2024- 04 - 20   |   بحث في الموقع  
logo جعجع "يهتدي" بخصومه: الهجوم على السوريين كعدو سهل ومربح logo التلفزيون الفرنسي يلتفّ على الحظر الاسرائيلي..بتسجيل تقرير من غزة logo الاليزيه: ماكرون يواصل التحرك من أجل استقرار لبنان logo الهجوم الإسرائيلي على إيران "بلا أضرار"..ومفاعيله انتهت! logo نتنياهو فوّت فرصتين لصفقة تبادل..السنوار عاد إلى مطالبه logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الجمعة logo ليبرمان يتحدث عن "خطة" نتنياهو للتهرب من تحمل مسؤولية "طوفان الأقصى"! logo بعد هجوم أصفهان.. هل نجت إيران من كارثة؟
وحدة الموقف اللبنانيّ أفشلت بدورها هدف الاعتداء الأخير - بقلم جورج عبيد
2019-08-28 21:07:28



بعيد الاعتداء الإسرائيليّ الغاشم والكريه على لبنان فجر الأحد الفائت مع سقوط الطائرتين على المركز الإعلاميّ لحزب الله، لاحظت مواقع ومراجع دبلوماسيّة عليا قدرة اللبنانيين على إنتاج وحدانيّة ناضجة وناصعة وساطعة فيما بينهم، وسكبها بوعاء وطنيّ بوجه الآحاديّة الإسرائيليّة المطلقة وعدوانيتها السافرة وانتهاكها لقواعد الاتفاق المبرم بعد حرب تموز الأخيرة على لبنان خلال سنة 2006.


ليست الوحدانيّة الظاهرة مجرّد تعبير ينتهي مع انتهاء لحظويّته لو افترضنا انّه لحظويّ Expiry date، بل بات مع عهد الرئيس ميشال عون يؤلّف القاعدة الصلبة والمتينة، لبناء وطن جديد رنا إليه الرئيس غير مرّة وها هو رئيس الحكومة سعد الحريري على وجه التحديد متجانس ومتآلف مع تلك الحضرة البهيّة المنشودة.


ما هو ظاهر ما يفترض منذ الآن قراءته بجديّة صارمة، أنّ إسرائيل لا تحصر اعتداءاتها على لبنان في الميدان، سواء عبر عمليات لها تخطّت فجر الأحد الخطّ الأزرق، أو عبر تحليق طيرانها فوق سمائنا بمهمّات عديدة منها الاستكشاف ومنها العبور نحو سوريا، أو عبر قصف وحشيّ مارسته على أراضينا ومنشآتنا غير مرّة لا سيّما سنة 1996 ومن ثمّ في تمور من سنة 2006، بل إسرائيل متغلغلة في بنيتنا اللبنانيّة، وهي متحرّكة في خلافاتنا وانقساماتنا العموديّة، وقد اشتهت ولا تزال تشتهي إبطال مفهوم الشراكة الميثاقيّة بين المسيحيين والمسلمين في لبنان، لأنّها في عقيدتها واسترتيجيتها تأبى كلّ تنوّع بهيّ وفريد بظهوره اللامع في لبنان وسوريا، أو ضمن المدى المشرقيّ. وقد قال فخامة الرئيس ميشال عون بأن إسرائيل ترفض وجود لبنان المتنوّع، وإسرائيل بجوهرها تجاهد في سبيل أن يبقى لبنان دائم الالتهاب والانقسامات والحروب، وهي مع الولايات الأميركيّة المتحدة، أدلجت مفهوم "الفوضى الخلاّقة" وهو ليس لكوندوليزا رايس بل ورثته من برنارد لويس، كما روّجت لمفهوم نهاية التاريخ وموت العالم لفرانسيس فوكوياما المنطلق من مفهوم صدام الحضارات لصموييل هانتنغتون.


حرب إسرائيل بهذا المعنى ليست على حزب الله حصرًا، فالعداوة جوهريّة وعقيديّة بين حزب الله وإسرائيل، كالعداوة على وجه التحديد بين المسيحيّة المشرقيّة وبينها، وقد كان كبار مفكّريها يقرأون خطرها على فلسطين بالدرجة الأولى وعلى لبنان وسوريا والأردن والعراق بالدرجة الثانية، ويرون من ميشال شيحا وصولاً إلى ميشال عون مرورًا بشارل مالك غسان تويني يواكيم مبارك جورج خضر إغناطيوس الرابع هزيم ميشال إدّه إيلي الفرزلي عصام خليفة عماد جوديّة جورج عبيد...بأنّ إسرائيل تبتغي بقوّة محو المسيحيّة المشرقيّة من لبنان وسوريا على وجه التحديد لأنه يسهل عليها حينئذ تهويد دولتها التي حبل بها بالإثم وولدت بالخطيئة كما كتب المطران جورج خضر على وجه التحديد والقضاء على القضيّة الفلسطينيّة. وعلى هذا ساغ القول بأنّ التقاء المسيحيّة المشرقيّة ممثّلة بالرئيس ميشال عون وليس التيار الوطنيّ الحرّ فقط مع حزب الله، كان الواجهة الصلبة والصخرة الصلدة التي أسّست للحظات الجدّة والحسم في ترسيم معاني العداوة مع إسرائيل ومعالمها. هل ينسى اللبنانيون بأن ورقة التفاهم التي صيغت بين التيار الوطنيّ الحرّ وحزب الله في كانون الثاني من سنة 2006، كانت المنطلق لتكديس الغضب الإسرائيليّ وتفجيره حقدًا وحربًا على لبنان في تموز من السنة عينها. لقد أضام إسرائيل تلاقي وجدانين مكوّنين كبيرين في لبنان بواسطة ممثلين لهما بالأكثرية المطلقة. لقظ ظهر على وجه التحديد بأن كلّ تلاق عميق بين المكوّنات اللبنانيّة، تعتبره إسرائيل بمثابة حرب على موجوديّتها الآحاديّة.


تعتبر بعض المصادر بأن الأحداث السابقة التي حدثت في لبنان مع بدء الصيف، كانت قضيّة قبرشمون والبساتين قمّتها، هي المقدّمات الأميركيّة-السعوديّة-الإسرائيليّة بوجه عهد عامل على وحدة لبنان ووحدة مكوّناته ضمن آفاق استراتيجيّة إصلاحيّة. كان التقويض والتطويق والتجويف معايير مطلوبة من عدد من القوى الداخليّة، ومن الوسائل المتداخلة في تلك المعايير أخذ لبنان نحو انقسام طائفيّ عموديّ كبير يتمّ استهلاكه بغية إستدخال البلد في حرب داخليّة كان على قاب قوسين من حدوثها. غير أن وحدة الموقف بين رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة وحزب الله، وانسيابه بهدوء كبير وإعادة الاعتبار للحوار، أبعد القتنة المرسومة للبنان. فالمقدّمات المتراكمة التي ذكرناها انطلقت لإحراق لبنان، بسبب وقوف رئيسه على وجه التحديد ضدّ ضفقة القرن بقوّة، والتي تنهي القضيّة الفلسطينيّة بإنهائها لفلسطين، وبسبب أن رئيس لبنان قبل ولوجه نحو الرئاسة وخلالها منح التسويغ المسيحيّ اللبنانيّ والمشرقيّ لحزب الله لكي يقاتل القوى التكفيريّة في سوريا، وقد دعم رئيسها بشار الأسد في مسرى القتال بوجه المؤامرة على سوريا، ولأن رئيس لبنان مؤمن إيمانًا شديدًا بفاعليّة الثالوث الذهبيّ بوجه إسرائيل وهو الجيش والشعب والمقاومة.


ولمّا فشل مشروع المثلّث الميركيّ-السعوديّ-الإسرائيليّ استدخال لبنان في مشروع حرب مذهبيّة وطائفيّة جاءت تلك العمليّة فجر الأحد الفائت كتمتمة فصيحة واضحة في محاولة فاشلة "لتأديب لبنان" بحسب المنظور الإسرائيليّ. فللمرة الأولى تتخطّى إسرائيل الخطّ الأزرق وتتوغّل بطائرتين نحو بيروت لتعتدي على ضاحيتها الجنوبيّة. فما من شكّ بأنّ جانبًا من هذا الاعتداء يحوي المعنى المذكور أعلاه، لكنّ المعنى الثاني وهو أن نتنياهو يحاول نقل معركته الإنتخابيّة خارج أسوار فلسطين المحتلّة بالقتل والتدميرن بغية شدّ العصب الإسرائيليّ. هذا الأسلوب استعمله أولمرت قبله في الحرب على لبنان وعلى غزّة، وانتهى بالفشل الميدانيّ فدخل السحن بتهمة الفساد. ونتنياهو نفسه يتّبع القاعدة نفسها متناسيًا بدوره بأن الانقسام في الموقف الأميركيّ حوله سيجعله متوغّلاً أكثر بالفشل فتنتهي صفقة القرن، لتعود المنطقة من جديد إلى توازنها.


بهاء المشهد متجلٍّ بالوحدة المتكاملة ليس بين وجدانين، بل بين من يمثّلون الوجدانات الطائفيّة المكوّنة للبنان بأكثريتها المطلقة. لم تحتسب إسرائيل باعتدائها الأخير بأن تلك الوجدانات ستقول بأن عمليتها الإرهابيّة على لبنان هي حرب حقيقيّة على البلد كيانًا ونظامًا ودولة، وستقول بصوت الرئيس سعد الحريري بان الخارج يجب ان يعرف ما ترتكبه إسرائيل من عدوان سافر. إنّه الموقف المتجانس مع رئيس الجهوريّة الرافض لأي اعتداء على أي مكوّن سواء بالإرهاب المباشر، أو بالعقوبات الاقتصاديّة المهوّلة على لبنان وليس على فريق واحد منه.


بهاء اللحظة أثبت ويثبت أن وحدة الموقف منطلق للمنعة والقوّة والعزّة. واللبنانيون عليهم أن يعرفوا بلا زيغ ولا زيف بأن إسرائيل عدوّة لبنان الكيان والوطن، وعدوّة الوحدة بين المكوّنات وعدوة أن يكون لبنان لبنانيّ الجوهر ومشرقيّ الحضور، فمتى أدرك اللبنانيون بجميع أطيافهم السياسيّة بعيدًا عن الرهانات المقيتة بطلت النزاعات الداخليّة حينئذ نكون قد بدأنا عهد السلام الداخليّ وانطلقنا نحو الإصلاح القويم. هذا هو الرجاء المنتظر لولادة لبنان جديد.



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top