ثلاثة مؤشّرات مقلقة صدرت أمس، تضاف إلى مؤشّرات أخرى سابقة لا تقلّ قلقاً، ورسمت مستقبلاً قاتماً لما ينتظره لبنان في الأيّام المقبلة، وما ستحمله من تطورات غير مطمئنة، ودفع المواطنين إلى مزيد من الحذر والخوف والقلق على مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم ووطنهم.
المؤشّر الأوّل كان دولياً لكنّه مرتبط بشكل وثيق بالداخل اللبناني، ويدلّ على حجم الخطورة التي ستحملها المرحلة المقبلة على البلاد، وهو جاء على شكل تحذير من نظام إدارة السلامة والأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، وتوصيات للعاملين لديها في لبنان.
فقد نصح نظام إدارة السّلامة والأمن العاملين التابعين للمنظمة الأممية في لبنان، في ظل الأزمة المعيشية وانقطاع الكهرباء وشحّ مادة البنزين وحليب الأطفال، “الموظفين في مكاتبها في لبنان بتأمين مواد غذائية تكفيهم لمدة أسبوعين على الأقلّ، وتأمين البنزين للسّيارات، والإنتباه خلال إنتظار دورهم في طوابير المحطات خوفاً من أعمال عنف محتملة، وتخزين الأدوية الضرورية، ولذوي الأمراض المزمنة تخزين الأدوية لمدة شهرين أو ثلاثة، وتأمين الشّموع والبطاريات لاستعمالها في حال الإنقطاع الكلّي للتيّار الكهربائي والمولدات”.
تكاد تكفي هذه التحذيرات ليس لإبداء الخوف والقلق فقط بل لبثّ الرعب والهلع في نفوس وعقول اللبنانيين. فأمام هكذا تحذيرات صادرة من أعلى منظمة أممّية لموظفيها في لبنان، لا بدّ إلا أن يستشعر المواطن اللبناني حجم المخاطر الوجودية التي تهدّده وتهدّد بلاده خلال الأيّام والأسابيع والأشهر القليلة المقبلة، وأنّ هكذا تحذيرات ما كانت لتصدر عن هذه المنظمة الدولية لو كانت لا تملك معطيات كافية تشير إلى انهيار كبير ينتظر لبنان في المستقبل المنظور.
ثاني هذه المؤشّرات عبّر عنه كلام قائد الجيش العماد جوزيف عون خلال المؤتمر الإفتراضي الذي عقد أمس لدعم الجيش، بإشارته إلى أنّ “لبنان يواجه أزمة إقتصادية غير مسبوقة، ويبدو واضحاً إنعدام فرص الحلول في الوقت القريب”، محذّراً من أنّ “إستمرار تدهور الوضع الإقتصادي والمالي سيؤدّي حتماً إلى انهيار المؤسّسات ومن ضمنها المؤسّسة العسكرية”، ومعتبراً أنّ “الجيش هو المؤسّسة الوحيدة والاخيرة التي لا تزال متماسكة”، ومنبهاً من أنّ “أيّ مسّ بها سيؤدي إلى انهيار الكيان اللبناني”.
هذا الكلام الصريح والخطير الذي قاله قائد الجيش على مرأى ومسمع من اللبنانيين والعالم، يدلّ بوضوح على ان الهيكل سيسقط على رؤوس الجميع في لبنان ما لم يتم الإسراع إلى وضع خطّة سريعة، لا تحتمل ترف الإنتظار، لإنقاذ البلد قبل فوات الأوان.
اما المؤشر الثالث المقلق فكان معيشيا، وجاء على لسان وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر، الذي توقع ان يرتفع سعر صفيحة البنزين الى 200 الف ليرة لبنانية في حال رفع الدعم، وهو رفع يبدو قريبا عن البنزين وسواه من بقية السلع والبضائع المدعومة، وما كلام غجر سوى تحضير اللبنانيين نفسيا لهكذا خطوة تبدو متوقعة في وقت قريب.
ولكن تحذير وزير الطاقة والمياه جاء درامياً، إذ قال من غير أن يرفّ له جفن أو يطرح حلولاً للأزمة المرتقبة، أنّ المواطن “الذي لا يستطيع أن يشتري صفيحة البنزين بسعر 200 ألف ليرة سيتوقف عن إستعمال السيارة، وسيستعمل وسيلة أخرى”.
وسيلة أخرى؟ يرعاك الله يا معالي الوزير هل أخبرتنا ما هي هذه الوسيلة!