مرت قرابة سنة على انطلاق موجة التصعيد في الضفة الغربية، بينما لم تنجح قوات الاحتلال ومخابراتها في "ردع" الحالة الميدانية المسلّحة، أو محاصرتها داخل جيوب محددة، بل ما زالت على حالها، واتسعت ككرة ثلج متدحرجة لتشمل مناطق جديدة.
طولكرم..أيضاً
جديد المشهد الميداني المتفجر هو دخول مدينة طولكرم الواقعة شمال الضفة على خط نابلس وجنين وأريحا، على نحو تصاعدي، فبرزت مجموعتها المسلحة "كتيبة طولكرم" مؤخراً، وعززتها سخونة الاقتحامات الإسرائيلية وما صاحبها من اشتباكات مسلحة.
وفي حين، فشلت محاولة إسرائيلية في توجيه ضربة استباقية فجر الثلاثاء، لمن تصفهم بالمطلوبين في مخيم نور شمس عبر اعتقالهم واستهدافهم، سارعت "كتيبة طولكرم" إلى إعلان مسؤوليتها عن تنفيذ عملية إطلاق نار قرب مدخل مستوطنة حِرميش شمال المدينة، أسفرت عن مقتل مستوطن.
واللافت أن المجموعة حرصت على تنفيذ عمليتها بطريقة مشهدية، فاختارت توقيتها في وضح النهار، مستخدمة سيارة بيضاء تحمل لوحة صفراء إسرائيلية بهدف التمويه، حيث أطلقت رصاصاتها نحو مركبة المستوطن من مسافة صفر، قبل أن تتمكن من الانسحاب.
وتتواصل جهود استخباراتية إسرائيلية لتعقب منفذي العملية، بينما توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المنفذين بالوصول إليهم ك"أمر حتمي، أسوة بمن سبقوهم"، على حد قوله.
وتُقر دوائر الاحتلال العسكرية بأن عملية إطلاق النار الأخيرة قرب مستوطنة حرميش بمحاذاة طولكرم ليست الأولى من نوعها، وإنما سبقتها وقائع إطلاق نار استهدفت المستوطنة المذكورة مرات عديدة خلال الأشهر الأخيرة.
لا قيادة مركزية
مصادر محلية من داخل طولكرم أفادت "المدن"، بأن كتيبة طولكرم تضم في معظمها شباناً يُعتبرون أقرب الى نهج كتائب "الأقصى،" الذراع العسكرية لحركة "فتح"، بينهم عناصر خدموا قي أجهزة أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية، لكنهم يعملون بمفردهم من دون أي قيادة مركزية من الفصائل، كما هو حال المجموعات المسلحة في المحافظات الأخرى.
وأوضحت المصادر أن كتيبة طولكرم تتخذ شكل الخلايا المسلحة على غرار جنين ونابلس، وإن كانت بوتيرة أقل، كون المدينة أقل مساحة وسكانا بالمقارنة معهما، فضلا عن أسباب لوجستية وجيوسياسية أخرى.
ونسبت إذاعة "مكان" العبرية إلى مستويات أمنية إسرائيلية قولها إن طولكرم ليست وحدها في سياق الحالة الميدانية القائمة، وإنما ضمن اتجاه محتمل في مناطق أخرى بالضفة.
في المقابل، نقل محللون عسكريون إسرائيليون عن جيش الاحتلال زعمه أنه بالرغم من أن التشكيلات المسلحة لا تتحرك بالضرورة بتعليمات من الفصائل الكُبرى، إلا أن هذا لا ينفي "تلقيها دعما بالمال والسلاح من حركتي حماس والجهاد الإسلامي".
واستبق هذا التحذير نصائح وجهها ضباط إسرائيليون متقاعدون لصناع القرار في تل أبيب بضرورة تعزيز مكانة السلطة الفلسطينية؛ بدعوى أن "ضعفها المستمر يجلب مخاطر أمنية أكبر على إسرائيل".
20 كتيبة مسلحة؟
وبحسب مراسل الشؤون الفلسطينية في القناة العبرية "14" باروخ يديد، فإن أكثر من 20 كتيبة فلسطينية مسلحة تنشط الآن في جميع أنحاء الضفة الغربية، ليس فقط في جنين ونابلس، ولكن أيضا في الأغوار وطولكرم، وكذلك في الخليل وبيت أمر.
وأشار إلى مسألة وصفها بمستجدٍ "خطيرٍ" تمثل بانخراط عناصر من أمن السلطة الفلسطينية في العمل المسلح ضد أهداف إسرائيلية، وهو ما عدّه مؤشراً على ضعف مستمر في قوة السلطة وسيطرتها.