باتت الكرة في ملعب وزارة الداخلية حول قضية الزواج المدني المعقود في لبنان. فالأخيرة تتهرب من تسجيل هذه الزيجات، ملقية المسؤولية على وزارة العدل التي عليها بت هذا الموضوع. لكن وزارة العدل أصدرت كتابين بهذا الشأن، كما كشف المحاميان ماري جو أبي ناصيف، وعبد الله سلام، اللذان تزوجا مدنياً في لبنان منذ سنتين. وباتت المسألة في عهدة الداخلية، التي سيتم التقاضي ضدها في حال استمرت في المماطلة.شطب القيد الطائفي
وكان العديد من المواطنين اللبنانيين عقدوا زيجات مدنية في لبنان عند كاتب العدل، وذلك بعد شطب القيد الطائفي من سجلات النفوس، مستندين إلى فتاوى قانونية متعلقة بالمادة 21 من القانون 60 ل. ر. العائد لعام 1936، الذي تنصّ المادة 10 منه على أنه "يخضع اللبنانيون المنتمون إلى الطوائف المعترف بها لنظام طوائفهم الشرعي في الأمور المتعلّقة بالأحوال الشخصيّة، وتكرّس في الوقت عينه "خضوع اللبنانيين المنتمين إلى طائفة تابعة للحق العادي واللبنانيين الذين لا ينتمون لطائفة ما، للقانون المدني في الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية".المواطنيةواليوم الخميس، عقد المحاميان مؤتمراً صحافياً، حول هذا التطور الكبير في قضية الزواج المدني في لبنان، والمتمثل بصدور كتابين من وزارة العدل يؤكدان "إمكانية تنظيم عقود الزيجات المدنية في لبنان وتسجيلها أصولاً في دوائر النفوس". وعرض المحاميان آخر تطورات قضيتهما، بعد سنتين من النضال، في محاولة لانتزاع حقهما بتسجيل زواجهما الذي احتفلا به قبل عامين داخل الأراضي اللبنانية. واعتبرا أنّ الخطوة التي قاما بها في 15 حزيران 2019، يوم زواجهما، تندرج في صلب العبور إلى المواطنية، ليس فقط لأنّ الزواج المدني حق من الحقوق المدنية الأساسية، بل أيضًا لأنّ الزواج المدني المعقود في لبنان يرتكز على خطوة أولية أساسية لتجاوز الطائفية، ألا وهي شطب الإشارة إلى المذهب من سجلات الأحوال الشخصية.
وأشارا إلى أنّ زواجهما تمّ تسجيله من قبل وزارة الداخلية في سجل الوارد في 18 حزيران 2019، إلا أنّ المديرية العامة للأحوال الشخصية، برئاسة الياس الخوري، لا تزال تتعمد حجب إخراج قيدهما العائلي، ما يشكل مخالفة واضحة للمادة 21 من القانون 60 ل. ر.ذرائع الداخليةولفتا إلى أنّ المديرية العامة للأحوال الشخصية زعمت أنّ السبب الوحيد وراء حجبها لإخراج القيد العائلي العائد لهما هو أنّ مديرها العام "طلب التريث لحين ورود جواب من وزارة العدل" على أسئلة يقول إنّها كانت قد أرسِلت منذ أكثر من خمس سنوات.
وإذ اعتبر الثنائي أنّ هذا الادعاء "مجرد ذريعة للتهرب من المسؤولية"، كشفا عن صدور كتابين من وزارة العدل يؤكد إمكانية تنظيم عقود الزيجات المدنية في لبنان.
وأكدت وزارة العدل أنّ قرار الهيئة العليا التي أعلنته منذ شباط ونيسان 2013، وبإجماع قضاتها، بقانونية هذه الزيجات، "تضمن جوابًا عن الأسئلة القانونية كافة الناتجة عن هذه المسألة"، كما "تمّ على أساسه تسجيل عدد من العقود في دوائر النفوس في حالات مماثلة".تمرد على القانونوخلص الزوجان أبي ناصيف وسلام إلى أنّ وزارة الداخلية أصبحت بذلك "مجرّدة من أي ذريعة لحجب" إخراج قيدهما العائلي، معتبرين أنّ "عليها الكفّ حالاً وفوراً عن التمرد على القانون وتجميد المعاملة تعسفيًا".
وأعلنا أنّهما يحتفظان بالحق باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة أمام المحاكم المحلية والهيئات الدولية، "طالما أنّ المديرية العامة للأحوال الشخصية تمعن في خرق القانون والتعدي على حقوقنا الأساسية".
وذكّرا القائمين بأعمال وزارة الداخلية بأن الحقوق الأساسية مكرّسة في الدستور اللبناني والمواثيق الدولية التي التزم بها لبنان، وبأنّ "لا أحد فوق سقف القانون والمحاسبة".