2024- 04 - 25   |   بحث في الموقع  
logo ميقاتي بحث مع كتلة “الاعتدال الوطني” في نتائج مبادرتها.. عطية : كان داعما ومشجعا وأكد أهمية المتابعة بزخم logo "في انتظار بوجانغلز"... حين يصبح الموت كذبة logo مئة عام على "السوريالية" logo جرحى بحادث سير مروّع في هذه المنطقة logo هكذا نقلت إسرائيل تكتيك حرب غزة الى الضفة! logo تعميمٌ من الخليل إلى الوزارات logo رعد: العدو سيلقى الرد المناسب عند كل إعتداء logo وزارة الصحة تنبه من خطورة “داء الكلب”!
بلشفية عادية في روسيا
2022-04-12 06:26:08


من الصعب على عاقل أن يصدق حظر شعار "لا للحرب" في دولة ما يديرها عقلاء، وليس مهووسو حرب وسلاح وغزوات. لكن هذا ما يحصل الآن في روسيا، حيث يحظر رفع شعارات مثل "السلام للعالم"، "أنا مع السلام"، "لا للفاشية"، "المدارس والمستشفيات بدل القنابل والصواريخ"، وسواها بما يتعدى 15 شعاراً مماثلاً تعتبرها السلطات تشويهاً لسمعة الجيش الروسي. وذكرت صحيفة Novaya المعارضة (أوقفت صدورها من روسيا) في 23 الشهر المنصرم أن محكمة في موسكو حكمت على مواطنة روسية بدفع غرامة 50 ألف روبل لحملها لوحة كتبت عليها "الفاشية لن تمر"، باعتبار أن المضمون يحمل "موقفاً سلبيا واضحاً من قوات الإتحاد الروسي المسلحة".
النقاش حول الفاشية في روسيا سابق على وصول بوتين إلى السلطة، وإن كان بعض المؤرخين الأوكران يؤكد أن الفاشية جاءت روسيا مع وصول بوتين إلى السلطة فيها. لكنه احتدم بعد ضم القرم العام 2014 وحرب بوتين الأولى على اوكرانيا، وتكثف مع حربه الحالية الثانية عليها. وقد يكون من العسف القول بحرب أولى وثانية على أوكرانيا، بل هي متواصلة منذ ضم القرم، وإن كان بوتين سجلها بعد العام 2015 بإسم إنفصاليي الدونباس. المستجد في هذه الحرب هو الإعلان الرسمي عنها، مما أطلق موجة جديدة من الحديث عن الفاشية في روسيا والنقاش حول صيغتها: نازية هتلر، أم فاشية موسوليني، فرانكو، أم سالازار.
موقع الخدمة الروسية في راديو "صوت أميركا" نشر ربيع العام المنصرم نصاً بعنوان "هل روسيا فاشية؟" كتاب، نقاش، إستنتاجات". النص عبارة عن نقاش بين خبراء أميركيين بالشؤون الروسية وفضاء الإتحاد السوفياتي السابق ما إن كان يستقيم إعتبار روسيا فاشية أم لا. وتمحور النقاش حول كتاب "هل روسيا فاشية؟ صدر في آذار/مارس العام المنصرم لمديرة "معهد الدراسات الأوروبية، الروسية والأوراسية" التابع لجامعة جورج واشنطن مارلين لارويل.
ينقل الموقع عن الكاتبة حديثها في الكتاب عن تلك الخصائص التي لا تسمح بإعتبار السلطة الروسية فاشية. وتعتبر أن رهاب كراهية الأجنبي وتفوق العرق الأبيض المميزة للفاشية التاريخية أو النسخة المطورة منها، ليست في روسيا أقوى مما هي في الغرب. وخلال العقود الثلاثة الأخيرة جرى تهميش القائلين بفاشية السلطة الروسية في الولايات المتحدة، ولم يحصلوا على دعم رسمي من قبل المؤسسات الرسمية. وتعتبر الكاتبة أن وصف السلطة الروسية الحالية بالفاشية يعرقل البحث الموضوعي في جوهر النظام الروسي، ويؤدي إلى وضع ممارسات الكرملين في خانة "الشر غير القابل للنقاش".
ينقل الموقع عن خبير في الشؤون الروسية وبروفسور في جامعة كلينتون الكندية إعتراضه على مقاربة مارلين لارويل، ويلخصه بالقول "طالما أن الروس أنفسهم لا يريدون وصف أنفسهم فاشيين، إذاً هم ليسوا كذلك". ويقول بأن هذه المقاربة إشكالية، على الأقل لأن مميزات السياسة التي في جوهرها متعصبة قومياً، لن يقول عنها ممارسوها أبداً بأنها كذلك.
ينقل الموقع عن مدير معهد "وحدة الديموقراطية" في فيينا أنطون تشيخوفتسوف رفضه تأييد مقولة روسيا الفاشية, ويقول بأنه في أبحاثه يفضل القول بأن روسيا كليبتوقراطية (حكم اللصوص) يمينية إستبدادية. ويرى أنه، بغض النظر عن أنهم لا يصرحون في روسيا عن هذه الإيديولوجية، إلا أن روسيا تروج للأفكار اليمينية سواء في الداخل أو الخارج. وهي تقدم الدعم لأقصى الأحزاب اليمينية في أوروبا، سواء الدعم السياسي والإعلامي، أو المالي في حالات نادرة.
بين الخبراء الروس الذين تذكرهم مارلين لارويل في كتابها ويقولون بأوجه شبه بين الدول الفاشية وروسيا الحالية، كان مدير مركز دراسات المجتمع ما بعد الصناعي فلاديسلاف إينوزيمتسيف. يقول الخبير بأن السلطة الروسية الحالية لا تشبه ألمانيا النازية، بل إيطاليا الفاشية في عهد موسوليني. ويرى بأن أية مقارنات بين هتلر وبوتين كتلك التي يستخدمها أعداء النظام الروسي الحالي، هي "خاطئة بالمطلق، ولا تستحق النقاش المقارنات بين روسيا الحالية وألمانيا النازية، وبأنها ستنتهي إلى ما إنتهت إليه ألمانيا.
يعتبر الخبير أن مقارنة الفاشية الإيطالية في عشرينات القرن الماضي مع ما يجري في روسيا الآن، "مقارنة دقيقة جداً". ركائز النظام الروسي شبيهة جداً بالنظام الذي أقامه موسوليني في ذلك العهد: حروب من أجل إحياء الإمبراطورية؛ نمو إقتصادي شديد بين العشرينات والثلاثينات، تبعه ركود عميق مطلع الثلاثينات.
أهم سمات الفاشية التي حددها كثيرون ممن كتبوا عنها، هي تمجيد التاريخ؛ فكرة وحدة الأمة؛ هيمنة المجتمعي على الفردي، ميل إثني جدي للغاية؛ إعلاء فضائل القوة، خاصة العسكرية؛ الذكورة؛ إثارة المؤيدين لمواجهة الخصوم؛ تشريك الإقتصاد وإخضاعه للأهداف التي ترسمها الدولة؛ شخصية الزعيم. ويقول الخبير بأن جميع هذه السمات، من دون إستثناء، إلا وتتوفر في روسيا بوتين.
المؤرخ والسياسي الروسي الناشط أندريه زوبوف نشر في 3 من الشهر الجاري على موقعه في فايسبوك نصاً بعنوان "بلشفية عادية". وكما في حال التعبير المتداول حالياً rashism عادية، التعبير الحالي مستوحى من إسم فيلم ميخائيل روم "فاشية عادية" الوثائقي الذي تحدث عن فظائع النازية الألمانية في الإتحاد السوفياتي. يرفض أحد كتاب صحيفة برافدا الأوكرانية بأن ما عرضه الفيلم كان عن الفاشية الكلاسيكية متمثلة بفاشية موسوليني "العاشبة"، بل عرض ما إرتكبته نازية هتلر الدموية اللاحمة. ويرى بأن تشبيه فاشية موسوليني بنازية هتلر أو بإشتراكية لينين ستالين، هو كمن يشبه الهامستر بالنمر فقط لأن الحيوانين من فصيلة الثدييات.
المؤرخ زوبوف يرفض القول بأن البلشفية إنتهت في روسيا مع نهاية الإتحاد السوفياتي، ويعتبر أنها مستمرة في السلطة منذ العام 1917وهي مسؤولة عن المجازر التي ترتكبها السلطة الحالية وعن الحروب التي تشنها. وما حفزه على نشر نصه كان ما كتبه له صديق مفكر أوكراني ثمانيني عما حل به وأسرته في إحدى مجازر منطقة كييف. يقول زوبوف بأن الحياة رحلت عن بوتشا وإيربيل وسواها من مناطق كييف التي إرتكب الروس فيها المجازر.
يطرح زوبوف على نفسه السؤال "لماذا أرتكب كل ذلك"، ويقول بأنه سيكتفي بالإجابة عن السؤال بمقطع من كتاب "الإرهاب الأحمر في روسيا" الصادر في موسكو العام 1990. المقطع عبارة عن تقرير في الكتاب عما إرتكبه البلاشفة من فظائع حين دخلوا كييف العام 1919 وبقوا فيها لأشهر. يتحدث التقرير عن مقر جهاز مخابرات البلاشفة "SH.K" حينذاك (KGB لاحقاً)، ويصف قاعة التحقيقات في قبو المقر التي تغطي أرضها طبقة دماء جافة بلغت سماكتها عدة ملمترات. كما يصف الحديقة الملحقة بالمقر، والتي تحولت إلى مقابر جماعية لجثث وأشلاء وأطراف بشرية مقطعة وضحايا دفنوا أحياء.
في تعليق على النص يقول أحد القراء بأن نعت ما جرى بالبلشفية يحيد التحليل العلمي جانباً، ويعرقل البحث عن أسباب ما يجري وتصحيح الأخطاء. كان للبلاشفة أيديولوجية واضحة، ومع أنها خاطئة، إلا أنها كانت تهدف إلى تحسين الوضع المعيشي للشعب، مما كان يسمح لهم بتبرير فظائعهم. في روسيا المعاصرة ليس من أيديولوجية مماثلة، كما ليس من بلشفية أيضاً.
في الرد على القارئ قال زوبوف بان الأيديولوجية ليست ما آمن به البلاشفة، بل بما كانوا يخدعون به الشعب. لم يكن الشعب معبودهم، بل السلطة. وإذا "تمعنت جيداً في النص ستدرك لماذا تحدثت عن بلشفية عمرها قرن من الزمن".


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top