2024- 04 - 26   |   بحث في الموقع  
logo الإنتخابات البلديّة.. التمديد أزال كابوساً!.. عبدالكافي الصمد logo طرابلس عاصمة الثقافة العربية.. 735 عاما على تحريرها من الإفرنج الصليبيين!.. غسان ريفي logo جلسة التمديد تفضح علاقة باسيل بأعضاء كتلته… نائب يتحول إلى ساعي بريد logo المعارضة في معراب... عدم زجّ لبنان في الحرب logo إلى القوات وحلفائها… حان وقت الإستقالة logo المقاومة تفعل معادلة "إغتيال = مسيرة إنقضاضية"… إسرائيل تتقفى أثر المسيرات عبر اليونيفيل؟ logo عناوين الصحف logo اسرار الصحف
عن ظلال الشعانين والموت الذي يؤذِن بالقيامة
2022-04-10 07:56:03


تقول الحكاية إنّ صاحب الحكاية كان يدعى كلمة، ثمّ تحوّل إلى سائح على دروب فلسطين. هناك، على الطريق التي ستفضي به إلى القدس، وإلى حتفه المحتوم، قال لصحبه إنّه ينوي أن يعرّج على قرية تدعى بيت عنيا، أي بيت الشقاء. والحقّ أنّ الشقاء له بيوت لا تعدّ ولا تحصى، ولا يقيم في بيت عنيا فحسب. لكنّ نصيب السائح من شقاء هذا العالم كان، في ذلك اليوم، أن يعرّج على القرية الفقيرة بعدما رأى، بثاقب علمه، أنّ صديقاً له سيموت فيها. وكان الصديق اسمه لعازر، وله أختان تحفظ لنا المرويّات القديمة اسميهما: مرتا ومريم. ولعلّ ما يختبئ خلف هذه المرويّات من كلام لم يُقل يضارع في أهمّيّته الكلام الذي قيل، إذ يومئ إلى العلاقة الفريدة بين الرجل والأختين، وبين الرجل ولعازر، الذي كان على وشك الموت حين يمّم السائح وجهه شطر القرية الشقيّة التي تكاد تلتصق بالقدس. قال الكلمة لصحبه إنّه على موعد مع الموت، موت صديقه المرميّ على سرير المرض، وموته هو. فالكلّ يعرف أنّ أوليغارشيّي اليهود منزعجون من كلماته التي تشبه السيف في قوّتها، ومن سلوكه الذي يماثل الأردنّ في شفافيّته، ومن ضياء عينيه الذي يلتمع مثل قصيدة آراميّة. وحين أسرّ لهم بأنّ الموت صار على قاب قوسين أو أدنى، هتف أحدهم، وكان اسمه توما، أنّه يليق بالمريدين أن يتبعوا سيّدهم إلى أقصى وهدات الموت، إذ أدرك هذا أنّ «المحبّة قويّة كالموت»، وأنّ التعاطف مع الموتى لا يكون بالكلمات الجوفاء، بل بالموت الذي يتيح للودّ أن ينبلج من قلب الموت. لحظة بلغ السائح الذي اسمه الكلمة القرية المنكوبة بشقائها، كان لعازر صديقه قد مات، وأمضى أربعة أيّام في قبره الدامس. لم تحفظ لنا المرويّات أمر هذه الأيّام المنسوجة بالشقاء، إذ كيف يصبح الموت موتاً ما لم يستدعِ الصمت؟ لكنّنا نعرف أنّ جحوظ العينين كان نصيب المرأتين المفجوعتين إلى أن وطئ السائح تراب البلدة، فانكسر الجحوظ وانهمر الدمع: «لو كنت هنا يا صاحب الحكاية، لما مات أخونا، ولما انتهت الحكاية بالموت الذي هو اللاشيء». بكت الأختان، وبكى الرجل ولم يستحِ من البكاء، وبكى الناس الذين لا يعرفون إلّا الدمع دواءً للموت الذي لا دواء له. كيف استطاع الإنجيليّ يوحنّا، الذي نقل لنا هذه الحادثة كتابةً، أن يسبغ على مرويّته كلّ هذا الدمع من دون أن تنفجر الحكاية بين يديه من فرط الموت؟لكنّ الكلمة لم يكتفِ بالدمع قبل ذهابه إلى حتفه، إذ كان لا بدّ من آية تعيد الاعتبار للحياة في معمعة الموت. قصد القبر، وأمر صديقه القديم أن يخرج. فاستعاد لعازر أنفاسه، ثمّ غرق في الصمت. الذين شهدوا تلك اللحظة قالوا إنّ الحياة تكثّفت على شفتي السائح، وتحوّلت راحتاه إلى قاربي نجاة. ثمّ اعتلى الكلمة صهوة جحش، وصنع دخوله المشهود يوم الشعانين إلى القدس جاعلاً من حكاية الملك الفقير الذي يمتطي حماراً كي يستردّ المدينة من اللصوص والبلاطجة حكايةً تقضّ مضاجع أهل السلطة والتسلّط منذ نيّف وألفي عام وحتّى اليوم. مذّاك، صار بيت الشقاء القريب من أورشليم قريةً يطلق عليها العرب اسم «العيزريّة»، وذلك استذكاراً للرجل المدعو لعازر، ذاك الذي انتزعه صاحب الحكاية من براثن الموت، بعد أربعة أيّام من غيبته في اللحد، ثمّ مسح رأسه، احتفاءً بالحياة، بزيت الزيتون، وأوراق النعناع، ومقاطير الورد والزوفى. بعدها، مشى الكلمة إلى موته الطوعيّ ولم يهرب. وكانت شقائق النعمان تغزل أغنيةً عن الموت الذي يؤذن بالقيامة…


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top