2024- 04 - 26   |   بحث في الموقع  
logo لبنان حائر بملف اللجوء السوري: العودة لخطة شرف الدين! logo لغة حماس "تتغيّر": وقف الحرب بـ1701 واتفاقية الهدنة للبنان logo الجيش يوقف 3 أشخاص لارتكابهم جرائم مختلفة logo بن غفير يرفض السماح بزيارات للمعتقلين الفلسطينيين:يضرّ بالمفاوضات logo "الجيش الوطني"يطلق سراح قائد"فرقة المعتصم"..ويلاحق من عزله logo فوز الرياضي على غوركان الايراني في سلة “وصل” logo مشروعان لتنظيم البث التلفزيوني المدفوع بلبنان:ما الفارق بينIPTV وOTT؟ logo بعد مرور 6 أشهر... تقريرٌ فرنسي يظهر انقسام الرأي العام الإسرائيلي بشأن حرب غزة
إلى الوزير جبران باسيل في مناسبة زيارته الثانية إلى عاليه (بقلم جورج عبيد)
2019-06-28 21:12:03



سيّدي الوزير،


منذ خمس عشرة سنة، وفيما كنت مشاركًا إكليلاً لصديق لي في كنيسة القديس جاورجيوس عاليه، سألني صديقنا الحبيب المشترك المطران جورج خضر، ونحن نراقب مشهد الغروب الرائع من باحة الكنيسة: "جورج لماذا أنت ثمل بحبّ هذا الجبل، أحسّك متعلّقًا به تعلّق وجديًّا ووجوديًّا؟" جاء جوابي توًّا: "لأنّ يسوع المسيح صلب في هذه الربوع الخلاّبة، لم يصلب بقومه بل صلب مع كل مظلوم أهرق دمه حرامًا"، نظر إليّ وقد بدأت الدموع تنهمر من عينيه، يسوع المسيح لا يخصّنا نحن الذين تعمدنا بالماء والروح، بل يخصّ كلّ من ذاق لطفه ورآه ضياء وحبًّا وحقًّا.


هذا الفكر إن احتزنّاه، سيدي، كفيل وحده إذا شفّت النفوس وأدركت القلوب الطراوة، بأن يبطل عبثيّة الحروب التي لم تعصف حصرًا في الجبل وهو لبنان الصغير، تاريخيًّا، بل في مشرق، اخترله الجبل بألوانه، أمسى بدوره ضحيّة العنف. يسوع يصلب، سيّدي، في القدس بعدما تخلّى الكثيرون عنها، ليعلو صوتك في القاهرة محذّرًا من بيعها، وفي العراق وسوريا. ثمّة هاجس استبدّ بي مرّة حين طالعت كتاب صموييل هانتنغتون للمرّة الأولى، هل الله يتصارع مع نفسه؟ إذا كان الله يتصارع مع نفسه فهو إله ممزّق وإذا كان قد تمزّق يكون قد مات والتاريخ مع موته يموت." في كلّ هذا الاصطفاف، سيدي، انفجر الله دماءً، كان الجبل الذي زرته وتزوره الآن ما بين عاليه والشوف إحدى محطّات الانفجار الصاعق بأياد ترابيّة مجرمة من هنا وهناك، وشغلنا الشاغل الذي تدأب عليه ونحن معك في هذا السعي المبارك أن نعيد الله إلى الوجود في الجبل وفي كلّ لبنان وإلى المشرق لنكتشف نحن وإخوتنا الموحدين الدروز بأنّه واحد، ولبنان في هذا المدى مدعوّ دائمًا لتأكيد الفرادة الموصوف بها ضمن ما سميته أنت بالذات الشراكة الميثاقيّة.


ميزتك سيدي الوزير، أنّك في كلّ زياراتك المتكررة للقرى والبلدات اللبنانيّة، حملت منطق الشراكة، وبثّيته وجعلت لها (أي الشراكة) وهجًا مشعًّا وباهرًا، ثمّ مع اكتمال مقوّمات الحلول، حوّلت الوهج وجهًا، فالوهج يبهر، والوجه ينطق، والشراكة هي النطق، كلّ النطق، ويفترض بنا إذا فهمنا معناه، أن نؤكّد بأنّ الشراكة تأبى الاستيلاد والاستعباد والاستبداد، "ليس عبد ولا حرّ" بل جميعنا واحد في الإخلاص للبنان، وجميعنا مهتمّون بأن نكون في وطننا لبنانيين، واللبنانيّة ليست فكرًا مغلقًا، أو هويّة تقتات من فتات الانحسار. اللبنانيّة كما أنت رسمتها في الآونة الأخيرة رسالة كونيّة لها مشتلها وجذورها، وفي الوقت عينه هي حقّ مسيحيّ-إسلاميّ مؤسّس للحق المشرقيّ العربيّ.


مثّل الجبل تاريخيًّا تلك الهالة. قد يرى بعضنا بأنّ لبنان الصغير ولبنان الكبير فيما بعد ولادتان تسوويتان بعد كلّ صراع. لكنّ الجبل، بحدّ ذاته، كان ولا يزال، ومن ثمّ لبنان بأسره نبض هذا الفكر مذ زاره المستشرقون الفرنسيون والإنكليز في القرون الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين، ولم يقدرواعلى التمييز بين مسيحيّ وموحّد. ما قلته، معاليك، في دير القمر في القداس الإلهيّ، يسمح للعقلاء بالتبحّر عميقًا عميقًا في أسباب كلّ الحروب التي فتكت بالناس، ليس فقط في الجبل بل في المشرق كلّه. ليس لنا أن نعصم أنفسنا عنها، لكنّ المؤرّخ السفير عادل إسماعيل رحمه الله، جزم بالوثائق، بأن ما من حرب حصلت إلاّ وكانت يد الأجنبيّ خلفها، وغسّان تويني بدوره نعت الحرب بأنها من أجل الآخرين... الآخرون يفجرون الحروب، ثمّ يعمدون على رسم التسويات وجذب الناس إليها. هذا عينه حدث في الحرب على سوريا والعراق واليمن، لماذا بعضنا ينكر دور الآخرين في إشعال لبنان، ولماذا لا نتعظ من جديد، إذا ما قررنا مراجعة الواقع بنقد ذاتيّ، حتّى نبني وطنًا يليق بنا؟


التيّار الوطنيّ الحرّ مع عماده المؤسّس وجبرانه الرئيس المكمّل، حسم النقاش بسرور كبير، ووزّع نفسه على كلّ اللبنانيين. من الشمال إلى الجنوب ومن العاصمة إلى الجبل والبقاع التيار هو هو، حركة لبنانيّة وطنيّة بامتياز، يشارك الدرزيّ في القرار كما الشيعيّ والسنيّ، ولو أنه ولد من رحم مسيحيّ. هذا جماله المسكوب في كلّ لبنان. في صوفر حيث ستفتتح مركزًا للتيار ستعلن لإخوتنا الموحّدين بأنّهم قلب التيار كما هم قلب لبنان، وهم القائلون دومًا "حارة بلا نصارى خسارة"، وفي القماطيّة سنتذكّر معك، كما تذكرنا في الهرمل قضيّة السيد الإمام موسى الصدر صديق المطران جورج خضر أطال الله بعمره، والمثلّث الرحمات المطران غريغوار حدّاد إين منطقة عين الرمانة جارة القماطيّة، وقد أسّسوا معًا حركة المحرومين، ومن ثمّ الحركة الاجتماعيّة، ونتذكّر معنى أن يكون للبنان مقاومة لها سلاحها الردعيّ الحامي إلى جانب الجيش اللبنانيّ، وعند المير طلال وعلى الرغم من بعض الهِنات، وهي عابرة، سنؤكّد معك بأنّ الشراكة ليست جبليّة فقط بل هي شراكة الأعماق الرانية إلى إحقاق الحقّ، هنا وثمّة، بلا انتقاص.


سيّدي الوزير ورئيس التيار الوطنيّ الحرّ، قيمتك أنّك أقوى وأمتن من الحملات التي تشنّ عليك. أنت لا تأبه بها ونحن كذلك. إنّهم متجنّون ولكنهم في الوقت عينه مائعون. ما أسخف الميوعة حين تتصدّر الكلمات. أنّى ما حضرت بدوت الرجل-الرجل. لقد زرعت منهجين متكاملين في تاريخنا السياسيّ لم نشهده من قبل، إنه منهج التواصل الداخليّ بينك كقائد سياسيّ ووزير ورئيس حزب مع اللبنانيين في كل الأقضيّة اللبنانيّة التي أصرّيت على زيارتها بسرور وفرح كبيرين، ومنهج التواصل الخارجي مع عالم الانتشار اللبنانيّ في الخارج حيث ما فتئت تزور الدول وتخاطب إخوتنا وهناك وأسست لهم مؤسسة تعنى بعلاقتهم مع جذورهم بكلّ المقاييس والمعايير. والمنهجان التقيا ويلتقيان في إظهار قيمة لبنان من الفكر إلى الصناعة إلى الاقتصاد. إنهم يتحاملون عليك لأنك يا جبران ضممت كلّ هذا إلى قالب اللبنانيّة التي لا تنفصل عن المشرقيّة والعالميّة بعد أن صمّمت على تفعيل التواصل كحركة متجانسة ومتكاملة، وكعقيدة مستمرّة.. إنهم يتحاملون عليك لأنك ناجح وهم فاشلون، لأنك ذكيّ عميق وهم تافهون، ولأنك واعذرني على هذا التخصيص جعلت المسيحيين شركاء وليسوا أجراء.


ستحمل إلى عاليه توأم الشوف كلّ هذه الرؤى لتسكبها على الناس، ونؤكّد بحبّ كبير أننا على صورة الله الواحد لا ولن نتمزّق. معنى اسمك بالعبريّة قوّة الله، وهي قوّة الوحدة وليست قوّة الآحاديّة كما توهّم بعضهم. وفي الجبل ستنكشف هذه القوّة بالوطنيّة الصادقة والمحبة الواحدة للجميع، والله محبّة. والسلام عليك في هذه الرحلة المعطّرة بأريج صنوبرات الجبل الأشمّ وجبينه العالي.


 



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top