2024- 04 - 26   |   بحث في الموقع  
logo بالصوره: قوى الأمن تُسطّر محاضر ضبط بحقّ هؤلاء logo أخطر المطلوبين بقبضة ”المعلومات “.. صيدٌ ثمين في عكّار logo بالصور: لقاء موسع في غرفة طرابلس الكبرى لمناقشة أزمة عقود الايجارات logo رفح:الأقمار الاصطناعية تظهر مخيمات إسرائيلية في خانيونس لإجلاء المدنيين logo حماس ل"المدن":رؤيتنا السياسية "النهائية" بعد المعركة الفاصلة logo "بلومبيرغ": إسرائيل تكثّف استعداداتها لحرب شاملة مع حزب الله logo التيّار الوطني الحرّ والتمديد للبلديات.. التغطية مؤمّنة!.. عبدالكافي الصمد logo الخماسية من دون أنياب.. ورئاسة الحوار غير قابلة للنقاش.. غسان ريفي
خطورة عدم خوف حكّام لبنان من العقوبات الأوروبية
2021-06-23 10:26:01


كأنّ أوروبا غير موجودة على الخريطة العالمية! على هذا النحو يفكر ويتعامل، على ما يبدو، حكّام لبنان مع الضغط الذي يمارسه الاتحاد الأوروبي عليهم. وهم بذلك يحذون حذو وزير خارجية النظام السوري، الراحل وليد المعلم، حين قال في 22 حزيران 2011، رداً على العقوبات الأوروبية ضد نظام بشار الأسد، بسبب قمعه الوحشي للثورة السورية، وامتناعه عن تحقيق إصلاحات ديموقراطية: "سننسى أن أوروبا على الخريطة".
هذا التجاهل لأوروبا كلّف الشعب السوري ويلات ومآسي مروّعة. فكم ستكون كلفة تجاهل مماثل على الشعب اللبناني؟ الجواب معروف. ما يعيشه سكان لبنان اليوم ليس سوى ملامح أولية منه. الكل يحذر من أن الآتي أعظم. آخرهم كان الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، الذي قال خلال زيارته إلى لبنان يوم السبت 19 حزيران 2021 ، إن "الأزمة في لبنان صناعة وطنية وليست من الخارج"، مضيفاً أن "أرقام الفقر والبطالة دراماتيكية وعلى القادة اللبنانيين تحمل مسؤولياتهم".المطالب الأوروبيةباختصار، وحسب مضمون خطاب بوريل، فإن الاتحاد الأوروبي يطالب المسؤولين اللبنانيين بوضع حد للتعطيل. بالإفراج عن حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات، بعيداً من ممارسات الفساد والمحاصصة والزبائنية. يذكرّهم بأن لا مساعدات مالية دولية، لا أوروبية ولا برنامج "صندوق النقد الدولي"، من دون الإصلاحات. يحذرهم من مغبة تدهور الوضع نحو الأسوأ. يلوّح بعقوبات أوروبية على المسؤولين عن التعطيل والفساد وعرقلة تشكيل الحكومة، وانتهاكات حقوق الإنسان. لكن بالنسبة للقادة المهيمنين على السلطة في لبنان، كأن شيئاً لم يكن. هم يمعنون بالتهرّب من تحمّل المسؤولية. يفضلون الالتهاء ومحاولة إلهاء الناس بالانقسامات الطائفية والمذهبية المخادعة، بدلاً من العمل على تسهيل حل الأزمة الحادة التي تعصف بلبنان وتهدد الأمن الغذائي والصحي والاجتماعي لسكانه.لا "أسف" على أموال منهوبةيبدو واضحاً أن حكام لبنان لا يخافون التدابير العقابية الأوروبية، التي من المحتمل أن تتكشف معالمها أثناء اجتماع مجلس وزراء الخارجية الأوروبيين، في 12 تموز 2021. وبما أنهم يُخَيّرون بين خسارتهم المحتملة لأموال هي منهوبة أصلاً، وبين خسارتهم للسلطة التي يتقاسمونها حصصاً، بما يتيح لهم السطو على "مغانم" الدولة ونهب مقدرات البلد.. فإنهم يفضلون الخيار الأول. سيبذلون إذاً المستحيل من أجل الاحتفاظ بالسلطة، ولن يأسفوا على أموال لم يجنوها بعرق جبينهم. وهذا المستحيل هو، في ظل ظروف لبنان الحالية، سيناريو جهنمي خطير.
وهم لا يخشون العقوبات، إما لأنها لن تطال ثرواتهم بالمطلق. أي ستقتصر على حظر السفر مثلاً. أو لأنها لن تطال ثرواتهم بأكملها. أو ربما لأنهم يخفون الأموال المنهوبة في بيوتهم أو في ما يسمى بـ"الجنات الضريبية" التي يعجز الاتحاد الأوروبي عن الوصول إليها.
في جميع الأحوال، من الواضح أن حكام لبنان لا يهمهم التأثير المادي ولا حتى التأثير المعنوي للعقوبات المحتملة، طالما أن احتفاظهم بالسلطة في لبنان يشكّل مكسباً مطلقاً. بل هو يمثل "كنزاً" غير مستعدين للتضحية به على مذبح إصلاحات، إنْ تم تطبيقها فعلاً، قد تؤدي إلى محاسبتهم على سرقاتهم وعمولاتهم وفسادهم وإهمالهم الخ.تعطيل دور القضاء اللبنانيلاطمئنانهم أو لاطمئنان البعض منهم حيال محدودية تأثير العقوبات، سبب آخر. يتعلق الأمر باستحالة تجميد أموالهم في المصارف الأوروبية إلى أبد الآبدين، طالما أن القضاء اللبناني غير قادر على تقديم أي إثبات بأن هذه الأموال قد تم تحصيلها بطرق غير مشروعة. ذلك أن الاتحاد الأوروبي لن يحجز إلى أجل غير مسمى على أموال لم يثبت إنها منهوبة وغير مشروعة. وطالما أن السلطة السياسية تصر على إخضاع السلطة القضائية لمشيئتها في لبنان، من خلال تقويض استقلالية القضاء والتدخل في شؤونه، فلن يصل أي تحقيق مالي محلي إلى خواتيمه. ولن يتمكن الاتحاد الأوروبي بالتالي من الذهاب بإجراءاته العقابية حتى النهاية. لهذا السبب، ينام حكام لبنان على حرير، ويمضون في إدارة ظهرهم للنصائح والدعوات الأوروبية."أوروبا" إبنة ملك فينيقيقد يكون لسلوكهم هذا سبب من نوع آخر. فحسب الأسطورة الشائعة، "أوروبا" هي إبنة أجينور، ملك صور الفينيقي. خطفها زوس، أكبر آلهة اليونان، واستقر بها في جزيرة كريت، وأنجبت له أولاداً. هكذا، تمت تسمية قارة بأكملها باسم ابنة ملك فينيقي. إذاً، ووفق هذه السردية الأسطورية، يعود للبنان بمكان ما الفضل بالإسم الذي يحمله الأوروبيون. فمن هم هؤلاء ليأتوا ولينظّروا على "أمراء" لبنان، أمراء طوائفه ومناطقه، "ورثة" الفينيقيين على الساحل الشرقي للبحر المتوسط؟ كيف يسمحون لأنفسهم بأن يتنكروا لفضل لبنان عليهم؟ ومن قال لهؤلاء الأوروبيين إن معايير ومبادئ دولة القانون والمؤسسات، والحوكمة الرشيدة والعدالة والمساواة والشفافية والمساءلة والحرية وحقوق الإنسان، التي تكرست مع عصر النهضة والثورة الفرنسية، والتي يلتزم بها ويطوّرها الاتحاد الأوروبي في تجربته الراهنة، هي نهاية التاريخ؟ لماذا يصرون على تعميمها؟ لعل هذا ما يدور في خاطر حكّام البلد من أسئلة حين يتجاهلون ويشطبون أوروبا عن الخريطة.زمن القرون الوسطىموهومون الأوروبيون إذاً، إنْ ظنوا أن زمن القرون الوسطى قد ولّى إلى غير رجعة. لأن "أمراء" لبنان يقفون لهم بالمرصاد، دفاعاً عن إرث القرون الوسطى بوجه الحداثة. وكأن الأمر يتعلق بمعركة تاريخية يخوضها "أمراء" لبنان دفاعاً عن الإقطاعية في العالم. ويتمسكون بالسلطة بمفهومها الغنائمي، حيث تتحكم مجموعات المصالح الخاصة بالدولة وتستخدم مواردها في خدمة قلة من الأوليغارشيين وكبار التجار والمحتكرين والعائلات السياسية، على حساب كل ما يمت بصلة إلى المصلحة العامة والخدمات العامة.
إذا كان الاتحاد الأوروبي مستعداً للتعامل معهم، كما هم، من دون أي إصلاح وتغيير، ومن دون شروط وإرشادات مستمدة من أفكار عصر النهضة والحداثة، فأهلاً وسهلاً به. وإلا فليتقي شر "أمراء" لبنان..


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top