2024- 04 - 26   |   بحث في الموقع  
logo لبنان حائر بملف اللجوء السوري: العودة لخطة شرف الدين! logo لغة حماس "تتغيّر": وقف الحرب بـ1701 واتفاقية الهدنة للبنان logo الجيش يوقف 3 أشخاص لارتكابهم جرائم مختلفة logo بن غفير يرفض السماح بزيارات للمعتقلين الفلسطينيين:يضرّ بالمفاوضات logo "الجيش الوطني"يطلق سراح قائد"فرقة المعتصم"..ويلاحق من عزله logo فوز الرياضي على غوركان الايراني في سلة “وصل” logo مشروعان لتنظيم البث التلفزيوني المدفوع بلبنان:ما الفارق بينIPTV وOTT؟ logo بعد مرور 6 أشهر... تقريرٌ فرنسي يظهر انقسام الرأي العام الإسرائيلي بشأن حرب غزة
يوسف الخال... بين عقيدة أنطون سعاده وقضية بشير الجميل
2021-12-03 13:26:03


من الطرائف التي يرويها أنطوان نجم في كتابه "أنطون سعادة في الطريق المسدود"(*)، نقلاً عن الشاعر يوسف الخال، ويصفها بـ"المضحكة المبكية"، أنه في لقاء معه في منزله في بلدة غزير(قضاء كسروان) في مطلع السبعينيات القرن الماضي، هي الآتية: "كان يوسف الخال، سوريا قومياً، يحرر في جريدة "النهضة" التي يشرف عليها مؤسس الحزب السوري القوميّ. وكان الزعيم قد فرض على المحررين والعاملين في الجريدة، أن يقفوا له تأهّباً، ويهتفوا "تحيا سوريا"، كلما حضر الى مكتب الجريدة، أو انصرف من هناك. وكذلك في كلّ مرّة يدخل غرَفهم ويخرج منها. ويبدو أن الشباب قد سئموا هذه الفريضة المملّة، فاعترض بعضهم عليهم. "ضجّرلنا سمانا"، قالوا، غير انّ الزعيم اسكت احتجاجاتهم بسرعة، قائلاً في النهاية: "كل ما أقوم به هو عقيدة، وكل ما أكتبه وأقوله هو عقيدة. حتى تبكيل زر بنطلوني هو عقيدة". وهذا ينم بحسب نجم "عن طبع الزعيم وشخصيته، ونظرته إلى نفسه، والافراط في تقديرها حتى التعاظم"...ويوسف الخال الانجيلي الانغليكاني السوري الأصل، تعود جذوره إلى بلدة عمار الحصن في وادي النصاري في حمص، عاش صباه في طرابلس اللبنانية، انتسب الى الحزب القومي عام 1934، وبدأ الكتابة في مجلة "المكشوف"، ثم في جريدة "النهضة" القومية، درس على يد شارل مالك، "فيلسوف الجبهة اللبنانية"، الى ان تخرج بدرجة بكالوريوس علوم، وكان من دعاة الحداثة و"التغريب" في الشعر، تقلّب فكره وتحوّل إلى آخر عن الوجود والإنسان، واكسبه موقفاً فلسفياً جديداً إزاء القضايا الوجود الكبرى، منها "الحرية" و"الفرد"، مما جعله يبتعد عن اجواء الحزب السوري القومي الذي يركز الزعيم والجماعة. بحسب نجم، وقد عبّر عنهما في قصيدتي "الحرية" و"لبنان" اللتين كتبهما في العام 1944. لكنه أرجأ انسحابه الرسمي من الحزب إلى كانون الأول 1947. في رواية الحزب القومي تمّ فصله أو طرده...والسؤال هل تخلى الخال فعلاً عن العقيدة القومية السورية؟ وفي مقالة كتبها الباحث جان داية بعنوان "هل ثأر يوسف الخال من انطون سعاده؟" روى أنه في العام 1976، التقى بالأب جاك اماتاييس السالسي في مكتبة الجامعة الأميركية في بيروت، فاعلمه انه بصدد دراسة عن يوسف الخال وحركة الشعر الحديث التي يراسها. يقول داية "سألني السالسي عن صحة المعلومتين اللتين تفيد أولاهما بان الشعراء القوميين الاجتماعيين يشكلون المحور الرئيسي للحركة، فيما تفيد الثانية بأن مفهوم الحداثة الذي تؤمن به الحركة ويطبقه رئيسها وأعضاؤها في قصائدهم، هو نفسه الذي أكد عليه أنطون سعاده في كتابه "الصراع الفكري في الأدب السوري". أجبته عن المعلومة الأولى بالإيجاب، منوها بأدونيس ومحمد الماغوط ونذير العظمة وفؤاد رفقة وخالدة سعيد واسعد رزوق ويوسف الخال الذي ترك الحزب ولكنه لم يترك المبادئ الإصلاحية في العقيدة أسوة بمعظم نظرائه ومنهم غسان تويني. وعن المعلومة الثانية أكدت على أن الشعراء القوميين في الحركة استوحوا (الصراع الفكري) في قصائدهم ودواوينهم".وعام 2004 صدر الكتاب تحت عنوان "يوسف الخال ومجلته شعر". ويمكنه تلخيص مضمونه بحسب داية بهذه العبارة التي أوردها المؤلف في الصفحة 31 "رغم انفصاله عن الحزب نظاميا، ظلَّ يوسف الخال متأثرا بأجوائه الثقافية إلى مدى بعيد. فرؤيته، والكثير من مواقفه وأفكاره التي سيبشر بها في مجلة شعر وكتاباته اللاحقة، تذكرنا بنظرة أنطون سعاده إلى الحياة والكون والفن، كما عبر عنها في كتابه الصراع الفكري في الأدب السوري". ويضيف داية على السؤالين المتمحورين على هوية "خميس شعر" الأدبية العقدية، سؤالاً ثالثاً يتمحور على ثأر رئيسها يوسف الخال من زعيمه أنطون سعاده... يقول إثر عودته من مغتربه القسري في 2 آذار 1947، وُوجه سعاده بثلاث مشكلات كبيرة، واحدة خارجية مصدرها السلطة اللبنانية التي استقبلته بمذكرة توقيف. وثانية داخلية عقدية بقيادة رئيس الحزب نعمة تابت، تستهدف لبننة العقيدة والحزب. وثالثة داخلية ثقافية، بقيادة عميد الثقافة فايز صايغ، تحاول اعتماد الفرد أو الشخص محورا وهدفا للقيم العليا كالحرية، بدلا من محورية المجتمع التي يقول بها سعاده. حاور سعاده تابت ومجموعته، وصايغ ومجموعته، لإقناعهم بالعودة عن انحرافهم العقدي والثقافي. وعندما رفضوا، طردهم، من غير أن يقف احد من الحزب معهم. بعد اقل من عشر سنين، أسس يوسف الخال جمعية أدبية بهدف إبداع الشعر الحديث. وحدد مبادئها، عبر محاضرة ألقاها في (الندوة اللبنانية) بتاريخ 31 كانون الثاني 1957، يقول داية: "اذا قارنا بين نظرة الخال للشعر الحديث، ونظرة سعاده للشعر الجديد، نجد فوارق عديدة، أكتفي في هذه العجالة بالإشارة إلى الأساسية منها: إن الخال يدعو الشعراء اللبنانيين إلى الآداب الأجنبية وشعرائها الكبار أمثال ت.اس. إليوت وعزرا باوند، كي يستمدوا منها المفهوم الجديد للشعر الحديث. في حين يدعوهم سعاده إلى اعتناق النظرة الفلسفية الجديدة إلى الحياة والكون والفن، التي ابدعها هو نفسه". و"رغم أن سعاده هو الذي طرد الخال من الحزب بسبب انحرافه العقدي، لبى عدد من أبرز شعراء الحزب دعوة الخال أمثال أدونيس ونذير العظمة ومحمد الماغوط، بعد اقل من عشر سنين من اغتيال أركان السلطة اللبنانية التي دعمت تابت وصايغ، أنطون سعاده. وباستثناء نذير العظمة، فإن سائر الشعراء والأدباء القوميين الاجتماعيين الذين انتموا إلى "خميس شعر"، تركوا الحزب ومبادئه الأساسية ونظرته الفلسفية الجديدة، بعد انتمائهم إلى الجمعية الأدبية ذات الخلفية العقدية التي أسسها يوسف الخال". هذا موضوع يحتاج مقالة خاصة، خصوصاً علاقة أدونيس ومحمد الماغوط بالحزب القومي، أما في ما يخص يوسف الخال، "بطريرك مجلة شعر" كما يسميه الناشر رياض الريس، فحتى عندما انتمى الى الحزب القومي، بقي أكثر ميلاً الى أفكار شارل مالك، يكتب الشاعر العراقي محمد مظلوم(مجلة الفيصل 2019) بأن رؤيا يوسف الخال جمعت فينيقية بلاد الشام ومسيحية لبنان. بتأثره بأفكار شارل مالك الذي يصف لقاءه به بأنه نقطة التحول في حياته. والأخير كا يصفه الأكاديمي الأميركي روبن كريسويل كان "مزيجًا غريبًا" من أفكار الليبرالية وحقوق الإنسان واللاهوت المسيحي، والعلاقات الدولية، وفلسفة الإنسان، وقد ظهر تأثيره على شعر الخال في ديوانه الأول "الحرية" المكتوب في الأربعينيات في أثناء تلمذته على يد مالك حيث يصف لبنان: "يعربيّ الوجه غربيّ الخصال" أو في قصيدة "هذه الأرض لي": "ما لشرقٍ لولا شفاعةُ لبنانَ خلاص ولا لغرب فداء" حتى إن تأثير مالك امتدَّ إلى ترجمات الخال وبينها ترجمته لكتاب: "خواطر عن أميركا" لجاك ماريتان فظهر تأثير أعمال ماريتان نفسه في تبني الخال لفكرة الشاعر كمسيحٍ معذَّب أو بطل فادٍ. يوسف الخال في هذا المجال على نقيض هشام شرابي الذي تأثر بسعاده، وكان يعتبر أن شارل مالك يحاول اثارة افكاره بطريقة أبوية بطريركية متعالية.وعدا عن التأثير الثقافي، فيبدو أن الخال انتقل من عقيدة سعاده و"تحيا سوريا"، إلى توجهات بشير الجميل و"قضيته" وحربه باسم الدفاع عن الوجود المسيحي... يروي الممثل يوسف الخال أنه "في إحدى الجلسات بين(والده) يوسف الخال والرئيس بشير الجمّيل قال له والدي: لا تقرأ خُطاباً.. ارتجله.. ولا تقوله إلّا باللهجة اللبنانية المَحكية.. فهذا هو الطريق الأسرع للدخول إلى قلوب كل اللبنانيين. وهيك صار ولمّا اغتالوه كانت أول مَرّة إمي بتشوف بيّي عم يبكي". وتكتب نجاح بو منصف (المسيرة الأربعاء 14 أيلول 2016) "لأن بشير استثنائي، لأنه خارق لكل روتين"، "لكن ذاك القائد المقاوم أحب الفن والثقافة، "عشقه" فنانون ومثقفون، أقنعهم بالقضية". وتنقل عن الممثل منير معاصري أنه في تلك المرحلة كان هناك طبقة ما يسمى بالمثقفين والفنانين الذين كانوا يظهرون رفضا للحرب وأمرائها وكانوا يعتبرون أن هذه الحرب "ما كان لازم تصير"، وكان يوسف الخال قد درج على جمع المثقفين(**) كل يوم جمعة في منزله في غزير، أظهر الجميل اهتماما بهذا اللقاء، وأعرب عن رغبته بالتعرف الى هؤلاء المثقفين، وهكذا وفي إحدى اجتماعاتهم عرض عليهم معاصري رغبة بشير... اجتمع "الباش" مع هؤلاء المثقفين الرافضين للعنف والحروب، للمرة الأولى، وبسحر ساحر "غيّر كل قناعاتهم ومفهومهم لتلك الحرب وأهدافها". وعلى زعم أو رواية المجلة القواتية، "تمكن ذاك القائد المحارب"، و"بكلمات بسيطة" من إقناع هؤلاء المثقفين بأن تلك الحرب هي بكل بساطة دفاعا عن الوجود، إما نخوضها وإما يمحى لبنان ومسيحيوه عن خارطة العالم. وكانت رسالته حرفيا لهم: "عملوا شي هون بالمنطقة وإلكن مني كل الدعم". و"انطلقوا جميعاً وبحماسة كبيرة على جبهات عدة نحو مشاريع ثقافية وفنية متعددة مشجعين بقرار دعمه لهم ولمشاريعهم، وفي مقدمهم يوسف الخال الذي انخرط في نشاط إذاعة لبنان الحر ليصبح مسؤولا عن كل ما يقدم من نصوص"...
هل كان انطون سعاده وبشير الجميل "ساحرين" الى هذه الدرجة، ليستقطبا الوجوه الثقافية، ام أن الوجوه الثقافية كانت تعيش تحت وطأة فراغ، وتبحث عن ملهم أو قائد أو مخلص؟ اللافت أن أنطون سعاده كان يسعى الى تغيير النظام اللبناني، واعدمته السلطة عام 1949 بعد محاكمة صورية، وبشير الجميل قاد انقلاباً سياسيا، ووصل إلى الرئاسة، وسرعان ما اغتيل بتفجير اتهم به حبيب الشرتوني، احد عناصر الحزب القومي.

(*) صدر عن دار سائر المشرق(**) هؤلاء الذين كانوا يجتمعون أسبوعيا كان في طليعتهم يوسف الخال وزوجته الشاعرة والرسامة مهى بيرقدار، نديم نعيمة (أختصاصي في الأدب العربي)، الشاعر فؤاد رفقة، المسرحي ريمون جبارة، الكاتب فريد سليمان، الشاعران موريس عواد وأنسي الحاج وغيرهم


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top