍ عرف بالمبدئية والراديكالية ولا سيما في المحطات المفصلية، بأنه يمكن أن "يساوم" مقابل ما يعتبره البعض "مكاسب" في السلطة.
لا بل أن باسيل ذهب أبعد من ذلك ليعيد إطلاق "حرب تحرير" هدفها هذه المرة منظومة الفساد والمافيا المالية والتي أصلاها "التيار" ناراً حامية منذ اندلاع أحداث ١٧ تشرين، ورسم بالتالي مشهداً مشابهاً لنضاله ضد السيطرة السورية في ال١٩٩٠ حين التحقت به بعد ١٥ عاماً طبقة من الوصوليين والملتحقين والحربائيين.
ومن هنا، بات الوسط السياسي اللبناني أمام تثبيت لحدود اللعبة والإنطلاق منها لمقاربة الحل الرئاسي، لا بل الإنقاذي للبنان في المرحلة المقبلة.
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر مطلعة لtayyar.org استمرار مفاوضات "التيار" مع المعارضة والقوى السياسية اللبنانية المعنية، على أن تظهر النتائج حين نضوجها.

ومن ضمن "حرب التحرير" ضد المافيا وأركانها، لا يزال رياض سلامة يرفض منح شركائه وحماته في المنظومة نافذة الحل لمشكلة تسليمه لفرنسا، كبش محرقة لكل الإرتكابات التي كان شريكاً فيها. وفي هذا الإطار شكّلت قضيته محور اللقاء الوزاري اليوم، في الوقت الذي من المفترض أن يلجأ القضاء اللبناني إلى سلسلة من الإجراءات الرامية إلى "الحجر" على سلامة، منعاً لتفجر "عبوته" في وجه المنظومة.

إلى ذلك يتطلّع لبنان إلى كيفية انعكاس "السين - السين" جديدة على وضعه، ذلك أن مصالح الدول الإقليمية لا تأخذ بعين الإعتبار القوى الملصقة بها التي لا تملك قرارها الذاتي. ومن شأن المعادلات الجديدة أن ترسم مشهداً مختلفاً في لبنان.
إلى ذلك لا تزال مناورة حزب الله الضخمة تثير ردود الفعل. وفي هذا الإطار حاول نجيب ميقاتي حفظ ماء الوجه أمام الغرب والولايات المتحدة بتأكيده التمسك ب"سيادة الدولة"، في حين اعتبر الشيخ نعيم قاسم أن لكل حرية الرأي في مواقفه، وأن يرفض ما يشاء ومن ضمن ذلك مناورة "حزب الله".