هناك من يأبون إلا أن يتركوا أثرا طيبا واسما لامعا قبل رحيلهم، يقدمون كل ما يستطيعون في سبيل إيصال رسالتهم بكل أمانة وإخلاص، وهذا حال من رسم بريشته الأنيقة الرقيقة جمال لبنان، وتفنن بتصوير سحر طبيعته وطيبة ناسه، فأبدع في صنع مشهد الفرح، وقتما كان الفرح مباحا.. ثم صور بألوانه، الحارة الحارقة، فجيعة عاصمة الجمال بيروت بمرفئها المنفجر، فأبكى عيون اللبنانيين، المنكوبين بوطن أثخنته جراحه المزمنة، وأثقلته أوزار ساسته المتناكفين على بقايا وطن!
إنه الرسام والفنان التشكيلي اللبناني مالك حمزة، الذي خطفه الموت صبيحة الاثنين الماضي، في مسقط رأسه بلدة بعقلين الشوفية، ليغيب جسدا ويحضر روحا خالدة، تسري بلوحاته الحية في قلوب محبيه، وفي عيون عشاق الفن عموما والتشكيلي خصوصا.
رحم الله مالك حمزة، الذي آثر أن يسمي مجموعة لوحاته الأثيرة عن انفجار مرفأ بيروت الرهيب، في أغسطس 2020 «من أدمع عيون بيروت؟»، محاولا أن يواسي، بريشته، أهل بلده المفجوعين بأحبائهم، والمنكوبين بأرزاقهم.