2024- 04 - 26   |   بحث في الموقع  
logo الإنتخابات البلديّة.. التمديد أزال كابوساً!.. عبدالكافي الصمد logo طرابلس عاصمة الثقافة العربية.. 735 عاما على تحريرها من الإفرنج الصليبيين!.. غسان ريفي logo جلسة التمديد تفضح علاقة باسيل بأعضاء كتلته… نائب يتحول إلى ساعي بريد logo المعارضة في معراب... عدم زجّ لبنان في الحرب logo إلى القوات وحلفائها… حان وقت الإستقالة logo المقاومة تفعل معادلة "إغتيال = مسيرة إنقضاضية"… إسرائيل تتقفى أثر المسيرات عبر اليونيفيل؟ logo عناوين الصحف logo اسرار الصحف
"بعد الحب": المتحولة إلى الإسلام
2021-06-19 12:26:23

يبدأ الفيلم البريطاني "بعد الحب" (2021) بمشهد إلى جوار حوض المطبخ. الزوجة الإنكليزية المحجبة، ماري، تعد كوباً من الشاي، وتبدأ في تسخين العشاء. الزوج، أحمد، مرتدياً "سروال كاميز" نراه عبر المطبخ، وفي الغرفة البعيدة ذات الضوء الخافت، ومن ظهره، لا نرى وجهه لكننا نسمعه يحاول مجاراة أغنية من فيلم بوليوودي قديم، لكنه صوت يحيد عن اللحن، بنشاز خفيف الظل. توحي عناصر المشهد بجو دافئ من الألفة الأسرية، الأدوار التقليدية الموزعة برضا، لكنه، في الوقت ذاته، يحمل شبكة من العلامات الموحية بالانقسامات والازدواجات والتراتبية والعلاقات المعكوسة. اللكنة البريطانية النقية في مقابل ثقل لكنة شبه القارة التي لها ألفتها أيضاً، لكنها ألفة من نوع آخر أو من درجة أقل. البشرة البيضاء مع الحجاب والزي الباكستاني، الإمبراطورية ورعاياها السابقين، لكن بعلاقات تقمص تبدلت.
يظل حوض المطبخ، العنصر الأكثر جذباً، لا لشيء، سوى لأنه يبدو إشارة ضمنية إلى مدرسة "حوض المطبخ" السينمائية. أي موجة الأفلام البريطانية التي وصلت إلى ذروتها في الخمسينيات والستينيات، واستعارت اسمها من الرسام الإنكليزي، جون براتبي، ولوحاته عن الواقعية اليومية، التي تكررت فيها أحواض المطابخ كثيراً. لكن تلك الإشارة، كما تعنى علاقة نسبٍ فني، هي علاقة تغير تقترب من القطيعة. فأفلام "حوض المطبخ" التي كانت تدور حول رجال بيض فقراء وغاضبين، تظل واقعيتها قائمة، لكن في واقع مختلف بشكل جذري.
في الدقائق الأولى من الفيلم، يضغط المخرج البريطاني باكستاني الأصل، عليم خان، سلسلة من الأحداث المتلاحقة، توليفة تكفي بضع حلقات من مسلسل تلفزيوني ركيك: الموت المفاجئ للزوج، اكتشاف حياته المزدوجة على جانبي القنال الإنكليزي بين مينائي دوفر وكاليه، وعشيقته الفرنسية وابنه منها. لكن الأحداث اللاحقة تصبح أكثر تقشفاً وتركيزاً، تقرر ماري أو "فهمية" كما يدعوها أقارب الزوج المتوفى، السفر إلى كاليه بحثاً عن الحقيقة، لكن بلا خطة محددة. الزوجة، والعشيقة (الضرة) والابن الحرام، مثلث تقليدي لتيمات مطروقة عن الخيانات الزوجية، لكن "بعد الحب" يأخذها إلى مستوى آخر. فكل من الشخصيات الثلاث يعيش حياة مزدوجة بشكل أو بآخر، إلى حد تبدو معه تلك الثنائيات حتمية، ولا فكاك منها، خديعة من الواجب غفرانها أو التصالح معها.
رمزية المتحولين، التي تمثلها ماري/فهيمة تظل عصية على الفهم، العبور من جهة إلى أخرى بملء الإرادة، الانسلاخ عن الجماعة والهوية والماضي الشخصي لصالح الآخرين، لماذا؟ وما الذي قد يحدث حين يتضح أن كل تلك التضحيات كانت في مقابل كذبة بطول حياة كاملة؟ بالطبع روميو وجولييت، النموذج الأشهر لتراجيديا التحول، عبر خطوط العداوات العائلية، لكنها تضحية من الطرفين وبالقدر نفسه. أما في التحول إلى الإسلام في مجتمع غربي، فيبدو السؤال مختلفاً. حاول الفيلم التسجيلي البريطاني "إجعلني مسلمة" (2014)، مع عشرات من الوثائقيات الأخرى في دول القارة الأوروبية، الإجابة عن السؤال نفسه، مرة بعد مرة: لماذا تقبل امرأة نشأت في مجتمع غربي بقيم ليبرالية، أن تتخلى بكامل إرادتها عن كل امتيازاتها، للخضوع لقيود الإسلام؟ يتضمن السؤال فرضية أن الإسلام دين قامع للمرأة بالضرورة، لكنها فرضية مقلقة في حالة التحول، أي حين يتم قبول قيوده بكامل الإرادة. بشكل نمطي، صُورت المتحولة في الجدل العام الغربي، بوصفها امرأة هشة، قابلة للاستغلال، ضحية تستدعي حماية غير ممكنة.
لكن عليم خان، مخرج "بعد الحب"، الذي تحدث في حواراته الإعلامية عن صعوبة حياته المزدوجة كمراهق مثلي في عائلة مسلمة، حاول أن يرسم صورة متصالحة مع المتحولين أو صورة لتصالح بين عوالمهم المتنافرة. لكن تلك الصورة التي جسدتها ماري/فهمية، كمثال للحب المتجرد نحو العشيقة وابنها، والغفران غير المشروط لخديعة زوجها، لم يحرر المتحولة من التنميطات، بل على العكس، نزع عنها إنسانيتها من دون قصد في مقابل منحها صورة نورانية، صورة ليست ملائكية بالضبط، لكنها لا تقبل بالمتحولة سوى كشهيدة، ذبيحة للتضحية المطلقة بالذات، صورة -وللمفارقة- مسيحية جداً.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top