2024- 04 - 19   |   بحث في الموقع  
logo ميقاتي يلتقي ماكرون في قصر الإليزيه logo تجهيز منيرة الصلح في بينالي البندقية: اختطاف "أوروبا"...ونساء معاصرات logo أنسي الحاج في "بانيبال" الإسبانية: فنجان قهوة مع بودلير logo بالصوره: إندلاع حريق بشاحنتي تبريد في عكار logo "الخارجية": حان الوقت ليترجم المجتمع الدولي أقواله إلى أفعال logo أدرعي "يزعم" قصف مبنى لحزب الله! logo "خطر وجودي"... جعجع يُحذر: إذا لم ننتبه قد يصبح اللبناني لاجئاً في بلده logo بعد قليل.. ميقاتي يصل إلى قصر الإليزيه للقاء ماكرون
بالأرقام: حِيَل كبار المودعين لحماية أموالهم وتهريبها
2021-09-16 12:26:04


قبل أن يُصدر مصرف لبنان التعميم 158 مؤخّراً، والذي نصّ على توفير سحوبات للمودعين يُدفع نصفها بالدولار ونصفها بالليرة، قرر الحاكم أن يجري بعض الإحصاءات لدراسة كيفيّة توزّع الودائع بالعملات الأجنبيّة على شرائح وأنواع المودعين المختلفة. ولذلك، طلب من المصارف تصنيف الحسابات الموجودة لديها على شرائح محددة، حسب حجم الوديعة، ومن ثم تزويده بمجموع قيمة الودائع بالعملات الأجنبيّة الموجودة لكل شريحة من هذه الشرائح.
بمعنى آخر، كان المطلوب من المصارف ملء جدول يحتوي على مجموع أو إجمالي الودائع الموجودة في شريحة الحسابات التي تتجاوز قيمة كل واحدة منها 100 مليون دولار أميركي، وتلك التي تتراوح قيمة الواحدة منها ما بين 50 و100 مليون دولار أميركي، ثم تلك التي تتراوح قيمتها بين 20 و50 مليون دولار، وهكذا دواليك نزولاً حتّى الوصول إلى شرائح الودائع الصغيرة، التي لا تتجاوز قيمة الواحدة منها 3,316 دولار أميركي.
وبعد أن ملأت المصارف هذه الجداول وأعادتها إلى مصرف لبنان، تسرّبت كل هذه المعطيات مؤخراً وبات بالإمكان دراستها اليوم.كنز مهم من المعلوماتهدف مصرف لبنان من هذه العمليّة، التي استهدفت الودائع بالعملات الأجنبيّة حصراً، كان الحصول على بعض الأرقام التي تمكنه من توقّع حجم السحوبات بالدولار الأميركي. لكن من الناحية العمليّة، يمكن لهذه المعلومات -التي تعكس حال الودائع كما في نهاية شهر آذار الماضي- أن تشكّل كنزاً من المعلومات لأي شخص يرغب بتتبّع حركة الودائع المصرفيّة، خصوصاً أن هناك جداول قديمة مماثلة، تعكس حالة الودائع في نهاية العام 2018، وفي نهاية العام 2019، وفي نهاية شهر شباط 2020.
وعند مقارنة الجداول بين فترات مختلفة من الزمن، وتتبع التغيّر بين قيمة الأموال التي كانت تملكها كل فئة من فئات المودعين، يصبح بالإمكان معرفة أي فئات تمكنت من تهريب سيولتها قبل الانهيار أو خلاله، وأي فئات تحايلت عبر توزيع أموالها على حسابات عدّة، لتفادي أي "هيركات" يمكن أن يطال الودائع الكبيرة. كما يمكن فهم الطريقة التي جرى من خلالها تحميل أصحاب الودائع الصغيرة والمتوسّطة أكبر أثمان الانهيار. أموال تختفي من الحسابات الكبيرة!حتّى نهاية آذار الماضي، كان هناك 17 حساباً مصرفيّاً تتجاوز قيمة الواحد منها 100 مليون دولار، بالعملات الأجنبيّة. أما القيمة الإجماليّة لودائع هذه الفئة من الحسابات، فتجاوزت حدود 3.8 مليار دولار. بمعنى آخر، في هذه الحسابات الـ17، ثمّة أموال توازي قيمتها 11% من الناتج المحلّي الإجمالي للبلاد بأسره.
في المقابل، تشير الإحصاءات السابقة أن هذه الفئة من المودعين كانت تملك نحو 5.58 مليار دولار بالعملات الأجنبيّة في نهاية 2019. وهكذا يتبيّن أن هناك نحو 1.78 مليار دولار من الودائع التي اختفت من حسابات هذه الفئة من أثرى أثرياء المودعين، بين نهاية 2019 وآذار 2021.
على أي حال، بالنسبة إلى جميع الودائع التي تجاوز حجم الواحدة منها المليون دولار، تخطّت القيمة الإجماليّة لهذه الفئة من الحسابات مستوى 45.14 مليار دولار حتّى نهاية آذار الماضي، أي أنّها مثّلت وحدها 45% من إجمالي قيمة الأموال المودعة في النظام المصرفي، رغم أن عدد مالكي هذه الحسابات أقل من 1% من إجمالي أصحاب الحسابات في المصارف اللبنانيّة.
لكن الملفت في الموضوع، هو أن أصحاب الحسابات التي يفوق رصيد الواحدة منها المليون دولار كانوا يملكون أكثر من 61.6 مليار دولار في نهاية 2019، ما يعني أن نحو 16.46 مليار دولار من أموال هذه الفئة من المودعين اختفت خلال الفترة الممتدة بين نهاية 2019 وآذار 2021، أي خلال أشهر الأزمة.حيل كبار المودعينكيف اختفى 16.46 مليار دولار من حسابات كبار المودعين بالعملات الأجنبيّة، الذين تتجاوز أرصدة حساب كلّ منهم حدود المليون دولار؟ وكيف اختفى 1.78 مليار دولار من حسابات الودائع التي تتجاوز قيمتها 100 مليون دولار؟
تشير المصادر المصرفيّة إلى أنّ هناك ثلاثة وجهات ذهبت إليها هذه الأموال:
- ثمة جزء كبير من هذه السيولة خرج من النظام المصرفي كتحويلات إلى الخارج، في تجاوز للقيود التي فرضها المصارف على أصحاب الودائع الصغيرة والمتوسّطة. فالأرقام تشير إلى أنّ ثمّة نحو 7 مليارات دولارات خرجت من احتياطات مصرف لبنان سنة 2020، من دون أن تذهب لعمليات دعم الاستيراد، ما يدل على أنّها عبارة عن أموال تم تحويلها لحساب كبار النافذين في النظامين السياسي والمالي. ومن البديهي أن ينتمي أغلب هؤلاء إلى فئة كبار المودعين تحديداً.
- هناك نسبة كبيرة من هذه الأموال جرى توزيعها على حسابات صغيرة موزّعة على أسماء أشخاص آخرين، وبأساليب احتياليّة يُراد منها إخفاء صاحبها الأساسي. أما الهدف، فهو التحايل على أي "هيركات" يمكن أن يطال الحسابات الكبيرة في المستقبل. أما المستغرب هنا فكان تواطؤ الكثير من المصارف لتسهيل هذا النوع من العمليّات، رغم أن التحايل لإخفاء صاحب الحق الاقتصادي للأموال المودعة في المصارف يُعد مسألة غير قانونيّة، خصوصاً إذا كان الهدف التحايل على قوانين أو خطط حكوميّة يمكن إقرارها في المستقبل.
- أخيراً، توجد نسبة من هذه الأموال التي جرى استخدامها لشراء عقارات من مقترضين. لكنّ نسبة الأموال التي ذهبت لهذه الغاية من الحسابات الضخمة، ظلّت محدودة مقارنة بالحسابات الصغيرة والمتوسّطة الحجم، وفقاً للمصادر المصرفيّة نفسها، خصوصاً أن أصحاب الودائع الكبيرة يدركون قيمة الخسارة الفادحة التي تترتّب على شراء العقارات بالشيكات المصرفيّة.
أما نسبة الأموال التي تم سحبها نقداً بالليرة اللبنانيّة من هذه الحسابات، فهي ضئيلة إلى الحد الذي يجعلها لا تذكر، نظراً لعدد الحسابات الضئيل جداً قياساً بحجم الأموال الضخم الموجود فيها، وهو ما يجعل سقوف السحب محدودة جداً مقابل أرصدة الحسابات.الحسابات المتوسطة والصغيرة الحجمفي كل الحالات، تشير الإحصاءات نفسها إلى أن قيمة الحسابات بالعملات الأجنبيّة التي تقل أرصدتها عن المليون دولار ارتفعت بشكل مستغرب، لتبلغ حدود 62.13 مليار دولار في نهاية آذار 2021، بعد أن كانت قيمة هذه الحسابات بالتحديد لا تتخطى حدود 55.26 مليار دولار في نهاية 2019. مع الإشارة إلى أن الغرابة تكمن في ارتفاع قيمة هذه الفئة من الودائع بالعملات الأجنبيّة، في حين أن النظام المصرفي كان يعاني خلال هذه الفترة بالذات من شح التحويلات أو الإيداعات الواردة إليه من الخارج، والتي اقتصرت على أموال "حسابات الفريش دولار" غير المشمولة بهذه الإحصاءات أصلاً.
بكل بساطة، نتج هذا الارتفاع عن توزيع كبار المودعين لأموالهم على حسابات أصغر حجماً، كما ذكرنا أعلاه، وهو ما أدى إلى زيادة الحجم الإجمالي لودائع الحسابات المتوسطة الحجم. وبالتالي، تؤكّد هذه الأرقام مرّة جديدة أن جزءاً كبيراً من الأموال التي اختفت من حسابات كبار المودعين جرى تمويهها وتوزيعها على حسابات أخرى، للتحايل على أي "هيركات" سيستهدف الحسابات الكبيرة.
أما الحسابات الصغيرة، والتي تقل قيمتها عن 3.3 ألف دولار أميركي، فلم تتغيّر قيمتها بين أواخر 2019 وآذار 2021، ما يشير إلى أن كثير من هذه الحسابات هي عملياً حسابات توطين، ستستمر بتلقي التحويلات من داخل لبنان، ولن تتراجع قيمتها الإجماليّة بفعل السحوبات النقديّة بالليرة اللبنانيّة.السيناريو بين 2018 و2019ما جرى بين نهاية 2019 ونهاية آذار 2021 لم يكن سابقة، لناحية تمكن جزء من كبار المودعين من الاستفادة من نفوذهم لحماية أموالهم المودعة في النظام المصرفي. فمقارنة الإحصاءات المتعلّقة بشرائح المودعين نفسها بين نهاية 2018 ونهاية 2019، تشير إلى أن أصحاب الودائع الضخمة، التي تتجاوز قيمتها المليون دولار، تمكنوا من تحويل نحو 9.92 مليار دولار من حساباتهم إلى الخارج قبيل حصول الانهيار المصرفي الكبير مباشرةً. وبذلك، استبقت هذه الفئة من المودعين الأزمة وتداعياتها عليهم. وفي الوقت نفسه، كانت أرصدة أصحاب الودائع التي تقل قيمتها عن مليون دولار، ترتفع بقيمة 6.84 مليار دولار، ما يعني أن هذه الفئة من المودعين كانت تندفع خلف الفوائد المرتفعة وتؤمّن للمصارف السيولة قبيل الانهيار المصرفي.
كل ما سبق لم يكن سوى نتيجة للطريقة التي تمّت من خلالها إدارة هذه الأزمة المصرفيّة. فغياب قوانين ضبط السيولة فتح الباب أمام استنسابيّة المصارف في التعامل مع المودعين. وغياب خطّة التصحيح المالي، أو بالأحرى إجهاضها، أعطى المزيد من الوقت لبعض كبار النافذين للتحايل وتهريب سيولتهم طوال العام الماضي، بدل توزيع الخسائر الموجودة بشكل عادل. وهكذا، دفع أصحاب الودائع الصغيرة والمتوسّطة ثمن الأزمة القاسي، في مقابل تمكّن حلقة نافذة ضيقة من حماية مصالحها.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top