2024- 03 - 29   |   بحث في الموقع  
logo فضل الله: للإسراع بالاستحقاقات فلا يمكن ان يبقى البلد رهينة الفراغ logo الخطيب: نشفق على الذين يتشاطرون اليوم بالتحريض الطائفي والمذهبي logo قبلان: لن نخذل لبنان ولا القرار الوطني logo صحة غزة تعلن حصيلة جديدة للشهداء logo "أشقر وشعره كيرلي وحليوة"...مسلسل مصري يستهزئ بمأساة طفل فلسطيني؟ logo مسؤول في "جامعة الدول العربية" تشغله المسلسلات الرمضانية...والمعلّقون غاضبون! logo ميزانيّة المركزي: قيمة الذهب تقفز إلى 20 مليار دولار logo ملابس داخلية ودمى عرض أزياء...جنود إسرائيليين "يلهون" في غزة
رأي قانوني بقرار بلدية صيدا المتعلق بالشاطئ والمايوه
2023-06-02 15:56:23


بعد حادثة الرجم على شاطئ صيدا (راجع "المدن")، أصدرت البلدية قراراً اشترطت فيه التقيد "باللباس المحتشم" ومنع إدخال المشروبات الكحولية على الشاطئ العام (راجع "المدن").
وحيث أنّ المدافعين عن هذا القرار يستندون إلى القرار الصادر عن المفوض السامي رقم 99 تاريخ 551941 والمتعلق بمنع لبس بعض الألبسة (منع النساء من لبس الشورت). وكذلك يستندون إلى المادة 77 قانون البلديات، حيث أجازت المادة 77 من القانون المذكور لرئيس البلدية "الاهتمام باستدراك أو منع ما من شأنه أن يمس الراحة والسلامة"، وصلاحية القرار في "كل ما يختص بالآداب والحشمة العمومية". وكذلك إلى نصّ المادة 10 من قانون التنظيم الإداري، التي نصت على أنه "يتولى المحافظ حفظ النظام والأمن صيانة الحرية الشخصية".وحيث أنّه تبعاً لما تقدم، لا بد من مناقشة النقطتين التاليتين:
النقطة الأولى: طبيعة القرار الصادر عن المفوض السامي الفرنسي ومفاعيله وكيفية تعديله أو الغاؤه.
النقطة الثانية: مدى تعارض القرار الصادر عن البلدية مع الدستور اللبناني ومع المواثيق والمعاهدات الدولية."القوانين البالية"بالنسبة إلى النقطة الأولى: طبيعة القرار الصادر عن المفوض السامي الفرنسي ومفاعيله وكيفية تعديله أو الغاؤه. فلا بد من الإشارة إلى أنّه هنالك العديد من القوانين التي صدرت في العهد العثماني والعهد الفرنسي، والتي لم يتم إعادة مراجعتها من قبل المشرع اللبناني لتتلائم مع تطور الحياة الاجتماعية.
ومثل هذه القوانين تسمى بالقوانين البالية، والتي هي نظرياً موجودة ونافذة وإنما عملياً غير مطبقة وغير قابلة للتطبيق، ومن الأمثلة على هذه القوانين أيضاً القانون الصادر في 19 تشرين الأول من العام 1945، والمتعلق بمنع رفع غير العلم اللبناني في كأس العالم.
وإنّ هذه القوانين التي لم تتم مراجعتها من قبل المشرع اللبناني، إنما تخالف المعايير الدولية المنصوص عنها في المعاهدات الدولية والتي وقع عليها لبنان، وأنّ المعاهدة حسب هرم كيلسون لتراتبية القواعد القانونية تأتي أعلى مرتبة من القانون.
وهذا الأمر بحاجة إلى تفعيل لجنة تحديث القوانين النيابية، والعمل على ورشة إصلاحية شاملة في قانون العقوبات اللبناني.
وحيث أنّه بالعودة إلى القرار الصادر عن المفوض السامي رقم 99 تاريخ 551941 المنشور في الجريدة الرسمية رقم 3891 تاريخ 3151941 في الصفحة 8394 – 8395، فاننا نشير إلى ما يلي:
أولاً: بالنسبة لطبيعة هذا القرار: هو قرار صادر عن المفوض السامي الفرنسي دانتز.
نشير في هذا الصدد إلى اجتهاد صادر عن مجلس شورى الدولة رقم 70 تاريخ 941973، رقم الدعوى 773 – 56، المدعية ليزا أرملة يوسف حاتم- المدعى عليها الدولة اللبنانية. (منشور على البوابة الالكترونية للجامعة اللبنانية)
وفي هذا الاجتهاد اعتبر مجلس شورى الدولة أنّ "القرار الصادر عن المفوض السامي ابان الانتداب القاضي بتعطيل مطبوعة سياسية عن الصدور، والمتخذ في غاية المحافظة على السلم والأمن العام، يغدو قراراً صادراً عن المفوض السامي نيابة عن الحكومة المحلية. وعليه تسمح المراجعة المقامة لدى القضاء الإداري الصالح في عهد الانتداب وبوجه المفوض السامي للدولة الفرنسية طعناً به ومن دون أن تسري عليها أحكام القرار 53 تاريخ 2141938 الآمرة بوجوب تقرير عدم صلاحية المحاكم اللبنانية أو السورية من أي درجة كانت لأن تنظر في الدعاوى المقامة ضد الدولة الفرنسية".
وعليه، وبالاستناد إلى هذا الاجتهاد الصادر عن مجلس شورى الدولة في قضية جريدة الراية وتعليق صدورها إلى أجل غير مسمى، وهي قضية نموذجية في القضاء الإداري اللبناني حيث مست بالحق العام بالتعبير عن الرأي وهو حق لصيق بالإنسان، كما أن تصرفات المفوض السامي فيما بعد بمنع اللجوء إلى التقاضي في قراراته، أيضا ضربت مبدأ المساواة وحق الوصول إلى العدالة، قد اعتبرت أن التدابير الإدارية المتعلقة بالشؤون المحلية التي يتخذها المفوض السامي تخضع أعماله الإدارية لرقابة القضاء كأعمال أي موظف فرنسي يتمرس بصلاحيات إدارية يعود أمرها إلى الحكم المحلي.
بمعنى أن الاجتهاد المذكور اعتبر قرارات المفوض السامي هي عبارة عن تدابير إدارية واعتبر المفوض السامي من عداد الموظفين الذين يجوز الطعن بقراراتهم ذات الطابع المحلي.
وبالتالي، فاننا نقترح اصدار قانون بمادة وحيدة يهدف إلى إلغاء القرار الصادر عن المفوض السامي رقم 99 تاريخ 551941 والمتعلق بمنع لبس بعض الألبسة (منع النساء من لبس الشورت).حقوق الإنسان أولاًبالنسبة إلى النقطة الثانية: مدى تعارض القرار الصادر عن البلدية مع الدستور اللبناني ومع المواثيق والمعاهدات الدولية.
نرصد في مقدمة الدستور اللبناني التي أضيفت إلى الدستور بموجب القانون الدستوري الصادر في 2191990 ثلاثة فقرات:
الفقرة ب: التي تشير إلى أن لبنان "عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والاعلان العالمي لحقوق الانسان وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقوق والمجالات دون استثناء.
الفقرة ج: لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل.
الفقرة ط – أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين، فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين.
مع العلم أنّ قرار المفوض السامي المذكور أعلاه قد صدر قبل صدور الإعلان العالمي لحقوق الانسان، وكان يقتضي على المشرع اللبناني أن يحدث قوانينه في حينه للتماشى مع التزاماته تجاه المعاهدات والمواثيق الدولية.
وحيث أن فرض لباس معين على النساء هو ضرب لمبدأ المساواة، وكما هو خرق للحريات الفردية.
ومن ناحية ثانية، فانّ قرار البلدية بمنع الدخول إلى الشاطئ إلا بلباس محتشم، فهو خرق لمبدأ الحرية الشخصية أساساً وللفقرة ط آنفة الذكر من الدستور حيث أن الشاطئ بحكم الدستور هو أرض لبنانية لكل اللبنانيين يجوز التمتع به لكل لبناني دون أي فرز أو تمييز.
وحيث أنّه بالعودة إلى الإعلانات والمواثيق الدولية، لا سيما الإعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في العام 1948 يتبين أن المادة الأولى من الإعلان المذكور قد نصت على أنه "يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق".
في حين أن المادة الثانية منه نصت على أنه "لكل انسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس الخ."
والمادة السابعة التي نصت على أن "الناس جميعا سواء أمام القانون، وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز".
وكذلك المادة 28 التي نصت على أنه "لكل فرد حق التمتع بنظام اجتماعي ودولي يمكن أن تتحقق في ظله الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققا تاماً".
وكما نصت المادة 30 على أنه "ليس في هذا الإعلان أي نص يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على تخويل أية دولة أو جماعة أو أي فرد أي حق في القيام بأي نشاط أو بأي فعل يهدف إلى هدم أي من الحقوق والحريات المنصوص عليها فيه".المساواة وحقوق النساءأما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقاقية الصادر في العام 1966 فقد نصت في المادة الثالثة على أنه "تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بضمان مساواة الذكور والاناث في التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في هذا العهد".
وحيث أنه حسب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، فقد نصت المادة الخامسة على أنه إيفاء للالتزامات الأساسية المقررة في المادة 2 من هذه الاتفاقيات، تتعهد الدول الأطراف بحظر التمييز العنصري والقضاء عليه بكافة أشكاله، وبضمان حق كل انسان، من دون تمييز بسبب العرض أو اللون أو الأصل القومي أو الاثني، في المساواة أمام القانون، لا سيما بصدد التمتع بالحقوق التالية:
(د) الحقوق المدنية الأخرى، لا سيما:
-1- الحق في الحركة والإقامة داخل حدود الدولة
-هـ- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
-و- الحق في دخول أي مكان أو مرفق مخصص لانتفاع سواد الجمهور.
وحيث أنه أيضا وردت أحكام أكثر دقة وشمولية لا سيما في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادر في العام 1979 والتي نصت في المادة الأولى على أنه :
"لأغراض هذه الاتفاقية يعني مصطلح "التمييز ضد المرأة" أي تفرقة أو استبعاد وتقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه، توهين أو احباط الاعتراف للمرأة بحقوق الانسان والحريات الأساسية الخ أو توهين أو احباط تمتعها بهذه الحقوق وممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.
وفي المادة الثانية ورد أنه: "تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكـل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة، وتحقيقا لذلك تتعهد بالقيام بما يلي : (أ) إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسـبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة ؛ (ب) اتخاذ المناسـب من التدابير، تشريعية وغير تشريعية، بما في ذلك ما يناسب من جزاءات، لحظر كل تمييز ضد المرأة"
(ج) فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفعالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد، من أي عمل تمييزي ؛ (د) الامتناع عـن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد المرأة، وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام؛ (هـ) اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة؛ (و) اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة ؛ (ز) إلغاء جميع الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزا ضد المرأة ".
وفي المادة الخامسة ورد أنه:
"تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتحقيق ما يلي:
"(أ) تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة؛
إذاً، استعرضنا أعلاه أن المشرع اللبناني أبقى على أحكام لا تتوافق مع دستوره الذي ينص على مبدأ قدسية الحرية الشخصية والتصاقها بشخصية الانسان، وعلى حق التمتع بالحريات العامة من دون أي تمييز أو فرز، وكما أحال إلى التزامات لبنان بموجب المعاهدات الدولية الاتفاقيات الدولية التي أشرنا اليها أعلاه لا سيما:
الإعلان العالمي لحقوق الانسان، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top