يواجه الجيش الإسرائيلي اتهامات باستخدام وسائل الإعلام لخداع حركة "حماس" الفلسطينية، بعدما أرسل في وقت مبكر من يوم الجمعة، بعد منتصف الليل بقليل، بياناً غامضاً، لوسائل الإعلام بأن قواته البرية والجوية تهاجم قطاع غزة.
وأثار البيان ذو الصياغة الغامضة التكهنات بأن إسرائيل تشن عملية برية داخل قطاع غزة، وهو سيناريو يُخشى حدوثه لأنه يعتبر تصعيداً دموياً للعمليات الإسرائيلية ضد "حماس"، حسبما نقلت وكالة "أسوشييتد برس".ورغم إبلاغ بعض المراسلين صراحة بأن التوغل بدأ فعلاً، إلا أن الجيش الإسرائيلي أصدر بعد ساعات "توضيحاً" أفاد بعدم وجود جنود داخل غزة، وحاول التقليل من الحادث باعتباره سوء فهم. وقال معلقون عسكريون إسرائيليون بأن وسائل الإعلام استخدمت كجزء من حيلة متقنة لإغراء عناصر "حماس" بالوقوع في فخ مميت ربما كان سيؤدي لقتل العشرات منهم.وقال أور هيلر، المراسل العسكري في "القناة 13" الإسرائيلية: "لم يكذبوا، بل كان تلاعباً ذكياً وناجحاً"، علماً أن إسرائيل أعلنت أنها استدعت الآلاف من جنود الاحتياط، في وقت متأخر من الخميس، بعد أيام من شن غارات جوية، وكذلك حشدت قوات على طول الحدود، وفي إشارة على التصعيد، بدأت القوات الإسرائيلية إطلاق قذائف على أهداف داخل غزة، بحسب السكان.وأسفرت عمليات التوغل التي شهدتها المواجهات السابقة عن دمار واسع النطاق في غزة ووقوع خسائر فادحة للجانبين. وقال هيلر أن إسرائيل بدأت في دفع قواتها على طول الحدود فيما بدا أنه استعدادات نهائية للتوغل ثم أصدرت بياناً بالعبرية والعربية في آن واحد في "تويتر" فيما نشرت وسائل إعلام كبيرة كان منها "نيويورك تايمز" أخبارا تفيد بأن العملية البرية جارية.وبحسب هيلر وتقارير إسرائيلية، دفعت تلك التحركات عناصر "حماس" إلى التمركز في مواقع دفاعية في شبكة أنفاق تحت الأرض تعرف باسم "المترو". وقال الجيش الإسرائيلي أنه قصف تلك الأنفاق لمدة 40 دقيقة بعدما استدعى 160 طائرة.وعلق هيلر بأنه فهم أن العشرات من "حماس" قتلوا، رغم أنه شكك في ذلك، وقال: "ما رأيناه كان عملية معقدة للغاية كان لها جانب إعلامي". وذكر أن المراسلين الإسرائيليين، الذين تربطهم علاقات وثيقة بالجيش وخدموا فيه يعلمون أن إسرائيل لن تقوم بعملية برية في هذه المرحلة.والحال أن هيلر ومراسلين عسكريين آخرين قالوا عبر "تويتر" إنه لم تكن هناك أي عملية. وأفاد تحليل "أسوشييتد برس" لبيان الجيش الإسرائيلي ومكالمات مسؤولين عسكريين وتقارير ميدانية في غزة بأنه لم يكن هناك توغل بري. وقال مراسلون آخرون إن الجيش الإسرائيلي ضللهم أو حتى كذب عندما طلب منهم توضيح البيان الأولي واستخدامه المبهم لكلمة "في".وهنا، ذكرت فيليسيا شوارتز، مراسلة صحيفة "وول ستريت جورنال" بأنها أعلنت عن شن عملية برية بعد تلقي تأكيد صريح من المتحدث العسكري اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس. وأوضحت عبر "تويتر" إن كونريكوس "أخبرني بأن هناك قوات برية في غزة"، وكان هذا أساس الخبر، لكنه تراجع بعد ساعتين وقمت بتغيير الخبر ليعكس ذلك، وهذا ذُكر في النص وسيتم تصحيحه.وكان كونريكوس ألقى باللوم على "سوء تفاهم داخلي"، في حديثه للصحافيين صباح الجمعة، وقال: "هذه الأشياء يمكن أن تحدث في بعض الأحيان في خضم عملية معقدة"، وتابع: "بمجرد أن فهمت أن لدي معلومات خاطئة، قمت بإبلاغ الأشخاص المعنيين بتوضيح".لكن بعض المراسلين مازال لديهم أسئلة بشأن ما حدث واعتبروا استخدامهم غير مقبول، علماً أن الجيوش لطالما استخدمت الخداع والخداع ضد أعدائها، وزيف الجيش الإسرائيلي قبل عامين، واقعة حدوث إصابات لجنود إثر هجوم صاروخي لـ"حزب الله"، وقام بإجلائهم إلى مستشفى بهليكوبتر. وقالت تقارير حينها أن الجيش الإسرائيلي كان يخدع "حزب الله" ليعتقد أنه أوقع إصابات وبالتالي وافق على وقف إطلاق النار.يشير ذلك مجدداً للعلاقة المتوترة بين الجيش الإسرائيلي ووسائل الإعلام الأجنبية. وقال بيتر ليرنر، المتحدث العسكري السابق لوسائل الإعلام الأجنبية، أن الجمهور الإسرائيلي بشكل عام شعر منذ فترة طويلة بتركيز وسائل الإعلام الدولية بشكل كبير على الجانب الفلسطيني من القصة مع تقليل المخاوف والمعاناة الإسرائيلية. وأضاف أنه شعر أنه من غير المرجح أن يكون الجيش كذب عمداً، لكنه أقر بوقوع ضرر.