2024- 04 - 27   |   بحث في الموقع  
logo رفع علم "حزب الله" في جامعة أميركية... وانقسام عربي logo "الحزب" يستعد لما بعد انتصاره: فكفكة الألغام وتشكيل السلطة logo العثور على جثة شاب في أحد المجمعات السياحية logo استقالة متحدثة باسم الخارجية الاميركية..احتجاجاً على حرب غزة logo بصواريخ الكاتيوشا.. “حزب الله” يستهدف موقعا للعدو logo بعد هجومها "الفاشل"... أوستن يسخر من أسلحة إيران! logo "حول تأجيل زيارة أردوغان"... تعليقٌ من البيت الأبيض logo جثةُ شاب داخل "شاليه" في الكسليك!
هذه السنة... العيد في القدس
2021-05-16 10:26:12


في هذه الأثناء، يصنع الإنسان الفلسطينيّ المشهد باللحم الحيّ. كلّ شيء آخر بات تفصيلاً. الدعم العربيّ؟ أتى أم لم يأتِ، هذا تفصيل. بالأمس كان أبّو عمّار يسأل الزعماء العرب إذا كانوا يستطيعون تحمّل مسؤوليّة عشرات من صواريخ الكاتيوشا يمكنه أن يطلقها من جنوب لبنان على الشمال الإسرائيليّ. أمّا اليوم، فالمعركة تخاض من فلسطين وفي فلسطين. كم تغيّرت الأزمنة! من الواضح أنّ الرأي العامّ الدوليّ شهد هذه المرّة تغيّراً ملحوظاً حيال الفلسطينيّين وقضيّتهم ولو أنّه غير جذريّ أو غير كافٍ بعد. ولكنّ هذا التغيير، على أهمّيّته، يبقى أيضاً تفصيلاً. وحده ما يجري في فلسطين يقول أشياء كثيرة ويتكلّم بلغة أخرى، وهذا هو الأهمّ.
ليس من الصعب قراءة دلالات هذا التحوّل. الإنسان الفلسطينيّ يقبض على قضيّته ويعيد خلقها من جديد، وذلك عبر استعادة الحكاية التي خيّل للمحتلّ الغاصب أنّه نجح في كبتها إلى الأبد. ينتفض المقدسيّون الشرفاء. ينتفض أبناء الضفّة الغربيّة في الرقعة الجغرافيّة المهيضة التي أسموها «منطقة الحكم الذاتيّ». ينتفض الغزّاويّون رغم الجحيم الإسرائيليّ المتساقط على رؤوسهم. وينتفض الفلسطينيّ القديم في فلسطين القديمة التي حوّلتها النكبة إلى امتداد مكسور الذاكرة للمشروع الصهيونيّ. هذا هو الإنسان الفلسطينيّ الذي ينتفض اليوم. يستعيد تاريخه المكبوت بالصمت، المجروح بالقصّة العنفيّة التي ما زال كثر يتردّدون في روايتها. يتضامن بجسمه العاري مع القدس بما تختزنه من رمزيّة لشعب بأسره ومنطقة بأسرها وأديان بأسرها. ولكنّه يتضامن معها بالدرجة الأولى من حيث إنّها عاصمته ومحجّته، ومحجّة كلّ الذين يؤمنون بها علامةً لسلام الشعوب، لا مكاناً للقمع والتهجير وتغليب العنصريّة المفترسة على الإنسانيّة. هكذا تتحوّل القدس اليوم، بالقوّةً ذاتها، إلى قضيّة فلسطينيّة لأنّها تخصّ الفلسطينيّين جميعاً، من الجليل إلى صحراء النقب، وإلى قضيّة إنسانيّة تخصّ العالم أجمع، لأنّ الذين يُضطهدون ويُطردون ويماتون هناك بشر عُزّل جرّدتهم الآلة العنصريّة المقيتة من حقوقهم فيما العالم يحتسي الشاي ويقرأ الصحف. هذا المشهد العظيم الذي يكتبه الفلسطينيّون اليوم بأيديهم المرفوعة وعيونهم المسكونة بالشمس لا تعكّر صفوه الحمم التي تنزل على غزّة، ولا انطلاق صواريخ المقاومة «الإسلاميّة» كي تدكّ تل أبيب وأشدود وعسقلان وتقفل مطار بن غوريون باللهب الأحمر، لا بالشمع الأحمر. فالكلّ يعرف أنّ نتانياهو المتهالك بقضايا الفساد والمهدّد بالذهاب ذليلاً إلى بيته، أو إلى السجن، يريد أن يحسّن شروطه. ولكنّه راحل والقضيّة الفلسطينيّة باقية في ضمير الحفيدات والأحفاد الذين يصنعون اليوم ثورتهم العظيمة بأنفسهم، وبالنيابة عن العالم المتعثّر بصمته. والكلّ يعرف أنّ إضفاء الصبغة الدينيّة على مشروع المقاومة الوطنيّة معرّض للتحوّل، في أيّ وقت، إلى رقصة مشؤومة تتحرّك على إيقاع المفاوضات بين الولايات المتّحدة وإيران. ولكن حتّى هذه الأمور تبدو اليوم تفصيلاً باهتاً. فالرهان، كلّ الرهان، هو مآلات هذه الانتفاضة الفلسطينيّة الجديدة ومدى قدرتها على تثمير التضامن الفلسطينيّ المنبثق من زهرة المدائن في مشروع سياسيّ حقيقيّ، وذلك فيما إسرائيل تهتزّ ويفتضح أمرها للعالم بأسره أنّها كيان هشّ قائم على كذبة كبيرة قوامها عنصريّة كبيرة. «من صدّق خبرنا ولمن استعلنت ذراع الربّ؟»، يقول إشعياء النبيّ. ومن كان سيصدّق في السنة الماضية أنّ هذه ستكون أطوار عيد الفطر في هذه السنة؟ عيد للفلسطينيّين على امتداد الوطن الذي يأبى أن يكون مسلوباً، وعيد للمقدسيّين في القدس، لأوّلهم وآخرهم، على رجاء الآتيات العظيمة، وأهمّها الحرّيّة...


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top