يعكس تقليل النظام السوري من التأثيرات الاقتصادية لإعادة نظامه إلى جامعة الدول العربية حجم الأزمة التي تواجه النظام السوري، في ظل عدم وجود أي مؤشرات على تحسن الاقتصاد، وعودة الليرة السورية إلى الهبوط، رغم الدعاية عن انفتاح خارجي.
وبخطاب "واقعي" أقرّ سفير النظام السوري في أبو ظبي غسان عباس بأن العودة إلى الجامعة لن يكون لها "مفعول سحري" على الاقتصاد السوري، مضيفاً في مقابلة مع قناة "CNN" الاقتصادية، أن "الخطوة سياسية ويبقى الانتقال إلى القرارات الاقتصادية".إعادة الإعمار
وأضاف سفير النظام أن "ملف إعادة الإعمار بحاجة إلى الوقت، وأن الأولوية لمشاريع الإنقاذ الضرورية وكيفية إنعاش الاقتصاد السوري"، معتبراً أن "ملف إعادة الإعمار يتطلب تضافر الكثير من الجهود ولا سيما رفع العقوبات الأميركية وفي مقدمتها قانون قيصر".
ويمكن أن يكون حديث سفير النظام من باب التذكير بالوعود الاقتصادية التي قُطعت له خلال المباحثات التي أفضت إلى عودته للجامعة العربية، كما يرى المفتش والخبير المالي منذر محمد.
ويضيف محمد ل"المدن"، أن "النظام يستخدم خطاب الذي يواجه خطر الإفلاس لاستجلاب الدعم العربي". ويقول: "يريد النظام كذلك أن يوحي للسوريين في مناطق سيطرته بأن عليهم شد الأحزمة، وعدم انتظار أي تحسن اقتصادي قادم على المدى القريب والمنظور".الليرة تقاوم الانفتاح
وكانت خطوة إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، قد أنعشت الآمال بتحسن اقتصادي قادم، عززها تحسن أداء الليرة مرحلياً، لكن سرعان ما تبدل اتجاه الليرة، وأحكم الغلاء الأسواق مجدداً.
ويقول الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور محمد حاج بكري إن عودة النظام السوري إلى الجامعة "لم تكن مجانية"، ف"بالنهاية النظام مُطالب بجملة شروط قبل تدفق الأموال تحت بند المساعدات". ويتابع:" يمكن القول إن عودة النظام كانت الخطوة العربية الأولى، ويجب أن تُقابل بخطوة من النظام (المخدرات، الحل السياسي)، حتى تنتقل الدول العربية إلى الخطوة الثانية، أي المساعدات".
ويضيف ل"المدن"، أن تدني سعر الليرة المستمر، يؤكد أن الدول العربية لم تقدم أي مساعدات للنظام السوري، لأن الآخير لم يُبادر بأي خطوة مقابلة بعد، باستثناء خطوات "تضليلية" في ملف المخدرات، وكذلك لأن العقوبات الأميركية تكبح أي دعم مالي للنظام إن لم يكن في إطار "المساعدات الإنسانية".
وتفيد الأنباء الواردة من الجنوب السوري بأن النظام يستبدل الشخصيات المتورطة بتجارة المخدرات التي باتت معروفة، بأخرى بالكاد تُعرف، كما يؤكد المتحدث باسم "تجمع أحرار حوران" أبو محمود الحوراني ل"المدن".
ويضيف الحوراني أن النظام لا يتجه لضبط المخدرات "إنما يقوم بتحييد بعض التجار الذين ذاع صيتهم، لإيهام الدول العربية وخاصة الأردن، أن يكافح تجارة وتهريب المخدرات".
ومع تراجع احتياطي العملات الأجنبية في المصرف المركزي وتوقف الإنتاج وغياب الصادرات وعدم تدفق الأموال العربية، لم يعد أمام النظام السوري إلا التوجه لرفع الأسعار. وبالفعل، رفعت وزارة التجارة الداخلية التابعة للنظام أسعار الإسمنت، عازية ذلك إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، في حين أن الهدف هو زيادة إيرادات الخزينة، مستغلة لزيادة الطلب على مواد البناء في بداية فصل الصيف من كل عام.
وإلى جانب الإسمنت، يدور حديث عن رفع جديد لأسعار المشتقات النفطية والكهرباء، وتقليل فاتورة الدعم الحكومي للمواد التموينية.