2024- 04 - 26   |   بحث في الموقع  
logo هاشم: ارادة ابناء الجنوب اقوى من آلة الحقد الاسرائيلي logo الإدمان ومكافحته بين “جاد” وفرنجيه logo الزعيم الكوري الشمالي أشرف على اختبار إطلاق صواريخ عدة logo "أم.تي.في" تدّعي على الدولة: لا صفة قانونية..وخرق لالتزاماتها logo لمناقشة مستقبل غزة... إجتماعٌ في الرياض! logo الحلبي: اجتماع اليوم سيحدد كيفية إجراء الامتحانات الرسمية logo رفع مستوى التمثيل في الخماسية... هل يحدث فرقاً؟ logo أسعار المحروقات تتراجع
مرة ثانية: المكروه رئيساً
2022-04-12 06:26:09


تحقق للرئيس الفرنسي ماكرون ما شاء، فعبر إلى الدورة الثانية لانتخابات الرئاسة رفقة مارين لوبن، لتكون مهمته في جولة الحسم مسنودة بدعم طيف واسع يميناً ويساراً ممّن لا يريدون وصول اليمين المتطرف إلى الموقع الأول في الحكم. أرادها ماكرون تكراراً لانتخابات عام 2017، وأتت كما اشتهى، بل ذهب المركز الثالث كما في المرة الماضية إلى جان-لوك ميلونشون ليكون في صدارة الخاسرين، وليتشارك مع الفائزَيْن بأنه زاد رصيده من نسبة المقترعين بالمقارنة مع الانتخابات الماضية.
حصلت مرشحة اليمين التقليدي الجمهوري فاليري بيكرس على أقل من 5% من أصوات المقترعين، ليتراجع حزبها بأكثر من 15 نقطة عن الانتخابات السابقة، رغم أن مرشحه آنذاك فرانسوا فيون خسر نسبة مؤثرة من نوايا التصويت بسبب فضيحة فساد جرى الكشف عنها بعد انتزاعه بطاقة ترشيح الحزب. من المتوقع أن ما خسره اليمين التقليدي ذهب لصالح ماكرون ولوبن وزيمور، ومرشحته الخاسرة بيكرس أفصحت عن دعمها ماكرون في جولة الحسم، إلا أن التوقعات لا تشير إلى التزام جمهورها كله بنواياها.
كان الحزب الاشتراكي قد سبق منافسه اليمين الجمهوري إلى الانهيار، ففي الانتخابات السابقة حصل مرشحه بونوا أمون على أقل من 7% من الأصوات، ليستمر نزولاً مع مرشحته الحالية آن هيدالغو التي نات أقل من 2%. انهيار الحزب الاشتراكي جعل ماكرون يركز تصويبه خلال ولايته المنتهية على اليمين، بهدف اقتناص أصوات قاعدته الانتخابية، وهكذا جاء برئيس الحكومة جان كاستكس من صفوفهم، وأيضاً بوزير الداخلية جيرالد دارمانان المحسوب على صقورهم. سياسات ماكرون لم تكن بعيدة عن اختياره شخصيات من اليمين ضمن طاقمه، ليُتوَّج ذلك بمقولة عدم حاجة اليمين إلى مرشح آخر مع وجود ماكرون الذي يمثّله.
قبل ثمانية أيام فقط من الجولة الأولى نظّم ماكرون، الذي تأخر في إعلان ترشيحه حتى اللحظة الأخيرة، مهرجانه الانتخابي الأول في نانتير، وركز فيه على أنه في حال إعادة انتخابه سيعطي الأولوية للجانب الاجتماعي ولتحسين وضع الفئات الأكثر فقراً. الانطباع الرائج عما قاله هو أنه أراد بإطلالته الانتخابية الاستيلاء على بعض نوايا التصويت لميلونشون بالاستيلاء على بعض من برنامجه الانتخابي، لأنه يفضّل مواجهة لوبن على مواجهة ميلونشون، ومن المحتمل جداً أن يكون تأخره في ظهوره الانتخابي من أجل الحصول على تصور أوضح عن الخارطة وتحديد أين سيوجه سهامه.
ومن شبه المؤكد أن ماكرون، الذي سيواجه لوبن في الجولة الثانية بعد أقل من أسبوعين، هو غير ماكرون الذي كان سيواجه ميلونشون لو تمكن الأخير من انتزاع المركز الثاني. أي أن شعارات وأطروحات ماكرون الانتخابية متعلقة إلى حد كبير بمن يكون خصمه، وبالاستيلاء على أسلحة الخصم، أكثر مما هي نابعة من مشروع سياسي منسجم متماسك يترك هامشاً للمناورات الانتخابية.
على نحو ضمني، أكثر ما يسوّق به ماكرون لنفسه أنه رئيس الضرورة في مواجهة السيناريوهات الأسوأ، ومكانته هذه تتعزز بازدياد شعبية اليمين واليسار المتطرفين غير المرغوب فيهما من الأغلبية. هذه الوضعية لا تتطلب مشروعاً سياسياً بما أن مشروعيتها المتواضعة آتية من درء الأسوأ، ولن يكون مستغرباً أن الانتخابات الماضية والحالية على نحو خاص شهدت ترويجاً لمبدأ التصويت المفيد Vote utile، ويُقصد به التصويت لمرشح مضمون تأهله بدل التصويت لمرشح خاسر "وفق استطلاعات الرأي" ولو كان برنامج الخاسر أكثر تعبيراً عما يريده المقترع.
بموجب التصويت المفيد، عزز ماكرون وغيره ممن وضعتهم استطلاعات الرأي في المقدمة من نسبة تقدمهم، وغيّر هذا التصويت الاستباقي من النتائج النهائية. مثلاً لا تُعرف نسبة الذين تراجعوا عن تأييد زيمور الذي يمثلهم حقاً لصالح لوبن المتقدمة عليه في الاستطلاعات، من أجل ضمان تأهلها إلى الجولة الثانية، وربما تكون هذه النسبة مؤثرة بأن منعت تأهل ميلونشون. بدوره، استفاد ميلونشون على الأرجح من أصوات أقرب إلى المرشح الاشتراكي أو مرشح الخضر، لأن التوقعات أعطته حظوظاً في التأهل أكثر منهما. في الصدارة، لا تُعرف نسبة الذين بادروا منذ الدورة الأولى إلى التصويت لماكرون، لا حباً به، وإنما لقطع الطريق على لوبن وميلونشون، وعن قناعة بأنه المرشح الأقرب إلى الفوز في النهاية رغم عدم تلبيته تطلعاتهم.
كان مفهوماً ومبرراً أكثر من الآن مجيء ماكرون بوصفه تعبيراً عن أزمة القوى السياسية التقليدية، وعن عدم ظهور البديل، وقد طرح شخصه بوصفه بديلاً، ثم فشل تماماً في تقديم ما يتجاوز تكسبه على الأزمة التي أتت به ومراهنته فقط على بقائه في الحكم خمس سنوات أخرى. هذه الوضعية، التي لا تعبّر بمجملها عن عافية سياسية، جعلت من ماكرون رئيساً مكروهاً لدى العديد من الفئات التي رأت فيه رئيساً للأثرياء أو للأثرياء جداً، أو رأت فيه ذلك المتعجرف قليل الحساسية إزاء العموم. هي نتيجة منطقية لغياب المشروع السياسي، ولتمحور الجدل حول شخص ماكرون، مع مساهمته الكبيرة بالسعي إلى تسليط الأضواء عليه وعدم إبراز شخصيات أخرى إلى جانبه.
حسب استطلاعات الرأي، سيكون المكروه رئيساً بنتيجة الاقتراع في الجولة الثانية، إنما بفارق ضئيل عن منافسته لوبن. فوز لوبن المستحيل وفق التوقعات لن يغير ذلك، فهي أيضاً ستكون لو فازت في موقع الرئيسة المكروهة، بناء على ما تمثّل أكثر مما تفعل شخصيتها غير المستفزة إلا بتواضع إمكانياتها! والكره في هذه الحالة تعبير عن استفحال الأزمة السياسية، لا عن احتدام المعركة بين مشاريع جذرية لا تقبل التسوية.
كانت التحديات قد بدأت تواجه ماكرون في ولايته الأولى، مثل إضرابات عمال النقل وحركة السترات الصفراء، ثم أتت جائحة كورونا لتعطّل الحراك السياسي. بإضافة الآثار الاقتصادية للحرب في أوكرانيا، يمكن توقع تعويض العطالة السابقة بعدم استقرار قد يكون طابع السنوات الخمس المقبلة، خاصة إذا كانت هذه السنوات استئنافاً لتمديد أزمة الطبقة السياسية ككل، أزمة العجز عن اقتراح مشروع يلاقي تلك الكثرة المنفضّة عن يمين ويسار الجمهورية الخامسة. ولأنها ستكون الولاية الثانية والأخيرة له، لدى ماكرون فرصة للخلاص من الحسابات الانتخابية، وليقدم ما يغفر بقاءه في الحكم لعشر سنوات. للحق، التحدي صعب، والأسهل له أن يكون اجتراراً للأزمة من أن يتنكب مسؤولية البحث عن مخارج لها.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top